ملتقى إريتريا الثقافي العربي يحتفي بالإريتري البريطاني.. دبروم
بقلم الأستاذ: علي فقندش - جدة المصدر: صحيفة عكاظ
نظم الملتقى الثقافي العربي الإريتري في جدة أمسية ثقافية احتفاء بفنان إريتريا التشكيلي العالمي البريطاني الإريتري محمود دبروم،
وذلك في مدينة الطيبات، وهذا الملتقى اجتماعي يعنى بالثقافة العربية الإريترية ويسعى للحفاظ على الموروث الثقافي وأدواته ونشرها من خلال أدبيات ووسائل ثقافية كالفنون والآداب بجميع ضروبها وأسس في جدة من قبل شريحة من الشبان المهتمين بالإرث الثقافي العربي الإسلامي في إريتريا، بتسليط الضوء على هذه الثقافة بالاحتفاء برموز الثقافة من كتاب وأدباء وشعراء وفنانين، وهو ملتقى غير ربحي، عضويته مفتوحة للكل ويسعى لإقامة شراكات مع كل الجهات العاملة في الشأن الثقافي في المملكة، ويعتبر تكريمه لدبروم أول فعالية تكريم ينظمها، أما محمود دبروم فيقول عنه أحد المشاركين في تنظيم الأمسية عبدالرحمن عثمان: عندما يذكر دبروم تتزاحم في مخيلة كل إريتري عاش وعاصر مرحلة الثورة في بلادنا وما بعدها صور كثيرة لوجوه إريترية حية تمثل التنوع الرائع للشعب الإريتري ولمناظر طبيعية تنبض بالحياة لم يفرق فيها دبروم بين السهل والجبل فقد حملها كلها في حدقات العيون، فلقد قدم الرسام التشكيلي محمود جابر دبروم ابن إريتريا البار الكثير طيلة أكثر من خمسين عاما دون أن يسأل مقابلا لذلك حيث غادر إريتريا في مطلع حياته وهو شاب يافع حاملا معه وطنه، فكان وفيا له أينما حل، فقد جسده أروع ما يكون التجسيد في لوحاته بوجوه حية وتراث غني وطبيعة خلابة ويعتبر دبروم رائدا للفن التشكيلي في إرتريا بلا منازع، ففي منتصف القرن الماضي الميلادي بدأ رحلته الفنية بالموهبة الفطرية والممارسة، فلم يلتحق بالمعاهد والكليات الفنية إنما شق طريقه الوعر بتطوير ذاته من خلال تعاملاته مع الكتب الأكاديمية في الفن التشكيلي والإطلاع على مدارسه الفنية المختلفة، والاطلاع على أعمال رواد الفن التشكيلي في المتاحف العالمية وصالات الفنون من خلال التجوال في كل من إيطاليا وأمريكا ومصر وألمانيا منذ سبعينيات القرن الماضي.. وشارك وعاصر الحركة التشكيلية في السعودية خلال أربعة عقود من القرن الماضي ليستقر به المقام أخيرا في بريطانيا عام 2004م.
في الحادية عشر من عمره توفيت والدته وكان والده قد توفي قبلها بعام فأصبح يتيم الأبوين، درس الابتدائية في «قندع» ثم انتقل منها ليكمل دراسته في المدرسة الإسلامية في العاصمة أسمرا.
ومن ناحيته يقول محمود دبروم: نظرا لتعدد الأعراق في وطني يسعدني الإشارة إلى أن لقب عائلتي «دبروم» الذي يعتقد الكثيرون أنه اسمي أو اسم والدي، هو اسم جدي السادس، وأسلافي من قبيلة «دبري ميلا» التي كانت ولا تزال تعيش منذ ستة قرون على سفح جبل شامخ ذي طريق واحد للصعود يقع بالقرب من جبل «امباسويرا» في جنوب إريتريا يسمى دبرا، نزح أجدادي من دبرا إلى زولا وهي على ساحل البحر الأحمر منذ القرن الثامن عشر وولد أبي رحمه الله في حرقيقو في خمسينيات القرن التاسع عشر وانتقل إلى قرية أو مدينة قندع في نهايات القرن نفسه قبل دخول الإيطاليين، كان يتقن العربية تحدثا وكتابة.
عرف فناننا دبروم بالنبوغ المبكر والألمعية النادرة، والنجابة الظاهرة، والذكاء المفرط منذ نعومة أظافره حتى تفوق على أقرانه، وفاق أترابه.
ومن ذكرياته يقول دبروم: «عندما كنت في الابتدائية وبعد مضي ثلاثة أشهر من دراستي في الصف الثالث أخرجني والدي من المدرسة وألحقني بـ «خلوة» وفي نفس السنة ختمت القرآن الكريم».
وعند وصول دبروم إلى لندن حاول الالتحاق بمعهد فني لزيادة المعرفة لكنهم اعتذروا عن قبوله والسبب ؟ الذي قيل له إنه وصل إلى المرحلة التي يصل إليها الدارس بالمعهد بعد إتمام تلك الدراسة التي يبحث عنها فلماذا يدرس؟ فلو عرفنا أن دبروم وقتها كان قد تخطى الستين من العمر سنعرف مقدار الهمة وأصالتها لديه فلقد وهبه الله موهبة فطرية لتطويع الأقلام والألوان، لهذا منذ طفولته المبكرة مارس الرسم مستخدما المواد الأولية التي كانت متوفرة في بيئة قندع البسيطة كالفحم وأقلام الرصاص.