أيام لاتنسى من ذكريات المناضل محمد علي إدريس ابو رجيلا - الحلقة العاشرة
إعداد: جبهة التحرير الإرترية
قصة تسريب السلاح للميدان: لتحقيق هدف تسريب السلاح وتهريبه لمناضلينا وثورة شعبنا في الميدان إخترنا جزيرة إبن عباس
لقربها من إرتريا ولأنها جزيرة نائية ومهملة وبعيدة عن إدارة سلطات ويمكن الوصول إليها وكان هناك غطاء ملائم للتجوال في تلك الجزيرة وكان يتمثل قي الادعاء بأننا في زيارة لضريح الشيخ والداعية الكبير إبن عباس ولهذا تحركنا لاستطلاع المنطقة وكان معنا خروف لزوم الأكل لأطول مدة ممكنة وللدعاء بأنه كرامة للمقام المجيد وصلنا الجزيرة وقمنا بإستطلاع المنطقة ميدانياً فوجدنا فيها كفاية في المياه ووفرة في المخابئ التي يمكن إستخدامها ريثما يتم نقل العتاد بعيدا عن عيون من يطرقون الجزيرة صدفة من الصيادين، كان موقعاً مقبولاً وملائماً للمهمة مع التقيد الشديد بسرية المهمة.
ولسوء الحظ شاهدنا المواطنون المحليين فأبلغوا المسؤول الأول في المنطقة وكان الأخ محمد الحسن محمود وكان حكم دار منطقة عقيق التي كانت تشرف على منطقة جنوب طوكر فسألنا عن قبائلنا وأنسابنا فأجبناه فإلتفت إلي المواطنين وقال لهم هؤلاء أبناؤكم وأنا عندما طلبت منكم الانتباه للغرباء لم أقصد إلا الأجانب أي الخواجات وليس هؤلاء أمثال هؤلاء وهذا الأمر سهل مهمتنا للأيام التي تلت إذ عملنا في المنطقة دون أن يهتم بنا أحد من المواطنين حتى ربحنا الجميع وجندناهم وصاروا كاتمين لأسرار الثورة حافظين لأمانتها، أكرمنا الأخ محمد الحسن إنطلقنا بعدها إلى عقيق وإتصلنا بالأخ آدم محمود وكانوا يدير مقهى في كسرة عقيق وهي أشهر مقهى للعابرين على ذلك المكان وكان من بين أعضاء الجبهة الأول في المنطقة رحب بنا وشرح لنا الأوضاع وطلب منا ترك أية أشياء نخاف عليها معه وأن ننسق كلامنا لاحتمال إستجوابنا من البوليس الذي يشعر بشيء ما وكان يقصد مرافيت التي كانت أمامنا ونحن بدورنا إتفقنا على تنسيق الكلام وعلى أن يكون ضامننا الأخ الأمين شنقراي فيما إذا حصل شيئ ولحسن الحظ لم يقابلنا أحد.
وبعد أن أخذنا راحة لثلاثة أيام عاد الأخوين الشهيد محمد على كشة والشهيد عواتي محمد فايد إلى آدم محمود حيث أغراضنا على أن يعودا إلى إرتريا براً عبر الطرق التي يعرفها الأخ محمد علي أما أنا والأخ الشهيد محمود جنجر فعدنا إلى كسلا ومنها إلى الميدان الذي لم أمكث فيه طويلاً إذ تمت إعادتي إلى المنطقة التي عايناها للسلاح في البحر وبدأت المهمة منذ العام 1964م وحتى العام 1967م.
كانت مهمة غاية في الخطورة يلفها الموت في كل الأوقات، كنا نعمل بين تهديدين تهديد العدو الإثيوبي وأجهزته الاستخبارية وخطر الحكومة السودانية إذا ما إقتربنا من المياه الإقليمية التي كانت تجول فيها مراكب خفر السواحل بالإضافة لتهديد آفات البحر وكنا نعيش في حالة مستمرة من القلق على مصير السلاح الذي كرسنا له حياتنا والخوف من أن يحدث خطأ ما في التخزين للسلاح وقد يقود لانفجار يقضي علينا ويتلف ما عانينا من أجله ويفتضح أمرنا ونحرم إلى الأبد من موقع ممتاز قبل أن نجد البديل الآمن و المؤمن على الشواطئ الإرترية ولهذا كنا حذرين لدرجة بعيداً جداً إذ كنا نضع الأسلحة في مكان والذخائر في مكان آخر بعيد وصواعق التفجير في مكان ثالث كما تعاهدنا إذا حدث وشعر أي فرد أو مجموعة بالتهديد أو المداهمة وهو على متن قوارب الأسلحة أن يغرق الحمولة ثم يغرق نفسه مستشهداً في سبيل بقاء السر ولكن والحمد لله لم يحدث هذا وأصبح الأمر مجرد تحوط للأسوأ ليس إلا.
كنا نستقبل السلاح ثم نخزنه بدءاً من الجزيرة وبين الجبال وفي محطات ينقل بينها السلاح بالجمال حتى يصل إلى أيدي المقاتلين والقيادات الميدانية لجيش التحرير الإرتري وكان لنا أكبر مركز للسلاح في منطقة أدوبحا وكان أمر توزيع السلاح في تلك الفترة يتم تحت إشراف القيادة الثورية وشاءت الأقدار أن أحمل ومن معي من مناضلين مسؤولية السلاح تحت إشراف القيادة الثورية ممثلة في قسم الإمداد والتموين وقسم المخابرات وأثناء تلك الفترة كلفت بجلب سلاح المنطقة الخامسة وكانت عبارة عن ثلاثمائة رشاش تومقان وقنابل يدوية ورشاشات خفيفة وقد جئنا بها إلى منطقة يكارع حيث إستلمتها المنطقة الخامسة.
وأذكر وبعد تشكيل القادة الثورية بقرار من المجلس الأعلى بتاريخ 1965/7/22م وشكلت وكانت عرضة للإضافة والحذف من الإخوة الآتية أسماؤهم:-
1. محمد سعد آدم — رئيساً.
2. أحمد محمد علي عيسى — مسؤولاً للإستخبارات.
3. عمر حاج إدريس — مسؤولا للمالية.
4. الزين ياسين شيخ الدين — مسؤولاً للإعلام بالعربية. وكان بدلا من عمر جابر عمر الذي ذهب لمواصلة دراسته في الخارج.
5. صالح حدوق — مسؤولاً للشؤون الاجتماعية.
6. الأستاذ محمود محمد صالح — مسؤولا للشؤون الجماهيرية.
7. والداي قدي — مسؤولاً للإعلام تقرنيا.
8. جعفر محمد عقبا تيدروس — مسؤولاً لإمداد والتموين.
9. عبد عثمان — مسؤولاً للشؤون الصحية.
كما شكلت قيادة هيئة التدريب من كل من:
1. عمر محمد علي دامر — قائداً،
2. عبد الله إدريس درار — نائباً،
وقادة للفصائل المساعدة والتي بدأت بفصيلتين بقيادة كل من محمد عمر عبد الله أبو طيارة وحاج موسى علي سمرة.
كما شكلت في ذات التاريخ المناطق العسكرية وعارض بعض المناضلين إلا أن القيادة كلفت قادتها وكانوا على النحو التالي.
المنطقة الأول:
1. محمود ديناي — قائداً،
2. صالح محمد إدريس أبو عجاج — نائباً،
3. موسى محمد هاشم — مفوضاً سياسياً.
المنطقة الثانية:
1. عمر حامد إزاز — قائداً،
2. محمد عمر آدم — نائباً،
3. محمود إبراهيم شكيني — مفوضاً سياسياً.
المنطقة الثالثة:
1. عبد الكريم أحمد — قائداً،
2. حامد جمع — نائباً أستشهد وكلف حامد صالح سليمان،
3. أحمد إبراهيم سكرتير — مفوضاً سياسياً.
المنطقة الرابعة:
1. محمد علي عمرو — قائداً،
2. علي معتوق — نائباً،
3. رمضان محمد نور — مفوضاً سياسياً.
ثم أنشئت المنطقة الخامسة:
1. والداي كحساي — قائداً سلم للعدو،
2. حشال عثمان — نائباً أستدعي لمقر القيادة،
3. قيلاي — مفوضا سياسياً سلم نفسه للعدو.
بعد ذلك التشكيل وصل إلى منطقة عملنا ثلاثة من الزملاء وهم الأخ أحمد محمد علي عيسى رئيس قسم الاستخبارات بالقيادة الثورية والأخ جعفر محمد رئيس قسم الإمداد والتموين بالقيادة الثورية والأخ حسين محمد على خليفة وكانت الأسلحة في تلك الفترة تتدفق إلينا بشكل منهجي مستمر وبكميات معقولة ولكن حاجتنا في الميدان كانت أكبر من ذلك بكثير بسبب التدفق الكبير والمستمر للمناضلين كنا نقوم في تلك الفترة بتفريغ المراكب وتخزين الأسلحة ثم تحميلها على ظهور الجمال والسير بها إلى أعماق البلاد في ظروف أقل ما يقال عليها أنها قمة المغامرة وكان الأمر غاية في الصعوبة والإرهاق للجميع وبصورة أكبر لمن هم في سني وعلى كل حال خطى تحتم علينا السير فيها.
وأذكر وعندما جاءنا الزملاء المذكورين أعلاه صعد الأخ أحمد إلى المركب وبينما هو على متنه هبت عاصفة عاتية جرفت المركب في عرض البحر وذهبت به بعيدا فأجبر الربان للسير بها بإتجاه الريح التي أخذت تدفع المركب ولم تتوقف لأيام وإنقطعت صلتنا بالمركب عشنا في قلق بالغ فإتصلنا بمقر القيادة الثورية لإعلامها بالأمر الجلل، وبعد إسبوع من إخطارنا لها أعلمتنا القيادة بأن المركب قد رسى بسلام في ميناء بربرة الصومالي وعندما علموا بأمره حملوه بشحنة إضافية من الأسلحة، تنفسنا الصعداء وحمدنا الله على سلامة زملائنا وصلتنا برقية عبر بور تسودان مفادها بأن المركب قادم إليكم في غضون أيام وبالفعل وصلنا المركب وهو محمل بسلاح إضافي قدم من الصومال وكان أغلبه أسلحة إيطالية، كانت مهمة العمل في التسليح من أعقد وأصعب المهام التي كلفت بها وظللت أعمل فيها حتى العام 1967م ثم أستدعيت من قبل القيادة ووجهت مجددا للوحدات العسكرية وكلفت بقيادة سرية وكانت السرية الرابعة وكانت منطقة عملها في المنطقة الأولى هكذا عدت مرة أخرى لقيادة العمل القتالي.
تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة