يوم الشهداء بين القبول والرفض
بقلم الأستاذ: محمود بره - كاتب إرتري
يوافق يوم غدٍ الاربعاء الموافق 20 يونيو الذكري السنوية ليوم الشهداء في ارتريا، ويعتبر يوم احتفالي حزين علي مستوي الدولة،
تنكص فيه الاعلام وتوقد لياليه الشموع، وتذرف المقل الدموع، يبدأ الترتيب له بُعيد الانتهاء من احتفال عيد الاستقلال المجيد الذي يوافق يوم 24 مايو من كل عام.. واذا كان عيد الاستقلال يدل علي يوم طرد اخر جند العدو من البلاد...
• وماذا يعني ذكري الشهداء ؟
• ولماذا حدد يوم العشرين من يونيو من كل عام خلاف الايام الاخري ؟
• اذا كان الشعب الارتري منذ اعلان الكفاح المسلح وما قبله قدم ارتالاً من الشهداء كل يومٍ وليلة ؟
قد تختلف طرق استذكار الجنود الشهداء بين دولة وأخرى، وربما تتنوع طقوس الإحتفالية حسب عادات كل دولة، إلا أن الثابت والمشترك في جميع الاحتفالات التذكارية، "أنها تسعى إلى تكريم أولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل أوطانهم، وقدموا أرواحهم فدية كي تنعم أوطانهم بالحرية والأمن والاستقرار" بقيام الصلوات ووضع أكاليل الورد امام النصب التذكارية، ومساهمة التبرعات في احتفالات رسمية تكرم أرواح الجنود في مختلف دول العالم، لأن لهم كل الحق في التكريم وإن كان استشهادهم بحد ذاته أعظم تكريم نالوه عن استحقاق وجدارة.
ومن خلال اطلاعي ومعرفتي المتواضعة، ان يوم الشهيد في اي دولة مناسبة متفق عليها من كل الشعب، لانها مناسبة تُخلد يوم فقدت فيه البلاد دون الايام الاخري قائد عظيم فرداً كان أو جماعة، او هو يوم قدمت فيه البلاد قائمة طويلة من الشهداء في ملحمة تاريخية خاضوا فيها غمار المعركة بكل بسالة وتضحية في الزود عن حياض الوطن، وهل ذكري شهداء ارتريا تستوفي الشروط ؟
ذكري يوم الشهداء في ارتريا جاء من قرار فوقي علي الشعب الارتري من قبل الحكومة الارترية المؤقتة التي تتحكم علي البلاد والعباد بالحديد والنار منذ عام 1991م صدر بعد ايام من طرد اخر جند اثيوبي من البلاد، ويستحضرني كانت قواتنا تعسكر في منطقة (شخا ودبسرات) وطلب منا عمل تدريبات المارشات العسكرية للمشاركة في المناسبة في عرض عسكري تشهده جماهير المنطقة، وقد كنت من المختارين، وبعد أيام من التدريبات المتواصلة صباحا ومساء استغني عن دوري أنا و بعض زملائي، لاننا لم نفلح في اداء المارشات العسكرية وفق الانضباط المطلوب.. وفي العام الذي يليه ابلغنا القائد صالح عثمان نارو قائد اللواء 82 وكنا حينها نعسكر في منطقة (عراريب) علي ان يكون احياء الذكري ملزمة لكل أفراد قوات اللواء السير حفاة القدمين (من و الي) محطة السيارات (المنفار) بعد الوصول الي مقابر دفن المقاتلين قبل الاستقلال في منطقة تسمي (اندا زينا) أي منطقة مكاتب الاعلام والارشاد القومي للجبهة الشعبية لتحرير ارتريا قبل التحرير. ولم يكتف الامر السير حفاة وانما ايضا الصوم والامتناع عن الاكل والشرب كل نهار ذلك اليوم حتي انتهاء المسيرة.
وقد تخلل الاحتفال كلمات تذكرنا برفاقنا الشهداء الذين مضوا ببسالة واقدام للاجل الحرية والاستقلال، وتحمل المسئولية التي تقع علينا لانجاز عملية البناء والتعمير، تحدث فيها القائد صالح عثمان، وبعض قيادات الكتائب والمستشارين.
وقدمت الاناشيد الثورية الحزينة. وقضينا وقتا ممتعا لاننا كنا اصحاب عقيدة، ونحب قياداتنا ونؤمن بتوجيهاتهم حينها.. أما اليوم بعد 27 عاما من بقاء الجبهة الشعبية في الحكم لم يتغير من اوضاع البلاد والعباد شيئا قيد انملة بل صارت الامور تتجه من الاسوا الي الاسوأ والشك يتغلغل في النفوس لذا لابد من معرفة اهمية واسباب اختيار كل احتفال ومناسبة.
سألنا حينها لماذا اختير هذا اليوم دون الايام الاخري من عهد كفاحنا المسلح ؟ وجاء الرد انه يوافق سقوط شهداء أكبر عدد في هذا اليوم العشرين من يونيو عام 1982 في فترة الحملة السادسة والمشهورة ب(قيح كوكب) أي حملة النجم الاحمر والتي كان شعارها من قبل نظام الدرق (مرة والي الابد).
وحقيقة لامانع من الاحتفاء في هذا اليوم ذكري شهداء ارتريا.. لان حقيقة من سقطوا في تلك الفترة هم ابناء ارتريا الاوفياء البررة، وكانت فترة عصيبة لبقاء جذوة النضال او فنائه، ولكني اعارض الطريقة التي اختيرت به المناسبة لانه من المفترض الجبهة الشعبية ان تكون امينة مع نفسها وتشرك الشعب الذي انجبها في تحديد خياراته.
والمجد والخلود لشهداء الابرار.. والخزي والعار لكل متربص وخائن.