سيرة ذاتية للقائد الزعيم الوطني الشهيد عثمان صالح سبي - الحلقة الثالثة
بقلم الأستاذ: حسين محمد باقر - كاتب وبـاحث ارترى
في عام 1960م أنتقل الشهيد من اليمن إلى السعودية. وكان من الطبيعي أن يحتفى به أصدقائه وزملائه
القدامى وكذاك معظم أعضاء الجالية الإرترية في جدة.
وبما أن تأسيس حركة تحرير اريتريا سبقت قيام جبهة التحرير الإريترية فإن معظم أفراد الجالية الإرترية كانوا ملتزمين أو منتمين بحركة تحرير اريتريا. لكن القائد الشهيد لم يلتزم بالحركة منذ ان كان داخل البلاد.
أما عن الأسباب التي حالت دون التزامه بالحركة على الرغم من علمه بتأسيس الحركة نوجزها فيما يلي:-
1. كان يرى القائد الشهيد بأن العالم لا يلتفت ولا يهتم بالحركات السرية حتى لو مضى على تأسيسها عقود من الزمن وعليه أن العمل العسكري الفدائي هو الذي ينتبه له العالم ويسمع صداه في كل أنحاء المعمورة.
لهذه الأسباب لابد من القيام بثورة مسلحة تنبه المجتمع الدولي لقضية الشعب الإريتري وبالظلم الذي يمارس ضده.
ولهذا علينا أن نجمع طاقاتنا وجهودنا وإمكانيتنا في سبيل دفع عجلة العمل المسلح إلى الأمام.
2. من خلال زيارة الشهيد السرية للسودان كان على دراية بأن برنامج حركة تحرير اريتريا كان مقتبسا من برنامج الحزب الشيوعي السوداني. ويقال بأن القيادي الشهيد محمد سعيد نادو كان عضوا في الحزب الشيوعي السوداني قبل تأسيس حركة تحرير اريتريا.
وفي عام 1962م سافر الشهيد القائد الزعيم الوطني الى الصومال بوثيقة سفر صالحه لسفرة واحدة منحتها له الحكومة السعودية. وفي الصومال منحته الحكومة الصومالية على جواز سفر دبلوماسي صومالي. كما تمكن من فتح مكتب باسم جمعية الصداقة الإرترية الصومالية ثم تحول فيما بعد إلى مكتب جبهة تحرير اريتريا واتفق مع المسئولين الصوماليين على تدشين ركن إذاعي باسم اريتريا من إذاعة جمهورية الصومال.
ان هذه كانت بداية الخلاف الصومالي الأثيوبي وكان ذلك في عهد الرئيس عبدالكريم شارماركي رئيس جمهورية الصومال آنذاك.
بعد عودة الشهيد القائد الى جدة عقد اجتماعًا موسعًا دعى فيه الجالية الإرترية بالمساهمة بأقصى ما يملك كل فرد من أجل توفير بعض الأسلحة البسيطة لنقلها الى الميدان. وفعلًا تجاوبت الجماهير برغم قلة الإمكانيات المادية بإعتبار معظم أفراد الجالية كانت من العمال وان رواتبهم كانت بسيطة كما أن أعدادهم كانت فليلة وهناك من باع أساس منزله من أجل أن يساهم في تحقيق هذا الهدف.
ومن الأشخاص الذين كانوا قريبن من القائد الشهيد وبذلوا الجهد المضاعف في سبيل تذليل العوائق والصعاب التي كانت تعترض طريق نشاطهم نذكر منهم:-
1. المناضل/ عثمان خيار،
2. المناضل/ عبده ياسين جميل رحمه الله،
3. المناضل/ آدم علي أسد رحمه الله،
4. المناضل/ الشيخ طه نور رحمه الله،
5. المناضل/ أحمد ابراهيم حبيب رحمه الله،
6. المناضل/ حجي عمر ابراهيم حبيب،
7. المناضل/ عبد الرحمن صالح عثمان (نكروما)،
8. المناضل/ السيد ياسين الصافي،
9. المناضل/ الشيخ أحمد قمام.
مع الاعتذار لكل من لا يحضرني أسمه.
تمكنت اللجنة المعنية لهذه المهمة من جمع ما مجموعه 500 جنيه ما يعادل حوالي 3000 ريال سعودي في تلك الفترة. بهذا المبلغ البسيط تم شراء تسعة بنادق قديمة وكان أول سلاح ناري يصل الى المقاتلين من الخارج. كما وصلهم من الداخل عدد واحد رشاش وستة فنابل يدوية وهذا كان يعتبر انتصارًا.
في أواخر عام 1962م وبداية عام 1963م سافر الشهيد الى القاهرة حيث تقابل هناك مع:-
1. الشهيد القيادي/ ادريس محمد آدم،
2. الشهيد القيادي/ ابراهيم سلطان،
3. الشهيد القيادي/ ادريس عثمان قلايدوس،
4. الشهيد القيادي/ محمد صالح حمد،
رحمهم الله جميعًا.
كما تقابل مع طلابه القدامى:-
1. القائد/ محمد علي عمرو – فك الله أسره،
2. القيادي/ رمضان محمد نور،
3. المناضل/ محمد علي أفعرورة،
4. القيادي الشهيد/ حامد صالج تركي – رحمه الله،
5. المناضل/ ابراهيم ادريس محمد آدم.
كما أجتمع بطلابه وهم من الدفعة الأولى والذين سافروا الى القاهرة بتوجيهًا ودعم الشهيد نذكر منهم:-
1. المناضل/ عبده الآمين منسعاي – رحمه الله،
2. المناضل/ محمد نقاش صايغ – رحمه الله،
3. المناضل/ حسين محمد علي سانقور.
في ذلك اللقاء رفضوا الطلاب فكرة قيام جبهة تحرير اريتريا وأصروا على الإستمرار وفق برنامج حركة تحرير اريتريا والذي كان مؤسسًا على اربعة مراحل أو أربعة أطوار وأنه وحسب برنامج الحركة لم نصل بعد الى طور التنفيذ والى أن نصل ذلك الطور يظل عملنا سرًا. حاول الزعيم أن يقنعهم، ولكم الشباب تمسكوا برأيهم.
وكمخرج من المأزق أقترح الشهيد بأن تترك الأمور لعامل الزمن وما قد تسفر عنه الأيام. بمعنى لو أستمر العمل المسلح في تحقيق انتصارات ونجاحات فإن تخوفات الأخوة من أن تقتل الجبهة في مهدها قد تبددت وزالت. وعليه فإن من واجب الشباب وكل أعضاء الحركة أن يعملوا في اطار جبهة التحرير الإرترية واذا تمكنت اثيوبيا من القضاء على الثورة الإرترية في مهدها حسب تصوركم فإن قيادات الجبهة وقواعدها عليهم أن ينضموا الى حركة التحرير الإرترية. وبهذا نكون قد تفادينا الصراعات.
وأقترح الشهيد أن ينهي اللقاء على أن يكون لفاء آخر لتقييم النتائج في مراحل قادمة. لم يقتنعوا الأخوة الشباب بهذا وأنفض الاجتماع دون أن يتوصلوا الى أتفاق.
لم يمضِ عام واحد على اللقاء المذكور وأصدرت حركة تحرير إريتريا بيانًا قالت فيه بأنها دفعت في الساحة الإرترية كتيبتين وأن مقاتليها حققوا انتصارات على الجيش الإثيوبي.
على العموم دعونا نترك موضوع الحركة على أن نعود اليه في جزئية أخرى من السيرة الذاتية للشهيد القائد.
بعد اللقاءات المذكورة سافر الشهيد القائد الى سوريا وقابل هناك المسئولين في مختلف الأقسام.
وبحكم ما كان يتمتع به الشهيد من قدرة الإقناع وكريزما عالية وحضور متميز تمكن من لإقناع المسئولين بدعم الثورة الإرترية بالأسلحة الحديثة والأهم من ذلك السماح للمجنديين والمقاتلين الإريتريين أن يتدربوا في معسكرات الجيش السوري.
بعد هذا النجاح مع إخواننا السوريين عاد الشهيد الى جدة وطلب من اللجنة أن يرتبوا له اجتماعا موسعًا. وفي هذا الاجتماع أخبر الشهيد الجماهير في جدة بأن اخواننا السوريين وافقوا على تدريب المجندين الإريتريين في معسكراتهم وان هذا القرار يؤكد ثقة السوريين بإخوانهم الإريتريين كما وافقوا بأن يدعموا الثوار الإريتريين بالسلاح وعلينا أن نفتح باب التجنيد وندفع شبابنا للتسابق في التجنيد.
نواصل... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة