مذكرات وأوراق للدكتور محمد عثمان أبوبكر - الحلقة الخامسة
بقلم المناضل الأستاذ: محمد عثمان أبوبكر - القيادي في التنظيم الموحد سابقا
وقلت أنا في القاهرة في اتحاد طلاب إثيوبيا وليس هناك اتحاد طلاب إرتريا ونحن جزء من إثيوبيا وما يؤكد ذلك السفير ملس عندوم
أعطاني وثيقة سفر إثيوبية لزيارة والدتي التي تركتها مريضة ولمشاركة زواج صديقي وأخر إدريس علي زبوي.
عموماً سُر زرماريام من حديثي وقال لي فعلاً قد تغيرت وأرجو أن تكون صادقاً فيما تقوله.
وأنا كنت على استعداد للعودة إلى القاهرة بعد إنهاء مهمتي وفي هذا الأثناء كنت قد التقيت في أسمرا المرحوم سيد حسين، وكان يعمل شرطياً في نقفه وكان معه مجموعة من البوليس كانوا يخططون للانضمام إلى الجبهة وكان أعضاء في الحركة سابقاً واستشاروني بذلك وكان من قبل انضم إلى الجبهة المرحوم سعيد شمسي وعلي شوم وقمحت ومجموعة من الشرطة أعلنوا انضمامهم إلى الجبهة في تلك الفترة وبذلك اتفقت معهم بأن يستولوا على معسكر نقفه ويستولوا فيه على جميع الأسلحة والذخائر التي كانت فيه ويهربوا معلنين انضمامهم إلى الجبهة كما قام قبلهم على رأسهم سعيد شمسي وقمعت، بالاستيلاء على الأسلحة في أماكن عملهم في كل من مصوع وجندع وانضموا إلى الجبهة.
قمعت وسعيد شمسي، وعلى شوم، وسيد حسين.
وبذلك أصبحت أخبار الجبهة والثورة تنتشر بسرعة البرق في عموم إرتريا ولذلك عادت المراقبة علي وعلى أشدها وفي متابعتي بعد خروج هؤلاء المجموعات من الشرطة وقد سبق لقاء بيني وبين سيد حسين في فندق (مية) بصحبة ثلاثة أشخاص من البوليس (مسلمين) وكنت قد طلبت منهم الانضمام إلى الثورة التي كانت بحاجة إلى السلاح وطلبت منهم بشن هجوم على معسكر نفقة وأفعبت والهروب بالأسلحة والذخائر والانضمام إلى الثورة التي كانت تتركز في المديرية الغربية وأنا من جانبي بعد أن تقدموا على هذا العمل أنا بدور سأخطر قيادة الجبهة بهذا الامر. لكي يرحبوا بكم وفعلاً وضعنا خطة مع بعض وثم تنفيذها بدقة بواسطة المرحوم سيد حسين وهذا العمل لم يكن هناك بعلمه إلا الله.
وأثناء مناقشتي لتنفيذ هذه الخطة التي تتمثل في الهجوم على معسكري نقفة وأفعبت وقتل مجموعات لم تكن منضوية ـ لئلا يكشف ولإنجاح الخطة.
واشار من كان مع سيد حسين أن يذهب سيد قبل التنفيذ بيومين يعود إلى أسمرا وأديس أبابا للإجازة وذلك للتمويه ونحن نقوم بتنفيذ الخطة.
هكذا أشاروا إلينا وفعلاً ورأيت أنا أن حديثهم كان معقولاً ومقبولاً وفعلاً كان ما أرادوا سيد حسين عاد إلى أسمرا بعد أن أكمل الخطة في نقفة وأفعبت والتقيت معه مرة ثانية بعد عودتي وأخبرني بأن الأمور ماشية بكل سرية بحسب الاتفاق وأنا سأعود إلى أديس أبابا غداً. وستنفذ الخطة في نفس الزمن واليوم المحدد وبعد مغادرته أسمرا إلى أديس أبابا، أنا غادرت إلى مصوع في نفس اليوم.
وهذه الخطة لم تتحدث عنها مع أفراد الجبهة نباتاً لكني أخطرت قيادة الجبهة بعد أن نفذت العملية وذلك لكي يقوموا باستقبالهم. وبعد عودتي إلى مصوع في نفس اليوم التقيت بالشيخ صالح قولاي واخبرني بأن زرماريام اتصل وقال عليك العودة إلى القاهرة بسرعة لأن هناك تطورات جديدة سيخبرك في أسمرا وكان هذا في شهر 10 سبتمبر.
ودعت زملائي وأهلي في اليوم الثاني توجهت إلى أسمرا في طريق عودتي إلى القاهرة والتقيت الجنرال زرماريارم وأخبرني بأن هناك قرار قد صدر من تلا عوقبيت والجنرال قيتؤوم إنك سوف تعتقل خلال أسبوع والتحقيق معك. ولذلك غادر فوراً إلى القاهرة وطلبت من السيد عبد القادر قولاي أن يصحبني الجوازات لكي يضمنني ولاستخراج التأشيرة الخروج في الوثيقة التي جئت بها، وكان عندي توصية من السفير الإثيوبي بالقاهرة لمدير الجوازات بتقديم التسهيلات التي تمكن من العودة إلى القاهرة، حيث أبلغهم بأنني كنت طالب في مدرسة الإبراهيمية وكان معي ما يثبت من ذلك.
وتمت إجراءاتي بسرعة بضمان عبد القادر قولاي باعتباره عضو برلمان وعنده حصانة دبلوماسية وهو من المقربين للحكومة الإثيوبية، وفي يوم 13 سبتمبر قررت أن أعود والقريبة في هذا اليوم زميلي الأمريكي التقيت معه في محطة البصات المتجهة إلى تسني وكانت مصادقة غربية وعدنا معاً كما أتينا معاً، ووصلت بمشيئة الله وحفظه ورعايته. ولم أقضي ليلتي سافرت في نفس اليوم وصولي إلى كسل ومعي رفيقي الأمريكي.
الجدير بالذكر حدثت لي حادثة بسيطة في اثناء العمل وملأ استمارة السفر بالتجرينية طلبت مني الموظفة أن أملأه بالتجرينية أخبرتهما بعدم إجادتي للتجرينية قالت لي من اين أنت قلت لها من مصوع وحرقيقو وسألتني باستغراب كيف أنت ابن مصوع ولا تجيد التجرينية.
واخبرتها بأنني لا أجيد التجرينية فقط العربية والإنجليزية هذه الحادثة ذكرتني بعد استقلال إرتريا وصلت إلى مطار أسمرا بعد مضى 30 عاماً من النضال في المطار استملت استمارة الدخول ووجدت في الكاوتر نبت قالت لي أكتب الاستمارة بالتجرينية سألتني من أي إقليم أنت أخبرتها أنني من مصوع فقالت لي كيف لا تجيد التجرينية وانت من مصوع رددت عليها قائلاً بأن خلال الاستعمار الإثيوبي في عام 1962 سألت نفسي وأنا استغرب خلال عام 1962 لم أجيد التجرينية فبعد هجرتي ودراستي خارج إرتريا وغيابي عن إرتريا لطول هذه الفترة كيف لي أن أجيد اللغة التجرينية واخبرتها بأنني سأكتب الاستمارة وأملأها بالعربي وأنت تترجمها كما تشائين واكدت لها أن اللغتين العربية والتجرينية هما لغتان رسميتان في إرتريا ونحن ناضلنا وتغيبنا عن وطننا لإثبات هذه الحقوق، وأنا من القيادات التاريخية في الثورة الإرترية وإذا ما كنت تعرف اسأل رؤسائك في المطار. استدعيت السيدة آمنة شاوش وكانت موظفة في الجوازات رحبت بي واخبرتها إنه من قيادات الثورة وكان عضواً في التنظيم الموحد ورفيق نضال في هذا الحرب.
في عام 1993 نجحت في الثانوية العامة وكانت تواجهنا مشكلة كأفارقة طلبنا أن تكون نسبة النجاح 40% في اللغة العربية لغير الناطقين بها، وشكلنا لجنة وأنا كنت عضواً فيها من الطلاب الوافدين الأفارقة نيجيريا، السنغال، إرتريا، وقابلنا الرئيس جمال عبد الناصر واستقبلنا بالترحاب وأمر بإصدار قرار جمهوري وساعدنا في ذلك وزير التربية والتعليم وهو عديل عبد الناصر وبعدها صدر قرار بقبول الطلاب الوافدين الذين أحرزوا أقل من 50% في اللغة العربية وشمل القرار أكثر من 120 طالب وأنا قوبلت في جامعة القاهرة كلية التجارة وبعد أن أمضيت فيها سنتين طلبت نقلي إلى كلية الاداب قسم التاريخ، لأن التجارة لا بد من الحضور لمحاضراتها صباحاً ومساءاً.
أتغيب بسبب أشغالي بفرع الجبهة باعتباري سكرتير القاهرة وسكرتير اتحاد عام طلبة إرتريا، وواصلت دراستي الجامعية في قسم التاريخ وسنة 1965، عينت رئيس الاتحاد العام لطلبة إرتريا فرع القاهرة في تلك الفترة كانت الحركة الطلابية تلعب كثيراً في العمل الوطني بمشاركة جميع طلاب الروابط العربية والأفريقية ولذا كان عندنا عدة نشاطات وندوات ومهرجانات ثقافية ومؤتمرات وكان اتحاد طلاب إرتريا باعتباره أرضه محتلة كان يلعب دوراً كبيراً في الروابط والاتحادات الطلابية ومكثت لأكثر من 5 سنوات سكرتيراً لفرع الجبهة ورئيس اتحاد طلبة إرتريا كنا في تلك الأيام فكرنا لأعداد فروع القاهرة كانت نقطة انطلاق لتأسيس فروع في كل من طرابلس بغداد دمشق بيروت والسعودية (الرياض - جدة) الكويت.
وكان الطلاب الذين يبعثون إلى هذه الدول من حملة الشهادات الثانوية المصرية والسودانية كما كانت هناك فروع في كل من بورتسودان كسل الخرطوم وفي عام 1969 شكلنا لجنة تحضيرية شارك فيها كل من طلاب العراق سوريا القاهرة والتركيز كان في القاهرة وكنت رئيساً لجنة التحضيرية في نفس العام تحركنا لجمع التبرعات من السعودية والكويت. وطلبنا مساعدة من العمال الإرتريين. وكانت مبادرة منا.
سافرت من القاهرة إلى سوريا طلبت من الاتحاد الوطني لطلبة سوريا استضافتنا في دمشق وطلبنا منهم مساعدتنا في تكاليف الأعداد والضيافة، والتقيت بالمناضل عثمان صالح سبي، كان سكرتير المجلس الأعلى ومسئول العلاقات الخارجية للجبهة، ووعدني خيراً في المساهمة في نفقات التذاكر ومنها سافرت إلى بغداد والتقيت عبر الأردن بالبر والتقيت بالاتحاد الوطني لطلبة العراق طلبت منهم المساهمة لعقد مؤتمر ووعدونا خيراً. وتوجهت من بغداد إلى الكويت والتقيت بالمناضل محمد علي الأمين كان في تلك الفترة يعمل في خفجة وقدم لنا التبرعات وتبرع بنفسه بمرتب شهر وحصلت على التبرعات العمال وجمعنا 3 آلاف دينار كويتي ـ عن طريق خفجة بالبر دخلت السعودية وفي الرياض استقبلني المناضل عبده ياسين جميل وطرقت عليهم فكرة عقد المؤتمر لاتحاد طلبة إرتريا والتحصل على التبرعات في عمال إرتريا في كل من الرياض وجدة.
كان عبده جميل متحسناً في جمع التبرعات والمهم من ما جمعنا من تبرعات من جدة والرياض 5 ألف ريال و3 ألف دينار هذا كله ما جمعناه من هذه الرحلات.
المناضل عثمان صالح سبي ساعدنا في مبالغ تذاكر السفر إلى سوريا والعراق وما جمعناه من سوريا كان ضمن الأعداد وتمكيننا في عقد المؤتمر في ضيافة السوريين.
وتأسس اتحاد عام طلبة إرتريا وكنت من المساهمين والباذلين جهداً من هذا المجال وكان لنا ما أردنا وعدت بعدها إلى القاهرة وانتخبت لولاية ثانية لرئاسة فرع القاهرة لأكثر من عشرة سنوات بتوجيه من الأخ عثمان صالح سبي وعام 1972 تخرجت من جامعة القاهرة كلية الأداب قسم التاريخ في هذه الفترة احتدمت الخلافات بين الجبهة وقوات التحرير الشعبية وأثر ذلك سلباً على الحركة الطلابية وانقسموا إلى قسمين والاتحاد العام لطلبة إرتريا لم يكن محايداً أثروا الارتباط بالجبهة والطلاب المنضوين لقوات التحرير الشعبية في كل من ليبيا والقاهرة وجزء من سوريا وجزء من بغداد والسعودية بالكامل والأغلبية من السودان.
شكلنا لجنة تحضيرية برئاستي وعضوية كل من عبدالله النعمان وإبراهيم محمد فكاك وإبراهيم محمد إبراهيم وغيرهم وطبعاً وجدنا مساعدات من معمر القذافي بحكم العلاقة التي تربط قيادة قوات التحرير الشعبية والقيادة الليبية بزعامة العقيد معمر القذافي فتكفل بنفقات جزء من المؤتمر في بيروت وحزب البعث العراقي. تبرع بمبلغ 10 آلاف دولار.
وعقدنا المؤتمر الأول لاتحاد عام لطلبة إرتريا التابعين لقوات التحرير الشعبية وانتخبت أول قيادة تنفيذية برئاستي وكان يتم التفريق بين الاتحاديين الجبهة وقوات التحرير باتحاد القاهرة تابع لقوات التحرير الشعبية واتحاد بغداد تابع للجبهة.