للأسباب التالية تظل الرابطة مستهدفة ! ودائماً في الصدارة
بقلم الأستاذ:صالح عبدالله عجيل - كاتب وناشط سياسي إرتري
ردت رابطة أبناء المنخفضات الإرترية بالتفصيل عن أسباب استهدافها بافتتاحية قوية ومسؤولة تحت عنوان ”الحملات ضد الرابطة...
المغزى والمآل“ عبر موقعها الرسمي ”منخفضات كوم“.
أما ردي وملاحظاتي الشخصية كصاحب قضية عادلة تتلخص في الآتي:
أولاً الرابطة هي وعاء فكري واسع لزيادة نشر الوعي العام. وليست تنظيماً أو حزباً سياسياً يسعى لاحتكار السلطة والثروة كما يدعي البعض. وقد ابتدعت نهجاً مدنياً وأسلوبا جديداً في مقاومتها للظلم السائد في إريتريا منذ عقود طويلة. وهذا كان مفاجأة كبرى للكثيرين. ومقاومة الظلم ومحاربته بكل السبل والمسميات حق مشروع في كل المعتقدات. فمثلاً إذا كان مفتاح الفشل محاولات إرضاء الجميع، فإن مفتاح النجاح هو يقيناً ما تقوم به الرابطة من عمل نوعي مقاوم بالسبل المدنية. وقد أظهر هذا فعاليته دون المزايدة بالوطنية. والمقاومة هنا تعني ثورة غضب عارمة تشمل تعزيز الوعي والمشاركة الجادة في كافة المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية لاستعادة العزة والكرامة والحق المنهوب.
أهم ما تميزت به الرابطة هو كسبها لثقة الجماهير العريضة واعتمادها على منتسبيها في كل فعالياتها بما في ذلك عقد مؤتمراتها وإحياء مهرجاناتها الثقافية ومشاركاتها في الفعاليات الدولية محاولاتها الجادة والمخلصة لاستعادة وتقوية الثقة بالنفس والعزيمة وقوة الإرادة والشفافية التي تميزت بها رغم الهجوم الظالم من عناصر لا تعرف العدل ولا مساراته.
هذا هو المفتاح الدائم والتحدي المستمر الذي أعرفه عنها شخصياً وانتشر قولاً وفعلاً في المعسكر المعارض للعصابة الحاكمة محركاً المياه الراكدة ومثيراً غضب الأعداء والخصوم معاً لعدم فعاليتهم وعدم قدرتهم للتصدي لإنهاء فكر الرابطة الذي تجاوز المؤسسين والأعضاء جميعاً وأصبح مشروع أمة عريضة بتواجدها وعريقة بنضالها وصمودها وتضحياتها. ولا يمكن أن تظل غير قادرة على النهوض كما يراد لها ببث سموم التفرقة.
لأنها واجهت التحدي وعرفت عن نفسها وحقوقها وتعهدت علناً للعمل مع الأحرار في سبيل ضمان حقوق كافة المكونات في إرتريا الحديثة للحفاظ على خصوصيتهم ضمن الوطن الواحد الموحد العادل والمستقر.
تحديها للنهوض مجدداً من آثار الهزيمة النفسية المؤلمة التي أعقبت الزلزال الكبير الذي تعرضت له جبهة التحرير الإرترية في عام 1982م بالتحالف الطائفي العنصري الخبيث بين قيادتي الشعبيتين الإرترية وتقراي لانفراد الأولى بالساحة هنا والثانية بالساحة هناك.
التشخيص الشجاع والفريد من نوعه للصراع الإرتري / الإرتري وسبل معالجته بأمانة والذي كان أساس وثيقة الرابطة بالتفصيل مع مخارج وحلول دائمة وعادلة له.
يغيظهم المسمى ! ”المنخفضات الإرترية“ الذي نفتخر به نحن الأبناء كأحد الأقاليم المحببة من الوطن الغالي. ونرفض المزايدة عليه بشعارات الوطنية البالية المفرغّة من أي محتوى التي يرددها النظام وبعض عناصر المعارضة ولم نجد منها سوى الذل والهوان ومزيد من الهيمنة. مع العلم الاسم أصيل كمجتمع المنخفضات العريض ويضم عدداً كبيراً من المكونات الاجتماعية المتعايشة منذ قرون والمنسجمة مع بعضها رغم المعاناة والاستهداف المتكرر. وهو غني بتنوعه الثقافي والديني والعرقي. مع العلم أيضاً أن لمجتمع المنخفضات فضل تأسيس وحماية ثورة سبتمبر المجيدة التي قادت الاستقلال بقيادة الشهيد البطل حامد إدريس عواتى رحمه الله، والتي سرقت أهدافها السامية من قبل عصابة مارقة وخائنة. وقبله نال هذا المجتمع شرف تأسيس الانتفاضة السرية الكبرى (حركة التحرير) التي أسسها وقادها أحد رموز الوطن ابن المنخفضات البار المناضل الأستاذ محمد سعيد ناود، الإنسان الواعي والمثقف واسع الاطلاع، رحمه الله. وكان من أهم أهداف الحركة إلغاء النظام الفيدرالي والعمل للاستقلال التام عن إثيوبيا والتي ووجهت بالقمع والقتل والاختطافات العشوائية في كل مكان في ربوع إرتريا كما هو الحال اليوم. والنضال لازال مستمراً حتى إلحاق هزيمة نكراء بالعصابة الحاكمة وتغيير العقلية العنصرية الطائفية التي تعمل ضد السلام الحقيقي وبناء دولة المؤسسات.
هذه المبادئ السامية كانت ولازالت سبباً رئيسياً للاستهداف المتكرر والدائم من قبل أعداء الرابطة وخصومها الذين يقدمون مصلحتهم الخاصة ورؤيتهم الضيقة لصراع بحجم وطن وشعب مناضل لم ينل التقدير ولا الاحترام حتى بعد رحيل المستعمر الأجنبي مهزوماً!
وهذا السلوك الأناني المتخلف يحتاج تغييره إلى الكثير من الجرأة والكثير من الإبداع والكثير من الجهد الجاد والحازم. ولضمان نجاح هذا العمل الكبير، ينبغي أن تقترن التدابير بالكثير من الصبر والمثابرة والعمل الدؤوب. وهذا ما تسعى قيادة الرابطة لتحقيقه بقدر المستطاع على كافة المستويات وبكافة السبل مع كافة من يهمهم الأمر من الوطنيين الأحرار والأشقاء والأصدقاء.
وقد أثبتت الأيام صدق نوايا الرابطة وتفهم وصمود الغالبية العظمى من منتسبيها ضد كل العوائق والعراقيل التي تحاك ضد الرابطة. وخاصة الاختراق الهدّام الذي ظهر مؤخراً داخل الرابطة بدعوى ”الإصلاح!!“ وهو في جوهره تمرد لتقويض المؤسسة بإنهاء المؤسسية التي توافق عليها الجميع في المؤتمر التأسيسي الأول. وبعد فضح نفسها، تم التصدي لها بحزم داخل اجتماعات مجلس الرابطة بعد نقاش شفاف ومسؤول حسم الأمر بأغلبية ساحقة من الأصوات معلنين بصوت عال بأن هدم ما تم بناءه في الرابطة خط أكثر من أحمر وعمل مدان جملة وتفصيلاً. والتحدي لحماية مكتسبات الرابطة وتطويرها إلى الأفضل مسؤولية الجميع.
علماً بأننا نعرف تماماً أن الاستهداف المتكرر لإنهاء عمل الرابطة سوف لن يتوقف مادامت رسالتها مستمرة بذات القوة التي أعطت المناعة والشموخ الذي جعل الرابطة دوماً في الصدارة بإذن الله تعالى.
فمثلاً على الرغم من العدد الكبير الذي تعج به الساحة الإرترية المعارضة للنظام العنصري الطائفي، إلا أن الحملات الإعلامية المناهضة والهجوم الخبيث الذي تعرضت له رابطة أبناء المنخفضات الإرترية، قبل إعلان تأسيسها في 29 مارس 2014م في لندن، وحتى يومنا هذا، بدءًا بتسريبات محتوى ”مسودة - الوثيقة“ فاق كل الاحتمالات. تارة بالتشويه المباشر وتارة أخرى بالافتراءات والرهان على فشل المبادرة وانهيارها خلال أشهر معدودة!
ولكن بفضل الله تعالى والجهد المبذول تحولت جميع تلك الأحلام يأساً. فصمدت المبادرة وتوسعت أقسامها ومهامها بل وانتشرت حول العالم بسرعة البرق بافتتاح مزيد من الفروع تعزيزاً للقبول والرضا وتأكيداً للثقة والمصداقية التي اكتسبتها في مدة قصيرة نظراً للعمل الدؤوب لقيادتها التنفيذية ومجلسها التشريعي الصامد الملتزم بمخرجات المؤتمر. ومن هنا بدأت تزيد الغيرة لدى بعض العناصر التي أدمنت الفشل في العمل وتأطير الجماهير وتفعيلها!! فكانت وراء كل التشويهات لعرقلة سير ومصير عمل الرابطة.
وعلى الرغم من التحريض والعوائق المحبطة، لم يتوقف عمل الرابطة بل زاد التحدي كماً ونوعاً في كل المجالات. وبهذه المناسبة أحيي وفد الرابطة المتمثل في الأختين الكريمتين كل من الأستاذة آمنة فكاك والأستاذة فاطمة ميكال لمشاركتهن القيمة في المؤتمر الذي عقد في مدينة فينا بالنمسا والذي نظمته شبكة المرأة الإرترية بالتعاون مع منظمة القلم العالمية (PEN) ومنظمة المرأة الأوروبية (WIDE)، في الفترة من 11 إلى 13 أكتوبر 2017م لتعزيز دور المرأة الإرترية. وقد حضرته مشاركات من أوروبا وأفريقيا إضافة للحضور الكبير للمرأة الإرترية من بريطانيا وألمانيا والسويد.
كما أوجه التحية لوفد الرابطة ممثلا بالأستاذ إبراهيم كبوشي، مسئول العلاقات الخارجية والأستاذ جمال بلال، عضو مجلس الرابطة اللذين أسعدتنا مشاركتهم الفعالة في المؤتمر الذي عقد يومي 19 و20 أكتوبر الجاري في بروكسل الذي نظمته مجموعة من الهيئات المدنية والحقوقية الإرترية والعالمية ومولته مقاطعة ”هيسن“ الألمانية عبر ممثليتها في الاتحاد الأوروبي.
جميع هذه الفعاليات تتم بناءً على الخطط الاستراتيجية للرابطة وما تم تطويره من عمل عظيم بعد المؤتمر التأسيسي. خاصة بشأن بناء وتطوير العلاقات العضوية للرابطة مع المنظمات والهيئات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان. وقد نالت الرابطة ثقتهم بحصولها على العضوية لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للمشاركة في كافة الفعاليات السنوية والدورية للمجالس المعنية بحقوق الإنسان. وقد حضرت فعلاً عدة اجتماعات في أفريقيا وجنيف بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني الأفريقية والعالمية. كما تابعنا ذلك عبر إعلام الرابطة باهتمام وتقدير كبداية مشجعة للإنجازات العظيمة والنجاحات الكبرى لمكتب العلاقات الخارجية.
وهي بلا شك انطلاقة قوية وحضور مشرف بعد المؤتمر التأسيسي رغم العوائق كما أسلفت خاصة حضورنا في القارة الأفريقية. هذا بالإضافة للعلاقة الطيبة والتواصل مع زعيم حزب العمال البريطاني وحزبه المحتمل فوزه بالحكم في الانتخابات القادمة. وهذا كله يصب لصالح الرؤية الحكيمة المدعومة بالعمل الدؤوب لإبراز معاناة الشعب الإرتري المنسية ولمزيد من الضغط على النظام المتهالك.
والغريب في الأمر أن معظم تلك العناصر التي قادت ونسقت مع بعضها بشكل ملحوظ لتدمير العمل الجاد الذي تقوم به الرابطة، تعاني من انعدام الانسجام مع بعضها البعض. ولا تستطيع أصلاً العمل كفريق واحد وأن ما يجمعهم للأسف هو العداء للرابطة التي رأوا فيها خطورة على مصالحهم الشخصية والتنظيمية من منظورهم الضيق. بدلاً من التفاهم والتنسيق معها لإسقاط النظام وبناء دولة المؤسسات - كما تقتضي الضرورة والمنطق.
أما البعض الآخر فهمه لا يتجاوز بث السموم لإنهاء أي عمل ناجح لأنه من الرموز والعناصر التي فشلت فشلاً ذريعا خلال ال 26 عاماً الماضية وأفشلت معها معسكر المعارضة بل أقعدته خاصة المؤسسة الجامعة الوليدة التي كانت تحمل أمل الجميع المتمثلة بالمجلس الوطني للتغيير الديمقراطي بسبب صراعات كيدية وشخصية على سلطات وهمية.
وعلى الرغم من ذلك الرابطة استطاعت الصمود ومواصلة التحدي بفضل الوعي الكبير لمنتسبيها ومحبيها والمتعاطفين معها والتحدي لازال مستمراً. وهذا يعتبر إنجازاً كبيراً ونقلة نوعية حققتها الرابطة لمواجهة جميع التحديات بالانتصار على أهم عنصر ألا وهو الخروج من حالة ”الهزيمة النفسية“ إلى العمل الجاد وعدم النظر إلى الخلف.
وعليه، لا نمل من التكرار ولا نخاف لومة لائم في الحق. ونؤكد المؤكد لقد أثبتت الأيام بأن رابطة أبناء المنخفضات الإرترية التي حركت المياه الراكدة هي أملنا ورمز خلاصنا من المعاناة والظلم الواقع علينا بالرغم من العوائق الكثيرة التي تتعرض لها لأسباب لا تستحق التوقف عندها وجوهرها خلافات إدارية يمكن حلها حسب النظم واللوائح الداخلية الخاصة بالمؤسسة. وسبب قوة الرابطة واستمرارها هو لأنها ولدت من رحم معاناة الشعب الإرتري العظيم. والنضال مستمر بإذن الله تعالى حتى بناء دولة العدل والمساواة الحقيقية في ربوع إرتريا الحبيبة لصالح كافة المكونات.
كما نكرر بأن الرابطة ولدت تمتلك جميع الحواس، ومنها الرؤية السليمة بتشخيصها الواقعي الشفاف. وهذه الخاصية لا يمكن يكتسبها أو يؤمن بها إلا من كان صاحب ضمير حي يربط إخفاقات الماضي جدلياً بمعاناة الحاضر من أجل استخلاص غد مشرق.
ولمن يتطاول على هوية الرابطة بالباطل أقول له راجع نفسك! قبل أن تتجاوزك المرحلة. الرابطة تعني الإبداع قولاً وعملاً وعملها مليء بالتحديات. أهدافها سامية ورسالتها متعددة الأغراض. فمثلاً تجدها تعزز التراث الثقافي بجانب العمل الإنساني. ولا تنسى ”السياسة“ كأساس معاناتنا. لهذه الأسباب وغيرها تتفاعل معها الجماهير العريضة وتدعمها مادياً ومعنوياً بدرجة احتضان المجتمع لها.
وكان آخر التحديات المهرجان الثقافي الرابع الذي عقد في باريس بمناسبة الذكرى 56 لثورة الفاتح من سبتمبر المجيدة والذي كان حماسياً ورائعاً بكل المقاييس. قام به شباب رائع بمعنى الكلمة ومؤمن بقضيته ومضحي من أجلها بإخلاص. أحييهم من لندن بلا حدود على أمل أن نلتقي قريباً في إرتريا الحرة والمستقرة الخالية من الاستبداد والعنصرية.
وقد سبقت المهرجان حملتي التحديات الكبرى للمساهمة في إنقاذ شعبنا في المعسكرات من وباء الكوليرا الذي ظهر فجأة. والمشاركة في تنظيم وتوصيل الأضحية إلى الأسر الكريمة المستحقة. بارك الله على المحسنين وعلى كل من شارك في العمل الخيري. وجعلها في ميزان حسناتهم.
الخلاصة:
تصاعد مشاعر العداء ضد الرابطة الذي تقوده العناصر المتخصصة في الفتن ليس جديدا ولا مستغربا بسبب فشلها في تحقيق الحد الأدنى من التأطير والقبول الجماهيري العريض. فضلا عن عدم قدرتها الإبداع والعمل النوعي. ولا القدرة لاختراق المنظمات الحقوقية والإنسانية الأفريقية والعالمية كما فعلت الرابطة. بل الجديد وليس المستغرب هو نجاح هذه العناصر مؤخرًا في محاولاتها القديمة المتجددة لشق صف الرابطة من ”داخل المؤسسة“ بادعاء ”الإصلاح“ بينما هم والمنشقين نسوا أو تناسوا أن طريق الإصلاح لا يبدأ بالقرصنة والاستيلاء على الممتلكات العامة بعيداً عن الضمير والأخلاق فضلاً عن المسؤولية ! ولا بفرض رأيهم على الأغلبية الساحقة. ولا أيضاً باللجوء إلى الفضاء الخارجي لإثارة الرأي العام عن ”الإصلاح المزعوم“ وكأن الإثارة والضغط يأتيان بنتائج خلافاً للضمير والمسؤولية. وبقية التفاصيل الصغيرة والمتوسطة والكبيرة معروفة لدى الجميع بفضل التسريبات غير المسؤولة وغير الشريفة.
نكرر الرابطة هي أملنا. واستهدافها جريمة كبرى لن نجامل فيها أحد. ومشروع العدالة في إرتريا سينتصر كما انتصر مشروع الاستقلال الذي هزم كل التحديات المماثلة لتحديات اليوم ! مادام هناك أوفياء أحرار يعملون ويفكرون بإخلاص وأمانة لاستعادة العزة والكرامة. وستعود البلاد قوية موحدة وأجمل مما كانت عليه. نأمل ذلك ونعمل لتحقيقه. والأمل هو من أهمّ العناصر في الحياة؛ فهو يبعث الفرح والطمأنينة، يُحفّزنا على الصمود والمثابرة وعدم الاستسلام. ويُبعدنا عن الكسل والكآبة والإحباط، فليس هناك أجمل من كلمات تبعث الأمل في نفوسنا، وتزيد حياتنا روعةً وجمالاً ولولا الأمل في الغد لما عاش المظلوم حتى اليوم.
وبالله التوفيق.