نبذه عن حياة الزعيم الوطني الشهيد عثمان صالح سبي
إعداد: جبهة الثوابت الوطنية الارتري
نبذه عن تاريخ الزعيم الوطني الشهيد عثمان صالح سبي تشمل تاريخ ميلاده ومراحل تعليمه
وبداية مشواره للتحضير للثورة.
ولد الزعيم في عام 1931ميلادية بقرية حرقيقوا مسقط رأسه وهي إحدى ضواحي مدينة مصوع الميناء الرئيسي للبلاد.
تلقى تعليمة الأولي بخلوة القرآنية بالقرية وحفظ القران وتعلم مبادئي القراءة والكتابة فيها ومن ثم انتقل إلى مدرسة القرية وهي مدرسة حرقيقوا الابتدائية والمتوسطة وأكمل تعليمة فيها ثم انتقل إلى أديس اببا وأكمل تعليمه الثانوي وثم التحق بكلية المعلمين وتخرج فيها وكان أول دفعة أثناء دراسته في أديس اببا أسس جمعية خيرية اسمها العروة الوثقى ومعه مجموعة من أبناء إثيوبيا من المسلمين وهي تعنى بأحوال المسلمين في إثيوبيا وإرتريا خاصة قطاع الطلاب وذلك عبر تقديم المساعدة للطلاب المسلمين الفقراء في تحصيل العلم وتشجيعهم على ذلك.
رجع الزعيم بعد تخرجه من كلية المعلمين إلى قريته وعمل مدرس بمدرسة القرية ثم مديرا لها بداء اهتمام الزعيم بالعمل الوطني منذ أن كان طالبا بالمدرسة الثانوية بأديس اببا نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات من القرن الماضي وفي ذلك الوقت كانت إرتريا تشهد مخاض وطني ومفترق طرق وكان المناخ السياسي يعج بالحركة السياسية حيث كانت تلك المرحلة تشهد ولادة الحركة الوطنية والأحزاب السياسية إلا إن الزعيم لم يلتحق بأي حزب سياسي وكانت له نظرة مختلفة للأمور حيث كان برى أن المدخل الصحيح لمواجهة أعباء العمل الوطني هو التسلح بالعلم أولا سيما وان الشعب الإرتري حرم من التعليم طلية العهود الاستعمارية المتعاقبة خاصة الاحتلال الإيطالي. لذا أن الشعب الإرتري عندما تخلص من الاحتلال الإيطالي بعد الحرب العالمية الثانية كان يعيش في ظلام دامس من الجهل والتخلف سيما أبناء الأغلبية المسلمة، وهذه الحقيقة أدركها واستوعبها الزعيم سبي لذا عندما بداء خطواته في العمل الوطني بدأها بإرسال طلابه سرا إلى خارج إرتريا سيما الوطن العربي حتى يتسلحوا بالعلم أولا.
أدراك الزعيم في وقت مبكر ضرورة الاتجاة نحو الوطن العربي كان انطلاقا من إيمانه الراسخ من أن الشعب الإرتري جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير وإذا كان لابد من خوض غمار النضال الوطني والتحضير للثورة ضد المحتل الأجنبي كان لابد أولا من تحديد الحليف الاستراتيجي لنضال الشعب الإرتري وخلفيته الداعمة والمساندة لذا كان خياره من البداية أمته العربية من هنا بداء الزعيم تحركه النضالي بإجراء اتصالات مع أحزاب سودانية ومنهم حزب الأخوان المسلمين بهدف مساعدة الطلاب الإرتريين للسفر إلى جمهورية مصر العربية التي كانت تشرع أبوابها أمام الطلاب العرب التعليم، والتي كانت عاصمتها القاهرة التي كانت في تلك المرحلة تحتضن كل حركات التحرر العربية والعالمية. كما أنها كانت تتغبر مرجل الثورة والمد القومي العربي.
كانت قناعة الزعيم سبي بضرورة مواجهة الاحتلال الإثيوبي عبر الكفاح المسلح يتعزز يوما بعد خاصة في ظل تصاعد حملات القمع الإرهاب والاحتلال العسكري الكامل للبلاد من قبل إثيوبيا إلا انه في نفس الوقت ذاته كانت لديه قناعة وهي لابد أولا من دراسة الواقع الإرتري اجتماعيا واقتصاديا وجغرافيا ميدانيا لاستكشاف الامكانات الذاتية للشعب الإرتري والشروط الموضوعية لانطلاق الثورة قبل الشروع في الدعوة إلى الثورة.
وعليه قام الزعيم سبي بجولة ميدانية لكل الأقاليم الإرترية مكنته من معرفة الواقع وإمكانية انطلاق الثورة وإدراك حقيقة وهي أن الثورة المسلحة يجب أن تنطلق من الريف الاريتري سيما المنطقة الغربية لتوفر الشروط الموضوعية وهي أن المنطقة الغربية بحكم موقعها الجغرافي الشاسع يمكن أن تكون مسرحا حرا لحركة الثورة المسلحة كما أنها تجاور السودان من الغرب وهو بلد عربي غير معادي لشعب الإرتري بالإضافة إلى طول الحدود بين البلدين تسمح بضمان مرور الإمداد بكل أنواعه وكذلك لحرية حركة الثوار، كما أن سكان المنطقة بحكم أنهم من المسلمين وكانوا داعمين للحركة الاستقلالية يشكلون أفضل بيئة حاضنة للثورة، وعليه تكونت للزعيم رؤية واضحة لإمكانية انطلاق ثورة مسلحة في إرتريا، ولعل تأثر الزعيم بمفهوم الثورة والكفاح المسلحة كان نابع بالإضافة إلى الواقع المحلي إلى ما كان يجري في الجزائر من ثورة مسلحة استطاعت أن تقهر محتل أجنبي يفوقها عدة وعدد وامكانات، وكذلك أخبار نضال حركات التحرر في العالم التي بتابع أخبارها سواء عن طريق وسائل الإعلام أو الأدبيات الثورية التي يحصل عليها فهو معروف عنه حبه للإطلاع والقراءة والمتابعة الإعلامية والتي مكنته من تشكيل ثقافة موسوعية عرف بها دوما وكانت تمثل له سلاح عظيم ساعده في الدفاع عن قضية شعبة بجدارة في ما بعد.
بعد أن استطاع الزعيم سبي من تكوين رؤية متكاملة حول إمكانية انطلاق ثورة مسلحة، قرر التفرغ الكامل من اجل تحقيق هذه الرؤية وكانت أول خطوة قام بها هي تقديم استقالته من وظيفته كمدير للمدرسة وبدء بالتخطيط للخروج من البلاد للبدء في الدعوة للثورة الشعبية المسلحة التي كان يؤمن بها كوسيلة وحيده للخلاص من المحتل الأجنبي وتحقيق الاستقلال الكامل الذي كان يتطلع إليه الشعب الإرتري سيما وان سلطات الاحتلال الإثيوبي كانت تراقب تحركاته التي أثارتها مسالة إرسال طلاب إلى خارج إرتريا و التي ذاع أمرها لذا كان قراره التوجه نحو اليمن عن طريق دنكاليا بدلا من السودان. في محاولة لتضليل سلطات الاحتلال وقد نجح في ذلك واستطاع فعلا من الهروب سرا بواسطة مركب صغير إلى ميناء المحا اليمني الصغير بمساعدة من بعض أهالي ومعارفه من أبناء إقليم دنكاليا وكان تهريب الشهيد سبي بمثابة إشارة تحدي للمحتل الإثيوبي من أهالي المنطقة.
من ثم توجه إلى مدينة عدن عاصمة جمهورية اليمن الجنوبي وفق مخطط اعد له منذ أن قرر التفرغ للعمل الوطني. ففي عدن التي كان بها عدد من المقيمين الإرتريين منهم بعض معارفه وطلابه الذين لم تنقطع علاقته بهم رغم هجرتهم المبكرة حيث كان يتواصل معهم عبر الرسائل المكتوبة والشفوية المستمرة والتي كانت تمثل لهم همزة وصل وتواصل مع هموم ومعاناة الوطن الجريح وشحنة معنوية تجعلهم متحفزين دوما في انتظار إشارة الزعيم للبدء في خوض غمار النضال الوطني عبر الثورة الشعبية المسلحة التي كانت تمثل هاجس الزعيم سبي والتي كان يخط معانيها في كل رسالة يبعثها إليهم، وهكذا كان دأبه مع كل طلابه ورفاقه في المهجر ممن اختارهم ليكونوا رفاق درب في طريق الكفاح الشعبي المسلح لتحرير إرتريا، لذا كان خروج الزعيم سبي من البلاد بمثابة إشارة لبدء عهد جديد وفجر جديد ونقطة تحول تاريخي في مسيرة النضال الوطني.
وفي مدينة عدن اليمنية بداء تحرك الزعيم سبي التحضير للدعوة لقيام الثورة الشعبية المسلحة في إرتريا حيث شكل أول نواة عمل من بعض طلابه و إجراء اتصالات مع رفاقه وطلابه بمصر لحثهم على التحرك. ومن اليمن الثورة بداء في خطواته الأولي لتأسيس علاقات قوية تكون زخما للثورة فيما بعد وهكذا كان بالفعل وقد استطاع أن يحقق أول إنجاز له في هذا الصدد مع رموز الثورة اليمنية والتي ساهمت في ما بعد في جعل اليمن الجنوبي محطة مهمة للثورة الإرترية في تمرير الإمدادات العسكرية والتموينية والتحرك السياسي والدبلوماسي.
من اليمن تحرك الزعيم صوب جمهورية الصومال الوليدة املآ في بناء أرضية علاقات قوية بين الصومال الرسمي والشعبي لدعم نضال الشعب الإرتري من اجل الحرية والاستقلال وفعلا استطاع الزعيم سبي بناء ا لبنة الأولى للعلاقة التاريخية بين الثورة الإرترية وجمهورية الصومال حكومة وشعبا كانت تشكيل لجنة الصداقة الشعبية بين الشعبين الإرتري والصومالي والتي لها دور كبير تعزيز العلاقات مع الثورة الإرترية حيث كانت الصومال أول دوله تقيم علاقات دبلوماسية رسمية في ما بعد مع الثورة الإرترية التي كانت تتمثل في جبهة التحرير الإرترية حيث افتتح أول مكتب رسمي كان بمثابة سفارة إرترية.
أن نجاح الزعيم في تأسيس علاقات قوية في كلا من اليمن والصومال حافزا قويا له في التوجه إلي المملكة العربية السعودية للالتقاء بالمقيمين الإرتريين من معارفه وأصدقائهم لحثهم على التحفز للمساهمة في الثورة عندما يحين الوقت كما عمل على إجراء اتصالات مع جهات شعبية ورسمية شارحا معاناة الشعب الإرتري من الاحتلال الإثيوبي وقد ساهمت هذه الاتصالات في تأسيس علاقات قوبة بين الثورة الإرترية والمملكة في ما بعد.
كان نجاح الزعيم سبي في جولته حافزا قويا له في التوجه إلى قبلة حركات التحرر العالمية في ذلك الوقت وهي مصر، خاصة وان مفهوم الثورة الشعبية المسلحة الذي كان يناضل من اجل تحقيقه أصبح يمثل قناعه راسخة لدى القطاع الطلابي الذي أصبح يمثل حينها فصيل صدامي يتمتع بالوعي السياسي ومتسلحا بالعلم والروح الوطنية العالية والذي راهن الزعيم عليه دوما وقد تحقق تنبؤ الزعيم، فقد كانت القاهرة قبل وصوله تشهد حركة سياسية نشطة للطلاب الإرتريين والذي انبثق منها البيان الأول لإعلان ميلاد نواة ثورة شعبية مسلحة لتحرير سميت بــ جبهة التحرير الإرترية تمنيا بجبهة التحرير الجزائرية كما ذكر الزعيم سبي في احد لقاءاته الصحفية. وذلك في نوفمبر عام 1960م.
ولما كان إعلان الطلاب الإرتريين في مصر عن قيام كيان سياسي ينادي بالكفاح المسلح وسيلة وحيدة للتحرير يحتاج إلى قيادة سياسية متفرغة متمرسة ومعروفه سيما وان المجلس الطلابي الذي تبني البيان برأسه المناضل/ ادم اكتي والذي انتخب من قبل الطلاب للتصدي لهذا العمل الوطني ومعه نخبه من الطلاب والذين كان في معظمهم من الطلاب الذين أرسلهم الزعيم إلى القاهرة للتعليم والذين تشربوا بفكره وامنوا برسالته النضالية، واغلبهم تفرغ فيما بعد للنضال قبل أن يكمل تعليمية الجامعي تلبية لنداء الزعيم وأصبحوا من القيادات الثورة الإرترية العسكرية والسياسية.
لم يكن من بين المجلس الطلابي متفرغين وبحكم عامل السن والخبرة النضالية كان لابد من تشكيل قيادة عليا للجبهة متفرغة من الرموز الوطنية المعروفة للشعب الإرتري والعالم ومن هنا جارت فكرة تشكيل مجلس أعلى لقيادة الجبهة وكانت الأنظار تتطلع إلى الزعيم الوطني إدريس محمد ادم رئيس البرلمان الإرتري في فترة الحكم الفدرالي والذي كان دور وطني كبير في مواجهة الاحتلال العسكري الإثيوبي لإرتريا منذ اللحظة الأولي التي وطئت فيها أقدام المحتلين الاثيويين الأراضي الإرتري كما انه رفض بشكل قاطع لكل محاولات الحكومة الإثيوبية لتذويب الهوية والكيان الإرتري كما انه رفض المشاركة في إلغاء الحكم الفدرالي و إنزال العلم الإرتري في الوقت الذي وافق على ذلك عملاء إثيوبيا دون خجل.
بالإضافة إلى أن الزعيم إدريس محمد ادم كان قربيا من الطلاب في مصر بحكم إقامته فيها بعد لجوئه إليها، لذا تم الإجماع على اختيار الزعيم إدريس محمد ادم لقيادة المجلس الأعلى كواجهة سياسية معروفة للعالم وشخصية وطنية لها رصيد شعبي كبير بالإضافة إلي الزعيم الوطني إدريس مجمد ادم كانت الحاجة ملحة إلى وجود شخصية دينامكية شابة مثقفة تمتلك وعي سياسي متقدم و الحس الوطني قادرة على استنهاض الجماهير وتاطيرها سيما قطاع الشباب لانخراط في الثورة وقادرة كذلك على بلورة قضية الشعب الإرتري بشكل واعي وخلاق وجذاب على المنابر الدولية وللحكومات والشعوب في العالم ووسائل الإعلام العربي والعالمي لكسب أنصار ومؤيدين وداعمين لنضال الإرتري من اجل الحرية والاستقلال ولمواجهة والتصدي النفوذ الإثيوبي في المحافل الدولية والإقليمية والمدعوم من القوى العظمي في ذلك الحين. لم يكن هناك شخصية تمتلك كل هذه المواصفات باستثناء الزعيم سبي فهو كما ذكرنا أنفا استطاع في فترة وجيزة أن يؤسس علاقات مع دول وأحزاب ويكسب أصدقاء لقضية الشعب الإرتري قبل أن تكون للثورة مؤسسة رسمية أو وجود فعلي كما أن علاقاته الواسعة في المحيط الإرتري وثقافته الموسوعية وإلمامه الواسع بتاريخ وجغرافية إرتريا والمنطقة ومعرفته الدقيقة بطبيعة النظام السياسي والاجتماعي للاحتلال الإثيوبي بالإضافة إلى مميزاته الشخصية التي يتسم بها من قوة الشخصية والأسلوب السلس والبق والشيق في الحديث والكتابة والروح المرحة وحركته الدينامكية و قدرته على التعبير بوضوح عن أرائه وأفكاره وصياغة المواقف دون الحاجة لمساعدة الآخرين كلها مؤهلات رشحته لعضوية المجلس الأعلى دون منازع رغم صغر سنه بالمقارنة مع جسامة المهام التي أوكلت إليه.
فأصبح عضوا للمجلس الأعلى لجبهة التحرير الإرترية ومسئول شئون الثورة والعلاقات الخارجية وكان المجلس الأعلى يتكون من ثلاثة أشخاص وهم: إدريس محمد ادم رئيسا وإدريس قلايدوس سكرتيرا عاما وعثمان صالح سبي مسئول العلاقات وشئون الثورة.
تم ضم الزعيم سبي بعد لقاءات تمت بينه والمجلس الطلابي والزعيم إدريس محمد ادم وبهذا تأسست أول مؤسسة سياسية إرترية تتبنى الكفاح المسلح والثورة الشعبية المسلحة طريقا للتحرير والاستقلال، ومنذ أن تولى الزعيم مهامه النضالية استطاع أن في فترة وجيزة أن يحقق إنجازات عظيمة للثورة تمثلت في كسب عديد من الدول والمنظمات السياسة إلى جانب قضية الشعب الإرتري بل استطاع أن يأمن للثورة العتاد العسكري والتأهيل العسكري والدعم المادي والأدبي والسياسي والانتشار الإعلامي الواسع حتى أصبحت ملء السمع والبصر رغم سطوة حلفاء إثيوبيا في المحافل الدولية فحسب بل انه استطاع أن يفرض وجود الثورة الإرترية وقضية الشعب الإرتري في المحافل الدولية وسمح لأول مره لوفد إرتري بإلقاء كلمة عن القضية الإرترية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد قيام الثورة. بعد أن كانت القضية الإرترية تعاني الإهمال والتجاهل الدولي ردحا طويا من الزمن.
أن الإنجازات التي اشرنا إليها لم ينجزها الزعيم لوحده بالطبع إنما بمشاركة زملاءه ورفاقه ولكن الحقيقة تقال كانت له اليد الطولى والباع الكبير وذك بحكم إنها كانت من مهامه المباشرة.
منذ اللحظة الأولى من تسلم مهامه النضالية عمل من اجل تحقيق ما كان يؤمن به من أن الثورة الإرترية يجب أن يكون لها حليف استراتيجي وهي الأمة العربية انطلاقا من إيمانه الراسخ بان الشعب الإرتري جزء لا يتجزأ من الأمة العربية . فبدأ في العمل لتحقيق هذا الهدف منذ أول يوم بدأ من جمهورية الصومال التي كما ذكرنا أنفا والتي اعترفت بشرعية النضال الإرتري وافتتحت مكتبا رسميا لجبهة التحرير الإرترية مع أول زيارة لوفد المجلس الأعلى للثورة ثم تبعة لقاء آخر كان أكثر أهمية وهو اللقاء مع عاهل المملكة العربية السعودية المغفور له الملك سعود بن العزيز الذي دشن بداية اعتراف بشرعية الثورة والنضال الإرتري من قبل دول بحجم المملكة من حيث الثقل الدولي والإقليمي رغم المملكة كانت تقف مع الحق الإرتري منذ أن كانت القضية الإرترية تناقش في الأمم المتحدة في الأربعينات القرن الماضي وهي قادت حينها حلف دولي لنصرة الحق الاريتري من اجل الحرية والاستقلال في مواجهة حلف دولي آخر تقوده الولايات المتحدة الاميركية التي كانت تساند الاحتلال الإثيوبي، رغم أن أمريكا كانت حليفا للمملكة ولكن وقفت المملكة بجانب الحق الإرتري بكل قوه وكان دأبها دوما إلى تحقق التحرير.
ومن ثم شرع الزعيم في نسج علاقات متينة مع الأنظمة الثورية العربية التي تمثل المد الثوري القومي العربي التي تبنته الثورة العربية في سوريا والتي احتضنته وفتحت كل أبوابها له فكانت أول بلد عربي لا يعترف فقط بشرعية الثورة الإرتري وحق الشعب الإرتري في الاستقلال والحرية بل قدم الدعم العسكري حيث كانت أول دول تقدم الأسلحة بشكل رسمي للثورة الإرتري، وكانت تلك اكبر خطوة شكلت قفزه نوعية للكفاح المسلح تمثلت في التأهيل العسكري للكوادر العسكرية في سوريا والتي رفعت من مستوي الثقافة العسكرية للكادر العسكري الإرتري سواء كان على مستوى التدريب على الأسلحة الحديثة أو على مستوى التكتيك العسكري بل حتى على مستوي الوعي السياسي و الثقافة الثورية ذلك نظرا لان اغلب من التحقوا بدورات التدريب العسكري لم يكونوا من المقاتلين في الميدان بل كانوا من الطلاب في المهجر، لم يكن هذا الأمر وحده يشكل نقطة تحول في مجال العلاقات الخارجية بل أيضا الموقف السوري الحازم اتجاة إثيوبيا التي رفض إقامة أي علاقات دبلوماسية معها مثلها ومثل الكيان الصهيوني واستمر هذا الموقف حتى التحرير وكذلك التبني الرسمي للقضية الإرترية في المحافل الدولية حتى أصبحت دمشق المقر الرسمي للثورة إعلاميا وسياسيا ودبلوماسيا.
وهكذا انطلق الزعيم سبي مع رفاقه بتوسيع آفاق العلاقات مع العالم العربي حتى أصبح الوجود الرسمي للثورة الإرترية يمتد من المحيط إلى الخليج وأصبحت القضية الإرترية قضية كل عربي.
ومن الوطن العربي انطلقت آفاق علاقات الثورة الإرترية إلي المحافل الدولية بل إلى الدول الغربية نفسها التي كانت في السابق حليفا تقليديا لإثيوبيا.
هكذا استطاع الزعيم سبي أن يؤسس علاقات استراتيجية مع العالم العربي والتي خدمت الشعب الإرتري وخدمت قضيته حتى الآن.
لم يكتفي الزعيم سبي بتوثيق أواصر العلاقات مع الحكومات العربية وأوساط الشعبية من منظمات مجتمع مدني ونقابات وأحزاب بل حتى حركات التحرر العربية حينها وأبرزها الثورة الفلسطينية بالأخص منظمة مفتح بقيادة الزعيم الوطني للشعب الفلسطيني ياسر عرفات منذ أن كانت حركة فتح الفلسطينية في مهدها كان الزعيم سبي سفيرا للثورة الفلسطينية يحمل رسائلها يقدم رموزها إلى الحكومات والمنظمات يتقاسم معهم المعونات والمساعدة التي تقدم للثورة الإرترية إلى أصبحت حركت فتح اكبر منظمات الثورة الفلسطينية وأصبح رئيسها قائدا لكل الثورة الفلسطينية ، ولم يكتفي الزعيم سبي بتمتين أواصر العلاقات بين الثورتين بل ابعد من ذلك حيث دفع في اتجاة المشاركة في العمليات العسكرية الفلسطينية في العمق الإسرائيلي من خلال إرسال وحدات عسكرية إرترية تشارك الفلسطينيين في القتال ضد الكيان الصهيوني داخل الأراضي الفلسطينية.
كما أن الزعيم سبي ساهم في حل قضية ثورة ظفار العمانية والتي كانت قادتها تكن له الاحترام والتقدير لدعمه لقضيتهم ومساعدتهم في الوصول إلى حل سلمي مع السلطة العمانية.
كان الزعيم سبي يمتلك الحس والنفس القومي العربي ولم يساوم يوما بأمته العربية حتى عندما حاول الكيان الصهيوني أجراء لقاء معه بوساطة أروبية مقابل استخدام النفوذ اليهودي في العالم الغربي لتغيير مواقفها اتجاه الثورة الإرترية. رفض الزعيم سبي حتى مبدأ الوساطة نفسها ناهيك عن قبول فكرة اللقاء مع وفد إسرائيلي. هذا الموقف الحازم للزعيم سبي لم ينطلق من حسابات سياسية ضيقة بل موقف مبدئي وإيمان راسخ وانحياز كامل لقضايا أمته العربية.
إن الزعيم سبي مع رفاقه استطاع أن يحول مسيرة جبهة التحرير الإرترية من العمل العسكري فقط إلى آفاق ثورة شاملة حولت جبهة التحرير الإرترية من تنظيم عسكري وسياسي ثوري إلى مثابة حكومة تمثل دولة مستقلة، بكل أركانها فهي كانت تمتلك جيشا حديثا لدية من الأسلحة الحديثة ما لم يتوفر لبعض دول الجوار يهيمن على كل الريف الإرتري وبل في مراحل اغلب المدن وأجهزة منظمة تعني بكل متطلبات الحياة من تعليم وصحة وشئون اجتماعية ورعاية لأسر المقاتلين وأجهزة قضاء وامن في الداخل وتوفير تسهيلات فرص العمل والإقامة للإرتريين في الخارج سيما الدول العربية، والاعتراف الرسمي والدبلوماسي بالجبهة في كثير من دول العالم، والتمثيل المنظمات الشعبية من اتحادات نقابية في كل المجالات في اغلب المحافل النقابية الدولية وكل المحافل العربية.
وأصبح صوت الثورة وأخبارها محل اهتمام وسائل الإعلام العالمية بعد طول تجاهل وأصبحت الثورة الإرترية ملْ السمع والبصر.
وهكذا استطاع الزعيم سبي مع رفاقه من تحويل الحلم إلى حقيقة يجسدها الواقع اليوم بدؤوا خطواتهم في مسيرة الكفاح المسلح لا يملكون شي سواء بنادق عتيقة عفا عنها الزمن تعد على أصابع اليد الواحدة وحلم كبير يعشعش في وجدانهم ولكنهم كانوا يملكون العزيمة والإرادة القوية والصبر والمثابرة وذاد من العلم والثقافة ومواهب فطرية سخروها لخدمة قضية بلادهم وأولا وأخيرا إيمانهم بالله عز وجل وعونه والتوكل عليه.
ورحل عنا الزعيم سبي إلى باريه ونحن أحوج ما نكون إلية ولكنها إرادة الله عز وجل ولا راد لقضائه احد، ولكن يبقى عزائنا الوحيد هو أن الزعيم سبي ترك لنا الكثير من الأعمال والمثل والمبادئ والتجارب لتكون معينا لنا لنكمل مشواره الذي بدأه هو.
هذه نبذه قصيرة موجزة عن حياته وسجله الوطني العامر بلا إنجازات العظيمة التي لا يمكن حصرها في هذه العجالة وقد يكون قد سقط منا بعض ما لا نعرفه من إنجازات وأعمال للزعيم ولكن حسبنا أننا اجتهدنا بما نستطيع لقول كلمة حق لزعيم أجحف في حقه كثيرا سواء من بعض من ناضل وكان رفيقا لدربه أو من جاءوا في غفلة من الزمن وسرقوا الثورة وتحكموا على رقابنا إلى حين بإذن الله.
ملحق:
هنالك جانب آخر من حياة الزعيم سبي لا يعرفه الكثيرون سيما الأجيال الجديدة سوف نعمل بإذن على تسليط الضوء علبها في كتابات أخرى بشكل موسع إلا أننا في هذا الحيز نود أن نذكر أن الزعيم كان مؤلف وكاتب له إصدارات عديدة صدرت بقلمه في فترة الكفاح المسلح وهي كتب من تأليفه نذكرها هنا باسم دون تعليق وهي:
1. تاريخ إرتريا
2. جغرافية إرتريا
3. جذور الخلافات
4. صراع القوى الدولية على منطقة البحر الأحمر عبر العصور وانعكاسه على منطقة الخليج
5. علاقة السودان بإثيوبيا عبر التاريخ
هذه تقريبا الكتب التي ألفها بنفسه بالإضافة إلى مساهماته في وضع دراسات تنظيمية ثورية التي أثرت وأعطت زخما وساهمت في تعميق المناضل وكادر الثورة في مرحلة الكفاح المسلح، وترجمة كثير من الوثائق الدولية المتعلقة بالقضية الإرترية من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية.
الزعيم تزوج من امرأة فاضلة من القطر السوري الشقيق وهي من أسرة عريقة معروفة جدها كان رئيسا للوزراء سوريا سابقا وهي أم فراس لا تزال تعيش في سوريا وله منها ولد واسمه فراس وبنتان.