أيام لاتنسى من ذكريات المناضل محمد علي إدريس ابو رجيلا - الحلقة الخامسة والعشرون
إعداد: جبهة التحرير الإرترية
بعد إغتيال الشهيد تمساح: من المعروف لشعبنا ومناضلينا أن الشهيد تمساح كان من بين أكثر المناضلين شعبية وهو رجل حلو المعشر
صاحب طرفة وروح مرحة وكان محبوباً من أبناء شعبنا ومناضلينا وكان قد عاد لمنطقة القاش بناء على قرار اللجنة التنفيذية لجبهة التحرير الارترية لتوفير أرضية يبني عليها التنظيم وبعد فترة من تلك العودة عاد المناضل أبرهلي كفلي (الآن عميد في جيش حكومة الشعبية) على رأس قوة صغيرة وكان قد أخذ أسلحة كان يعرف أنها مخزنة في منطقة ما من القاش وقد كان فيما بعد جزء من طرف الجبهة الذي عرف إعلامياً بإسم التيار ثم إنتقل للطرف الثالث الذي عرف بإسم بتن اوساقم ثم إنخرط مع من إنخرط في الجبهة الشعبية من ساقم بقيادة دكتور قرقيس وتوتيل وزمهرت، لم تمضي أيام على إنتفاضة 25 مارس وإنتهاء سامر ذلك السمنار المزعج وإستشهاد المناضل ملأكي تخلي حتى فجعت الساحة مرة أخرى في إغتيال المناضل الشهيد محمد حامد عثمان إدريس تمساح وأذكر أنني كنت قد قابلته قبيل سفره للقاش وحذرته من خطورة الاوضاع وإحتمالاته، تبسم وقال لي عم محمد علي لايوجد في جيش التحرير من يفكر بهكذا طريقة وإلا سيجر هذا لمواجهات خطيرة في ساحتنا الارترية عنواناه التارات والتارات المتبادلة وما أخطر الأمور عندما تفسر بهذه الطريقة فإن الوضع برمته سينفجر عاجلاً كان أم آجلاً ولسوء الحظ حدث ما كنت أتخيله وإغتيل الشهيد تمساح والأكثر مرارة خرجت علينا بعض البيانات وهي تحمل لغة تذكرني بعهود فترة تقرير المصير وما كان يدور في صفحات جرائد مرحلتها وكانت تلك البيانات تصدر من أفراد ومجموعات تطمح أن تقود الساحة الارترية وهي تروج للتارات وتحتفل بها وتشيد بفاعليها، وهذا الأمر نزل بالصراع من المستوى السياسي الى مستوي ثارات القبائل والمجموعات والمكونات الإرترية، وكان الأمر في شكل تنفيذه والتخطيط له غدراً لايمكن أن ينسى أبداً وكان الشهيد تمساح من أكثر قادة ساحتنا الارترية شعبيةً وأنتج وقد أنتج ذلك الاغتيال حرباً بينية خطيرة كانت منطقة القاش سيتيت مسرحها المفتوح وأكلت أرواح وأجساد عشرات المناضلين وإمتدت لعام بين فرقاء جبهة التحرير الارترية وأبنائها ولم يتمكن أحد من لجم شلال الدم وتمدد الاحتقان لسنوات طويلة ودق الاسفين بين أبناء الجبهة الذين عجزوا عن لجم خلافاتهم بعدما فقدوا تنظيمهم المشترك كما عجزوا عن تكوين حس تنظيم تناقضاتهم التي إنحدرت لحرب مفتوحة ظلت جراحاتها في النفوس وعقد الأمر العلاقات والتطلعات المستقبلية رغم تقارب البرامج السياسية المعلنة والتي تعد الأكثر تقارباً في ساحتنا الوطنية إلا أن النفوس لازالت تعيش حاضرها بعقلية ومعاناة ومواقف الماضي الذي وصل لحد سد أية آفاق نحو المستقبل، وللأسف الشديد تمدد هذا العقل الى الأجيال الجديدة ويمكنني أن أقول تشاؤماً ذلك، وبناء على ماحدث والمشاعر التي سيطرت على العقول أدت الى عدم التلاقي بين هؤلاء الفرقاء في الحاضر والذي أخشاه في المستقبل أيضاً لأن ما هو عالق في النفوس كبير جداً ومضخماً لدرجة عالية على كل حال دخلنا في هذه المرحلة في وحدة عرفت فيما بعد بوحدة جدة بين الجبهة وقوات التحرير وجبهة التحرير اللجنة الثورية، وكانت وحدة إندماجية بين فرقاء لم يكونوا مهيئين حقيقة لمثل تلك الوحدة وأنتجت هذه الوحدة ما عرف لاحقاً بالتنظيم الموحد وإندمج التنظيم رغم خروج جاسر وناود إلا أنه كان فيه شرخاً كبيراً وإستقطاباً حاداً تحت شعارات ودعاوي لم نألفها في ساحتنا الارترية في أبعد مرحل تاريخها المعاصر وأنتجت تلك المرحلة تناقضاً جديدأ وإتهامات خطيرة للغاية بلغت حد الاتهام بالخيانة الوطنية لمناضلين لم نعرف نحن في جيش التحرير الارتري في خنادق القتال غيرهم أبداً كانوا معنا في الصفوف الأمامية منذ عقدين أو يزيد من الثورة وكانوا الأكثر عرضة للموت في سبيل القضية وإنحدر الامر في ساحتنا لحد أن عبارة الخيانة والاتهام بها أضحت أهون من شرب كأس من الشاي وتحلل الناس من حس المسؤولية وفقد الضمير وأخذت الأشياء في الكواليس أبعاد لامست المكون الاجتماعي وكان هذا يدمي قلبي لانه في رأي حاول أو تمكن من هدم البناء الذي شيدناه طوال سنوات نضالنا من أجل الحرية وكان الأمرليس أكثر من حرث على صخورجرداء لم ولن ينتج شيئاً سوى الأحقاد والتباعد والتفكيك وإنتاج المجموعات الضيقة التي ستنحدر اليه لدرجة قد تضيق حتى على تنظيم أبناء القرية الواحدة أنفسهم والألعن لو إنحدر الى هذا الدرك من يحملون بعض ألوان الثقافة والمعرفة أويتطلع إليهم الناس بأنهم قدوة سواء لماضيهم الشخصي أو لكسبهم الراهن (العلمي) أو لخلفياتهم العائلية خلال تلك الفترة أوشك البناء أن يأخذ أشكال التنظيمات الاجتماعية وهذا الواقع كاد أن يطبع ساحتنا الارترية وأفضى الى ظهور تيارات سياسية قد لايرى بعضها بالعين المجردة وكانت خصماً على كفاح شعبنا ضد الاستبداد وشتت كل الطاقات والجهود في مواجهة النظام القهري الذي صعد على حساب جماجم شهداء شعبنا وثورتنا وتنكر لكل القيم النضالية التي حاولنا إرسائها وخاصة في وحدة الشعب الارتري وأضحت هذه المسألة محل تهديد خطير بفعل ومسعى إحتكار الساحة الذي سعت إليه الجبهة الشعبية الارترية وكنا نخاف أن ينعكس الأمر على مجمل أهداف نضالنا الوطني، على كل حال إنتهت تلك الحقبة وحروبها الأعلى ضجيجاً وخاصة بين الجبهة الشعبية وجبهة التحرير الارترية والتي إستمرت كراً وفراً طوال عقد كامل من الزمان، وكانت الجبهة وحدها في ساحة المواجهة وكانت بين حجري رحى القوات الاثيوبية من جهة والجبهة الشعبية من جهة أخرى وإستنذفت هذه المرحلة قدرات الجبهة وأستشهد فيها خيرت قادتها وجنودها المقاتلين، وخلال مرحلة التناقضات هذه جرت تصفيات جسدية لقادة متميزين من جيش التحرير الارتري بدأت بتصفية القائد الشهيد إدريس إبراهيم هنقلا ثم القائد الشهيد سعيد صالح ثم القائد الشهيد ولدي دوايت تمسقن ثم القائد الشهيد محمود حسب محمد وهؤلاء جميعاً من نخبة قادة جيش التحرير الارتري وكانوا في أوج سنوات عطائهم والإخوة الأعداء الذين خططوا لتصفيتهم أرادوا أن يغيبوا هؤلاء الرجال من الحياة السياسية بل من الحياة نفسها لدنوا الاستحقاق الوطني وقرب إندحار العدو الاستعماري الأثيوبي وللسف الشديد فقد تحقق لهم ما أرادوا والألعن حاولوا أن يعلقوا تلك الجرائم على أكتاف رفاقهم المناضلين لتفضي لتناقضات أكثر حدة مما كان ساعدهم في ذلك بعض أصحاب الغرض ولكن تكشفت الحقائق عارة عندما فر بعض كوادر الجبهة الشعبية الذين كانوا على علم بحقيقة تلك الجرائم ومنفذيها وأغراضها (سليمان هندي) ولكن وبفضل الله وكرمه إستقلت بلادنا وأصبحت دولة معترف بها بين الأمم إلا أن تلك الدولة لم تكن أبداً إنعكاس لشعبنا سواء في شكل وصورة حكومتها أو في سلوك قادتها عملياً على الأرض وقد حاولنا نحن في الرعيل تعديل هذا الواقع بالمناصحة وذهبنا للمشاركة في الاستفتاء والاحتفال بيوم إعلان الدولة وتلك قصة سأتطرق لها في حلقة قادمة إنشاء الله.
تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة