الفساد ينخر في جسد الدولة الإرترية وينتشر كالنار في الهشيم
بقلم الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ
هناك أشياء غير طبيعية تحدث في إرتريا وسببها النظام الحاكم والنهج التدميري الذي يسير عليه في كافة
مؤسسات الدولة التى تدار بعقلية الوصايا ، حيث لا يستطيع أى وزير أن يتخذ قرار مستقل ناهيك أن يرسم سياسات تتعلق بوزارته أو يتجرأ ويسأل عن ميزانية وزارته واوجه صرف تلك الميزانية.
منذ فجر الإستقلال وحتى الأن لا توجد وزارة لها ميزانية معروفة وحتى البلد ليست لها ميزانية سنوية فكيف يكون لوزارة أو إقليم ميزانية خاصة ليتم من خلالها تنفيذ المشاريع الخاصة بالتنمية.
وزارة الخارجية الإرترية كانت تصرف نصف المبالغ المخصصة لها داخل إرتريا !
تلك قصة جديرة بالنشر والإطلاع بإعتبارها وجه من أوجه الفساد لم ينتبه له كل الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الخارجية منذ فجر الإستقلال وحتى تاريخ تولى المناضلة/ زهرة جابر منصب مسؤولة الشؤون المالية والإدارية والبرتكول والشؤون القنصلية بوارزة الخارجية الإرترية في عام 2005م.
كما هو معروف إن المناضلة زهرة جابر التى تنتمى الى أسرة عريقة مناضلة قدمت الشهداء من أجل تحرير أرتريا ، قبل التحاقها بالثورة وعندما كانت تدرس التمريض في مدرسة التمريض بأسمرا في بدايات الستينيات من القرن الماضي ، ثم عملها كمضيفة في الخطوط الجوية الاثيوبية ، ثم التحاقها بالثورة تميزت بالجرأة والشجاعة ، هذه النبذة القصيرة جداً إطلعت عليها في حوار مطول أجريته معها في حلقات "ذكريات مناضل" التى كنت أجريها مع المناضلين وأنشرها في صحيفة أرتريا الحديثة لأكثر من عشرة أعوام.
حكى لي أحد الدبلوماسين الإرتريين وهو الأن تخلى عن النظام ويعيش خارج الوطن ، حيث قال لي:
والقصة تبدأ وفقا لسرده عندما تولت المناضلة/ زهرة جابر مسؤولة للإدارة والمالية بوزراة الخارجية حيث إكتشفت بأن مبلغ كبير من ميزانية الخارجية يصرف في داخل إرتريا كمدفوعات للفنادق التى يقيم عليها الدبولوماسين الذى كانوا يعملون في السفارات الارترية وتم سحبهم الى البلاد ولم يتم توزيعهم في مناصب أخري ، هؤلاء الدبلوماسين المجمدين أو "المدسكلين" كما يطلق عليهم إصطلاحاً هناك كاوا يقيمون في أفخر فنادق البلاد "أمباسويرا - حماسين - السلام - نيالا" وفنادق أخري تابعة للقطاع الخاص.
ظلت وزارة الخارجية تدفع نفقات إقامة هؤلاء الدبلوماسين لأكثر من عقد ونصف من الزمن في غرف فاخرة ويتمتعون بخدمات فندقية راقية ، البعض منهم ينامون خلال النهار ويسهرون الليل في بارات وحانات وملاهي أسمرا وينتظرون الفرج بإعادة توزيعهم مرة أخري طبعا ليس كلهم هناك إستثناءات.
المناضلة/ زهرة جابر قررت عدم دفع تلك النفقات للفنادق وهذا يعني طرد الدبلوماسيين من الفنادق ليقيموا في منازلهم التى كانوا يؤجروها لأن معظمهم كان لديهم بيوت خاصة بهم.
تم تحديد الكشف بأسماء الدبلوماسيين الذين سوف يتم طردهم والمبلغ الذى سوف تستفيد منه وزارة الخارجية ، حددت القائمة والمبلغ على وزير الخارجية/ عثمان صالح الذى رفض التوقيع على تلك القرارات التى سوف يتم إرسال لمكتب الرئيس.
بعد جهد ونقاشات وقع الوزيرعلى الشكوى ورفعت الى مكتب الرئيس الذى بدوره تفاجأ بما كان يجري وصادق القرار وأثني على زهرة جابر لشجاعتها ، القرار نفذ فوراً وأرسلت نسخة منه للفنادق بعدم تمديد فترة إقامة هؤلاء الدبلوماسين وإن الوزارة ليست ملتزمة بدفع نفقات إقامتهم.
خلال تلك الفترة تعرضت المناضلة زهرة جابر لهجمة شرسة من المناضلين القدامة لإتخاذها مثل هذا القرار وبدؤا في حبك المؤمرات ضدها وكانوا يقولون "إزا جبهة رقمتى" والمعنى هذه الملعونة من جبهة التحرير الإرترية طردتنا من الفنادق.
تم إخلاء الفنادق من هؤلاء الدبلوماسين المجمدين وإنتشروا في أسمرا ومن كان سعيد الحظ منهم وجد وساطة وحصل على بيت يقيم فيه ومن كان يملك منزلا رجع الى منزله وانتهى شكل محدد من أشكال الفساد في وزارة الخارجية.
الجدير بالذكر إن المناضلة زهرة جابر لم تسلم من مؤامرات هؤلاء الذين كانوا يناضلون في السابق وأخر مؤامراتهم تمثلت في شكوى تقدم بها عدد من المسؤولين للرئيس قائلين إن زهرة جابر إشترت سيارة جديدة من الخارج.
قال لهم أسياس وفقاً للمصدر: زهرة جابر بنت بلاتا حتى لو جابت طيارة لا أحد يسألها ناهيك أن تحضر سيارة !
هنا صمتت كل الأفواه التى كانت تحاول الصاق تهمة الفساد بها !
ظلت علاقتها بالوزير/ عثمان صالح متوترة لأنه دوما كان يتدخل في شؤونها ويحاول التعالى عليها وقد تكون الخلافات بينهم مستمرة !.