فقد جلل: الى جنات الخلد معالي الوزير/ المعلم
بقلم المناضل: علي محمد صالح شوم - دبلوماسى أرترى سابق، لندن
بسم الله الرحمن الرحيم
انتقل الى جوار ربه المغفور له باذن الله وزير خارجية الجمهورية العربية السورية
الوزير وليد محي الدين معلم في دمشق يوم الاثنين الموافق 16 نوفمبر 2020م عن عمر يناهز 79 عاما، يعتبر الفقيد عميد الدبلوماسية السورية، عمل سفيرا لبلاده لدي الولايات المتحدة الامريكية من العام 1990-2000م ليتم تعينه وزيرا للخارجية في العام 2006م والذي كان قبل تعينه وزيرا في دائرة وزارة الخارجية السورية.
تمتع الفقيد بخصال حميدة فقد كان طيب المعشر، هادئي يستمع لمحدثه بادب جم ولاتفارقه الابتسامة، ومن الميزات التي تمتع بها الورير وليد المعلم رحمه الله قلة الكلام يوصل مايريده في اختصار غير مخل يحب العمل خارج الاضواء مثقلا بهموم شعبه وامته.
بحكم عملي كممثل لجبهة التحرير الارترية بالقطر العربي السوري جمعتني بالوزير المعلم مناسبات عديدة كنت التقيه فيها مرحبا بي وكان مع القضية الارترية بكل احاسيسه ومشاعره وقد تلحظ ذلك في تفاعله، ومن خلال زياراتي المتكررة كنت الحظ أيضا الاحترام الكبير الذي حظى به بين زملائه في الوزارة، تقبله الله قبولا حسنا.
انتهز هذه السانحة لاتناول موقف القطر العربي السوري من القضية الارترية في مرحلة التحرير الوطني، فقد كانت سوريا منذ الوهلة الاولى مع حق الشعب الارتري وقضيته العادلة وكان هذا الموقف السباق مبدئيا لم تساوم فيه سوريا، فقد قدمت الدعم بسخاء بقدر ما تسمح به امكانياتها، تمثل ذلك في الدعم المادي والعسكري والاعلامي والدبلوماسي والثقافي دون انقطاع، ويمكننا القول ان سوريا اول قطر يعترف بالثورة الارترية بعد جمهورية الصومال الديمقراطية فقد كان مكتب الجبهة في الجمهورية العربية السورية الثاني بعد الصومال، وقد لعب المكتب دورا مهما واساسيا في تعميق العلاقة وتطويرها بين الجانبين، فهو المكتب الذي كان مشرفا على بعض مكاتب الجبهة في المنطقة العربية الى ان تطور الامر واصبح للجبهةا مقرا لمكتب العلاقات الخارجية وبهذا اصبحت سوريا المنفذ الدبلوماسي والثقافي، ومقر العلاقات الخارجية ساعد في التواصل المستمر بين مكاتب التنظيم التي كانت منتشرة في مواقع عديدة من العالم، سهولة التواصل هذه مردها ان القطر العربي السوري ناتج من معاملة حملة الجوازات العربية كمواطنين عرب يدخلون البلاد بدون الحاجة الى تأشيرة بالاضافة الى المعاملة الخاصة لمناضلي الثورة الارترية حيث يأتون الى سوريا للعلاج او التعليم او التدريب العسكري والدورات النقابية والادارية بدون اى عوائق الامر الذي سهل لمكتب الجبهة المهمة لمجرد ان يصدر خطاب من المكتب يطلب اذن الدخول لفرد او مجموعة من الثوار او حتي المواطنين كانت الاستجابة فورية.
تلقت الثورة الارترية ممثلة في جبهة التحرير الارترية اول دعم عسكري من القطر العربي السوري في العام 1965م، فقد ارسلت سوريا ما يفوق 60 طن من الاسلحة الى الجبهة نقلته طائرتين هبطتا في مطار الخرطوم بجمهورية الشقيقة، وكان ذلك في عهد حكومة الهيئات التي ترأسها المغفور له سرالختم الخليفة.
اما الدورات العسكرية فقد بدأت قبل ذلك وكانت في مختلف التخصصات العسكرية ومن بعدها في مجال التأهيل النقابي والسياسي حيث كانت اول دورة في العام 1963م تلتها الدورة الثانية في العام 1966م فدورة ضباط الاحتياط في العام 1966م في حلب وتوالت الدورات فكانت الدورة التدريبية الثانية في نفس العام 1996م، وقد وصل عدد الدورات الى خمس دورات حتي العام 1968م وقد كان اجمالي من استفاد من الدورات المذكرة حوالي 283 مناضل.
بعد تطور الثورة الارترية اتيحت للجبهة فرصة الحاق بعض الدارسين بكلية الطيران والتي خرجت الدارسين في مجالات الملاحة الجوية ومكنكة الطيران والادارة الجوية، وقد كان ذلك انجازا كبيرا، لم تألو سوريا جهدا في دعم الثورة الارترية على الرغم من التكلفة العالية لدراسة الطلاب في كلية الطيران، ونتيجة التطور الكمي والنوعي في جيش التحرير الارتري ساهمت سوريا في رفع قدرات القادة العسكرين فكانت كلية القادة والاركان بمدينة حلب الشهباء فاتحة ابوابها لتخرج بعض قادة جيش التحرير والذين اصبحوا قادة الوية ومحاور.
في مجال التأهيل النقابي قدم القطر العربي السوري مساهمات لاتخطئها العين فكانت الدورات النقابية لكادر وقيادة الاتحاد العام لعمال ارتريا في المعهد النقابي التابع للاتحاد العام لنقابات سوريا، ونذكر هنا احدي قاعات المعهد كانت تحمل اسم النقابي الكبير الشهيد علي عثمان حنطي اول رئيس للاتحاد العام لعمال ارتريا في عهد الثورة, كما قدم الاتحاد العام للفلاحين السورين دورات مماثل لكادر وقيادة الاتحاد العام للفلاحين الارترين الذ ي عقد مؤتمره التأسيسي في مدينة مندفرا المحرره في العام 1978م، ودورات مماثلة من الاتحاد العام لنساء سوريا للاتحاد العام للمرأة الارترية. وعلى الصعيد الدبلوماسي والسياسي فقد كان دعم الاشقاء في سوريا لمنظماتنا الجماهيرية التي نالت عضوية المنظمات النقابية والفئوية العربية الامر الذي اتاح لها المجال لشرح القضية وتبنيها في المحافل الدولية والاقليمية، ونذكر هنا الدور الكبير الذي لعبه الاتحاد العام لعمال ارتريا وكذا الاتحاد العام لطلبة ارتريا في التعريف بالقضية الارترية.
في المجال الثقافي قدم القطر السوري الشقيق المنح الدراسية للطلاب الارترين والذين كانوا مستثنين من النسب لدخول الكليات نسبة لظروف بلادهم النضالية، فقد سمح لهم دخول الكليات التي يريدونها الامر الذي ساعد في تعليم جيل من الطلاب الارترين في المدارس والجامعات السورية وكانوا يعاملون اسوة باشقائهم السورين، واستمرارا في الدعم الثقافي فقد تم قبول 30 طالب في مدارس ابناء الشهداء التي تشرف عليها وزارة الدفاع السوريا ورعاية مباشرة من المغفور له الرئيس حافظ الاسد شخصيا، وكانت مساهمات الشعراء والمثقفين السورين كبية نذكر منهم الشاعر الكبير المغفور له سليمان العيسي وقصيدته المشهورة قاعة الصمود. ومن الانشطة الاعلامية لمكتب الجبهة في دمشق نشرة دورية تصدر دوريا باسم (المؤتمر).
كان ارتباط مكتب جبهة التحرير الارترية بالقيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي عبر مكتب العلاقات الخارجية في القيادة وكل معاملاتنا تتم عبره، و المنح الدراسية عبر مكتب مختص هو مكتب الطلاب القومي، وان الرفيق عبدالله الاحمر كان مهتما بالقضية الارترية وكان يستقبل قيادات الثورة الارترية عند زياراتهم لسوريا، دأبت قيادة الجبهة اللقاء بالرئيس حافظ الاسد وهو الامر الذي كان متاحا للجبهة في كل الزيارات بجانب الامين العام المساعد عبدالله الاحمر، وفي موقف ينم على الاهتمام والتقدير وفي احدى زيارات وفد قيادي للجبهة يضم الراحلين أحمد محمد ناصر رئيس الجبهة وعبدالله ادريس رئيس المكتب العسكري اخذنا موعد لمقابلة الرئيس حافظ الاسد واتينا في الموعد واستقبلنا مسؤل المراسم في القصر واخبرنا ان الرئيس في مؤتمر الحزب سوف يتأخر، فقلنا له هل بالامكان تأجيل الاجتماع ونحن نتجازب اطراف الحديث مع مسؤل المراسم حضر الرئيس في الموعد وتم اللقاء.
وموقف اخر شاركت مع الاخ عثمان كيكيا في مؤتمر شبيبة الثورة السوريا وهى من المنظمات المهمة في البلد، وفي ختمام الجلسات حضر الرئيس الاسد وكان يحي الوفود المشاركة في المؤتمر وعندما علم اننا وفد ارتريا وقف معنا مطولا متسائلا عن الاوضاع في الميدان وكانت تلك الفترة فترة الانسحاب الاستراتيجي في العام 1978م بعد الهجوم الاثيوبي على الاراضي المحررة.
طلب الاتحاد السوفيتي من الرئيس الاسد الوقوف مع حكومة الدرق العسكرية بعد التغيرات التي حدثت براسة العقيد منقستو هيلى ماريام باعتباره نظاما تقدميا، وكان رد الرئيس الاسد على النظام الاثيوبي الجديد الاعتراف بالقضية الارترية واعطائهم حق تقرير المصير، اما نحن سوف نستمر في دعم القضية الارترية باعتبارها قضية عادلة ومن منظور قومي.
في المجال الاعلامي كان الاعلام السوري سباقا فقد سخر كل الالة الاعلامية لدعم القضية الارترية وان وكالة الانباء الارترية (ار) التي كان يرأسها المناضل عمر عليم تم تأسيسها هناك ومكاتبها كانت في مباني وكالة الانباء السورية (سانا). هذا قليل من كثير عن الدور السوري وان الشعب الارتري لا يمكن ان ينسى المواقف التاريخية لسوريا حكومة وشعبا.
تحية اجلال واكبار للشعب السوري البطل
وفي الختام هذه قصيدة الشاعر الكبير سليمان العيسي بعنوان قلعة الصمود
ارتريا يا موطني يا غابة القمر
يا جبهة التحرير معقود لك الظفر
ارتريا يا معقل الصمود والكفاح
عهدا على زنودنا لن نلقيا السلاح
يا ثورة تسير لنصرها الكبير
المجد للشعب الذي... يعانق الخطر
المجد للثوار... في السهول والجبال
يدك صرح الظلم بالكفاح بالرجال
ياشعبنا المجيد
سلاسل الحديد تقطعت... فانهض
وعانق راية الظفر
ارتريا يا ارضنا الخضراء يا وطن
شبابتا... دماؤنا ارواحنا الثمن
لابد ان تعود محررا تعود
وتضحك الحياة للشعب الذي انتصر