سنحتفل بالإستقلال عندما ننتصر للحرية التي إغتالها أفورقي
بقلم الأستاذ: زكي رباط - باحث حقوقي ارتري
سنحتفل بالإستقلال عندما ننتصر للحرية التي إغتالها أفورقي قبل ان يجف دماء الشهداء
في عروقهم في أزقة ووديان أسمرا.. تلكم الدماء التي لطالما تمنت الإستقلال الذي تُعلى فيه كرامة المواطن ويكون هو السيّد في أرضه وزرعه.
السيادة بمعناها الجميل النقي، الذي فيه تحرر النفوس من العبودية ويطلق للعقول أشرعتها تفكر كيفما شاءت وتعتقد بأي ما أرادت وتحلم كما يحلو لها.. إن ذينكم الشهداء لطالما تمنوا تلك المعاني ورمقت اعينهم الحرية قبل أن تفارق أرواحهم الطاهرة الحياة الفانية.. وسيظلون أحياءا يوقدون شموع أفئدتنا فلهم الرحمة والمغفرة ولهم الجزاء الحسن عما قدموا لأمتهم من صنيع عظيم.. لا الإدعاء والتضليل و"الإستهبال" بدعاوى وطنية جوفاء يراد منها أسر عقول الناس وقلوبهم من أجل الإستبداد وتذوب نفوسهم في نفس الطغيان وجماعته وعصابته المجرمة.
كل ما زادت إنتصارات الخصم كلما زاد عدد المنبهرين من الطرف الآخر فيتحول هذا الإنبهار أحيانا إلى إعجاب مع خوف.. وقد ينتقل هذا الإعجاب إلى حب وهو بكل الأحوال ليس حبا عفيفا، ويتدرج هذا الحب بين بني البشر فهناك من يأنس به ويفرحه فقط مجرد رؤية الحبيب "المستبد" وهناك من يسعى ويتذلف له ويخطب وده وقد نسى انه خصمه (عدوه) وهناك من هو مغرم بعبادة "القوي" وهذا أصعب حالا وأضل فعلا وأشق علاجا وشفاءا.
كانت هذه مقدمة لابد منها وهذه طريقتي للإحتفال بيوم الإستقلال لأنه:-
أولا: يذكرني بنكسة الإرادة الاريترية وإنهزام ونحر الحرية.. ولن أطيل في الكلام الفطير الذي نردده دوما في هذه المناسبة (٢٤ مايو) لاعتقادي أنه معلوم للعقلاء ومفهوم لدى الوطنيين (نعم هو يوم تحرير التراب الاريتري من المحتل الأثيوبي)، ولا أزيد!.
ثانيا: لماذا يبدوا إحتفالي بهذا الْيوم ذو نكهتي الخاصة هو أن هناك أناس - هم حقيقة موجودون طول العام - ولكنهم يتكاثرون وينتشرون ويتضاعف نشاطهم كلما قرب يوم الإستقلال من كل عام فكأنه يوم حجهم وسعيهم، وجمراتهم يطلقونها خبط عشواء على كل من صادف حظه أمامهم.
وهنا علينا التفرقة بين من يندرجون تحت حالة "الإعتلال" والمرض ممن أصابهم الداء رغما عنهم.. وبين من يسعى لذلك الحب المستبد والشغف المتناهي (بسبق الإصرار والترصد) وقديما أطلقنا عليهم مصطلح (مطاريد إسياس) فهؤلاء هم المستفيدون من غياب المعلومة للكثيرين من الصنف الأول وكذلك إستفادوا من حالة الفوضى التي تعيشها بلادنا الحبيبة وقد مهد لهم ذلك حالة التردي وتأخر النصر الذي تعيشه المقاومة الإريترية وقوى التغيير.
فمن هم هؤلاء القوم "مطاريد اسياس" ؟... بادئ ذي بدء أنه ليس داخل في هذه الطائفة من البشر كل من هجر الطاغية وغادر ضيعته هاربا بدينه وأمانته راجيا الحق ونصرة أهله تواقا للعدل، بل ان ممن ترك القلعة الأفورقية من أضحى لاحقا سيدا بعمله في صفوف المعارضة أو قوى التغيير المدنية، ولكن مطاريد إسياس هم ألئك النفر الذين ضلوا عن سبيلهم في خدمتهم في صفوف عصابات الهقدف ولكنهم في نفس الوقت لم يخلصوا في معاداتهم لسيدهم الأول وملهم ثورانهم وولي نعمتهم بل شاب وجودهم في أوساط مجموعات الحرية الريب وكان دأبهم على الدوام لا يدخرون جهدا ولا يفوتون سانحة إلا واقتنصوها في إعلاء وتمجيد لكل ما هو من مظاهر شوكة الطاغية إسياس أفورقي كدستور ٩٧، وضرورة الإحتفال بـ٢٤مايو إلى غيرها من المحاولات للإبقاء على (تَرِكَت) إسياس مع بعض التعديل.. طبعا "التعديل" يكون بعودتهم هم الى مناصبهم ومكاتبهم التي هجروها رغما عنهم.. فليس من ذاق النعمة كمن ظل هائما يعارض أفورقي وعصابته حتى حفيت قدماه.
إذن انها النعمة السابقة أيها القوم وليس الحق والحقيقة !!! إنها المناصب الماضية وقد أضرمت نيران القلوب طلبا لها ورجاءا لخيراتها.. ولم يكن أبي أحمد ونداءه للسلام إلا فقط مساعدا لأحياء بعض تلك القلوب ولكن لم يصنعها.. واختصر مسافات كبيرة على هذه الطائفة ورفع عنهم الحرج لكي يصرحوا بموضوعات كانت في السابق من المحرمات وتجرأوا على مقدسات كانت في القريب ثوابت.
في الختام رحم الله الأبطال منذ الأربعينيات وما قبلها الى يومنا هذا كبيري وإبراهيم سلطان وعواتي، ولمن أراد أن يختبر مقالنا عاليه وأن يزن حروفه وإعرابه والتأكد من صحته وعلته فاليراجع صفحات وأوكار هؤلاء القوم "مطاريد إسياس" وليفتش في جبل إختباءهم، ثم لينظر مدى حبهم وإقتناعهم وتمجيدهم لتاريخنا المجيد الذي أوقده الآباء الأوائل والذي ما أتى الإستقلال الى نتاجه وسببه.. فما مدى إقتناع هؤلاء القوم بمنجزات تلك المراحل الناصعة البياض بالمقارنة التي يمجدون فيها الطاغية إسياس أفورقي ومنجزاته التي يصدعوننا بها ليل نهار ولكأنها أوتار الليل أوتسابيح الصباح!
وكل عام وأنتم بخير ولا عزاء لأبناء أفورقي،،