القائد الشهيد إدريس محمد آدم مندر

إعداد: الحزب الإسلامي الإرتري للعدالة والتنمية

ولد إدريس محمد آدم مندر في منطقة أغردات عام 1922م كان والده يعمل في الزراعة الموسمية

ويمتلك ثروة حيوانية بسيطة لكن ساءت ظروفه المعيشية فاخذ زوجته وأبنيه ادم وادريس فرحل الى السودان والتحق بأرطة العرب الشرقية الجيش السوداني في ذلك الوقت في القضارف كما فعل العديد من الإرتريين.

والتحق ابناه أدم وإدريس في القضارف بالتعليم الابتدائي النظامي بالاضافة الى التعليم الديني وعام 1936م عادت اسرة ادريس الى مدينة اغردات فواصل ادريس تحصيله العلمي والديني على يد بعض الشيوخ والاساتذة في اغردات، واثناء الحرب العالمية الثانية التحق إدريس محمد آدم مندر بالمحكمة الشرعية في أغردات.

وبعد هزيمة ايطاليا وانتهاء الحرب العالمية الثانية خضعت ارتريا للادارة العسكرية البريطانية وكان من أهم التطورات السياسية في ارتريا في فترة الحكم البريطاني بروز الحركة الوطنية ونمو الوعي السياسي بين ابناء الشعب الارتري وتأسيس الأحزاب السياسية وصدور الصحف باللغة العربية ومن أهم الاحزاب التي تأسست في تلك الفترة حزب الرابطة الاسلامية.

لعب إدريس محمد آدم مندر دورا هاما في النشاط السياسي فانخرط في العمل الوطني وتولي قيادة فرع حزب الرابطة الإسلامية في المديرية الغربية كما شارك في المؤتمر التأسيسي للرابطة في مدينة كرن الذي انعقد تحت رعاية السيد سيدي بكري في العام 1947م، وعندما عرضت القضية الارترية على هيئة الأمم المتحدة، أرسلت المنظمة الدولية وفدا لتقصي الحقائق والوقوف على رغبات الشعب الارتري، وحينما جاء الوفد الاممي الى غردات تحدث إدريس محمد آدم مندر امام الوفد كممثل لشعب المنطقة وأكد على حق الشعب في تقرير مصيره بارادته الحرة ورفض التدخل الاثيوبي في شؤون ارتريا، لكن المنظمة خضعت للضغوط التي مورست عليها من امريكا واثيوبيا فاصدرت قرار الاتحاد الفدرالي، المشؤوم، وعند ذلك رأى القادة الوطنيون التمسك بتنفيذ القرار الدولي تنفيذا سليما والحفاظ على ما تحقق من مكاسب تمثل الحد الادنى من مطالب الشعب وذلك باقامة حكومة ارترية مستقلة ذاتيا وبرلمان ودستور حديث وعلم وطني والاصرار على اقرار اللغتين العربية والتجرينية لغتين رسميتين في ارتريا.

عام 1952م انتخب إدريس محمد آدم مندر عضوا في الجمعية التأسيسية التي وضعت الدستور وتحولت الجمعية الى برلمان بعد اقرار الدستور وبدأ تطبيق النظام الاتحادي.

داخل البرلمان مارس الشيخ مع زملائه من الاحرار دوره القيادي في الدفاع عن حقوق الشعب والتصدي لمخططات اثيوبيا وعملائها الرامية الى اضعاف الكيان الارتري الذي نال الحكم الذاتي بموجب القرار الاممي.

وعام 1955م تمكن الوطنيون من انتخاب إدريس محمد آدم مندر رئيسا للبرلمان بعد ازاحة الرئيس السابق الموالي لاثيوبيا. وفي ظل رئاسة إدريس محمد آدم مندر للبرلمان لم تتستطع حكومة الامبراطور من تمرير مخططاتها العدوانية تجاه الشعب الارتري يقول سماحة المفتي ابراهيم المختار عن إدريس محمد آدم مندر: (وهو إستقلالي رابطي ، كثير التكتم للسر ، والتأني والحذر في تدبير الأمور.

واستمر يدير الجمعية بذمة ونزاهة ، ولكن ذلك لم ينل رضا ممثل الإمبراطور لعدم إنصياعه لألاعيبه وعبثه بحقوق أرتريا.

فاشترى الممثل من أرذال النواب 42 صوتا، وفي يوم الأربعاء 4 ذي القعدة سنة 1375هـ الموافق 13 يونيو 1956م صوتت الجمعية ضده، وقررت إقالته من منصبه بدون أي جريمة سوى رغبة الممثل) وفرضت اثيوبيا أحد عملائها رئيسا للبرلمان الارتري وأخذت تنفذ مخططاتها الرامية لابتلاع ارتريا وانهاء النظام الاتحادي خطوة خطوة.

بقي إدريس محمد آدم مندر في اغردات يجمع حوله الوطنيين الاحرار ويتصدى لكل محاولات اثيوبيا وعملائها في فرض الهيمنة الاثيوبية الاستعمارية رغم التضييق عليه ومطاردة وسجن العناصر الوطنية.

وفي العام 1959 قررت القيادات الوطنية في ارتريا أهمية ارسال وفد الى الخارج يفضح مخططات اثيوبيا ويبرز صوت الشعب الارتري فتم اختيار إدريس محمد آدم مندر والشيخ ابراهيم سلطان علي ليمثلا الشعب الارتري ويطلبا له العون والدعم من الدول العربية الشقيقة والدول المحبة للحرية والسلام. واشرفت العناصر الارترية العسكرية في الجيش السوداني في كسلا على خطة خروج الرجلين المحكمة، فتم الامر سرا وعبر الوفد حدود ارتريا مع السودان بدون علم السلطات الاثيوبية التي لم تستطع كشف الخطة رغم انتشار جواسيسها في كل مكان وصل الشيخين القاهرة قادمين من السودان والتي منحتهما حق اللجوء السياسي وقدمت لهما دعما سياسيا ومعنويا ساعدهما في التحرك الى الدول العربية طلبا لدعم القضية.

وفي القاهرة تم تأسيس تنظيم سري ثوري باسم (جبهة التحرير الارترية) بعد وصول ادريس محمد والشيخ ابراهيم سلطان ليناضل بالوسائل الثورية وفي مقدمتها الكفاح المسلح من اجل تحرير الوطن.

وتشكلت قيادة التنظيم برئاسة إدريس محمد آدم مندر وعضوية كل من إدريس عثمان قلايدوس سكرتيرا ـ وعثمان صالح سبي مسؤولا للعلاقات الخارجية وعضوية اخرين.

وفي الفاتح من سبتمبر عام 1961م اعلن القائد الشهيد حامد ادريس عواتي الكفاح المسلح فرحب الشعب الارتري باعلان الكفاح المسلح والتف حول ثورته واتت التبرعات المتواضعة من الارتريين العاملين في الخارج كالسودان والسعودية كما انضم الى الثورة ابناء ارتريا من العسكريين الذين كانوا يعملون في الجيش السوداني آن ذاك وتحركت القيادة السياسية للجبهة والمتمثلة في المجلس الاعلى بقيادة إدريس محمد آدم مندر وعثمان صالح سبي لايجاد الدعم المادي والاعتراف الرسمي من الدول الصديقة والشقيقة فكان اول اعتراف من دولة الصومال وتم افتتاح اول مكتب للجبهة في مقديشو تحت اسم جمعية الصداقة الارترية الصومالية، ورحبت سوريا بوفد القيادة وفتحت معاهدها العسكرية لاستقبال ابناء ارتريا ليتدربوا في معاهدها على فنون القتال، كما قدمت سوريا للجبهة أول هدية من السلاح الروسي الحديث بلغ عددها (19) كلاشينكوف تم نقلها مع أول دفعة من المتدربين الارتريين في دمشق الى الميدان في عام 1964م.

تواصلت الدورات العسكرية في سورية وتعمقت الصلات بين الجبهة وسورية التي وافقت على افتتاح أول مكتب سياسي للجبهة في المنطقة العربية ادى دورا اعلاميا وسياسيا هاما في ايصال صوت الشعب الارتري وكفاحه للعالم وكان اشراف المكاتب الخارجية على عثمان صالح سبي وتتابع اعتراف الدول العربية بالثورة الارترية وتدفق الدعم المادي والعسكري من العراق والسعودية والسودان والكويت وليبيا وعدد اخر من الدول العربية كما أن مصر قدمت دعما معنويا وسياسيا هاما، وداخل الوطن تطورت عمليات حرب العصابات في الريف الارتري كما تمت عمليات فدائية جريئة ومنظمة داخل المدن وتم تصفية كبارعملاء الاحتلال الاثيوبي وكان قائد الفدائيين في المدن القائد البطل الشهيد سعيد حسين عضو قيادة الجبهة الذي نفذ عمليات فدائية جرئية في أسمرة انتهت باعتقاله ومحاكمته مع عدد من رفاقه وسجنه سنوات طويلة الى ان تمكنت الثورة من تحريره من السجن في منتصف السبعينات من القرن الماضي.

وعندما اتسعت رقعت الثورة راى المجلس الأعلى الذي كان يرأسه إدريس محمد آدم مندر تقسيم ارتريا الى أربع مناطق عسكرية يترأس كل منها قائد عسكري يساعده مفوض سياسي وأضيفت فيما بعد منطقة خامسة.

ساعد هذا التقسيم في سرعة التوسع الجغرافي والامتداد السياسي لعمليات جيش التحرير الارتري. وتطورت المعارك بين الثورة والعدو الاثيوبي وتمت اول مواجهة مع الجيش الاثيوبي المحتل في معركة تقوربا الشهيرة يوم 15 مارس 1964 بقيادة ابو رجيلة وتكبد العدوا فيها خسائر فادحة كما استشهد فيها عدد من مقاتلي الجبهة الذين كانوا تحت التدريب لكن تجربة المناطق العسكرية أفرزت بعض السلبيات الأمر الذي ادى الى المطالبة بعقد مؤتمر وطني من قبل العسكريين في الميدان لمعالجة السلبيات الناتجة من تجربة المناطق وليعاد تنظيم هيكل الجبهة بما يتماشى مع نمو قوة الثورة وتطورها. لم يجد النداء اذانا صاغية من قبل القيادة العليا فتجاوزت القيادة العسكرية في الميدا المجلس الاعلى وعقدت أول مؤتمر عسكري لجيش التحرير الارتري في (أدوبحا) في 1969م حيث قرر هذا المؤتمر الغاء نظام المناطق العسكرية وتوحيد قوات جيش التحرير وانتخاب قيادة عسكرية ميدانية مكونة من (38) عضوا بقيادة القائد/ محمد أحمد عبده الذي تخرج من كلية ضباط الاحتياط في سورية سميت هذه القيادة الميدانية بالقيادة العامة لجيش التحرير.

وهيمن عليها حزب العمل الشيوعي الارتري الذي تشكل في الميدان عام 1968م اجتمعت القيادة الجديدة واتخذت قرارات من اهمها:-
1. حل المجلس الأعلى للجبهة
2. الدعوة لعقد مؤتمر وطني للجبهة خلال عام
3. تشكيل لجنة تحضيرية للاعداد للمؤتمر الوطني الأول للجبهة

باشرت اللجنة التحضيرية عملها عام 1970م وانتهت من اوراق المؤتمر.

قررت اللجنة التحضيرية انعقاد المؤتمر في الريف الارتري المحرر.

وجهت اللجنة الدعوة لحضور المؤتمر لكل ممثلي جيش التحرير الارتري وفروع مكاتب الجبهة في الخارج. والقيادة التاريخية للجبهة.

فانعقد المؤتمر في منطقة (ار) بتاريخ 1971/10/14 وقاطع المؤتمر تنظيم (قوات التحرير الشعبية) بقيادة القائد المرحوم عثمان صالح سبي رحمه الله، استمر المؤتمر في مداولاته لمدة شهر تقريبا، وأقر المؤتمرون البرنامج السياسي والعسكري والتنظيمي المقدم لهم من اللجنة التحضيرية كما انتخب قيادة جديدة للجبهة باسم المجلس الثوري.

شاركت في المؤتمر وفود عربية تمثل الدول الشقيقة المهتمة بشؤون الثورة مثل الصومال وسورية والعراق وفلسطين وبعض رجال الاعلام العرب والاوربيين.

لاقت قرارات المؤتمر قبولا واسعا من ابناء الشعب الارتري كما وجدت الاعتراف من الدول العربية الشقيقة والدول والمنظمات الصديقة الداعمة للثورة، لكن تنظيم قوات التحرير الشعبية بقيادة القائد عثمان صالح سبي اتخذ موقفا سلبيا من المؤتمر وقرارته وقيادته فقرر المجلس الثوري تصفية قوات التحرير الشعبية بقيادة سبي مما ادى الى حرب اهلية عام 1971م بين التنظيمين راح ضحيتها عدد كبير من الشباب الارتري.

ابتعد إدريس محمد آدم مندر عن الساحة السياسية بعد نشوب الصراع بين الجبهة وقوات التحرير وصار يدعوا للحوار ووقف الاقتتال واثر الوقوف في الحياد من التنظيمين وثبت على موقفه وهو الابتعاد عن كل التنظيمات التي في الساحة منذ مطلع سبعينات القرن الماضي الى ان تقدم به السن واصيب ببعض الامراض واخيرا اشتد عليه المرض وتوفي في مستشفى بجدة يوم الخميس 30 جمادي الآخرة 1424هـ الموافق 28 أغسطس 2003م عن عمر نياهد 81 عاما وتم دفنه في مكة المكرمة يوم الجمعة غرة رجب 1424هـ

رحمه الله رحمة واسعة وادخله فسيح جناته

Top
X

Right Click

No Right Click