مقابلة مع المناضل حامد صالح نائب قائد المنطقة الثالثة لجيش التحرير الإرتري واحد نواته الاولي - الحلقة الرابعة
أجري اللقاء المناضل: عبدالله حسن
في شرحه عن احوال المنطقة عند وصولهم فيها وموقف الجماهير والتي تتكون من مديرية اكلي قوزاي وسراي وحماسين أي
كل المرتفعات الارترية بالإضافة الي الساحل الشرقي لمديرية اكلي قوزاي. قال اولا هذه هي المناطق الرئيسية لمراكز جيش العدو الطور سراويت ووحداته العسكرية المختلفة بما فيها اسمرة.
بالإضافة الي البوليس والكوماندوس ثم تتواجد فيها اعداد كبيرة من الاسلحة التي وزعها العدو علي الشعب (الباندا) في القري المنتشرة في المنطقة. ومن مراكزها الاساسية هذه كانت تتحرك قوات العدو الي مواقع مختلفة من ارتريا لمجابهة الجبهة. وعليه من الطبيعي ان نلاحظ المجابهات السريعة المتتالية والتي كانت في بعد الاحيان شبه يومية مثل التي اشرنا اليها. وكان تعاون الشعب في هذه المنطقة عاليا بما فيها المدن التي تتواجد فيها خلايا سرية للجبهة واهمها اسمرة، عدقيح، صنعفي، مندفرة ودقي محاري. وكانوا يمدوننا بمعلومات هامة عن العدو وتحركاته بالإضافة الي دعم مادي محدود مثل اخراج بعد التموين من المدن المختلفة الي الريف الخ. وبصفة خاصة معظم الشعب الذي كان له موقف واضح من الوجود الاثيوبي كان تعاونه عاليا. ووصولنا الي المنطقة ايضا كانت فرصة للشباب للانضمام من قريب الي صفوف جيش التحرير وكان يصعب عليهم قبله الذهاب الي مناطق بركة وغيره للالتحاق بالثورة. وهنا ايضا التحقت المرأة الاولي للثورة الإرترية تتقدمهن المناضلة جمعة عمر ورحمة صالح ليحملن السلاح ضد العدو في تطور مستمر لنضالات المرأة وتضحياتها التي واكبت الثورة منذ بداياتها. وبهذه المناسبة ايضا من الاهمية بمكان ذكر دور المرأة المميز في المنطقة في مساندتها للثوار وتحملها الكثير من المشقات من اجل تجهيز الاحتياجات الضرورية من اكل وشراب للمناضلين والمخاطرة بدخول المدن لجلب احتياجاتهم مثل السكر واغراض اخري رغم حظر العدو ومتابعته، ولن انسي من النساء من كان يقمن بإعداد غذاء يكفي لعشرات المناضلين لوحدهن في القري الصغيرة بالذات وكذألك كانوا يصنعون الكفوف للذخائر والشنط من الجلود وشارات من قماش ملون يدعونه المناضلين في اكتافهم الخ. وكل منطقة كان لها شارات خاصة والمنطقة الثالثة كانت شارتها حمراء بالكامل.
ازداد عدد المناضلين القادمين من الريف والمدن باضطراد وتكونت وحدات جديد من الفصائل والسرايات. والمستجدين اللذين يتدفقون للالتحاق بالثورة معظمهم كان يتم تدريبهم داخل الفصائل بسبب احتدام المعارك مع العدو باستمرار دون انقطاع. وكثيرون هم من وصلوا منهم الي مراكز قيادية هامة ولعبوا ادوار قيادية مختلفة في المنطقة وغيره من المواقع في الساحة الارترية في مراحل لاحقة من النضال.
بالإضافة الي العمليات العسكرية المختلفة ضد العدو كانت العناصر القيادية في المنطقة يقومون بتعبئة سياسية في اوساط الشعب رغم الصعوبات المختلفة التي كانت تواجههم، لمحو الدعايات التي رسخها العدو في اذهان الشعب، من ان الجبهة هي ضد المسيحيين وغيره من الدعايات المسمومة بعقد اجتماعات للشعب في القري وحثهم بان الثورة هي ثورتهم والجبهة تناضل من اجل الاهداف الوطنية في مقدمته الاستقلال والحرية. وكانوا ايضا يدخلون بعض المدن لمهام تنظيمية. وهذا لا يعني ان كل الشعب في هذه المناطق كان مسلح من قبل العدو او واقف مع العدو وكانت هناك قري فيها احرار وطنيين مشهود لهم بالوقوف مع الثورة رغم سيطرة العدو في هذه المناطق. وكنا نناشد حاملين السلاح من الشعب بان لا يوجهوا سلاحهم ضد الثورة بأساليب مختلفة.
وعلي سبيل المثال قبضنا في عدي اقالع اثنين من المليشيات اي الباندا وهرب ثالثهم واخذناهم معنا اتجاه قرية مسيام ولحقوا بنا الشعب من قريتهم ونحن هناك اخذنا السلاح واطلقنا صراحهم بعد تعبئتهم. وهذا كان له تأثير ايجابي علي المسلحين من ان الثورة ليست ضدهم. وفي جانب اخر كانت ايضا عناصر متعصبة يحركها الاستعمار الاثيوبي ممن ارتكبوا جرائم بشعة ضد الشعب من قتل وحرق القري وابادة المواشي ونهبها بالتعاون مع جيش الاستعماري.
و في قرية عدي اسمرو كان هناك شخص يدعي شقا كفلي هذا الشخص كان يحمل السلاح من ايام الانجليز، والانجليز سمحوا له ان يحتفظ بسلاحه بالشرط مقابل دخوله، وتوقفه من القيام بالعمل الارهابي. قابلنا هذا الشخص في نهاية 1965م حكي لنا قصته وهو يندم بتعاونه مع الاثيوبيين وذكر ثلاثة من زملائه ممن كانوا يقودون العصابات التابعة للأثيوبيين في مرحلة حق تقرير المصير في ارتريا وقال دعانا الامبراطور هيلي سلاسي الي اثيوبيا نحن الاربعة:-
1. شقا كفلي
2. اسرسهي امباي
3. دبساي درار
4. ودي كفلا
وقال لنا الامبراطور سنعمل لكم مرتبات وتكون مهمتكم حمل السلاح في وجه دعاة الاستقلال ودعوة الناس للوحدة مع اثيوبيا. وعملا بتعليمات هيلي سلاسي يتذكر حادث قتل ارتكبوه في انجانيا Engania ضد احد الابرياء من الشعب عندما رفض تأييده للوحدة مع اثيوبيا، ويعبر هذا الشخص عن حزنه واسفه الشديد بارتكابهم مثل هذه الجرائم. وقال نحن السبب في خلق هذا الواقع السيئ الان، وابدي استعداده للالتحاق بنا اذا امكن ترحيل عائلته وممتلكاته بعيدا من العدو. ونحن لم نتمكن من القيام بتلك المهام في تلك الفترة واقمنا معه ارتباط سري فقط. وعندما نريد دخول قريته كنا نشعره مسبقا ليخرج منها حسب الاتفاق معه لكي لايتهم بتعاونه معنا من قبل العدو.
ومن نشاطاتنا في اوساط الجماهير كنا نوجه الشعب داخل القري بان يختاروا لجان تقوم بمهام تنظيم العلاقة بين الشعب والثورة وبمهام ادارية داخل القرية، ومن اجل تسهيل صعوبة الاتصالات بين الادارة والوحدات العسكرية ايضا كنا نقوم بتعيين مراسلين من الشعب. وكذالك من يقومون بحلقة وصل بيننا وبين عضويتنا السرية داخل المدن المختلفة.
السيطرة علي المناطق الجنوبية كان صعب جدا بسبب حشودات العدو الكبيرة ومراكز البوليس المنتشرة في المنطقة وعلي سبيل المثال كانت هناك مراكز في عدي ططر في دملاس وتكول في ذايد اكلوم وفي ضواحي عدي اقالع وعرزا وهي مدينة صغيرة. اما الجيش فكان ينطلق من المدن الرئيسية اسمرة دقي محاري مندفرة عدي خالا عدقيح صنعفي سقنيتي ماي حبار.
ومنطقة شرق اكلي جوزاي بما فيها جبال عقم بوسا ودقعا وديعوت وقوحيتو وسويرا وسفوحها الشرقية عموما كانت خلفية ومراكز هامة يصعب للعدو اختراقها بسبب بعدها من مراكز العدو وطبيعة تضاريس المنطقة الصعبة، وتعاون الشعب العالي مع الثورة في هذه المناطق كان ايضا عامل هام لصمود الثوار وانتصاراتهم. وكما هو واضح خاضت وحداتنا في هذه المناطق كثير من المعارك الناجحة والحقت به هزائم كبيرة.
وهكذا استمر جيش التحرير في توجيه ضرباته والتصدي لهجمات العدو حتي تمكن من السيطرة علي مواقع كانت له خلفية امينة. ومع تزايد اعداد جيش التحرير وتنوع عملياته بات العدو يتخوف من الهجوم علي مراكزه الكبيرة ومن تكثيف العمليات داخل المدن.
وقال حامد مع تطور المد الثوري والانتصارات في الساحة الارترية عموما، وهذه كانت المرحلة التي فشلت كل محاولات العدو للقضاء علي الثورة ومسيرتها النضالية ويأس من كل خططه وبدأ يحشد كافة طاقاته ولجأ الي سياسة الارض المحروقة في مختلف مناطق ارتريا. وبدأ حملاته بمنطقة القاش في شهر فبراير 1967م بقتل وحرق وتدمير كل شيء كما فعل في مقراييب، عدابراهيم، قرست الخ. قتل فيها مئات من المواطنين واباد عشرات الاف من المواشي ووصلوا عشرات الاف من اللاجئين الي السودان. وفي شهر يوليو 1967م ايضا قام بحملة مماثلة في المنطقة الرابعة في قري عائلت، قمهوت وقدقد الخ. قتلوا فيها مئات من المواطنين واباد عشرات الاف من المواشي واحرقت القري. ثم قام بنفس الافعال في منطقة كرن (المنطقة الثانية) في شهر اكتوبر 1967م في اسماط، ملبسو، حلحل وعشرات من القري. وفي شهر نوفمبر من نفس السنة 1967م قام بحملة مماثلة في المنطقة الثالثة بقتل المئات من الشعب واباد عشرات الاف من البهائم واحرق فيها عشرات القري اهمها ملحينا دك (القرى السبعة) في اقليم سراي وفي هزمو قودوفو، سربابيت، روباشيرو، عزعزلو (كسكسي) بين صنعفي وعدقيح، اسباطو، كاريبوسا، وقري اخري احرقت وقتل فيها المأة من الشعب واباد واخذ عشرات الاف من المواشي في اقليم اكلي قوزاي وسراي عموما. وهذه كانت اصعب فترة في تاريخ الثورة التي واجه فيها شعبنا في مواقع مختلفة من ارتريا حملات الابادة ارتكب العدو فيها ضد شعبنا ابشع الجرائم. ولكن رغم كل هذه الجرائم صمد شعبنا وواصل مسيرته النضالية ودعمه للثورة. واستمرت ايضا المواجهة مع العدو في المنطقة وخاض المناضلين معارك بطولية وقدموا المناضلين والشعب تضحيات كبيرة في مواجهتهم مع العدو.
وعندما طلبت منه ان يذكر لنا بعض المناضلين اللذين كانوا قادة فصائل او سرايات او مسؤولين من اجهزة الفدائيين ومناضلين مشهورين من اعضاء المنطقة الثالثة في تلك المراحل قال من الصعب ان اتذكر دفعة واحدة لكل القادة في المنطقة ولكن ممكن ذكر الاسماء الاتية بالإضافة الي اللذين ذكروا او استشهدوا:-
حامد ادريس بلاي، عمر سوبا، محمد سعيد دبشك، ادم صالح (قيح شامبل)، باشاي جرزجهير، عمر محمد ابوشنب، عثمان سيدي، علي حروي، ادم ديني، سعيد صالح محمود، عبد الله داود، جبرهيويت (ودي حمبرتي)، سعيد صالح محمد صالح محمد سعيد، هيلي قانقول، احمد اسمرة، عبد القادر محمد ياسن (منجوس)، ولداي كحساي، ابراهام تولدى، ابوبكر علي حسين، نافع جنوبي، سعيد حمد، عثمان محمد اسماعيل، صالح عمر، طادوة شوم عمر، عمر محمود، عبدالقادر كبيري، ودي قشى، عبد الرحيم، الشيخ حسين محمد محمود،عبد عبدالله سليمان، تخلي منجوس (دكتور سرية)، قيتو، عبدالله علي، صالح سليمان (دكتور)، محمد غلي حقو، كداني جنوبي، احمد بوليسى، عبدالعليم، سالم عثمان، سولومون ولدماريام، سعيد يوسف (حرك)، ودى درع، سليمان ديني، عامر عمر، محمد احمد اكلي، امان بهتا، باشا داود، ابراهيم عاقا، صالح ابراهيم، محمد عمر ابراهيم، ابراهيم اسماعيل، نور عيني، رمضان داود،عبدالله شوم، اسمروم جبرزجابهير، ...الخ.
ومن ضمن المناضلين المذكورين هناك من تم سحبهم من المنطقة الثالثة اثناء تأسيس المنطقة الخامسة وعلي رأسهم ولداي كحساي، والشهيد جبرهيويت ودي حمبرتي، والشهيد سعيد صالح محمد، صالح محمد سعيد (اروحتي) والشهيد احمد اسمرة، والشهيد ابراهام تولدي ايضا بعد تسليم ولداي كحساي قائد المنطقة الخامسة الي العدو.
واخيرا قبل الدخول في الوحدة الثلاثية بفترة قصيرة وصلوا الينا افراد من المناضلين الضباط بعد تخرجهم من دورة عسكرية في الخارج علي رأسهم محمد احمد عبده، صالح ابراهيم، وصالح عامر كيكيا، والكادر احمد محمد ابراهيم (سكرتير) ...الخ. و90% من المذكورين هم شهداء.
نواصل في الحلقة الخامسة...