دعوة لقراءة تجربة الثورة الأرترية من زواياها الأخرى

بقلم الأستاذ: محمد ابراهيم نوراي

في الفترة السابقة تابعت قدرا لابأس به من افادات عدد من شهود العيان في تجربة جبهة التحرير والجبهة الشعبية

وأبدأها بشهادة المناضل المنصف جبرمدهن زجرجيش وهو ضرير من جرحي حرب التحرير يقيم حاليا في امريكا حيث أفاد في كتابه شاهد عيان - وهو ضرير - أن تجربة الجبهة تعرضت للكثير من محاولات الأختراق حتى عبرعناصر من الموساد وذكر حادثة لعميل من الموساد تنكر علي هيئة مصري متعاون يبدي استعداده لمعاونة الثورة ولما لم يجد الفرصة للتغلغل وتنفيذ أجندته تسلل هاربا والناس نيام ليلقي الفبض عليه من قبل المواطنين في ضواحي مصوع وبالتحقيق معه اعترف بانه ضابط في جيش الدفاع الأسرائيلي وقد تربي في مصر وان مهمته كانت افشال الثورة وقد اوفد من قبل لمزاولة هذه المهام في كثير من الثورات التي شهدته افريقيا وقد سلمت قيادة الجبهة لسوريا للأستفادة منه.

ولم تكن محاولة هذا الصهيوني اول محاولات الأختراق بل كانت امتداد لمحاولات عديدة لعل أبرزها ماذكره المناضل من قيام سلمون ولدماريام الذهاب الي اديس ابابا بغرض تجنيد طلابها وتنظيمهم بشكل مسبق للأنضمام الي الثورة وفق أجندة خفية وهم ما اطلق عليهم لاحقا بسرية أديس التي انكشفت وتم التعامل معها بقليل من الحزم الذي تستحقه ومع ذلك لم تكن هى الأخيرة بل القوم لم يكنوا من محاولات اختراق الجبهة في مهدها وحين أعوزتهم الحيلة في الأختراق من الداخل فضلوا العمل بشكل منفصل وغادروها واحتموا ببني جلتهم وفي مناطق نفوذهم وظلوا يتحايلون باخفاء أجندتهم ويلبسونها كل فترة الزي المناسب لكل مرحلة.

كما تابعت المناضل يمانى تخلي جرجيش وهو مقاتل سابق في الجبهة الشعبية وعضو الحزب السري القائد فيها وليس هذا فقط بل كان عضو استخباراتها الملكف بمتابعة ملف الصومال وجيبوتي واثيوبيا وقد كانت افاداته علي قدر كبير من الوضوع والموضوعية والصدق والتجرد علاوة علي أنها من بيت الكلاوى كما يقولون بحكم قربه من مواقع صنع القرارات الأمنية وادواتها اضافة الي المامه الجيد في مسيرة الجبهة الشعبية والعناصر والآليات الفاعلة وقد أفصح بالكثير من الخفايا ورمز الي الكثير مما يتطلب التعمق فيه للوقوف علي ماهية القوى التي تشكل قوام الجبهة الشعبية وتتحكم فيها، وقد سبق المناضل يماني في سرده المقاتل السابق في الجبهة الشعبية السيد/ تسفاى تمنو وان كنت أرى ان سرد السيد/ يماني اكثر صدقا وتجردا وعمقا من تمنو.

كما تابعت مؤخرا مقابلات الطيار والسجين الهارب دجن عندى حشيل بما حوته من مفارقات لجهة ان السجين الهارب من أطفال مدرسة الثورة وهم النخبة التي يعول عليها حمل الامانة وبالتالي يراهن عليهم في تولي المهام الحساسة التي تتطلب الثقة وقد انفق في تأهيلهم لتولي هذه المهام وقد أشكل عليه كما جاء في افادته استيعاب وفهم أن من كان في مثل وضعه ووضع أسرته المناضلة بالكامل في صفوف الجبهة الشعبية وقد أخذا منه الوقت الطويل ليستوعب أنه يمكن ان يسجن ونحن أيضا ننضم اليه في التساؤل سيما وأن السجين لم يخمن حتي اسباب سجنه ولفترة طويلة 15 سنة وهو ممن تربي في كنف الشعبية، كما لايفوتني التنويه الي مقابلة السيد/ أحمد القيسي في اذاعة المنتدى وهو من كبار كوادر الحزب السري القائد للجبهة الشعبية وأحد منظريها قبل ان تنقلب الآية وقد ألمح السيد القيسي الي أنهم كانوا يدركون عمل العصابة التي تغولت علي الشعبية وان مواجهتهم كانت تعني اعاقة مشروع التحرير ولذا فضلنا تحملهم والصبر علي تجاوزاتهم من أجل الاستقلال وعلي (مئنتى مقوقو تحلف انجوا - حفاظا علي التنور تفوت الفأرة) لكن لم يتفضل الأستاذ القيسي في كشف كنه هذه المجموعة التي تغولت وتجاوزت الفأرة حتى أصبحت فيلا ضخما لم يدمر التنور أو المقوقو بل كان ان يدمر الوطن ويكاد يقتلع سقفه وكانت الموضوعية والشفافية تقتضي تسمية الأشياء بأسمائها لاسيما وان المرحلة مرحلة مكاشفة وتمليك الحقائق للجمهور وأمانة الشهداء تتطلب الوضوح سيما وان الرجل كان صادقا في تبرير بعض الأحداث التي ترتبت علي اخفاقات وحماقات الشعبية وان كانت مجتزأة فكثيرة هي تجاوزات وليست حماقات بل هى برامج شوفينية وطائفية كانت تتدثر بملاءات وطنية تارةى ويسارية تارة اخر ى بل من المفارقات بأن السيد يماني قد ألمح في احدى مقابلاته في معرض حديثه عن سير الحزب السري والذي كان الأستاذ أحمد القيسي من قياداته ذكر قناعته بأن هذا الحرب ليس الوحيد بل لعل هناك حزب أكثر سرية منه سيما حين لاحظ طريقة اختيار الكوادر وخلفيات انتماءاتهم والقوم يعرفون بعضهم البعض اكثر من معرفتنا بهم.

خرجت من هذا الرصد والمتابعات بتساؤل لايزال يؤرقنى ويزيد حيرتي في الوقوف علي كنه هذا التيار الذي تحكم ولايزال يتحكم علي سير الجبهة الشعبية خلفياته وأدواته وارتباطاته وهي اسئلة محورية تتطلب الكثير من الآستنطاق والبحث والدور علي من كان ضمن هذه التجربة للأسهام في كشف هذه الملابسات وتكملة الجهود التي بدأها المقاتل تسفاى تمنو وأوضح الكثير من ملابساتها المناضل يماني ولدجيورجيس وكذا شهادة المناضل جبرمدهن زجرجيس وأخيرا تلميحات الأستاذ والمناضل احمد القيسي الذى شخصيا كنت انتظر افاداته بالكثير من الترقب لعلمي بان الرجل يعرف الكثير مما يمكن الأفصاح عنه وهناك الكثيرين ممن كانوا فاعلين في التجربة ننتظر منهم ان يدلوا بافاداتهم في تعرية هذه العصابة التي احتكرت التجربة النضالية الفذة ولطختها بالدماء والتي أفضت بالوطن والمواطنين الي مآلات لايعمل مصيرها الا الله.

Top
X

Right Click

No Right Click