البحر الأحمر بين ضوء ترمب الأخضر وإشارة بايدن الحمراء - الحلقة الرابعة والأخيرة

بقلم الأستاذ: أحمد فايد - كاتب وناشط سياسي ارتري

تحدثنا في السابق عن أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترى إلا مصالحها وأنها تصنع وتستوعب كل ما يصب

ملس زيناوي و أسياس أفورقي

في مصالحها.

الجديد في هذا الأمر فيما يخص منطقتنا هو أن الولايات المتحدة تعاملت مع إحدى القضايا الخارجية وكأنها شأن داخلي، وهي قضية المنطقة المتفجرة حاليا متمثلة في الصراع الإثيوبي الداخلي الذي يمهد للشكل المنطقة المستقبلي.

الشكل المبدئي للمنطقة يتم العمل عليه من خلال ما يجري في إثيوبيا حاليا باعتباره أمرا لا يعدوا كونه مجرد تدافع سيؤدي في النهاية إلى ترسيم الحدود بين إثيوبيا العظمى وتقراي الكبرى وهي العملية التي قد تنتهي بتقسيم إقليم الأمهرا بينهما بحسب ما تقتضيه إرادة الحاكم الأكبر وهو الولايات المتحدة التي تستمع أكثر إلى جانب التقراي كما أنها لا تهمل إثيوبيا العظمى التي يفترض أن تعيش في توافق ووئام مع تقراي الكبرى.

هذا التأثير التقراوي على التوجه الأمريكي قد تم تسويقه باحترافية من قبل التقراي واعتمدوا في ذلك على علاقتهم القوية مع مسؤولة الملف الداخلي في الإدارة الأمريكية الحالية سوزان رايس، التي كان ضمن فرقها السابقة أثناء رئاستها لبعثة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ووكالة الأمن القومي الأمريكي كل من سامانثا باور وجيفري فيلتمان وهما العاملين بشكل مباشر في هذا الملف.

وعليه لن يكون مستغرباً حين نرى هذا الملف حاضرا على رأس أولويات أجندة السياسة الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية مباشرة حيث تتركز مجمل الاهتمامات على الشأن الداخلي الأمريكي الذي تحمل ملفه سوزان رايس. وهذا ما يفسر إشارة بايدن الحمراء في المنطقة التي أوقفت مشروع إذلال التقراي الذي انطلق بمباركة وضوء أخضر من ترمب وشاركت فيه القوى الحليفة لإدارة ترمب متمثلة في السعودية والإمارات.

وعليه فإن الهدف الأساس من حالة التدافع المصطنع في المنطقة هو تمكين الكيانات ذات الهوى الصهيوني على حساب الشعوب الأصلية المعروفة بالتضامن بين بعضها والتداخل بين مجمل قضاياها. وكما أسلفنا، يتم تنفيذ ذلك بمعاونة الصهاينة الجدد في دول الخليج العربي حيث تتصدر هذه المواقف سرّا وعلانية كل من العربية السعودية والإمارات، وتحصد نتائجه دولة إسرائيل حيث يتم ضمان عدم وجود أية احتمالات لشعوب هذه المنطقة للتحرك ضمن المطالب التاريخية بحقوقها.

ويأتي في صدارة هذه الشعوب المستهدفة الشعب المصري الذي سطر ملحمة بطولية في رفض التطبيع الشعبي بالرغم من عشرات السنين من التطبيع السياسي.

وبما أن مصر تعتبر مصدر القلق الرئيسي بالنسبة لترتيبات منطقة البحر الأحمر التي يتم إعدادها لخدمة إسرائيل، فإن إغراق مصر في الأزمات أصبح أمرا ملحاً. هذه الأزمات تتصدرها مشكلة سد النهضة التي اضطرت إثيوبيا لافتعالها بناءً على الأجندة القاضية بوضع مصر في مواجهة أزمة وجودية تؤرقها حتى تنصرف كليا عن القضايا الأخرى التي ستتطور وتذهب أبعد من أن يتم متابعتها عبر سنوات أزمة السد التي ستستهلك كل طاقاتها مدة لا تقل عن عقد من الزمن.

وبما أن الإعداد اللازم لإعادة ترتيب المنطقة لا يتم إلا انطلاقا من إخضاع مصر من خلال السطو على قرارها بالشكل الذي تم ذكره أعلاه، فإن الأمر سيفضي في النهاية إلى تعديل الخرائط في الجانب الغربي للبحر الأحمر والذي من خلاله سيتم ضمان وجود ثلاث دول من ذوات الهوى الصهيوني المضمون تطل على البحر الأحمر، كما سيتم تحييد بقايا الدول الأخرى من خلال استمرار معاناتها ضمن الآثار المترتبة على عملية القص واللصق التي ستحدث في خرائط الإقليم.

الدول الثلاث ذوات الهوى الصهيوني التي قد تطل على البحر الأحمر ستكون كالتالي:-

1. دولة إسرائيل اليهودية التي تطل على خليج العقبة من منفذ ضئيل في إيلات.

2. دولة تقراي الكبرى الأرثودوكسية الصرفة والتي ستطل على البحر الأحمر من خلال عدة موانئ، نذكر منها ميناءي مصوع وبورتسودان.

3. ثم دولة إثيوبيا العظمى البروتستانتية الحكم ثم خليط من العقائد الأخرى غير المؤثرة، وهذه الدولة ستطل على البحر الأحمر من خلال ميناء عصب وكل شواطئ إقليم دنكاليا الإرتري.

لا أضع أمامك خيالات وهمية عزيزي القارئ، فما تقرأه ليس إلا متابعة لسيناريو مطروح امام صانع القرار الأكبر في العالم وهو الولايات المتحدة الأمريكية، وتم طرح بعض مناحيه علناً من خلال مراكز دراسات رائدة تعمل على تدعيم متخذ القرار الأمريكي وتعمل فيه كوادر سياسية ذات ثقل كبير وأكاديميين متخصصين يعملون جاهدين على إعداد السيناريوهات وبحث تبعاتها.

سيتم التنفيذ النهائي لهذا السيناريو على الأرض بعد ضمان ترحيل أو إبادة الشعوب التي لها صلة بما يخالف هذه السياقات وذلك بضمان عملية الإحلال والتبديل لسكان المنطقة الأصليين ونرى كما تعملون بأن أحد أعمدة دولة تقراي الكبرى التاريخيين هو الرئيس الحالي لدولة إرتريا المدعو إساياس أفورقي الذي قام بالتمهيد لذلك على أكمل وجه حين قام بترحيل وإبادة كل من يعتقد أنه مخالف لنهجه وأهداف دولته العنصرية.

الجزء الثاني من عملية التمهيد المتمثلة في ترحيل أو إبادة الشعوب غير المنضوية تحت المشروع في شرق السودان حيث يتم حاليا إعداد الأرضية المناسبة لها في الوقت الحاضر بإشراف إساياس وبمباركة نظام الخرطوم.

يتم تنفيذ هذه الخطوات بيد إساياس أفورقي بالرغم من أن الولايات المتحدة لا تراه جزءً من الترتيبات المستقبلية بعد عدة محاولات لها في تسعينيات القرن الماضي حيث كان أساياس سببا في إفشالها لأسباب معروفة تفسرها شخصيته الهنجهية المتسلطة.

انتهى الحديث ويبقى باب الأمل مفتوح على مصراعيه أمام شعوبنا

Top
X

Right Click

No Right Click