رسالة واضحة وشفافة بدون دبلوماسية ولعب بالكلمات
بقلم الأستاذ: صالح إبراهيم أنجابا - كاتب وناشط سياسي إرتري
طبعاً النقاش فى موضوع كيفية ازالت الدكتاتور ، الطائفى و العنصرى ، ابن الامحرا ، والتقراى اسياس افورقى ،
سيكون شائك ومتشعب.
الدكتاتور المتطرف هدفه الاساسى تمكين ابناء طائفته ، وبقايا التقراى وبيع ارتريا بابخس الثمن ، وما يفعله الان مع دكتور ابى احمد ، مجرد خباثة ، حتى يصل الى مبتغاه ، وتنفيذ حلمه الذى خرج من اجله للميدان ، ملتحقاً بثورة اعظم شعب ضرب امثال لا تحصى ، فى التضحيات وهزم امبراطورية الشر.
الرسالة يجب ان تكون واضحة وشفافة لكشف مؤامرات الثعلب العجوز ، بكل صراحة ، وبدون كلمات سياسية معسولة.
الدكتاتور الطائفى والعنصرى ، لن يترك الحكم بسهولة ، ورحلاته المكوكية بين الخليج ، واثيوبيا هى ، للصرف على ضباطه وجنرالاته والخ... الجهلاء ، ولملئ جيبه من فلوس الخليج فى حسابه السرى ، ( والدليل على ذلك ظهر كأغنى رئيس فى افريقيا) ، ولحماية نفسه وقع فى حضن ابى احمد ، حتى يرحل من وجه البسيطة ، اخر قائد ثورى شجاع ناضل فى جبهة التحرير ، او حتى يرحل اخر انسان وطنى واعى ، يفهم مبهمات الاحداث فى شرق افريقيا ، وبعدها ينسلخ من دائرة دكتور ابى احمد بعد تدمير مشروع اثيوبيا الكبرى ، ليضم ارتريا الى تقراى.
قد تستغربون حلمه كان وما زال ، بناء تقراى تقرينيا ، وكيف لا يكون حلمه الوردى ، الذى خرج من اجلهِ؟ وطبعاً هذا المشروع ، صار يواجه تحديات بسبب انانيته ، وحبه للسلطة ، فلذا نسمع صريخ ، وعويل الاغازيان ، ومناصرى الفكر القديم المتجدد المتمحور فى هوس تقراى تقرينيا.
الدكتاتور تتلمذ على يد زعماء الاندنت ، و تشرَّب من افكار ، ولداب ولد ماريام ، والرجل الذى تحدث فى مقابلة امانيل اياسو ، واصفا مناضلى جبهة التحرير بالمجرمين ، ولا ننسى انه كان مخابراتى محترف ارسله امبراطور الشر هيلى سلاسى ، بشهادت ود جورجيو المغتال فى اديس ابابا ، وكثيرون من رفاقه ، ولا نستعجب انه زار صنم هيلى سلاسى ، وقبر جده فى تحركاته المتكررة الى اثيوبيا.
ببساطة وبدون مجاملات انتظار التغيير ، من داخل المؤسسة العسكرية الهقدفية ، سيكون مجرد ضحك على الذقون ، واذا فعلاً حدث التغيير ، سنظل مواطنون من الدرجة الثالثة ، فى بلد استشهد ، من اجله اجدادنا عبر قرون مضت.
التغيير الذى ينشده السواد الاعظم ، من ابناء المرتفعات سيكون تغيير تيتيكى ، تكون فيه المصالح التى أُكتُسِبت فى خلال ثلاثين عام محفوظة ، والسلطة سوف توزع علينا ، من خلال غربال.
اذا نظرنا الى الامور بكل شفافية وعمق ، سنعامل معاملة الاقليات لا اكثر ، فعلينا ان لا نتماهى مع ابناء جلدتنا الذين يحسبون علينا.
نخبتنا الانتهازية همها تقاسم الكعكة ، ولو على حساب كرامتها ، فلذا تجدهم يريدون تطبيق ما يسمى بالتغيير الناعم ، على غرار تجارب دول لا تشبه المجتمع الارترى بكل تناقضاته التاريخية ، والنضالية.
شبابنا بكل صراحة دخل فى جوانحهم اليأس ، والاحباط ، ووصلوا الى مرحلة انهم يتخيلون من المستحيل ، مقارعت النظام ، وان الدمار سيكون البديل ، ولكن سؤالى ما الذى بقى لنا ؟
نحن ذقنا مرارة الذل فى حياتنا المؤلمة ، لان ابائنا فى السجون ، وشعبنا يتضور جوعاً ، واطفالنا ليس لهم مستقبل ، فلماذا كل هذا الجُبن ؟ المثل يقول ( الغريق لا يخشى البلل ).
حين نستنشق روائح حالتنا الكريهة ، نتذكر كلمات اسماء بنت ابى بكر ، لابنها الذبير بن العوام ، الذى قال لامه حين استعد لقتال بنى امية:
( يا اماه اخاف ان قتلنى اهل الشام ان يمثلوا بى ويصلبونى )
فحينها قالت له: ( يا بنى لا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها )
( تمعنوا شجاعة هذه المرأة التى ارادت لابنه ان يموت شهيدا وبطلا )
هذه القصة تذكرنا ، نحن لسنا باحياء ، بل اموات قتلنا اسياس افورقى مليون مرة ، يوم غيب ، وسجن شيوخنا.
ويوم استشهد ، البطل الشهيد الحاج محمد نور فى مارس 2018.
ومجموعة الخمسة عشر فى 2001م.
ويوم استشهد ودى على فى احداث فورتو فى يناير 2013م.
ويوم استشهد ابنائنا الابطال فى 2009 فى منطقة اكلوقوزاى الشرقية.
نحن متنا سيكولوجيا ، حين فقدنا معنى دفئ الاسرة.
متنا حين حرمنا من طفولتنا وحين تشتتنا ، فى كل اصقاع العالم والخ... القادم اسوء ، واجواء شرق افريقيا ، تنذر بقدوم سنين عجاف ستكون اصعب ، من الوضع الذى نعيشه الان.
اذا اردنا ان نغير فعلينا ، ضرب الحديد وهو ساخن ، والا لن نستطيع تشكيل قالب مستقبل الحرية ، والانعتاق.
بنى جلدتنا من يسعون وراء المصالح ، ومن يبحثون للحصول على معاول التغيير ، من قوم يسعون للسيطرة على الاجيال القادمة ، ومدخرات الوطن لا تخدعونا ، بالكلمات الرنانة ، والخطب الجوفاء ، والتحليلات الخاوية من المضمون.
من استمع ، الى لقاء المناضل الجسور ابراهيم قدم ، والمناضل سليمان هندى ، فى لقائات شوقى احمد اذ انهما ذكرا بالواضح ( استعادت الحقوق ، لن تتحقق الا على السنة الرماح ) وتصديقاً لوصيتهماً قال ماو تسونغ مفجر الثورة الصينية:
(الاهداف السياسية والحقوق لن تتحقق الا تحت مقبض البندقية )
ذكر هذه التفاصيل ، بدون خشية من احد ، ووضع النقاط على الحروف ، لشرح مشكلتنا فى كيفية ازالت النظام ، وايجاد الحلول الناجعة ، يجب تسليط الضوء على عوامل الفشل ، التى لا يمكن حصرها فى مقال واحد ، ولكن لا بأس ان نتطرق لبعض منها:
اولاً:
ابناء بركة والقاش ، والمناطق المجاورة للسودان فى اعتقادى ، نسوا ارضهم ، واستحلوا الاقامة فى السودان ، والسعى وراء السودنة العمياء ، ( وانا لا اقول موضوع السودنة عيب ) ، التى جعلتنا ننسى القضية ، ونترك الارض ، لتكون مشاعة لاقوام ، بعضها اتت من تقراى ، وبعضها من بقايا ابناء الجيش الاثيوبى المهزوم ، الذين صاروا اصحاب القرار ، وحماة طاغية القرن الافريقى ، يعتبر تخازل ، ما بعده تخازل.
ارض القاش ، وبركة ، لم توزع على ابناء الكبسا الارتريين ، الذين هم اهلنا فى الدم والتاريخ ، حتى لو اختلفنا معهم فى الدين بل الغرباء القادمون وراء الحدود صاروا المُلاك والامراء.
طبعاً التغيير الديموغرافى يجرى فى كل الجغرافية الارترية ، ولكن ابرزها فى بركة والقاش.
اسياس افورقى ، استطاع شراء ذمم بعض كبار القوم ، الذين همهم الارتزاق ، والتماهى مع مصالحهم ، فلذلك ساعدوه فى تحقيق اجنداته الخبيثة فى تغيير جغرافية المنطقة ، وتهجير اصحاب الارض.
( طبعاً سيغضب من هذا المقال الكثيرين ، ولكن تشخيص المرض لا يعتبر اسائة ، بل هو الخطوة الاولى للعلاج )
الجدير بالذكر التعميم خطأ لان هنالك مخلصون ، من ابناء المناطق المذكورة سابقاً ، ينتظرون الظرف السياسى الملائم ، واستوفاء الشروط المناسبة لكسر عظام النظام ، ولكن خوفى سنكون انتهينا ، بعد فوات الاوان.
ثانياً:
السواد الاعظم من ابناء التقرينا الموجودين فى معسكر المعارضة ، صراحة تنقصهم الجدية فى دفع عجلة التغيير ، لاسباب كثيرة من ضمنها ينتظرون التغيير الناعم ، من داخل منظومة الهقدف للحفاظ على المكاسب ، فلذا فى مفهومهم التغيير يجب ان يتمثل فى ازالت راس النظام ، وبعدها يتم ترميم البناء الهقدفى ، لاحتكار مقاليد الامور فى نفس الدائرة الخبيثة ، بحيث يعيش البقية من فضلات السلطة ، والاقتصاد الذى يتم صرفه لنا ، وفق رؤيتهم ، وطبعاً نفس التخطيط يجرى على قدم وساق فى اثيوبيا ، لكى لا تنتزع السلطة المقدسة ، من قبضة الكنيسة الارثوذوكسية.
ثالثاً:
عدم الثقة بين المسلمين بفعل عوامل اجتماعية مترسبة ، منذ انطلاق جبهة التحرير الارترية ، وايضا نجح النظام فى زرع الكراهية ، والبغضاء خلال الثلاثين عام الماضية ، بين كل الفئات المسلمة ، وقسمهم الى قوميات بطريقة لا تتماشى مع التركيبة الاجتماعية الارترية. تفاقمت الانقسامات على اساس القبيلة ، والمناطق لعدم وجود قيادة واعية تستطيع صهرهم فى بوتقة واحدة ، وترشدهم لانجاز التغيير الحقيقى.
اما المسيحيون او ا بناء المرتفعات حالهم لا يسر العدو ، ولا الصديق لانهم انقسموا الى ثلاثة مجموعات ، فمجموعة منهم تتفرج ( مجموعة ابناء سرايئ ) على الوضع ، او تعمل على المسار الخارجى ، من خلال ابنائها الذين تمرسوا فى مجال حراك المنظمات الاممية ، و بعض منهم يعمل مع النظام فى الداخل.
المجموعة الثانية ( مجموعة حماسين ) تقف بقوة مع المتطرف والدكتاتور اسياس افورقى ، لانه يعتبر ابنهم الذى حقق لهم الثراء ، واكسبهم مهارة الحكم ، وملَّكهُم مفاتيح ابواب ونوافذ الدولة الارترية فى كل المجالات.
توجد ايضا شرائح اخرى تقف فى خندق اسياس افورقى ، وهم المولدين من اب ارترى وام ارترية ، وبقايا ابناء الجنود الاثيوبين والقادمين الجدد الى ارتريا من التقراى ، مثل حقوس كشة ، ويمانى مونكى واسياس نفسه والخ... ( المجموعة الاخيرة تعيش حلم تقراى تقرينيا ويقف معها فى نفس النهج باسلوب اكثر تعصباً وتطرفا ًمجموعة الاغازيان ).
ابناء التقارو الموجودين فى داخل الوطن ، والقابضين على اماكن حساسة لا تعجبهم طموحات اسياس افورقى ، وتوجهاته نحو الامحرى ، ولكن يحركون نشطائهم فى الخارج ، لكى يعارضوا توجهاته ، التى صارت العائق امام تنفيذ ما خُطِط له فى فترة النضال ، بين الجبهة الشعبية ، وويانى تقراى فى الفضاء الاسفيرى ، ومنصات التواصل الاجتماعى ، وتساندهم من خلف الستار ، ويانى تقراى ، بالمال ، والتخطيط.
هذه المجموعة تعتبر خلية نائمة فى عمق الوطن ، تنتظر موت الثعلب العجوز بفارغ الصبر.
توجهات اسياس افورقى فى اظهار العداء للتقراى ، قد تكون مجرد خطوات تيكتيكية ، او مرحلة سياسية للحفاظ على كرسى الحكم بالوقوع فى احضان الامحرا ، ودول الخليج من خلال الاتفاقيات الامنية المبرمة تحت الطاولة ، او احتمال للهروب الى اثيوبيا مع شلته المجرمة لو حصل التغيير ، والحصول على ملجأ امن.
المجوعة الاخيرة ( مجموعة اكلوقوزاى ) هى التى تحمل الحقد الدفين لعقود ، منذ قتل شباب المنكع فى سبعينيات القرن الماضى.
هذا الجناح لم ينسى زعمائه الذين انضووا فى الحركة الاصلاحية فى 2001م ، الذين قتلوا وغُيِبُوا على يد اسياس افورقى وشلته ذات الاصول التقراوية.
اذا تمعنا وتعمقنا فى نشاطاتهم تحت مظلة نادى المعارضة ، نجدهم من النوع المتشدد ، والثائر على كل اجندات الهقدف.
شبابهم ضالع ، ومشارك فى ، كل حقول المعارضة ، و مواليد التسعينيات ، الذين كانوا يصفقون ويرقصون فى مسارح الحكومة الارترية ، نتيجة لغسيل الادمغة من قبل الهقدف ، صاروا من اشد المتحمسيين لاقتلاع جذور القهر من ارتريا.
مجموعة اكلوقوزاى من اقوى الكيانات المعارضة التى فعلاً اهدافها تنسجم مع اهداف الوطنيون الاحرار ، لانها لا تطيق اجندات الهقدف ، ولا تسعى لتغيير مزيف وشكلى.
هذه الشريحة تسعى لبتر جذور الهقدف الطويلة ،وبناء وطن يسع لكل الارتريين.
ابناء اكلوقوزاى قد يتحالفوا مع ويانى فى الوصول الى الهدف ، نديةً للنظام الذى وضع كل كروته فى يد دكتور ابى احمد الساعى لاعادت هيمنة الكنيسة الارثوذوكسية الامحرية بطريقة غير مباشرة ، وتحت الطاولة للسيطرة على نظام الحكم على الطريقة المنيليكية.
الخوض فى التفاصيل الدقيقة ، يحتاج الى بحث اعمق واشمل ، ولكن لا ضير اذا سلطنا الاضواء على الخطوط العامة لتتضح الرؤية ونفهم مسار الاحداث.
فى هذا الوطن المعرض للدمار ، توجد منطقة حساسة تعتبر جوهر الصراع بين اثيوبيا وارتريا ، وهى منطقة سمهر عامة ، والساحل الارترى خاصة ، لا ن منذ عصور ، كان الساحل الصيد الثمين ، والبقرة الحلوبة اقتصادياً ، التى بسببها ذاق اسلافنا ، كوارث التهجير ، والدمار.
ابناء هذه المنطقة ، يقع على عاتقهم ثقل التغيير ، لان على حسب موقعهم الجغرافى ، معرضون للهلاك ، والتشرد ، اكثر من غيرهم ، و هم فى كل الاحوال خاسرون لا محالة ، لان الجبال خلفهم ، والبحر امامهم ، ومن هنا يُطلب منهم ، اداء فريضة التغيير ، وقيادت سفينة الانقاذ ، او اطلاق الشرارة من قلب الوطن.
سمهر بما تملكه من ارث تاريخى ارترى بمعنى الكلمة ، وقيادات لعبت ادوار لا يمكن القفز عليها تاريخياً ، يمكن ان تعيد التوازن ، وتستطيع قلب الموازين ، بالتعاون مع مجموعة اكلوقوزاى ، بشرط يجب فهم ايقاع الشارع السياسى ، حتى لا ترسم نفس احادثيات الماضى ، الذى خُطِط مع اسياس ومجموعته فى السابق ، بل التحالف يجب ان يكون على اساس مسارات واضحة ، واستراتيجيات مفهومة ، وبعيدة المدى.
فى السابق انطلقت الثورة من المنخفضات والتحق بها كل شرفاء ارتريا ، ولكن نسبىة لعدم اكتراث ابناء بركة ، والقاش لارضهم ، التى أُغتُصِبت ، وعدم جديتهم فى اقثلاع حكم التقراوى فى الظرف الحالى ، فعلى ابناء سمهر ان يصطفوا فى مقدمة ركب النضال ، و يستعدوا لخوض غمار التضحيات ، واكيد سيلتحق بهم كثيرون ، من ابناء ارتريا الابطال كما فعلوها فى السابق.
هنالك رجال اشداء ، ينتظرون ساعة الصفر ، ومستعدون لاعطاء مهجهم ، وارواحهم رخيصة ، لبسط العدل ، ولتحقيق الحرية ، والكرامة للاجيال القادمة.
مع لقاء اخر ان شاء الله.
التعليقات
اخى الفاضل صالح أنجبا ، ها انت رجعت إلى موقعك ومكانتك التى فقدناها لفترة من الزمن ، ربما نعتبرها فترة الاستجمام واخد وقت متسع العودة بهذا المقال القيم الوطنى ، بالتأكيد لاشك فى وجنتيك ، لأنك ورثتها من والدك رحمة الله عليه وأيضا اجدادك الابطال كتبوا تاريخ البطولات فى صخور جبال اكلىقوزي ، سمهر واريتريا من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب ، كل الشعب الاريتري يشهد لهم الصمود والتضحيات فى شبر من ترصد أريتريا المباركة.
وانت اليوم فى تحليلك القيم تؤكد سيرك على نهجهم وصراحتهم ومواجهتم الصعاب بقلب واحد وروح مليئة بالتحديات والإقدام للتضحيات وقول الحق كل الحق من أجل الوطن وذلك ثابت من خلال الثوابت اوطنية.
نعم يا صالح وأصل على هذا الدرب لتوحيد الاحرار الاحباب الذين لازالت النخوة والروح الوطنية النضج فى دمهم.