مأساة الشعوب بسبب المصالح الحكومية
بقلم الأستاذ: سمير محمد - كاتب وناشط سياسي إرتري
تظل الحكومات الفاسدة مقياس للكوارث البشرية حيث تسعى دوما من اجل مصالحها
على حساب الشعوب المغلوبة على أمرها وهكذا ديدنها في جميع فصول السنة لا يهمها شي غير جني الأموال والاستمرار بالحكم دون اكتراث.
هذا وقد قالت الأمم المتحدة بأن جرائم حرب ضد الإنسانية قد وقعت وتسببت تلك الجرائم لفرار الآلاف. وبحسب منظمة العفو الدولية "العشرات وربما المئات تعرضوا للطعن حتى الموت في تقراي في ليل التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني وتم التحقق من صور ومقاطع فيديو مروعة لجثث متناثرة في أنحاء المدينة أو محمولة على نقالات". الحرب اندلعت بين الجيش الفيدرالي الأثيوبي وجبهة تحرير تقراي وبحسب تصريح رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد أن سبب الحرب هو أن جبهة تحرير تقراي هجمت على الجيش الفيدرالي. وقد صرح أيضا قائلا " عثر على جثث لعناصر من الجيش الأثيوبي أطلق عليهم الرصاص بينما كانت أيديهم وأرجلهم مقيدة".
تسببت تلك المواجهات لفرار العديد من أبناء تقراي نحو السودان هربا من الحرب ولم يخلوا من ذلك وجود عناصر مسلحة من جبهة تحرير تقراي من بين تلك الأفواج الهاربة. الحرب في اقليم تقراي لم تكن فقط بين الجيش الأثيوبي وجبهة تحرير تقراي بل تدخل طرف ثالث لمساندة الجيش الأثيوبي وهو الجيش الإريتري. وتم إثبات تدخل الجيش الإريتري في صف الجيش الأثيوبي من خلال العديد من المنظمات الدولية وفي رأسهم منظمة العفو الدولية حيث جمعة أدلة تثبت بتدخل القوات الإريترية لمساندة الجيش الأثيوبي.
مادخل القوات الإريترية إذا كانت الحرب مسألة داخلية تخص أثيوبيا ؟ بغض النظر عن السبب الرئيسي لاندلاع الحرب بين الجيش الأثيوبي وجبهة تحرير تقراي كما هو واضح جاء نتيجة أزمة سياسية وعدم قبول اقليم تقراي للانصياع لأوامر الحكومة المركزية في أثيوبيا بقيادة أبي أحمد. تريد جبهة تحرير تقراي لمواصلة هيمنتها للسيطرة على الدولة كما كانت في السابق لأكثر من عقدين من الزمن والتي لم تشهد أثيوبيا في ظل حكمها سوى الفساد والقمع والتي تسببت في العديد من المشاكل الداخلية بين مختلف الأعراق في أثيوبيا وأيضا الحرب مع إريترية الدموية والتي كان يقودها ميليس زيناوي رئيس وزراء أثيوبيا في تلك الفترة ورئيس جبهة تحرير تقراي.
سيطرة جبهة تحرير تقراي لدولة أثيوبيا لفترة طويلة من الزمن فجر غضب الشعب الأثيوبي خصوصا القوميات الأخرى ليست من اقليم تقراي حيث أنها شعرت بعدم المساواة وكثرة الفساد وغيرها من الأمور التي دمرت البلاد وقد قادت تلك لموجة من التظاهرات والحراك لإسقاط النظام الحاكم حينها والمطالبة بتغييره. وجاءت نتيجة تلك المظاهرات والحراك الشعبي أن تم انتخاب قائد جديد للبلاد من قومية الأورومو وهو أبي أحمد رئيس الوزراء الأثيوبي الحالي والذي حاول جاهدا منذ توليه للحكم لتوحيد جميع القوميات المختلفة في البلاد وكسر وتفكيك سيطرة حكم البلاد لقومية واحدة وهي جبهة تحرير تقراي وإحلال السلام في أثيوبيا وأيضا مع إريترية وإنهاء كافة الخلافات بين البلدين.
الحرب الإريترية الأثيوبية والتي اندلعت بين عام 1998 واستمرت حتى عام 2000 في ظل قيادة جبهة تحرير تقراي لأثيوبيا تكبد الطرفان خسائر في الأرواح وتدمير كلتا البلدين والتسبب بأزمة إنسانية لفترة طويلة في القرن الأفريقي. أعتقد أن تدخل الحكومة الإريترية لمساندة الجيش الأثيوبي في حربها مع اقليم تقراي هو انتقاما لما قام به الجيش الأثيوبي في الماضي ضد إريتريا بقيادة جبهة تحرير تقراي. وأيضا يتضح السبب الثاني ألا وهو لتنفيذ أجندات وخطط الرئيس الحالي الإريتري أسياس أفورقي وأتباعه في الحكم وهي للسيطرة على أثيوبيا وتدميرها وتنفيذ أعماله الإجرامية كما اعتادت عليها إريتريا وشعبها في ظل حكمه. وبلا شك أن ما يشاع بأن تدخل القوات الإريترية جاء لمساندة الجيش الأثيوبي لإحلال السلام والسيطرة على الوضع الراهن ليس حقيقيا بل استغلال مشاكل الحكومة المركزية لأثيوبيا مع اقليم تقراي لتنفيذ خططها واستخدام إدارة أبي أحمد كأداة للتحكم والوصول لمبتغاها.
حيث أن تدخل الحكومة الإريترية الإريترية في الحرب باقليم تقراي شهدت مختلف أنواع الجرائم ضد الإنسانية ليس فقط مع الجنود الموالين لجبهة تحرير تقراي بل أن تلك الجرائم طالت العديد من المدنيين وقد اثبت هذا الشي العديد من وسائل الإعلام والمنظمات الدولية المعنية بهذا الشأن بغض النظر عن أن ماتم نسبه للقوات الإريترية من جرائم واعتداءات صحيح أم لا.
بلاشك أنه من الصعب نسيان ما فعلته أثيوبيا في حربها مع إريتريا من جرائم وانتهاكات جسيمة بحق الشعب الإريتري واحتلال بعض الأراضي الإريترية لفترة طويلة من الزمن حتى جاء حكم أبي أحمد بعد سقوط قادة اقليم تقراي من سدة الحكم وانها كافة الخلافات بين البلدين والتنازل عن الأراضي الإريترية المتنازع عليها.
أعتقد أن ضلوع الجيش الإريتري لمساندة الجيش الأثيوبي ضد جبهة تحرير تقراي ليست في صالح البلدين وسوف تقود إذا استمرت إلا نشوب حروب أهلية بين الطرفين قد تقود إلى أحد أكبر الأزمات في القرن الأفريقي وبالتالي معاناة الشعب الإريتري الذي لم يعرف التحرر بعد التحرير في ظل حكم الديكتاتوري القمعي أسياس أفورقي وأتباعه الذين لايهمهم سوى تحقيق مصالحهم وأهدافهم على حساب الشعب الإريتري.