رحيل نجم من الرعيل الأول فى أرتيريا
بقلم الأستاذ: محمد رمضان - كاتب ارترى
(1) إن الإستقلال الذى ننعم ونحتفل به بعد أيام صنعه جيل الرعيل الأول الذين وضعوا نواة الإستقلال والتحرر،
جيل التضحيات الذى قدم الكثير للوطن دمه وعرقه وحياته! جيل صنع من المستحيل واقعاً أنتصر للوطن! ومن قلة الإمكانيات سبيلاً للنجاح والإنتصار! لهذا فإن رجال الرعيل الأول كانوا نواةً للتحول وشُعلةً أضاءت للأجيال ضُروب الخلاص من المستعمر وأساس للإنجاز ومِفتاح لإستقلال إرتريا وقوام وعيها الذى تشكل عبر الأجيال ليتحمل بعدهم الشعب بمختلف قطاعاته تكاليف العملية النضالية وحمل راية النضال عاليةً خفاقة حتى أستطاعت إرتريا نيل إستقلالها.
(2) بتاريخ 2021/5/15م فقدت الأمة الإرترية فارساً من فرسانها الأوفياء، وفرداً من رعيلها الذي أفنى عمره فى سبيل قضية وطنية مؤسساً لثورتها ومناضلاً فى صفوفها منذ إنطلاقة الثورة فى بواكيرها، اليوم رحل عن دنيانا المناضل الكبير/ حامد صالح سليمان بالسودان بمدينة القضارف بعد رحلة نضالية طويلة مُمتدة حافلة، رحل إلى دار الخُلود بعد مسيرة غنية بالعطاء والنضال فى مختلف مجالات العمل الوطنى وفى كافة مستويات العمل جُندياً وقائداً وإدارياً كيف لا وهو سليل مُجتمع ناضل بقوة! وضحى بإخلاص! وعمل بنزاهة ونُكران ذات!
رحل والوطن هو عطره وزاده! والنضال هو من خاط نسيجه مع الرفاق بالملامح والمعارك والبطولات فى كل ربوع الوطن على إمتداد وطننا الحبيب! نسأل الله عز وجل أن يرحم فقيد البلاد ويغفر له ويتقبله قبولاً حسناً ويحشره مع الصديقين والشهداء وأن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وينعم عليه بعفوه ورضوانه ببركة هذه الأيام المباركات وأن يصلح ويبارك فى ذريته ويتقبله فى العِليين بمقدار ماقدم وأعطى.
(3) ولد الشهيد سنة 1928م فى منطقة قرارات غرب مدينة عدى قيح بالإقليم الجنوبى ولأن الفقيد كان محباً للعلم فقد سافر إلى السودان لتلقى تعليمه ثم ألتحق بالأزهر الشريف (منارة العلم) سنة 1956م وهنالك ألتقى الشهيد سعيد حسين رحمه الله.
كان الفقيد من الشباب الذين سكنته الهموم الوطنية منذ بواكير الوعى الوطنى الإرترى وكان تخليص الشعب الإرترى من الإستعمار الإثيوبى أكبر إهتماماته ولذلك شارك فى العديد من المحاولات لتدشين عمل ثورى لمقاومة ومناهضة الإستعمار من الداخل، كان الشهيد من النواة الأساسية لتكوين وتأسيس جبهة التحرير الإرترىة بجمهورية مصر مع ثلة من قيادات العمل الوطنى الإرترى.
(4) إلتحق الشهيد بالميدان سنة 1962م لحوجة الثورة لكوادر شبابية مُتعلمة لهذا تم إختياره ليلتحق ضمن مجموعة الدورة العسكرة الأولى لجبهة التحرير بدولة سوريا لتلقى التدريب العسكرى فى العام 1963م، أصبح الفقيد نائباً لقائد المنطقة الثالثة التى كانت بقيادة الشهيد/ عبد الكريم أحمد أحد أبرز القيادات العسكرية فى الجيش الإرترى وقد خاضت هذه المنطقة أشرس العمليات القتالية وأشدها تأثيراً فكانت سلسلة تلك المعارك التى قامت بها قيادة المنطقة وجنودها البواسل كبير الأثر فى رفع معنويات الثورة والشعب فى تحقيق الإنتصار على العدو خاصة وأن المرتفعات كانت تُمثل العُمق الذي لايمكن إختراقه وبضربات الثورة فى المرتفعات ومشاركة جميع المكونات الإرترية فى جيش التحرر وصل العدو لقناعة صعوبة تحقيق الهزيمة النهائية على الثورة فعززت سلسلة تلك الضربات الموجعة روح الأمل فى نفوس الشعب الإرترى عامة وعكست بأن الثورة الإرترية ثورة لجميع مكونات شعبنا بكامل تنوعه الإثنى والدينى وأن إنتصارها حتمى.
(5) تم إختيار الفقيد عضواً للقيادة المؤقتة لجبهة التحرير الإرترية فى مؤتمر أروتا 1968م الذى كان يهدف لتوحيد المناطق لكنها لم تتم بسبب غياب قادة بعض المناطق علماً بأن الرئيس الحالى لدولة إرتريا إسياس افورقى والمناضل حينها ضمن عضوية القيادة المؤقتة المُكونة من (12) عضواً، فالفقيد كان من الشخصيات الفريدة التى عملت على تسجيل كل الوقائع والمعارك وأسماء الشهداء فى تلك الملاحم وللفقيد مقابلة حصرية له بموقع فرجت الإرترى سرد فيها تفاصيل دقيقة عن القيام الثورة ومسيرتها ومعاركها الفاصلة.
(6) بجانب مسيرته النضالية عمل الفقيد بمؤسسة جهاز التعليم الإرترى ذلك الصرح الذى خرج الأجيال الإرترية فى المهجر والتى سلحت الشباب بالعلم والمعرفة وغرست فيهم حب الوطن هذا وقد كان الفقيد منسقاً لشؤون المدارس والمرافق بجهاز التعليم بالمعسكرات والمدن بالسودان، رحم الله فقيد البلاد وخالص تعازينا القلبية لأسرته ورفاقه دربه وللشعب الإرترى كافة على هذا المُصاب الجلل ونسأله سبحانه وتعالى أن يتغمد فقيد البلاد بواسع رحمته وعظيم مغفرته وإنا لله وإنا إليه لراجعون.
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.