أيام لاتنسى من ذكريات المناضل محمد علي إدريس ابو رجيلا - الحلقة الثانية والعشرون
إعداد: جبهة التحرير الإرترية
جبهة التحرير الارترية تواجه حرباً مفتوحة وتوضع بين حجري رحى: خسرنا كما ذكرت في الحلقة السابقة (21) معركة بادمي
في وجه التحالف الذي نشأ بين الجبهة الشعبية الارترية ووياني تجراي الإثيوبية وهوتحالف له عمقه وإسقاطاته القريبة والبعيدة كما له مخاطره على كل الصعد ومجال التأويل فيه كان ومازال واسعاً وأعتقد مانحن فيه اليوم واحد من ثمار ذلك التحالف، ثم إندلع قتال شرس ضد وحداتنا في الساحل الشمالي وبالتحديد ضد اللواء 44 مما أجبرنا على الانسحاب لاحقاً بعد معارك ضارية وكانت هناك العديد من المعارك في مختلف الجبهات مع هذا الحلف الجديد الذي رمى بكل ثقله في وجه جبهة التحرير الارترية، كما إندلعت معارك ضارية في الهضبة الارترية ومعارك أكثر شراسة شنها التحالف الثنائي ضد اللواء 64 في دنكاليا مما أجبره على الانسحاب من تلك الجبهة عبر إكلي قوزاي ثم تابع الحلف الهجوم في محوري عنسبا والقاش إستمرت المعارك لمدة عام كامل تقريباً كانت الجبهة تطحن بين قوات التحالف من جهة وجيوش الاستعمار الاثيوبي الذي وجد فرصته في هذا التطاحن بين فرقاء الثورة الارترية والتقراي، تابع تحالف الشعبية الارترية ووياني تجراي هجومه الواسع ودخل في طوره الثالث مناطق جديدة، بدأت المعارك على محور بركة عنسبا في هذا الأثناء تم إلغاء هيئة الاركان العامة لجيش التحرير الارتري وشتت أفرادها في مهام هامشية ومن بينها إدارة مليشيات ...إلخ ولم يبقى منها سوى الأخوين تسفاي تخلي وحامد محمود حامد وإحيلت مهام الادارة العليا للمكتب العسكري للجنة من ثلاثة مناضلين في اللجنة التنفيذية للجبهة وهم إبراهيم إدريس حامد (توتيل) مسؤول المكتب السياسي والشهيد ملأكي تخلى مسؤول مكتب الأمن وإبراهيم محمد على مسؤول مكتب الشؤون الاجتماعية يساعدهم رهط من المناضلين وكانت هذه اللجنة عدا الشهيد ملأكي لاتمتلك أية خبرة في إدارة العمليات الحربية كما لم نعرف في تاريخنا النضالي أن هؤلاء المناضلين أداروا عملاً حربياً صغيراً كان أم كبيراً أو قادوا أي فعل قتالي عدا الشهيد ملأكي، كما قررت اللجنة التنفيذية أن يتوجه الأخوين عبد الله إدريس وأحمد ناصر للخارج لشرح التطورات والاحتمالات والاتصال بالدول الشقيقة والصديقة، وللأسف الشديد ونحن في مواجهات شرسة على تخوم بركة كان البعض يقول أن الشعبية لاترقب في شن معركة شاملة لإجتثاث الجبهة بقدرما تريد توسيع خلفيتها وهذا التحليل الغريب للعمليات الحربية كان يعني التهوين من أمر ما يجري على الأرض: وأن هنالك أمر ما، وكنا نتساءل قائلين حتى لو إفترضنا صحة هذا التحليل فعلى حساب من يتم هذا التوسيع والتمدد وما هي أهدافه النهائية ؟ ولماذا لانعمل على مواجهته بالشكل المناسب ؟ وكنا نحن في رعيل جيش التحرير الارتري نؤمن أننا لو أحسنا التصرف والترتيب وأعدنا تنظيم قواتنا بشكل ملائم قادرون على هزيمة العدوان والابقاء على جذوة جبهة التحرير الارترية متقدة وفاعلة في الساحة الارترية كما كانت دائماً، ويمكننا تحطيم أحلام الانفراد في الساحة الارترية، على كل كذب إندفاع الشعبية وياني تجراي نحو مواقع خلفية الجبهة هذا التحليل غير الصحيح والسطحي إن لم أقل المتواطئ على الجبهة نفسها لهؤلاء الذين قالوا أنه مجرد توسيع خلفية، في هذا الوقت جاءت لجنة وساطة من السودن وكان هدفها وقف إطلاق النار، إلا أنها لم توفق في ذلك، وجاء رئيس المكتب العسكري ونحن في هذا الوضع الخطير وعلى الفور قام بإعادة تنظيم القوات وجرت معارك ضارية وكثيفة تمكن جيش التحرير الارتري خلالها من دحر العدوان على العديد من الجبهات ووصل الى مشارف أراق وقبيي طعادا، ولكن للأسف أخذت هذه القوات المنتصرة تدب بين صفوفها الشائعات فسرت موجة واسعة من الانسحابات وصلت لدرجة أعلى من الانسحاب في لحظات الهزائم نفسها المتعارف عليها بين الجيوش لم يكن ذلك الأسلوب هو نهج جيش التحرير الارتري الذي عرفته، كان الانسحاب يتم أمام جيش التحالف من مناطق إنتصرنا نحن في معركتها على الأرض وأخذ البعض يقول من يضرب من ؟!
أخذت الألوية وكتائبها تتراجع بقوة دون أن يمسسها سوء أو تخوض عمليات حقيقية ضد الخصم، جيش التحرير الارتري الذي حطم الجيوش الأثيوبية الأكثر كثافة وعتاداً والمسنود من قوات جوية قوية ومتقدمة يتراجع هكذا وتدب بين صفوفه الفوضى يتراجع على طريقة طلاب المظاهرات أمام هراوات البوليس، كانت طريقة مخزية ومخجلة ولكنها كانت تشير برأي الى تواطؤ كبير وواسع، إنتفت العلاقات العسكرية المألوفة في تراتبيتها وأوامرها النهائية اللازمة التنفيذ كنت في هذه اللحظات في أعماق بركة أشاهد هذه الأحداث الأليمة بأم العين، دارت رحي أوسع معركة عسكرية كبيرة على تخوم منطقة كركبت كانت معركة طاحنة ولكنها وفي ظل تلك المعطيات بشرياً ونفسياً كانت معركة أشبه بخوض المعركة الأخيرة وبالفعل أستشهد في تلك المعركة رهط من القادة والمقاتلين المتميزين تراجع بعدها جيش التحرير على الطريق التي ذكرت للأسف كانت طريقة الكلب الهارب وليس الأسد الجريح وكانت الوجهة الحدود السودانية وبقيت ومعي فصيلة من المقاتلين في تلك المنطقة أعمل على ترتيب أوضاع مخازن الأسلحة وتدمير مخلفات الجيش حتى لايستفاد منها الخصم المهاجم وكنت في قمة الألم والغضب والحسرة على تدمير كل ما بنيناه طوال عقدين من الزمان كانت تلك الفصيلة ومن باب الصدفة متواجدة في منطقة تقوربا بأقل من حجم القوة التي خاضت معركة تقوربا التاريخية نفسها وتخيل حجم ما يعتصر مثلي أنا من ألم ألم الوجع على ضياع الجهود وتبديد الدماء وكانت تلك القوة التي كانت معي أقل بكثيرمن الرجال الذين خاضوا معركة تقوربا، كانت ربعها تقريباً كنت أقول لنفسيي محمد على رجعنا لنقطة البدء الأولى ولكن بدون رجال تلك البدايات وسرت في عقلي صور رهط واسع من اخواني الشهداء جيلي أنا جيل البدايات الأولى تذكرت يوم كنا في هذه المنطقة في أيام اللحظات الأولى وكانت هذه الذكريات بالنسبة لي قوة دفع معنوية كبيرة بقدرما كانت مؤلمة، إذ تذكرت قسمنا معاً إما النصر أو الشهادة وحدثت نفسيى أبو رجيلا القسم مازال هو القسم عليك أن توفي به مهما كانت الظروف وإلا أصبحت من الخاسرين، وأخذت أطوف على مختلف المواقع الخالية والتي تحولت لدمن غادرها ساكنيها بطريقة عاجلة تحت ضغط قاهر، في بعض المواقع كنا نجد المواد ملقية هنا وهناك فنقوم بلمها وتخزينها في مواقع سرية وما نعجز عنهوخاصة المواد الغذائية نعطيه للمواطنين أونقوم بإحراقه إذا لم يوجدوا وبينما كنت في هذا الحال إتصل بي المناضل عثمان سليمان أبو موسى وأخبرني بعد أن إبتعد بي بوجود رئيس المكتب العسكري في المنطقة وهو يبحث عن مكانه وهولم يجده حتى الآن وهذه معلومة أكيدة كما الشعبية تتواجد بكثافة في المنطقة وبدأنا مشوار جديد.
تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة