سيرة ذاتية للقائد الزعيم الوطني الشهيد عثمان صالح سبي - الحلقة الخامسة
بقلم الأستاذ: حسين محمد باقر - كاتب وبـاحث ارترى
أخطاؤنا القاتلة: تحدثنا عن حركة تحرير اريتريا والخلاف الذي حدث بين التنظيمين في مراحل مبكرة من ولادتها.
أمَا أسباب الخلاف كما ذكرنا فإن حركة تحرير اريتريا كانت ترى بأن قيام ثورة مسلح دون إعداد وتهيئة وتعبئة كافية لشعبنا مسألة محفوفة بالمخاطر، ومن شأنها أن تعرض شعبنا وثورتنا للدمار. وأن مثل هذه الخطوة بمثابة كتابة إعلان للعدو الإثيوبي للنيل من ثورتنا.
وفي تقدير قيادة الحركة واستنادًا الى البرنامج الذي كان متفقًا عليه يعتبر تجاوزًا وإحراق لمراحل معينة من برنامج الحركة. من هنا يأتي رفض قيادة الحركة.
فمن الناحية النظرية والتنظيمية ايضًا فإن مبررات قيادة الحركة موضوعية ومنطقية. لكن رفض الحلول التي جاء بها الشهيد عثمان مع الطلبة في لقاء القاهرة كان فيه قدر من التشنج.
كما ذكرنا في الحلقة الثالثة عن البيان الذي أصدرته قيادة الحركة جاء فيه: بأن قواتها في الساحة الإريترية تحقق انتصارات على جيش العدو الأثيوبي. هنا مأخذنا على الحركة طالما وصلت الى قناعة بأن العمل المسلح لم يشكل خطرًا وأن ثورتنا خلال خمسة سنين أصبحت على مشارف المدن الإريترية وتحقق انتصارات كان ينبغي على الحركة ان تتصل أو أن تبلغ قيادة جبهة التحرير الإريترية عن استعدادها للمشاركة في العمل العسكري حتى لو كانت مشاركتها بصفة منفردة أو مستقلة على أمل أن تجري بينهما حوارات من أجل الوصول الى صيغة مشتركة من شأنها أن توصل الطرفين لعمل موحد.
الآ ان قيادة حركة تحرير اريتريا رأت بأن ليس هناك ما يدعو لإبلاغ الجبهة بما تنوي القيام به لأن الساحة الإريترية ليست ملك لأحد.
بعد بيان حركة تحرير اريتريا قررت جبهة تحرير اريتريا بتصفية مقاتلي حركة تحرير اريتريا، وتم تصفيتها. وكان ذلك خطأ جسيمًا، بل جريمة ارتكبتها قيادة الجبهة في حركة تحرير اريترية. وهذا التصرف مع الآسف أصبح سابقة أو نموذج نهجته أي درجت عليه التنظيمات ضد بعضها البعض تحت مبررات وحجج واهية. وسلكت جبهة التحرير الإريترية (المجلس الثوري) نفس الأسلوب المشين عندما نعتت أي وصفت قوات التحرير الشعبية (بالقوة المضادة) و أصدرت بيانًا على اثر قرارات مؤتمرها التنظيمي الأول في 1971م يدعو البيان بتصفية فوات التحرير الشعبية من منطلق الحقد والكراهية ودون تقديم أي مبررات. في الوقت الذي استثنت قوات (عالا) بزعامة أسياس بحجة أن وضعهم استثنائي وظروفهم مختلفة وفتح باب الحوار معهم. الا ان قوات اسياس رفضت فتح باب الحوار مع الجبهة ورفضت حتى استقبال وفد الجبهة.
كما خرجت أصوات من داخل المؤتمر تطالب بإعدام الشهيد القائد عثمان صالح سبي والقائد محمد علي عمرو، الا ان تدخل الشهيد ادريس محمد آدم وعارض لتلك المطالب بحجة أن مثل هذه الأحكام تصدر من المحكمة وليس من المؤتمر ونحن هنا لسنا في موقع إصدار الأحكام وبهذا الغيت تلك المطالب. لكنه رضخ الشيخ ادريس محمد آدم مع الاسف لقرار تصفية قوات التحرير الشعبية.
ونتيجة لتلك القرارات الهوجاء والغير مسؤلة فقدنا من خيرة شبابنا من كلا الطرفين و أصبح مصير ثورتنا ومستقبل امتنا مهب الريح. بل وكانت بداية النهاية للانسان المسلم الإريتري ومنحت الفرصة لمن أراد أن يتسلق. وفي عام 1970م قامت القيادة العامة باعتقال ثمانية من أبناء مصوع وهم:-
1. سعيد محمد شنيتي،
2. عامر طاهر شهابي،
3. صالح عمر كيكيا،
4. ابراهيم ياسين جميل،
5. عبدالقادر بكري حمدان،
6. عثمان عمر شعبان،
7. موسى ابراهيم باقر (لم يكن عضوا في القيادة العامة).
كما تم اختطاف الأستاذ علي محمد سعيد برحتو من الفندق و اقتيد الى الميدان.
وتركوا المعتقلين في ظروف مزرية من الناحية الصحية والمناخية.
وفي مراحل لاحقه من عمر ثورتنا قامت الجبهة الشعبية في أغسطس 1981م بشن حملة عسكرية على جبهة التحرير الاريتري (المجلس الثوري) حتى أدخلتها الى الأراضي السودانية.
اهتمام الزعيم سبي بتعليم الاريتريين:
اهتم الزعيم سبي في مرحلة مبكرة من مسيرتنا النضالية وفي مرحلة السبعينيات بالذات بالجانب التعليمي الذي ساهم في انتشال فطاعات واسعة من أبناء شعبنا من التخلف والجهل. فأوجد جهاز تعليم تحت ادارة واشراف الأستاذ الكبير والمربي الجليل الأستاذ محمود صالح سب. وكان هذا الجهاز بمثابة وزارة التربية والتعليم في ظل الحكومات القائمة. كما تمكن من ايجاد مجالات واسعة في الدول العربية لالحاق الطلاب الإريتريين بالمدارس والجامعات وخصصت امكانات كبيرة لإقامة جهاز التعليم الذي أختص بصياغة المنهج التعليمي الذي اختص بصياغة المنهج التعليمي المتوافق مع معطيات الواقع الإريتري المرتبط بالثورة الوطنية الإريترية.
وإقامة المؤسسات التعليمية كالمدارس والأقسام الداخلية والمكتبات، التي قامت معظم أجهزته في مناطق اللآجئيين في الأراضي السودانية. بل ومدارس وخلاوي فرآنية داخل اريتريا كان ينم دعمها يشكل غير معلن. وأصبحت لهذا الجهاز التعليمي مكانه وسمعه متميزة في المجتمع الإريتري وحظى بأعتراف كثير من الدول العربية بالشهادات ويحصل على المناهج الدراسية.
وكان يشرف عليها كما ذكرنا الأستاذ الفاضل (محمود صالح سبي) الذي بذل جهودًا كبيرة في اقامة هذا الجهاز التعليمي و أبعاده عن التناقضات و التجاذبيات السياسية و أبرازه بأعتباره جهازا وطنيا مستقلا يخدم كل الفئات الوطنية الإريترية. وهذه ضمن منجزات الشهيد في الساحة الإريترية.
والتعليم من حيث المنطق ضرورة حياتيه خاصة في عصرنا الحاضر، عصر انتشار العلم والثقافة على كافة المستويات الشعبية حتى يستطيع الإنسان أن يعيش حياة لائقة متسلحًا بمتطلبات العصر من مهارات عملية وفنية.
نواصل... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة