ذكرياتي مع القائد المرحوم عثمان صالح سبي - الحلقة الخامسة
بقلم المناضل الأستاذ: أحمد أبو سعدة
- ألسنا نحن العرب من المسلمين والمسيحين نجلس على أرجوحة واحدة
يدفعونها كيفما شاؤوا، إن الدول العربية والاسلامية هي دول شقيقة لماذا يقدم الغرب واسرائيل إلى أسياس هذا الدعم الكبير والمتواصل؟.
- كثيرا ما أخاف من المستقبل يا أبو سعدة، هناك أشياء غير واضحة في المستقبل المنظور:
قطع عثمان حديثه وسألني بعد هذا الكلام:
- ألا يقرأ العرب التاريخ ؟.
- كيف يا عثمان ؟.
- الآن أريد كأسا من الشراب.
- قدحا أم كأسا، أخير لك أن تشرب عصيرا وهذا أفضل.
- أحسست بأنه لا يريدني أن أشرب شيئا غير العصير.
- قلت له حسنا كأسا من العصير الطبيعي.
- وأنا سأشرب معك.
وبدأنا نرشف البرتقال وعاد عثمان وقال:
- إن فكرة ضرب العرب والمسلمين قديمة حديثة ماثلة أبد الدهر،إن هذه التحالفات ليست حديثة وقد كانت أول فكرة في منطقتنا لضربنا هي التحالف الأروبي الحبشي سنة 619 هجرية 1222 ميلادي كان هذا التحالف بعد فشل حملة الفرنجة (الصليبية) الخامسة على دمياط فملك الحبشة داؤود بن يوسف أرعد قام بشن هجوم على حدود مصر حتى بلغ أسوان وإن ملك الحبشة في عام 1704 أرسل رسالة وقحة ولئيمة إلى الباشا العثماني في مصر وهدده وتوعده وقال له:(إننا سوف نعاقبكم بقطع النيل عنكم ونترككم موتى عطاشا، ألم يجعل الله منابع النيل في بلدنا إذن نحن نعمل الضرورة وسوف نفعل بكم ما نريده).
غريب حقد الاثيوبيين علينا، إنه قديم وفي سنة 750 هجري وعندما كانت الحرب مشتعلة بين المسلمين والحبشة وعندما انتصر هؤلاء الأحباش قاموا بتخريب المساجد وبنوا مكانها الكنائس وقتلوا المسلمين وشردوهم يقول عثمان:
- ألا يقرأ العرب التاريخ،ماذا فعلنا نحن بالحروب تلصليبية التي استمرت 196 سنة ؟.
إن صلاح الدين الأيوبي وامتثالا لمبادئ الإسلام منح المسيحيين حقوقا وامتيازات ممثلة في كنيسة القيامة وكنيسة المهد في بيت لحم ودير الأحباش في بيت المقدس قرب كنيسة القيامة.
هذه هي المعاملة الطيبة التي عامل بها القادة المسلمون الأحباش بعد تحرير بيت المفدس.
لقد استجاب صلاح الدين الأيوبي لرجاء ملك الحبشة بالحفاظ على معبد اكتشاف الصليب في كنيسة الصليب في بيت لحم للأحباش:
وإن الدير الحبشي المعروف بدير السلطان يعبر عن التسامح الإسلامي وحرية الأديان وقد سمي الدير بهذا الاسم نسبة إلى السلطان البطل صلاح الدين الايوبي تخليدا لشهامته الإسلامية.
- ألم تتعب يا عثمان بعد ؟.
- الليل مازال في أوله وتابه حديثه قائلا:
- إنك تعرف أن المسيحية دخلت إلى الحبشة عن طريق قسيس سوري يدعى(فريمنتوس) قبل منتصف القرن الرابع الميلادي هذه القسيس سوري ومن قرية معلولا.
قاطعت عثمان وسألته هل زرت معلولا يا أبا عفان.
- مرات عديدة وفي كل مرة أتأمل أثار هذه البلدة وأتساءل كيف جاء القسيس فريمنتوس من هنا إلى الحبشة ؟. أقول ما أعظم الايمان وبالايمان تصل دعوة الانسان في هذا العالم... أنت تعرف يا أبا سعدة إن أول كنيسة قامت في الحبشة هي كنيسة بيت مريم وأحرقت مرتين عبر التاريخ إلا أنها مازالت باقية وإن لمن المستغرب إن الغرب وإسرائيل يمدان أسياس بالنقود والسلاح والخبراء والتموين، أما نحن فإن أشقائنا العرب الأغنياء لا يعطوننا إلا الفتات... لقد تماديت في حديثي وأرجوك أن تحتفظ بهذا الكلام الآن.
- إن الأفكار تتداخل لكن هناك تطابقا فيما أريد أن أروي لكم هذه الرواية:
- بعد سنوات التقيت مع عثمان في جدة وكان معنا الأخ صالح أياي، اتفقنا أنا وعثمان وصالح أن نلتقي في مدينة كسلا بعد أسبوعين وأنا أسافر إلى دمشق وهما يسافران إلى إحدى الأقطار العربية (دولة الإمارات) وهناك يقبضون التبرع السنوي المقرر لجبهة التحرير وهو عبارة عن مليون دولار.
ومضى الأسبوعان واتصل بي الأخ عثمان وقال لي:
- لم نقبض حتى الآن، ونحن منتظران... لا تتحرك من دمشق قبل أن نخبرك.
- ومرت الأيام وتلتها الأسابيع والشهور وأنا في دمشق أنتظر وهما ينتظران المبلغ... كنت اتصل بهما هاتفيا كل فترة وكنت أسألهما ماذا تفعلان ..؟؟ لماذا تأخرتم إلى الآن ؟؟؟ لقد تشاجرت مع صالح أياي على الهاتف وحين قلت له ماذا تفعلان لغاية الآن ؟؟؟.
أهكذا اتفقنا ؟؟؟
- يرد صالح إننا نلعب ؟؟؟!!!. وأقفل الهاتف..
بعد أيام اتصل عثمان واعتقدت أن الموضوع قد انتهى وقبضوا، لكنني فوجئت بكلامه.
- لم نقبض لحد الآن..أرجوك قدر وضعنا.
- استمرت هذه الحالة ثلاثة أشهر وهما يترقبان الفرج وأزفت الساعة وسلمهم الشيك المسوؤل المالي في دولة الامارات وقال لهما قبل أن يسلمهما الشيك:
- (أعطوني شيئا) وحدد لهم ماذا يريد (25%) عمولة.. وافقا ونزلوا إلى البنك يريدون صرف الشيك ليأخذوا نصيبهم ونصيب صاحبنا.
قال لهم المسؤولون في البنك عليهم الانتظار حوالي الاسبوعين حتى يذهب الشيك إلى أمريكا ويعود منها.
وقالوا للمسؤول صاحب العمولة كيف ننتظر أسبوعين ومالعمل ؟؟.
- اذهبوا إلى صراف خاص وهو يدبره لكم وأعطاهم اسم الصراف الخاص وذهبا إليه فرحين إنه سوف يساعدهم لوجه الله وشر البلية ما يضحك.
قال لهم الصراف:
- على رأسي وعلى عيني.. أنا أريد أن أخدمكم يا إخواننا الثوار لكني أريد عمولة الشيك وهي عشرة بالمائة.
- تريد خدمتنا ونحن ثوار وتريد عشرة بالمائة ؟؟؟.
وقبلنا لأنه ليس في اليد حيلة وأمرنا الى الله.
قبضنا المبلغ وعدنا إلى الفندق وحجزنا بالطائرة وعند محاولة مغادرتنا الفندق أتتنا فاتورة الحساب بمبلغ يساوي (15%) من قيمة الشيك وسألناهم (ألسنا نحن في ضيافة البلد) ؟؟.
- لا... هكذا التعليمات..
ودفعنا ال15% من قيمة الشيك وغادرنا بما تبقى معنا وهو نصف المبلغ فقط... الحمد لله أننا خرجنا سالمين.
بالله عليكم ألا تصلح هذه القصة أن تكون حلقة تليفزيونية... هكذا كان يعامل بعضهم الإرتريين.
الى اللقاء فى الحلقة القادمة...