مذكرات وأوراق للدكتور محمد عثمان أبوبكر - الحلقة الحادية عشر
بقلم المناضل الأستاذ: محمد عثمان أبوبكر - القيادي في التنظيم الموحد سابقا
بعد ذلك بدأ التنظيم في أعداد المؤتمر الوطني العام وأنا كنت أعد نفسي لخلافة برج في المؤتمر القادم وارشح نفسي أولاً عضو اللجنة
المركزية وثانياً عضو اللجنة التنفيذية وثالثاً رئيساً للجنة التنفيذية هذه كانت طموحاتي.
ومن حقي أن أطمح وهو مشروع، وأصل لهذا المنصب بالطريقة الديمقراطية لا التعيين، لأني كنت أرى نفسي أكفأ له، وهو حق من حقوقي، لجهدي وإخلاصي لكي أسند عثمان سبي، وكان هناك اعتقاد جازم من الجماهير الملتزمة في التنظيم الموحد بأنني استطيع أن أملأ هذه الخانة بدل برج، وكان التنظيم يتكون من ثلاث كتل وأننا نعقد المؤتمر الموحد، ولم ندمج بعد إلا المؤسسات ولذلك أنا كنت أقود كتلة لقوات التحرير الشعبية، أبوبكر محمد جمع كان يقود كتلة للجنة الثورية، وصالح اياي كان يقود كتلة الجبهة.
وتفاهمتُ مع أبوبكر محمد جمع وكتلته لترشيح نفسي لخلافة عثمان صالح سبي وعملنا اتفاق (جنتل مان) وحقيقة كنت أدعمهم بقدر المستطاع لتعبئة جماهيرهم في هذا الموضوع وفتحت قنوات مع كتلة صالح اياي، ولكن ما كنت واثق بان هؤلاء الجبهة مع تقديري لدورهم لا عهد لهم ولا وفاء، كوادر حزب العمل، وكان عندي فهم إحساسي بأنه هم السبب وراء خذلان الجبهة، وما وصلت إليه من انهيارات لانهم لا يؤمنون، بالله شيوعيون، والشيوعي لا أيمان له بالله، الذي لا يؤمن بالله ولا بواجب على صلاته وقيمه الدينية لا أمان له اصلاً.
وكنت واثقاً تماماً من مصداقية كتلة أبوبكر محمد جمع واغلبهم من الماريا، وللتاريخ فقد قفوا منذ البداية مع عثمان سبي، هذه البداية عدد البحار ليكونوا سنداً لـ عثمان سبي هم من المؤسسين الأوائل لقوات التحرير الشعبية وللتاريخ أبناء ماريا أنا شخصياً كان لي علاقة وطيدة معهم من بداية الحركة الطلابية وعلاقات بين الجبهة وقوات التحرير الشعبية وهم من استنكروا استهداف القيادة العامة لأبناء البحر الأحمر وسمهر وتم اعتقالهم هم وعوبل البني العامر.
وكان ـ جميعاً عروبة إرتريا وترسيخ العروبة والإسلام في إرتريا فكانوا أنصار في الحركة الطلابية وكانوا أنصار عثمان في القيادة العسكرية ولذلك كنت واثق من هذا التوجه من هذه العناصر بأنها صادقة مع وقوفها معي وعثمان.
على كل حال ما ذكرته كان من باب وفاء لأبناء القبيلة ولكن هناك مجموعة كانت في إطار اللجنة الثورية، ولم يكونوا أبناء القبيلة ولكن كانوا أعضاء في اللجنة الثورية، وهم خارج إطار القبيلة، وأقرب لي من ناحية إقليمية وهؤلاء كان يتزعمهم علي محمد سعيد برحتو وعبد الرحمن ـ وكان ضد ترشيحي ولم يتمنوا لي أي خير لحساسيات قديمة وقد وقفوا ضدنا مع اللجنة الثورية والبعثيين ايام انقلاب عجيب ضد قوات التحرير الشعبية، ومن يومها قلبهم امتلأ بالحقد والكراهية واستمروا في هذا الحقد، وفي طبيعة مغروسة في الإنسان هم كانوا ضدي وتزعموا في إطار اللجنة الثورية مجموعة قليلة خارج القبيلة يعتبروا أقليات وأنا لن أعيرهم أي اهتمام لأنهم كانوا يشكلوا قلة ضئيلة، ولكن يعملوا تشويش بالرغم من أن ابوبكر وفها معي ـ عثمانكة الطلابية وكانوا أنصار عثمان في القيادة العسكرية وكان يقدرهم ويحترمهم بسبب وقوفهم معهم في الشدة لكن تأثيرهم كان محدود وكان هناك مجموعة من المصوعيين وهي قليلة كانت تقف مع عمر برج وهي لا تذكر.
هكذا كانت خريطة الصراع عندما قررت ترشيح نفسي لخلافة سبي، وكنت أعلن هذا الموضوع صراحة ولم يكن سراً أو خافياً وكانت مجموعة البني عامر في التنظيم الموحد وقوات التحرير الشعبية كلهم كانوا معي بزعامة محمد عثمان علي خير الصديق في الحركة الطلابية والنضال والصبا، وهو من المعارضين القلائل، ويتبنون التوجه العربي الإسلامي في إرتريا.
هكذا كانت خريطة الصراع في الساحة وكان عندي قبول من الجماهير العريضة وبتخطيط وترتيب منظم عملت لفترة الستة أشهر لترسيخ هذه الفكرة في الجماهير وكان محمد عثمان علي خير ينصحني أن أتحالف مع الجميع على اساس المبدأ والفكرة حيث أننا كنا في قوات التحرير الشعبية نؤمن بالتوجه العربي الإسلامي في إرتريا وتعبئتي للجماهير كانت على هذا الأساس فكرياً واستراتيجياً وليس لي أي حساسية إقليمية حتى هذه الفترة موقفي واضح مع الجميع وبالتالي كنت أتعامل مع الجميع خلاف بعض المصوعين الذين كانوا معي ضمن قوات التحرير الشعبية متقوقعين على أنفسهم إقليمياً، لذا فقد نجحتُ وأحرزتُ انتصارا ساحقا في الانتخابات.
أتذكر واقعة حدثت لي حيث اجتمع بعض المصوعين من رؤساء المكاتب في الخارج بالإضافة إلى أسمروم أبرها، وقيادات شعبية منهم طه محمد نور وطلبوا مني عدم ترشيح نفسي وحينما سألتهم عن السبب أجابوا بقولهم لأنك طرحت نفسك خليفة لعثمان في التنفيذية وقلت لهم من حقي ديمقراطياً ترشيح نفسي كعضو بارز وأساسي في قوات التحرير الشعبية، وقدمتُ أكثر منكم في قوات التحرير الشعبية، وممثلاً في الخليج للجبهة منذ بدايتها لن يفوق أو يسبقني أحد مما قدمه من إمكانيات ومساعدات وعلاقات كانت تخدم القضية الوطنية. وأنا من الذين بنوا قوات التحرير الشعبية مع عثمان سبي وأنا أحق بأن أترشح وليس مرشحاً عن إقليمي بل عن كل الجماهير وإذا استطعتم أن تقتلوني بأي طريقة أردتم لكم ذلك وهو حق تملكوه عبر الطريقة الديمقراطية ولا يحق لكم منعي من الترشيح، وكنت قد منعت من السكن في المعسكر (البيت الأبيض) مقر عمر برج فيما كان كل رؤساء المكاتب كانوا هناك، عدا أنا، حيث كانو يريدون مني أن أسكن مع أبوبكر محمد جمع لكي يشوشوا علي ويقولوا أن أبناء ماريا قد أخذوه. وطلبوا من أبوبكر محمد جمع أن يضرب لي خيمة منفردة وسط الجماهير مع المؤتمرين في ساسريب وفتشوا حقيبتي، وكانوا يعتقدون بأنني دخلت بأموال لكي أوزعها في المؤتمر ولم يجدوا فلسا واحدا داخل حقيبتي، بينما جاء أسمروم ومعه الآلاف الجنيهات لتوزيعها على الجماهير.
ولقناعتي واتفاقا مع الزملاء كانت لنا جولة في فترة بداية الانتخابات، حيث قمنا بها أنا وأبوبكر جمع وصالح اياي والتقينا في السعودية وجمعنا ــ تحالفنا وقالو لنا أن يعطوننا مصاريف التحرك للانتخابات لكل واحد منّا 600 ألف ريال وذلك بسبب موقف السعودية من عمر برج وكانوا يؤيدوا ترشيحي لقيادة التنظيم الموحد، طلبت منهم أن يوزعوا المال بأن يقيموا الأموال على أبوبكر وصالح اياي وأنا في غنى عنها وقلت لهم أنا سأتكفل بجماعتي لأن قلت لهم غداً حينما أنجح ستقول أنت أتيت بهم بمالي وبالتالي سأريك جماهيري دون الأخذ منك فلساً واحداً، وذهبت الأمور في التعبئة العامة إلى أن أعلن انتخاب احد لاختيار القيادة وأنا نسقت مع جماعتي وجماعة الجبهة اللجنة الثورية أنزلنا قائمة واحدة من الأطراف الأربعة بما فيها قائمة عثمان علي خير (البني عامر)، أحرزتُ أصواتاً كبيرة في المؤتمر وانتخبت عضواً للجنة المركزية للتنظيم.
ومجموع الأصوات التي أحرزناها كجناح القوات واللجنة الثورية في المؤتمر كانت كافية بتشكيل لجنة تنفيذية بأسس ديمقراطية بدون جناح الجبهة لاننا سبق وأن وضعنا أسسا وقرارات في المؤتمر لإلغاء الصيغة التوفيقية التي كانت سائدة في بداية التنظيم الموحد، واتفقنا أن يكون هدفنا إقامة تنظيم واحد سياسياً وعسكرياً وفق معايير ديمقراطية وإقامة تنظيم واحد وإلغاء المسميات التي كانت موجودة (اللجنة الثورية - قوات التحرير الشعبية - جبهة التحرير الإرترية).
أثناء تشكيل القيادة بعد المؤتمر جاءت تدخلات خارجية من ناحية، ومن ناحية نكست عناصر الجبهة عهدها الذي قطعته معي قبل الانتخابات، التدخل الخارجي جاء من جهاز الأمن السوداني ومن باهبري مندوب السعودية، وقالوا لمدة ستة أشهر قادمة يجب أن يكون عمر برج رئيساً للجنة التنفيذية.
وأيضاً من الجبهة بعد أن ضمنوا نجاحهم في المؤتمر بتصويتنا لهم حسب الافاق نكسوا عهدهم وقالوا من مصلحتنا أن يكون عمر برج، لأنه ضعيف ونقوم بابتزازه لتنفيذ ما نريده من مصلحتنا الآتية تقتضي ذلك لأن عثمان سوف ينطلق لبناء تنظيم قوى وهو يملك إمكانيات الخليج والجماهير العريضة التي معه ولذلك لا نستطيع أن نمارس عليه الضغط، وهكذا أبلغنا وأيضاً الموقف السعودي والسوداني يرى ذلك.
ولهذه الاعتبارات كلها نحن جبهة التحرير في حل عنكم من الاتفاق الذي عملناه معكم ونرى أن يكون في قيادة هذه المرحلة عمر برج، بالرغم من اخفاقاته التي نعرفها جميعاً، وقاموا في الجبهة بتشكيل لجنة برئاسة صالح اياي، وقوات التحرير الشعبية كانت برئاستي وكان فيها سليمان كليم وإبراهيم أمريكاني وعمر عبدالله، ونوري محمد عبدالله ومن جانب اللجنة الثورية كان فيها أبوبكر محمد جمع وعلي محمد سعيد برحتو، وإبراهيم حمد إبراهيم، وحمد خير، وإبراهيم عثمان، حيث اجتمعت اللجان الثلاثة، وأبلغنا فيه بموقف الجبهة باستثناء عمر جابر الذي كان ضدهم.
على كل حال فضينا الشراكة مع الجبهة وطلبت من مجموعة اللجنة الثورية الأحداث التي أحرزناها معاً. من حقنا أن نشكل ديمقراطياً اللجنة التنفيذية التي نريدها وهنا، كما كنت أتوقع ظهر جناح معارض في داخل اللجنة الثورية بزعامة محمد سعيد برحتو وكانوا ثلاثة أفراد وإذا تجاوزنا يمكننا تشكيل الأغلبية.
أصوات برحتو وعمر برج مع اثنين والجبهة كل هذه الأصوات تفوقنا عليهم ديمقراطياً، وهنا مارس باهبري والسودان ضغوطاً على أبوبكر محمد جمع لاثنائه عن قراره نتيجة لوقوفه معي وقد استخدموا أسلوباً قذراً للضغط عليه وأخبرني بأنه يواجه ضغوطاً خارجية وخاصة من السودان وعندما رفضت هذا الموقف تحولت هذه الضغوط علي وجاءتني برقية عاجلة من الزبير محمد صالح نائب الرئيس السوداني تطالب بعدم ترشيحي لرئاسة اللجنة التنفيذية، وإعطاء الفرصة لعمر برج لمدة ستة أشهر، وعبدالله باهبري انفرد بي في اجتماع في الميدان وطلب مني لاعتبارات سياسية وأمنية وتطورات الساحة الإرترية بأن أقبل هذه الضغوط ونحن في السودان نوقع على وثيقة ونعطيك نسخة بأن الرئيس العقلي جماهيرياً تشمل فيك وعليك بالصبر لمدة ستة أشهر، ويكون اجتماع المجلس المركزي بتحديد فترة زمنية مدتها ستة أشهر ـ برج يتنازل عن الموقع، وتقوم أنت بترشيح نفسك، وكان هذا حلاً وسطاً إن كنت قد قبلته، وللتاريخ فقد وضعت علامة استفهام مفادها قلت لهم هذه توجيهات لاختيار شخص ضعيف ـ تنظيم قوى ينافس الجبهة الشعبية ولذلك تعملون أنتم وفق تعليمات خارجية مفادها تهميش التوجه العربي الإسلامي في الساحة الإرترية ولذلك تبقى الساحة منفردة للجبهة الشعبية.
وما يؤكد حديثي هذا سأذكره ـ وهو عندما كنت مسئولاً عن العلاقات الخارجية في اللجنة التنفيذية للتنظيم الموحد، رفضت تعليمات السودان والسعودية، وقلت لهم بدل أن أقبل حديثكم أفضل أن أقاتل مع الشعب وارتدى حذاء (الشدّة) وأقف في الميدان مقاتلاً لحين تحقيق الانتصار، وقلت لباهبري ماذا غيّر موقفكم وكنتم ضد عمر برج، هل جاءتكم تعليمات خارجية في هذا الموضوع، وأخبرني بأنه ليس هناك جديد ولكن لاعتبارات سياسية وخارجية في الساحة الإرترية، وقال أن هناك محادثات ستجري بين الجبهة الشعبية واثيوبيا بزعامة الرئيس الامريكي الاسبق كارتر في أتلانتا الامريكية، وعلمنا أيضاً أن منجستو يرغب إجراء الحوار مع بقية الفصائل (اللجنة الثورية والجبهة) ونخاف أن تفشل هذه اللقاءات ولذلك نعطي الفرصة لـ عمر برج في هذه المرحلة حتى تعرف النتائج والستة أشهر ليست بعيدة وسوف تتضح النتائج، وكان موقفي صلباً مع جماعتي، وكنا قد خططنا كقوات تحرير شعبية إذا أنا أصبحت رئيساً نعلن محاولة فتح الحوار مع جبهة التحرير جناح عبدالله إدريس ونعلن وحدة اندماجية معه وكان هذا قراراً سرياً اتخذناه تعلن وحدة اندماجية مع عبدالله إدريس بأي ثمن وأنا أرشح لعبد الله إدريس بالرئاسة وأظل مسئولاً عن العلاقات الخارجية ونبني تنظيم جديد قوي يواجه إثيوبيا والجبهة الشعبية.
الجبهة الشعبية في تلك الفترة حررت مصوع، ووضعتُ خطة للتنظيم الموحد لاحتلال عصب وهذا كان في الإطار بيننا والجبهة عندما شممنا برائحة المؤامرات بالتنظيم الموحد لكي يبقى ضعيفاً ويموت ببطء وإتاحة الفرصة للجبهة الشعبية. هكذا أحسست عندما اخترقوا الجدار الذي كنت احتمي به وأشق معه جماعة أبوبكر محمد جمع.
خضع ابوبكر محمد جمع لضغوط السودان والسعودية، وأبلغني بأن نمرر هذه المرحلة، وأنا أكدت بأني عضو تنفيذي ورئيس العلاقات الخارجية، ورفضت هذا العرض أيضاً، وقلت له أنا أبقى عضو مجلس أمثل التنظيم في الخليج حتى تأتي الفترة الزمنية المحددة بتغيير عمر برج، ولكن مجموعة الجبهة واللجنة الثورية والوسطاء السودان والسعودية طلبوا منهم رفض هذا العرض وقالوا لهم اختيار محمد عثمان أبوبكر في اللجنة التنفيذية ومكتب العلاقات الخارجية لا بد منه لأنه يمثل جناح مهم وفعال ومؤثر لذلك خافوا من انشقاق التنظيم الموحد والخيار الوحيد الذي عندهم أن يتحد مع جبهة التحرير الإرترية جناح عبدالله إدريس ويلعب دور كبير في وحدة ثلاثية مع الجبهة واللجنة الثورية لأن كلا الجناحين كان توجههما عروبي وإسلامي، وأمام هذه الضغوطات كلها قبلتُ هذا الموضوع لكسب جماعة أبوبكر واحترامهم وأن يستمر تنسيقنا لمواجهة العناصر اليسارية التي انضمت إلينا من الجبهة بقيادة صالح اياي، وتم اجتماع المجلس المركزي، واخترنا علي محمد سعيد برحتو رئيساً للمجلس المركزي للتنظيم الموحد، واختير عمر برج رئيساً للجنة التنفيذية، وكانت عن تسعة أشخاص، وتم اختياري رئيساً لمكتب العلاقات الخارجية وصالح اياي نائب الرئيس وأبوبكر محمد جمع رئيس المكتب العسكري ونوري محمد عبدالله رئيساً لمكتب الأمن وتنازلنا عن منصب المالية للجبهة وتم اختيار حسن محمد عثمان كنتيباي لها، وفرضنا عمر جابر رئيساً للمكتب الإعلامي.
في أول اجتماع للجنة التنفيذية قررنا تغيير ممثل مكتب الجبهة بجدة وتغيير ممثل المالية وتعيين محاسب مالي جديد وهو سليمان موسى حاج، وقررنا أيضاً إرسال وفد إلى اليمن للمشاركة في اجتماع وفد من كل الفصائل لمقابلة وفد إثيوبي وإحلال السلام بين إثيوبيا وإرتريا. وتحركنا أنا وإدريس قلايدوس وعمر برج، وعمر جابر إلى اليمن وكان وفد من إثيوبيا رفيع المستوى برئاسة وزير خارجية منجستو، وكان وفد من الجبهة برئاسة عبدالله إدريس ووفد من اللجنة الثورية برئاسة عبد القادر جيلاني، ولم نصل إلى أي اتفاق مع الوفد الإثيوبي وكان يشرف على المحادثات وزير الخارجية اليمني عبد الكريم الأرياني، وبعد سلسلة من الاجتماعات استغرقت ثلاثة أسابيع لم نتوصل إلى أي اتفاق، وطلبنا انضمام الجبهة الشعبية في المفاوضات وأن توجه لها الدعوة من اليمن.
على كل حال تأجلت الاجتماعات بسبب ما كان يواجهه منجستو من مشاكل داخلية، وعرض الوفد الإثيوبي إعادة الاتحاد الفيدرالي، ويمكن منح حكم ذاتي لإرتريا. ورفضنا هذا العرض وكانت مطالبتنا تتركز في الاستقلال التام وذلك بانسحاب القوات الإثيوبية من إرتريا، هم قالوا أنهم ليسوا مخولين في البت في أمرنا، وطلبوا منا عرض ذلك على الحكومة.
وفي نفس الوقت كانت هناك محادثات بين الجبهة الشعبية ووفد إثيوبي، وفد الشعبية يقوده الأمين محمد سعيد وكانت المحادثات برعاية جيمي كارتر، وكلا المحادثات لم تتوقف، واستمر نظام منجستو في الانهيار وأصبحت المعارضة الداخلية تتفاقم وتنفجر بعنف وذلك عام 1991 مما أدى إلى انهيار كامل للنظام ودخلت المعارضة الإثيوبية برئاسة (إهادق) الحزب الحاكم في إثيوبيا، كما دخلت الجبهة الشعبية أسمرا في نفس العام، أذكر حادثة في هذا الموضوع في عام 1987 في نفس الفترة التي جاء فيها عثمان صالح سبي إلى أبو ظبي كان منجستو قد بعث وسيطاً من اليمن الجنوبي يطلب التوسط بين جناح عثمان ومنجستو، وعرض في نفس الوقت منح حكم اتحاد كونفدرالية بين إرتريا وإثيوبيا يكون لإرتريا برلماناً خاصاً وحكومة خاصة.
ورفض عثمان هذا العرض قائلاً لا بديل للاستقلال وطلب من منجستو قبول الأمر الواقع والاعتراف باستقلال إرتريا مستفتياً فيه الشعب الإرتري بإشراف دولي ومقابل علاقات اقتصادية وسياسية مع إثيوبيا ناسين جروح الماضي مع تقديم التعويض من إثيوبيا أو من الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة تعويض لخسائر الحرب الذي من شأنه أن يساعد في بناء إرتريا الجديدة (البنية التحتية) التي دمرها الإثيوبيون أثناء الحرب، وكنت مشاركاً في هذا اللقاء مع عثمان سبي خلال لقائه مع الوفد الإثيوبي عبر الوسيط اليمني الجنوبي والوفد اليمني أخذ الاقتراحات وسافر إلى أديس أبابا وعلمنا مؤخراً من الوسيط اليمني أن منجستو طلب منهم قبل أن يرد المطالب إعطائه الفرصة للرد على مطالبنا ودراستها من جميع الجوانب ولكن لم يمهل القدر، وأثناء مناقشة هذا الموضوع للمرة الثانية مع منجستو عبر الوسيط اليمني الجنوبي مرض عثمان صالح سبي وتوفي في القاهر.
قام منجستو بإلغاء الاتفاق، ومواصلة للحديث السابق هناك محادثات برعاية ديفيد كوهين وكيل وزارة الخارجية الأمريكية في لندن، وتم الاتفاق بين الجبهة الشعبية والمعارضة الإثيوبية أن يدخل كلا منهما إلى عاصمة بلاده، ويرتب الأمريكان خروج منجستو من أديس أبابا، ووفقاً للاتفاق خرج منجستو بتآمر من قيادته عليه إلى زيمبابوي (هراري) وطلب حق اللجوء السياسي.
ونحن كلجنة تنفيذية كنا نواصل اجتماعاتنا ونناقش مع بعضنا عما يمكن فعله بعد هذه التطورات التي أدت إلى دخول الجبهة الشعبية أسمرة وفرض سيطرتها على عموم إرتريا، وكان قد سبق أن فرضت الشعبية سيطرتها على مصوع 1989، وفي تلك الفترة أنا قررت اجراء اتفاق سياسي وامني بزيارة اليمن واللقاء مع مجموعات من مليشيات (ودي قبا) ومجموعة مناوئة للجبهة الشعبية من العفر كانوا أعضاء في جيش التحرير للجبهة، عبر المناضل أحمد أحو وكان عنده صلة وكان مسئولاً عسكرياً ومنظماً لجبهة دنكاليا، عقدنا اجتماع سري في خوخا ووضعنا خطة لفرض السيطرة على ميناء عصب، وطلبوا مني توفير زوارق مطاطية نقوم بشرائها من دبي والسعودية، وتتكفل السعودية بنفقاتها وتوفير أسلحة وإحضار وقود من السودان إلى اليمن، وعاد الوفد إلى السودان ثم إلى الميدان، وعقدنا أول جلسة للجنة التنفيذية وعرضنا التقرير على اللجنة والخطة المراد تنفيذها ولكن السيد عمر برج وصالح اياي رئيس اللجنة التنفيذية ونائبيه رفضا هذه الخطة، لا يمكن أن تحتل عصب وسندخل في مواجهة مع الجبهة الشعبية، وأوضحنا عبر المعلومات التي جمعناها بأن القوات في عصب قليلة جداً وكانت هناك معدات عسكرية ضخمة من معدات ودبابات حديثة ومدافع على الأقل قلنا نستولي على الأسلحة وندمر الطائرات التي كانت موجودة، ونبقى في عصب وتتفاوض فيها من مركز قوة مع الجبهة الشعبية مع تركيز كل قواتنا على الأقل نحو منطقة دنكاليا.
سقط هذا الاقتراح والخطة بسبب وقوف بقية أعضاء التنفيذية مع الرئيس ونائبه واستمرت اللجنة التنفيذية في مهامها وحاولنا عقد اجتماع مجلس مركزي بحسب الاتفاق السابق لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقاً ولكن فشلنا في عقد اجتماع وتوقفت مساعدات أبو ظبي عام 1991 بعد دخول الجبهة الشعبية إلى أسمرا بينما بقيت السعودية في تقديم المساعدات إلى حين حل التنظيم ودخول إرتريا.
وهنا حصلت تطورات عام 1990 - 1991، حيث أن اللجنة التنفيذية برئاسة عمر برج ومحمد سعيد ناود وحسن كنتيباي وعمر جابر، ومحمد علي إدريس، وصالح اياي، ونوري محمد عبدالله اتخذوا قرار باعتقال أبوبكر محمد جمع، وإبراهيم محمد إبراهيم عضوي مكتب تنفيذي وذلك بسبب حجة واهية قائلين بأنهم اكتشفوا أن كل أبناء الماريا جواسيس للجبهة الشعبية.
وللتاريخ أنا الوحيد رفضت وعارضت بشدة هذا الموضوع وقلت هذه بداية لدفن التنظيم الموحد في ساسريب، وقلت لهم على المثل السوداني ـ في شنو والناس في شنو، لأن الجبهة الشعبية كانت على أبواب السيطرة على كل إرتريا وأنتم ما زلتم تتآمرون على بعضكم البعض ولذلك نعتبر هذه منكم للتخلص من جزء كبير من أعضاء التنظيم الموحد ولهم فاعلية ومؤثرين، ونفذت الخطة، والقوا الاعتقال على كل من ينتمي إلى هذه القبيلة لأنهم كانوا يمثلون جناح اللجنة الثورية، وبتآمركم هذا ستدفعون هذا الجناح بكامله تسليم نفسه إلى الجبهة الشعبية، وكان الهدف من ذلك كسر جناحي حيث كنت متحالفاً مع أبوبكر محمد جمع.
والجدير بالذكر أن محمد سعيد ناود أحمد جاسر رفضا الوحدة وعملاً جناحاً لقوات التحرير الشعبية بزعامة أحمد جاسر ولكن هذا الجناح انقسم على بعضه البعض بعد مقتل تسفاي محرت الذي استشهد بعد حصار الجبهة الشعبية وانقضاضها على جناح أحمد جاسر ومحمد سعيد ناود وسابقاً كانوا متفقين مع الجبهة الشعبية حيث فتحوا معهم قنوات اتصال، وكانت الجبهة الشعبية تشجعهم على عدم الانضمام في الوحدة الثلاثية التي أقامها عثمان صالح سبي، وبالمقابل تمنحهم الرعاية والتمويل، ولكن هذا كله كان مجرد وهم لأن الجبهة الشعبية لا يمكن أن تثمن تنظيم يتعارض معها سياسياً وفي نهاية المطاف هجمت عليهم في معسكراتهم، وقضت عليهم بعد أن قتلت منهم العديد على رأسهم القائد العسكري تسفاي محرت وإبراهيم إدريس بليناي وأسرت منهم الباقين، وكانوا يعتقدون أن أحمد جاسر يقيم في المعسكر، نجا أحمد جاسر من هذه الحادثة بأعجوبة، واخذ بعدها يلملم بقية جيشه المشتت وبقي في المعسكر فترة، ولكن بعد أن سافر إلى كسلا انقلب عليه الجيش بزعامة ودي باشاي، حيث قرروا التخلص من أحمد جاسر وأقروا استدعاء محمد سعيد ناود رئيس التنظيم وطلبوا منه الانضمام إلى التنظيم الموحد حيث بقت منهم قوات تقدر بفصيلتين.
قبلنا بانضمام مجموعة قوات محمد سعيد ناود إلى التنظيم الموحد حيث اخترنا سبعة من المجلس المركزي برئاسة ناود وقبلنا ناود عضواً في التنفيذية.
وعلى الجانب الأخر كانت هناك مجموعة محمد علي إدريس أبو جاسم من ابناء الساحل انشقوا عن اللجنة الثورية جناح عبد القادر جيلاني، وكانت مجموعة ضئيلة تعد بالأصابع أعلنت انضمامها الى التنظيم الموحد، وقبلنا منهم خمسة أعضاء في المجلس المركزي وعضو تنفيذي وهو محمد علي إدريس.
طرحت الموضوع عرضاً لكي أذكر الجناحين اللذين تم استيعابهما مؤخراً في التنظيم الموحد، جاءوا البيت بمشاكلهم وتجربتهم الانشقاقية، ولذلك أنا اعترضت على قبولهم في التنفيذية ولكن الأغلبية وافقت على قبولهم واصبحوا جزءاً من التنظيم الموحد ومشاكله، وشاركوا معنا في إقصاء جناح أبوبكر محمد جمع، حيث لعبوا دوراً كبيراً في هذا المجال.
وفعلاً من يوم ما اتخذوا هذا القرار الجاحف في حق هذه المجموعة قمت أنا بحماية أبوبكر محمد جمع ومجموعته، ولم أمكنهم من اعتقال الكوادر المتقدمة المحسوبة على الماريا وعلى رأسهم إبراهيم عضو تنفيذي وابوبكر محمد جمع.
ولم يخب ظني بعد استيلاء الجبهة الشعبية على أسمرا أعلنت هذه المجموعة بفتح قنوات مع الجبهة الشعبية وأعلنوا انضمامهم مع الجبهة الشعبية واستوعبتهم الشعبية هم والمقاتلين الذين كانوا تابعين لهم واستخدمتهم في جميع المرافق الحكومية.
بقينا نحن القيادات السابقة بجانب محمد سعيد ناود ومحمد علي إدريس وفشلنا في الاستمرار مع بعضنا البعض، وكانت جماعة ناود تخطط للانقلاب علي عمر برج وجماعة صالح اياي تخطط بالانضمام إلى الجبهة الشعبية، واذكر في آخر اجتماع تشريعي ذكر لنا محمد شيخ عبد الجليل بأن العمر الافتراضي للتنظيم الموحد قد انتهى وبالتالي يجب أن يُحمل ويُضم إلى الجبهة الشعبية ونستسلم لها ونعود إلى إرتريا.
وتم بعد ذلك عزل برج من رئاسة التنظيم الموحد وسافر صالح اياي مع مجموعته إلى اسمرا إزاء المواقف والتطورات التي صاحبت التنظيم من خروج جناح اللجنة الثورية برئاسة أبوبكر محمد جمع إلى إرتريا وسافر صالح اياي ومجموعته جناح الجبهة إلى إرتريا، اتخذت قراراً بانفرادي وقلت أن التنظيم الموحد لم يكن موجوداً وكان في غرفة الانعاش، وذكرت في بيان أصدرته بأنني قد حررت له شهادة وفاة ولم يكن في ذلك الوقت التنظيم الموحد برتبته الحالية وانقسم إلى أجنحة، وفي نهاية المطاف حتى عمر برج لم يسلم من مؤامراتهم حيث انقلبوا عليه بتوجيه من باهبري لكي يستلموا المبالغ المقررة.
وشخصياً هذه الأسباب والعوامل مجتمعة دفعتني لكي أعلن أن التنظيم الموحد انتهى ومر بظروف قاسية ولم يسلم من الخطأ، والكمال كله لله. لكن للتاريخ استطيع القول بأن التنظيم مر بأمراض نفسية أدت إلى انهياره تماماً وخاصة أنه فقد مؤسسه الأول وراعيه المناضل الزعيم عثمان صالح سبي رحمه الله، والتنظيم الموحد يعتبر جزءأً من تاريخ النضال الإرتري أن الجبهة جزء من التاريخ الإرتري ولا يسلم أحد من الوقوع في الخطأ، ويمكن القول أن تجربة التنظيم الموحد كتجربة سياسية مختلفة هناك نجاحات بقدر ما كانت الاخفاقات وهذا نتج بسبب تعدد المدارس الفكرية التي جمعها التنظيم من أجل تصعيد النضال السياسي بهدف استقلال إرتريا.
بهذه المناسبة أريد أن أشير إلى تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي كنت اسمعها أستطيع أن أقول أنها صدرت من قبل عمر برج. وإلا فإني ليس الوحيد الذي تحمل مسئولية تمثيل التنظيم أو تمثيل القيادة، فمعظم الناس اعتقد غالبيتهم رشح في اعتقادهم باعتباري أنا من أقرب المقربين لـ عثمان صالح سبي فكانوا يعتقدوا أن محمد عثمان ابوبكر له أموال طائلة بحكم مسئوليته في مكتب الخليج، أنني لست بمفردي الذي كنت مسئولاً عن الخليج كانت هناك قيادة على رأس تنفيذية تحاسبني في كل كبيرة وصغيرة وكان هناك محاسب عام للجبهة، ذكرته سابقاً واوردته في مجمل حديثي وهنا اسأل من اين تأتيني الأموال الطائلة وهو حديث يتناوله الناس من حين لأخر من أين لي بها إذا كان هناك محاسب مالي ومراجعة سنوية لأعمالنا في كل المكاتب والخليج واحدة كان هناك اعتقاد لذلك بأن أموال الخليج كانت تحصل بسهولة وهنا أود أن ألفت انتباه القارئ بأنني حينما كنت أمثل المكتب في الخليج كنت أطلب المساعدات المالية والعسكرية باسم التنظيم وهي ليست مساعدات في متناول اليد، هي في السنة مرة واحدة كما ذكرت سابقاً المقررة للتنظيم مليونين دولار من خزينة الدولة رأساً إلى حساب الجبهة بعد إخطار وزارة الخارجية بقية دول الخليج، وخاصة البحرين لم يكونوا يساهموا بصفة سنوية وإنما من حين لأخر إما بتحويل مباشر ورسمي، أوعن طريق شيك باسم التنظيم.
ولذلك فإن الحسابات كلها واضحة وما كنا نقوم بصرفه كانت مقررة من ضمن ميزانية الجبهة للمكاتب الأخرى عبر إشراف مسئول العلاقات الخارجية للتنظيم. ولذلك الادعاء الذي أطلق كان باطلاً وأنا ما كنت سأذكر هذا الموضوع وهو خاضع للتنظيم ومحاسبتها، لكن نحن الإرتريين ابتلانا الله بسوء الظن والشكوك، فمن كان يطلب المساعدات من الخليج ما كان يعطي له شيئاً بصفته الشخصية، إن إيجار البيت والمكتب كان يتحملها وبذلك ما كنت أملك إلا مخصصي الذي قرره لي للتنظيم.
وهنا أذكر حادثة وقعت لي في أمريكا حيث تقدمتُ بطلب للجوء السياسي عبر محام يهودي، وهذا كان يعرف الإرتريين وكان محامياً لمعظم الإرتريين الذين تقدموا باللجوء السياسي وتعرفتُ عليه عن طريق الأخ المناضل عمر محمد سليمان وهو زميلي، وكتبنا السيرة الذاتية وقدمناها للمحام، وبعد أن قرأ السيرة الذاتية قال أنت كنت مع عثمان صالح سبي في الخليج، قلت نعم ثم أخبرني بأنه سمع عني وعن نضالي، وقال بأن الإرتريين أخبروني بأن لديك أموال، وسوف أخذ منك مبلغ 5 آلاف دولار نظير أتعابي، قلت لو تصدقني لا أملك 500 دولار، حيث كنت سأمنحك إياها، وما سمعته كله عبارة عن إشاعات لو أملك فلوس، لماذا أطلب حق اللجوء في أمريكا، وكنت سأكون مستثمراً، أعمل بأموالي وأعيش في أي مكان.
لم يصدقني واخبرني بانه سوف يقدم أوراقي للحكومة وإذا كانت قضيتي سهلة فبها ويمكن تخفيض الأتعاب وإلا هذا يتوقف على مدى سهولة وصعوبة القضية. وكنت قد حضرت بأوراق ثبوتية ووثائق وصور مع الملوك والرؤساء وقصاصات صحف ومجلات عربية وعالمية تثبت أنني كنت مناضلاً حقاً، وعندما قدم هذه الأوراق قُبِلتُ، ودعم ذلك من وزارة الخارجية، حيث لقوا تقريراً عن كل الأنشطة بعد أن قُبِلَت أوراقي وتم امتحان.
قوبلت في نفس الشهر 1998 واخبرني بأن تم قبولي، وقال لي أوراقك كلها صحيحة ولذلك لم أبذل اي مجهود كبير لقبولك، وأتعابي فقط 500 دولار سوى كنت تملك مالاً أو لاتملك.
هذه الواقعة بتفاصيلها ذكرتها لكم، وما وصل إلى مفهوم المحامي اليهودي كانت بسبب إشاعات بعض الإرتريين عفا الله عنهم وكنت أتقبلها لأنهم كانوا يعتقدوا بأن لي أموال كثيرة، مثل هذه الاشاعات لم يسلم منها حتى المناضل عثمان صالح سبي، كانوا يعتقدون بان عثمان يملك أموالاً هائلة في بنوك سويسرا، هذا الحدث لم يأتي من فراغ أحد المناضلين من قيادات الجبهة ذكر بأن عثمان سبي يملك أموالاً في بنوك سويسرا وما معنى تثبيت حدثه هذا.
لأن ابتلانا الله بالقيل والقال والإشاعات وخاصة المسلمين، ما علينا إلا تشويه بعدضنا البعض. حينما مات عثمان ما كان يملك فلساً واحداً في جيبه وأبناءه حتى الآن يعيشون على الكفاف لم يتحملوا حتى دفع إيجار بيتهم في السعودية تكفلتُ بالمصاريف لأولاده بعد وفاته، حتى والتنظيم الموحد الأقرب إلى أبناء عثمان سبي لم يقرروا أي مصاريف لهم وهم يعيشون في سوريا، الشهادة لله بأن عثمان عاش فقيراً ومات فقيراً مناضلاً. ولكنه كان غنياً بقناعته وعفيفاً في مواقفه. ولم يطلب يوماً من الايام شيئاً لنفسه بالرغم من علاقاته الواسعة كانت مطالبه خاصة للتنظيم وأنا كنت تلميذه ونمشي في نفس الطريق الذي رسمه لنا أنا ومن كان معنا من المصوعيين بالذات. وأنا هنا لست مخولاً لاقناع الجميع لكن ما ذكرته فقط لا براء ذمتي وزملائي في مكاتب الجبهة وخاصة المصوعين لأن طول فترة إقامتي في الإمارات ومقابلتي العديدة الشيخ زايد لم أطلب شيء لنفسي بالرغم من الفرص التي أتيحت لي، أنا وعثمان سبي طلبنا منه منح جنسية لالفين عامل إرتري في الإمارات حتى يكونوا ركيزة في جميع الاشتراكات للتنظيم واستيعابهم في الشرطة وفي تلك الفترة كانت مجموعة من السودان والصومال واليمن يتم استيعابها في الشرطة أسوة بهم وافق الشيخ زايد وأصدر الأمر للجهات المختصة ولكن تباطؤ حدث في عملية التفتيش بين الدوائر المختصة، هذه الوقائع تعمدت لذكرها والتأكيد عليها لأن أموال الخليج لا تأتي الا تباطئاً.
التنظيم الموحد كما ذكرت في هذه الأجواء السودانيين بعد الاستقلال القيادات منهم خيرونا بأن نستسلم إلى حكومة إرتريا أو نقيم في السودان كأفراد والمعارضة مرفوضة وقالوا لنا نحن مع الاستقلال والحكومة الإرترية، ولا نريد أن نسبب متاعب للدولة الوليدة الناشئة، أمامكم خيارين أما البقاء في السودان كمناضلين معززين مكرمين أو الذهاب إلى إرتريا.
التنظيم الموحد فتح قنوات مع الحكومة الإرترية وكان بيننا خطة سليمة لدخول إلى إرتريا ونعمل حزب سياسي ونناضل من الداخل ولكن للاسف حكومة الجبهة الشعبية رفضت وطالبت بدخولنا على شكل أفراد، مع الأسف الإرتريين من كان معنا وفي الفصائل الأخرى كلهم تساقطوا كأوراق الخريف الكل أسرع متلهفاً ـ للحكومة وأغلب الكوادر دخلت، تركتنا واستسلمت كأفراد وجماعات وهذه ظاهرة عائق غير إيجابية وهي التي شجعت حكومة الشعبية لتطلب من القيادات الاستسلام كأفراد، أيضاً السعودية كانت تدعم التنظيم الموحد منحت مبلغ أربعة مليون ونصف عبارة عن تسديد ديون وحل التنظيم والتوجه إلى إرتريا كأفراد أو جماعات.
القيادة التنظيمية برئاسة محمد سعيد ناود وكان سبق أن بعثوا وفداً من التنظيم الموحد برئاسة ناود وعضوية أحمد كلو وحمد علي قاضي ومكثوا أسبوعين في إرتريا وأخيراً أخبرتهم الشعبية بأن يحلوا تنظيمهم ويأتي كأفراد، وقد سبقهم في السفر إلى إرتريا مجموعة الجبهة على رأسهم صالح اياي وللتاريخ صالح اياي لم يكن له أي رغبة بالسفر إلى إرتريا ولكنه أجبر هو وجماعته شُحِنُوا في طائرة شحن من الخرطوم قصراً بعد أن تم سجنه ثلاثة أيام ومارسوا عليه الإرهاب وبعده أخذ الى المطار مع مجموعته وانزلوهم في أسمرا، بقت مجموعة ناود وكانت مرتبطة بمساعدات السعودية، وكما ذكرت أنا شخصياً باعتباري عضو تنفيذي لم أقدم استقالتي ولم أكن مع الطرفين وحددت موقفاً محايداً واصدرت بياناً بانني حليت التنظيم ودخلت أسمرا منفرداً وشجعني جناح قوات التحرير الشعبية للسفر إلى إرتريا على أن يتم لقاءنا هناك، وقدمنا مذكرة للحكومة الإرترية والتقى بنا إسياس أفورقي، وكانت المذكرة تتضمن إقامة الديمقراطية والتعددية السياسية والاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية وابدينا استعدادنا للمشاركة في علمية البناء والتعمير التي كانت تنتظم عموم البلاد، والمساعدة في البنية التحتية، وكان نفس الشيء لمذكرة صالح اياي التي تضمنت نفس المطالب.
معظم عناصر قوات التحرير الشعبية وكوادر الجبهة واللجنة الثورية الذي سبقوا في الدخول مقدماً استوعبوا في الحكومة في مختلف المجالات، والتنظيم الموحد هو الفصيل الوحيد الذي أعلن نفسه ودخل إرتريا بينما بقت الأخرى دون حل نفسها على رأسها جبهة التحرير الإرترية بقيادة عبدالله إدريس والمجلس الثوري بقيادة أحمد ناصر بقوا في المعارضة. وكثير من التنظيمات التي تفرقت من الجبهة بقت معارضة بعضاً منهم اتخذ أرضية تحرك في إثيوبيا بعد أن سدت عليه الأبواب في السودان هكذا كانت نهاية التنظيم الموحد وبهذا الأسلوب والتطورات التي صاحبته بعد استقلال إرتريا.