إلى متى الانشغال بالقضايا الانصرافية؟ المعارضة الخارجية... تحديات عشية التغيير
بقلم المناضل الأستاذ: ياسين محمد عبدالله - باحث وكاتب صحفي
كشفت حركة 21 يناير، التي نفذتها وحدات من الجيش الإريتري، عن أن نظام أسياس أفورقي
يعيش حالة من التفكك وأن سقوطه لم يعد سوى مسألة وقت يبدو الآن أنه يسير بشكل متسارع.
مؤشرات اقتراب لحظة سقوط النظام عديدة أهمها الضائقة الاقتصادية الخانقة والمتفاقمة والتي لا حلول لها في الأفق، التذمر والتفكك في المؤسسة العسكرية (على افتراض إنها مؤسسة)، تراخي االقبضة الأمنية، تصاعد التحرك الدولي ضد النظام، افتقاد النظام لأي دعم إقليمي حقيقي بعد أن فقد أهم حلفائه ...ألخ.
كان يفترض أن تكون حركة 21 قد اقنعت - من لم يكن مقتنعاً - بأن تغيير النظام في إريتريا سيتم من الداخل. كما كان يفترض أن تلفت انتباه المعارضة لمدى الاستعداد لدى الإرتريين في المهجر؛ خصوصاً الشباب للالتفاف حول أي تحرك جاد في الداخل يخلص البلاد من الديكتاتورية وبطشها الذي عانى منه، تقريباً، أي بيت إريتري.
لكن يبدو أن المعارضة الخارجية لم تتعلم أي دروس مما حدث. فهي لا تزال؛ كما كانت منذ سنوات عديدة، مشغولة بصراعاتها الداخلية وعاجزة عن قراءاة التطورات الداخلية والإقليمية. يتوقع أن يفرز سقوط النظام الكثير من التداعيات أخطرها اندلاع حرب أهلية يمكن أن تقود إلى تفكك الدولة وتعريض الشعب الإريتري لمحنة أخرى ستكون بلا شك أكثر وحشية وضراوة. المجتمع الدولي يدرك هذه المخاطر ومن الطبيعي أن يسعى لتجنيب البلاد هذا المصير فأمن العالم وليس فقط الإقليم صار قضية مترابطة (العالم ليس فقط قرية صغيرة في مجال الإعلام إنما هو كذلك أيضاً في مجالي السلم والأمن) لكن هذه المخاوف يجب أن لا تستخدم لتعطيل عملية التحول الديمقراطي الضرورية للاستقرار على المدى البعيد.
إن ضمان انتقال البلاد إلى الديمقراطية إثر سقوط النظام يتطلب وجود قوى حقيقية تسعى من أجل إحداث هذا التحول ومدركة لتعقيداته وتسعى لتكون حاضرة، بل وفي القلب من أية نقاشات تتعلق بمستقبل البلاد على المستوى الوطني، الإقليمي والدولي.
إننا أمام منعطف هام وعلى القوى الرئيسة والحقيقية في المعارضة الخارجية أن توحد مواقفها تجاه المرحلة الانتقالية في حال سقوط النظام وأن تتجاوز الخلافات الشخصية وتلك التي تفتعلها مجموعات تفتقد الحس بالمسؤولية ولم تلتحق بالعمل المعارض الإ عندما اعتقدت أن آوان جني الثمار قد حان وأنها أحق بها من غيرها.
التحديات كبيرة وتتطلب نقاشاً جاداً ومسؤولاً فالخلافات بين القوى السياسية مسألة طبيعية لكن ما هو غير طبيعي هو تصعيد هذه الخلافات بدلاً عن حلها.
إن من بين تنظيمات المعارضة من قدم تضحيات عظيمة من أجل الحرية وفي سبيل التخلص من الديكتاتورية. هذه هي التنظيمات التي يتوقع منها الآن تجاوز خلافاتها الثانوية والالتفات للمسألة الجوهرية وهي إسقاط الديكتاتورية والعمل على ضمان انتقال البلاد لنظام ديمقراطي والاستعداد للتعامل مع التحديات التي ستفرزها هذه العملية.