ذكريات المناضل ردئ محارى الحملة السادسة - الجزء الثالث والأخير
ترجمة الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ
إن المقاتلين كانوا يتلقون العلاج ثم يهربون من المستشفي ليلتحقوا بالجبهات الأمامية قبل أن تشفي جروحهم
وأن بعض المقاتلين أصيبوا أكثر من خمسة مرات ثم رجعوا الى الجبهات الامامية للدفاع عن مواقع الثوار، البعض من المقاتلين الذين أصيبوا بإصابات بالغة كانوا يهربون من المستشفيات للمشاركة في القتال وكان يتم ملاحقتهم لإرجاعهم الى المستشفي، هذا المشهد كان يتكرر في كافة المستشفيات والجبهات، الروح المعنوية للمقاتلين كانت عالية والاستعداد للدفاع عن الثورة والتضحية حتى يتم دحر الاستعمار هدف كل مقاتل، وإن يوم النصر المبين بنهاية الحملة السادسة وهزيمة قوات الاحتلال كان في يوم 20 يونيو من عام 1982م.
قبل عدة أيام من نهاية الحملة السادسة أى في يوم 12 يونيو عام 1982م شن مقاتلى الجيش الشعبي هجوماً معاكساً ضد قوات العدو وخاصة الوحدات الجديدة التى أرسلها العدو للجبهات الامامية للتأكيد للعدو بأن ثوار إرتريا ليس متمردين بل هم مقاتلين أصحاب حق وأرض وليس قطاع طرق.
أتذكر جيداً أن كافة المقاتلين الذين كانوا يعملون في الاقسام المختلفة في خلفية الثورة مثل "عمبربب وحشكب" ومواقع أخرى في خلفية الثورة تم تجمعهم من عدة مناطق وكان عددهم حوالى 1200 جندى، وتوجهنا الى الجبهات الامامية حيث بدأنا رحلة المشي على الاقدام عبر السهول الممتدة غير مكترسين بالطائرات التى كانت تحلق في السماء وتقذف علينا القنابل وكان قائد تلك الوحدات هو المناضل اللواء/ أسمروم قرزهير الموجود حالياً في أسمرا.
وصلنا الى حافة عقبة "حرومت دبيلا" في نهاية وادى "أقرع" بعد رحلة مشي على الاقدام إستمرت لأكثر من عشرة ساعات متواصلة لدعم صمود المقاتلين الذين كانوا يدافعون عن نقفة وجبهة نقفة، عبرنا نقفة وواصلنا سيرنا حتى ضواحى منطقة نارو، وهناك إلتقينا بالكتيبة التى كانت تقاتل العدو بشراسة وهي تنسحب الى الخلف، وفور وصولنا بدأنا في شن هجوم على قوات العدو "الوحدة الثالثة" التى كانت تتحرك من أفعبت نحو نقفة وأجبرناهم على التراجع.
وأتذكر أن القائد الشهيد/ إبراهيم عافة كان في مقدمة تلك الوحدات التى كانت تتصدى للعدو في جبل إسمه "طلول" حيث شاهدته واقفاً في قمم إحدى التلال وهو يقاتل مع الجنود في الدفاعات الامامية ويتحدث مع المناضل أسمرون قرزقهير.
في تلك الاثناء وخلال ساعات الصباح كنا نستمع الى صوت الجماهير الإرترية التى كانت تنقل لنا اخبار المواجهات بين وحدات العدو والمقاتلين وكنا نستمع لتلك الاخبار السارة بتدمير الوحدات التى توغلت بإتجاه بركة.
وإن الوحدات الاثيوبية التى توغلت بإتجاه بركة تم تدميرها قبل الوصول الى منطقة كركبت في "زرا" وفشلت محاولاتهم وخططهم للوصول الى أفهمبول للإحتفال بنهاية الثورة الارترية.
إن القوات الاثيوبية كانت تهدف الى الوصول الى نقفة وتدمير قوة الجبهة الشعبية بكافة الوسائل حيث وصلت وحدات من العدو الى تخوم نقفة من خلف المقاتلين، ولكن المقاتل الارتري كان خياره هو الحفاظ على نقفة وعلى التاريخ البطولى الذى سطر هناك.
حيث جرت هناك مواجهات حامية في مواجهة الوحدات التى توغلت خلف وحداتنا وإستطعنا الحفاظ على نقفة وتم إطلاق هضبة الاوفياء على التلال التى شهد تلك المواجهات الحامية.
بعد مرور تلك الاحداث هدأت الاوضاع نسبياً وإن كافة الوحدات على مختلف الجبهات إستطاع أن تسجل تاريخ بطولى مشرف.
هذا هو التاريخ الذى يجب أن نفتخر به نحن كإرتريين وهذا تاريخنا المشرف لأن أسياس لم يصنع التاريخ يوماً ما بل ظل يعيش على التاريخ الذى صنعه الابطال، وإن الابطال الذين إستشهدوا في تلك المواجهات هم أحرار أرتريا ضحو بحياتهم لنعيش نحن في سلام.
إن التاريخ يعيد نفسه الان يجب علينا أن نواجه المخططات التخريبية التى يسهر أسياس في تنفيذها وإفشالها لأن إرتريا ولدت لتبقي، وإن محاولات إرجاع عقارب التاريخ الى الخلف حتما ستفشل وتبقي ارتريا حرة ومستقلة.
وهكذا تمكن المقاتل الارتري والشعب الإرتري خلفه من هزيمة إثيوبيا، المقاتل تمكن من الصمود والانتصار في نهاية المطاف وهزم تلك الجيوش.
وإن مخططات وأحلام أسياس حتماً ستفشل وسينتصر الشعب الارتري.