ذكريات المناضل ردئ محارى الحملة السادسة - الجزء الثاني
ترجمة الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ
إن الحملة السادسة كانت على ثلاثة جبهات، جبهة "وقاو إز" التى تعني هجوم تدميرى
بشمال شرق الساحل وجبهة نقفة، وجبهة بركة وحلحل، الاستراتيجية الأثيوبية كانت تقضي بشن هجوم كاسح عبر الجبهات الثلاثة وتم تحديد مكان لإلتقاء تلك الجيوش في أدوبحا بعد القضاء على الثورة الإرترية وتشتيت قواها.
إن الصوت الإرتري المقاوم وإرادته التى لا تقهر هي التى أفشلت لتلك الاستراتيجية والتخطيط التدميري الذى إعتمده الدرق وأعوانه، العدو الاثيوبي لم يفهم لغة الصمود والتضحيات التى يتمتع بها الشعب الإرتري.
هذا التاريخ البطولى والتضحيات الكبيرة التى قدمها المقاتل الارتري يجب أن يعرفها كل شاب أرتري في هذا الوقت الذى يعمل فيه الخائن أسياس أفورقي لضم أرتريا الى اثيوبيا سابحاً عكس تيار إرادة الشعب الإرتري.
في بداية الحملة السادسة تم تنفيذ هجوم مكثف بالطائرات على مواقع الثورة إستمر لمدة ثلاثين يوماً في مختلف الجبهات في توقيت واحد، وطائرت الميج 21 و23 وغيرها كانت والانتنوف تشن حملات جوية متتالية في كل ليلة دون توقف، أيضاً طائرات الانتينوف التى تصدر صوتا مزعجاً كنا نطلق عليها "نين" وكانت ترمى لينا مختلف أنواع القنابل العنقودية والمنشورات التحذيرية والترغيبية عندما تشاهد النيران التى يشعلها الثوار لإعداد الطعام.
ليس هذا فقط بل إن العدو جهز مختلف أنواع الاسلحة ومنها السلاح الكيمائي للقضاء على الثورة الإرترية خلال الجملة السادسة، وأنا شاهد على ذلك ولم أبلغ فيما أذكر لانه أمانة الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم دفاعاً عن حرية وإستقلال إرتريا، كل المقاتلين كانوا يحتمون في الكهوف في أوساط الجبال، وكنا نستمع للمكالمات بين الطيارين على موجة أف ام 108 وهم يشنون هجوم متتالى ضد مواقع الثورة.
الاوامر العسكرية كانت تصدر إلينا كانت تقضي بضرورة إغلاق كافة المكاتب والاحتماء بالجبال، وأتذكر حديث الذى كان بين الطيارين الذين كانوا يقودون تلك الطائرات وكلمة السر بينهم كانت "ووف" وكلمة "ووف" كانت الشفرة التى يتعاملون بها أثناء شن الهجوم، الطائرات الاثيوبية كانت تأتى في أسراب وتقذف كافة مواقع الثورة حيث حولت الوهاد والهضاب الى سهول مستوية، وحولت بعض مواقع الثورة الى رماد، وأتذكر إن قائد سرب الطائرات كانت يشير لزملائي بضرورة ضرب المواقع التى تشبه "لوقو أوميغا" كنا نسمع حديثهم وهم يردمون بطائراتهم جبال إرتريا، بعض الطائرات كانت ترمى مناشير تدعوا المقاتلين للإستسلام وإن أمهم غثيوبيا تنتظرهم لتصافحههم.
كنا نقرأ تلك المناشير ونتابع حديث الطيارين عبر راديو أف أم ونسمع الاغانى التى كانت تبثها إذاعة أسمرا ونحن نضحك عليهم وعلى سذاجتهم.
المقاتل الإرتري كان جاهز لكل الإحتمالات وإستطاع أن يصنع ككمامات واقية من الغازات السامة والمواد الكيمياوية من البلاستيك الخاص بالاشعة، فعلا إرادة الانسان الإرتري لا تقهر وإن عزيمة الصمود والتضحية التى كان يتمتع بها المقاتل الإرتري ليس لها نظيراً وهى التى هزمت الجيش الاثيوبي.
المعلومات التى تحصلنا عليها من القادة العسكريين الذين تم أسرهم بعد ملحمة "نادو أز" أكدت لنا بأن منقستو هيلي ماريام كان يتابع بنفسه العمليات في الحملة السادسة ويقوم بعقد الاجتماعات للقادة العسكرية وقام بزيارة بعد المواقع مثل أفعبت وجبهة شمال شرق الساحل بضواحى "أمهميمت" كما عقد إجتماع في وادى بركة والمنطقة التى عقدعليها الاجتماع كانت تعرف "بمسرح منقستو" للقوى التى كانت ترابط هناك وهى المواقع العسكرية المتقدمة التى كانت منطلقاً للجيش الأثيوبي للهجوم على مواقع الثورة.
أيضاً المعلومات التى تحصلنا عليها تفيد بأن منقستو هيلي ماريام أثناء عقد الاجتماعات مع الجيش والقادة العسكريين كان يقول لهم مقابل كل متمرد إرتري لدينا إثني عشر جندى إثيوبي، وهذا يؤكد لنا الاعداد الكبيرة التى جيشتها إثيوبيا للقضاء على الثورة الإرترية، الجدير بالذكر أن الهجمة الاعلامية الاثيوبية والتجهيزات الحربية الكبيرة أثرت على بعض المقاتلين وهربوا الى السودان.
المستشفيات التابعة للثورة إمتلأت بالمقاتلين الجرحى في منطقة عمبربب وغيرها، وعدد الأطباء كان قليل جداً مقارنة بالأعداد الكبيرة الذين كانوا يأتون من الجبهات الأمامية وهم مصابين وجرحي.
تـابـعـونـا... في الجزء القادم