لماذا نقع أسرى للفتن والشائعات
بقلم المناضل: علي محمد صالح شوم - دبلوماسى أرترى، لندن
من المؤسف جدا في الآونة الأخيرة كثرة الشائعات والاتهامات الباطلة من بعض الفئات الحاقدة
والتي تهدف إلى ضرب الوحدة الوطنية الارترية. هذه الشائعات ليست بجديدة بل تتجدد في كل مرحلة معينة، على سبيل لا الحصر في الاربعينات من القرن الماضي أطلقت اتهامات باطلة بأن المسلمين يريدون شن حرب ضد المسيحيين وإثر ذلك قامت مجموعة منهم بتكوين حزب يطالب بالانضمام إلى اثيوبيا الأم، علما بأن هذا المخطط له أبعاد أخرى باعتبار أن ارتريا لها موقع استراتيجي مهم في منطقة القرن الافريقي، إضافة إلى ذلك محاطة بدول عربية وإسلامية سوف تشكل خطر على وجود المسيحيين وهذا الاتهام لم يكن جديدا علما بإن الاستعماريين الإيطالي والانجليزي كان يلوحان بذلك أيضا.
القول بأن اثيوبيا دولة مسيحية هو فهم خاطئ لأن البلاد كانت تحكم بواسطة اباطرة مسيحيين ولكن الشعب يتكون من عدة طوائف ونؤكد بأن المسلمين فيها يشكلون الأغلبية والدول الغربية تعتقد بأن اثيوبيا دولة مسيحية في محيط عربي وللأسف الدول تحافظ وتدافع عن مصالحها والغرب يعرف أهمية القرن الافريقي.
بالرغم من هذه المؤامرة الخبيثة فإن المسلمين في ارتريا كانوا واعيين لهذا المخطط وتعاملوا بشكل هادئ وعقلاني مطالبين باستقلال ارتريا ليس إلا.
ومن أجل إرهاب المسلمين تم تكوين عصابة كانت تعرف باسم "الشفتا" هذه العصابة قامت بقتل عدد من المسلمين كما جرت مواجهة عسكرية في داخل العاصمة اسمرا مما أضطر أفراد العصابة إلى الهروب. قامت هذه العصابة بعملية غدر وأقدمت على قتل القائد الوطني البطل الشهيد/ عبدالقادر كبيري، الذي كان يستعد للسفر إلى الأمم المتحدة ضمن الوفد الارتري الذي كان يترأسه الزعيم الوطني/ إبراهيم سلطان علي.
بالرغم من كل هذه المؤامرات صدر من المنظمة الدولية القرار الفيدرالي كمرحلة انتقالية وهذا كان أقل من طموحاتها وهو الاستقلال الوطني التام. الاتحاد الفيدرالي كانت تحت هيمنة مجموعة من الطائفية المسيحية أما المسلمين فتم تهميشهم ولم يعملوا في المواقع السيادية، في هذه الأثناء لم يتوقف العمل السياسي بل بعد فترة وجيزة ظهر تنظيم حركة تحرير ارتريا وعضوية هذا التنظيم كانت من المسلمين والمسيحيين وكانت بداية جيدة وخطوات صحيحة نحو الوحدة الوطنية.
وفي فترة من الزمن تم إعلان تفجير الثورة الارترية بقيادة الرمز الوطني الشهيد/ حامد ادريس عواتي. الشعب الارتري التف حول الثورة الارترية وبخاصة في الريف الارتري الذي احتضن الثورة علمان بأن الجماعات المتعصبة والموالية للاستعمار الاثيوبي حاولت تشويه الثورة الارترية باعتبارها مجموعة عصابة "شفتا" هؤلاء وقفوا إلى جانب قوات "الخونة الكوماندوس" لمحاربة الثورة إلا أنهم هزموا وفشلت جميع محاولاتهم للنيل من الثورة.
في الوقت الذي أعلن فيه القائد الشهيد/ حامد إدريس عواتي صراحة قائلا "نحن فجرنا الثورة الارترية ولكي يتحقق النصر لابد للأخوة المسيحيين أن يلتحقوا بالثورة" فعلا كانت نظرة ثاقبة وإيمانا بالوحدة الوطنية الارترية. فيما بعد التحق الأخوة المسيحيين بالثورة وقاتلوا إلى جانب اخوتهم واستشهدوا معا في خندق واحد وتحقق الانتصار بتحرير ارتريا.
لا شك تم التحرير بدماء ارترية طاهرة إلا أن الطغمة الحاكمة أساءت إلى نضالات وتضحيات الشعب الارتري الذي كان يتطلع إلى إقامة دولية ديمقراطية يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات الا أن الطغمة الحاكمة دمرت جميع تطلعات وطموحات الشعب الارتري وبدأت تمارس نفس السياسات السابقة للهيمنة على السلطة وتهميش المكون الآخر وضمن سياساتهم الرعناء منعوا عودة اللاجئين الارتريين تحت مبررات واهية علما بأن المنظمة الدولية وفرت جميع التسهيلات لعودتهم إلى موطنهم الأصلي، والهدف من منع عودة اللاجئين كان الخوف بأن تحدث العودة خلل في التوازن السكاني وسوف تكون الغلبة للمسلمين علما بأن الزمرة الحاكمة قامت بتوطين بعض المسيحيين في مناطق المسلمين وهذا يعتبر كارثة وفتنة.
في الآونة الأخيرة بدأت مجموعات متطرفة ترفع شعار "الاقازيان" وتعني بذلك تيغراي تغرنيا، هذا طرح قديم جديد لا يمكن أن يزعجنا بل الجديد فبركة مسلمين مشلخين بدأوا بذبح المسيحيين في إقليم تيغراي خلف هذه الاتهامات اجندة خفية.
من هنا أدعو الأخوة في المجلس الوطني وبقية الفصائل خارج المجلس ومنظمات المجتمع المدني والمهتمين إلى اجتماع عاجل لمناقشة الأوضاع بشكل واضح وصريح بدون أي مجاملة ووضع النقاط على الحروف ووضع تصور وبرنامج يحدد آفاق المستقبل للشعب الارتري بمختلف مكوناته الاجتماعية.
لا شك في القريب النظام آيل للسقوط وعلينا الاستعداد لمواجهة أي فراق يحدث لأنه بصراحة المرحلة حاسمة وخطيرة ولا بد لنا أن نقف وقفة رجل واحد للحفاظ على بلدنا، لا بد أن نتجاوز الصغائر ونرتفع إلى مستوى المسئولية للدفاع عن هذا الوطن، صحيح أنه صغير في حجمه إلا أنه كبير بموقعه الاستراتيجي وشعبه الأصيل.
التعليقات
تسلم الاستاذ المناضل/ علي محمد صالح شوم على هذه المقالة القيمة الحارة اللتي تنبعث منها رائحة الحرص والاهتمام والتوعية بالمخاطر اللتي تحدق بوطننا وشعبنا ومستقبله.
لا شك نحن في سباق مع الزمن وقد بلغ السبل فعلينا ان نسرع ونتسارع مع الزمن ونحن في حالة عض عض الاصابع المتبادل مع العصابة المتسلطة في الوطن ان نبطل سعيها لعرض الوطن للبيع في المزاد العلني في سوق النخاسة الدولي وعلينا ان نضرب ونكثف جهودنا لضرب الحديدة وهي ساخنة قبل ان تبرد والا تكلفنا المزيد من الجهد واعادة الكرة والماساة من جديد.