التطورات في المشهد الارتري الاثيوبي - كيف تسارعت الخطى من العداء الى صداقة
بقلم المناضل الأستاذ: جيلاني موسى - أبو حسن
اعتبار هذه التطورات نتاج لسياسات ابي احمد واتخاذها بداية التحول اعتقد تفسير يفتقر الى الدقة والموضوعية لسبب ان وصول
ابي احمد الى موقعه الجديد على راس الحكومة الاثيوبية ليس وصولا طبيعيا ولكنه نتاج لتحولات شهدتها الساحة الاثيوبية منذ عقد من الزمان بصورة واضحة رغم ان لها جذور ممتدة الى قبل هذا العقد. ولتكون الصورة واضحة وتحليلنا منطقي لا بد من الاحاطة بالجوانب الرئيسية ولو على عجالة للوضع في اثيوبيا عامة ودور تقراي خاصة واسباب ترحيب وحماس اسياس ونظامة بصورة ملفتة لمبادرة ابي احمد والاحتفاء به وتوجيه اقسى اشكال الهجوم على التقراي.
التقراي ليسوا مجرد اقلية في تركيبة الدولة الاثيوبية ولكنهم ومنذ فترة ليست بقليلة يشكلون العنصر الحاسم في الواقع السياسي ولم تستطيع كل الحركات المناوئة للانظمة الحاكمة في اثيوبيا زمن الامبراطورية او نظام الدر احداث تغيير الا عندما ثار التقراي واستطاعوا وفي زمن قياسي نسبيا تغيير المعادلات واسقاط نظام الدرق ولملمة اطراف المعارضات والقوميات والشعوب الاثيوبية وايجاد صيغة نظام حكم في اثيوبيا بهذه التركيبة المعقدة واستمرارهم على راس السلطة واحداث تنمية اقتصادية جعلت من اثيوبيا البلد الرائد في نسبة النموا في المنطقة وايضا اعترافهم باستقلال ارتريا رغم خطورة هذا القرار على مصالحهم مما يعني بانهم ليسوا بالصورة التي يتصورها البعض في انهم اصبحوا على الهامش وان الاحداث تسير خلافا لارادتهم.
ان الفترة الطويلة نسبيا التي حكموا فيها اثيوبيا ليس وحدهم ولكنهم كاصحاب اليد العليا ترتب علىها ما يترتب على كل من يحكم حيث ان للسلطة سلبيات فهناك اخطاء تضخم وايضا تحسب امور ليست من مسئوليته ولكن كونه في السلطة تنسب اليه بقصد من معارضيه او بعدم معرفة وايضا السلطة تغير من سلوك البعض وهذه الاشياء وغيرها مجتمعة وبمرور الزمن تتراكم وتكبر وبالتالي تولد ردود فعل وتستغل من المعارضة كما ان طول فترة البقاء في السلطة تتعير معها النظرة الى الواقع والتعاطي معه على ضوء التحولات التي تصاحب الحياة وسير الامور خاصة في بلد كبير مثل اثيوبيا وهذا اعتقد ما حدث في اثيوبيا وبالتالي فان التقراي اعتقد قرروا عدم الوقوف امام العاصفة التي قد تلقي بهم الى الهاوية خاصة وانهم على دراية بالواقع الاثيوبي ومآلاته اكثر من بقية مكونا الشعب الاثيوبي بحكم ما اكتسبوه من وجودهم في السلطة طيلة هذه المدة.
من هنا اخلص لاقول بان بي احمد جاء برضى بل وربما بقرارهم لمواجهة التحدي المصيري على مصالحهم التي سهروا لتحقيقها وضحوا بالكثير من ابنائهم عقود من الزما لان الاصطفاف الذي حدث ضدهم ووحد اعداء الامس في وجههم لا يمكن التغلب علىه الا بتفكيكه من خلال التواري خلف ابي احمد الذي لا بد وان تكون بينهم وبيه مسافة متفق عليها حتى لا يبدوا وكانه اداة تنفذ اجندتهم وبالتالي فان سياساته التي تبدوا وكانهم غير راضين عنها هي التنازلات التكتيكية التي تحافظ على المكاسب الجوهرية والاستراتيجية التي حققوها لاقليمهم واهمها ان لا يكون على الهامش بعد الان خاصة وانهم يتربعوا على مكاسب على المستوى الاثيوبي تجعلهم على قدر معقول من القوة ومن جملة ما يملكوه من عناصر القوة معظم القيادات العسكرية والامنية ومفاتيح اقتصاد البلاد وهذا يعطيهم خيارات كثيرة في الدفاع عن مصالحهم وبالتالي فان قوة تملك هذه الاوراق لا يمكن ان تكون قد اخذت على حين غرة.
والتقراي عندما اسسوا ثورته وضعوا امامهم خيارين اما ان يحققوا مصالحهم في اثيوبيا على اكمل وجه خاصة في السلطة وما يليها من مكاسب او خيار الانفصال وتاسيس دولة تقراي تقرنيا بينما يريد لهم اسياس خيار واحد وهو الانفصال من اثيوبيا وتاسيس دولة تقراي تقرنيا التي انجز بنيتها التحتية في ارتريا من خلال التغيير الديموغرافي واللغوي والاقصاء والقمع والتهجير وعندما وجد بان ملس وجماعته ركنون على خيار البقاء في اثيوبيا انفجر غضبه واشعل الحرب املا في الاطاحة بملس والاتيان ببديل ينفذ معه المشروع لذلك عندما فشل تحقيق هدفه بالحرب مارس حرب الاستنزاف باحتضان المعارضات الاثيوبية بمختلف قومياتها مع التركيز على التقراي واستطاع ان يزعزع حكم التقراي حيث اللب عليهم القوميات الساخطة ولكن التقراي قرئوا الوضع قبل فوات الاوان وما نراه من حماس غير مسبوق من اسياس تجاه ابي احمد وهجومه على التقراي ما هو الا ممارسة الضغط على التقراي حتى يحرق كل اوراقهم ويوصلهم الى طريق مسدود لان ذلك هو الاسوب الوحيد في نظره الذي يرغمهم ليعودوا الى بيت الطاعة (تقراي تقرنيا) عندما يصلوا الى قناعة بان ابواب حكم اثيوبيا او على الاقل المحافظة على القدر الكافي من المكاسب التي حققوها اصبحت مستحيلة وعندها يكونوا مضطرين ليضعوا يدهم بيد اسياس وعندها سيتغير الوضع في ارتريا واثيوبيا والمنطقة.
اعود واقول بان ابي احمد ينفذ سياسة عليها توافق سياسي اثيوبي عامة وخاصة بينه والتقراي لنزع فتيل الازمة خاصة وانه احد عناصرهم المؤتمنة حيث عمل في المؤسسة الامنية الاثيوبية التي هي من صنع التقراي وهم يراهنون على فشل العلاقات والتحالف الهش بين الارومو والامهرا الذين توحدوا ضدهم لكن لن يصمد هذا الحلف كثيرا وبالتالي فانهم اختاروا الخيار الافضل في ان يحافظوا على مصالحهم وهيمنتهم من وراء الستار ولكن اذا اخل ابي احمد بهذا المسار فانه لن يحكم اثيوبيا. اما ابي احمد فهو يسير وسط حقل من الالغام فالجميع يريده ان ينفذ له اجندته، التقراي يريدونه ان يتجاوز بهم ازمتهم باقل الخسائر مع هامش محسوب من المناورة والتنازلات والاروموا يريدون ان يحقق لهم حلمهم في انتزاع حقهم في حكم اثيوبيا كا كثرية مهمشة والامهرا يريدونه ان يضرب لهم التقراي وسلطتهم واسياس يريده ان يوصل التقراي الى الياس من الاستمرار ضمن اثيوبيا وابي احمد يريد ان يجمع هذه التناقضات وهو امر يعد من شبه المستحيل وهذا يعني بان حقل الالغام الذي يسير وسطه سينفجر في أي لحظة.
ما المطلوب منا نحن كقوى ارترية تناضل من اجل التغيير:-
1. ان المظلات (مجلس اواسا والتحالف) تكوينات لم يكن لها أي قدر من ايجابيات بل على العكس من ذلك كانت سبب في تعطيل عملية النضال من اجل التغيير وتسببت في اهدار زمن طويل وزرعت الخلافات وعمقتها وشلت المقاومة وافقدتها ثقة الشعب الارتري وبالتالي تجاوزها ببدائل سآتي على ذكرها.
2. اثيوبيا لعبت دورا معطلا للمقاومة الارترية بصورة ممنهجة ورغم ان البدائل امامها محدودة ولكن يجب ان تبدا من نقطة الصفر بحثا عن هذه البدائل لان ما يقرب من عقدين من الزمان في الساحة الاثيوبية كانت حصيلته تراجع في كل النواحي ولم يكن ذلك بمهد الصدفة ولكن حكام اثيوبيا التقراي لا يمكن ان يهدموا نظام الشعبية رغم خصامهم المرحلي مع اسياس والبديل ذات المردود المضمون هو العمل في الداخل رغم صعوبته وثمنه الباهظ.
3. الفصائل والجماعات والشخصيات الارترية خاصة التي لها مصلحة حقيقية في التغيير الجذري وليس الشكلي ان تلتئم وتشكل كتلة او اكثر حسب نقاط تلاقيها وترمي خلفها هذه المسيرة الطويلة من الفشل الممتد في مرحلته الاولى منذ دخول الجبهة عام 1981م وفي مرحلته الثانية منذ ان دخلت الشعبية اسمرا وما تلاه وحتى يومنا هذا وحتى ينجح هذا التكتل او التحالف علينا ان نرمي خلفنا كل صور الخلافات والتناحر على السراب ونترك هذه الصفحات للتاريخ ونعمل من الان للمستقبل والا فان القادم هو دولة تقراي تقرنيا لا محالة وما يفشل هذا المشروع الا هذا الذي ذكرته.
4. الارتريين الذين يوجهون سهام نقدهم الجارح للمقاومة الارترية دون ان يقدموا البديل او يسهموا في اصلاح وتغيير حال من ينهشون في لحمه اقول لهم بان فعلكم هذا يسبب الياس والاحباط في المقاومة خاصة والشعب الارتري عام وبالتالي في الوقت الذي تارسون ذلك عليكم بالبديل والاسهام في النضال لا ممارسة جلد الذات فقط.
اللهم اني بلغت اللهم فاشهد