أيام لاتنسى من ذكريات المناضل محمد علي إدريس ابو رجيلا - الحلقة السادسة
إعداد: جبهة التحرير الإرترية
قلنا في الحلقة الماضية غادرنا منطقة حروم وأثناء مرورنا بالقرى في منطقة الماريا أخطرونا أن الأخ المناضل أبوطيارة أحرق دكاناً
مليئ بالأمانات وأحسسنا بأن الواقعة صحيحة لتكرر الشكوى في أكثر من مكان وعرفنا بالسؤال إسم صاحب الدكان وعلى ما أذكر كان إسمه محمد عمر أبو رادها، فارسلنا للاخ المناضل أبو طيارة رسالة كتبها الاخ المناضل أحمد دكتور ووقعتها وقلنا له فيها أخطأت باحراق الدكان وكان في إمكانك معاقبة صاحبه إذا كان قد إغترف خطأ ما وفي أسوأ الفروض تعيد الأمانات لأصحابها أو أن تصادرها لمصلحة الثورة في أسوأ إحتمال أما إحراقه هكذا أمر غير سليم، ورد علينا أبو طيارة عن طريق مواطن والذي وصل الينا وقال أنا جئت من أبوطيارة وأريد أبورجيلا فقلت نعم أنا أبورجيلا فقال لي يقول لك أبوطيارة أنا حرقت دكان للماريا وليس دكان للبني عامر فآلمني هذا الرد أيما ألم وكلما أتذكره أمتعض وكأنه حدث اليوم على كل حال نزلنا منطقة ساوا وأثناء تجوالنا في قراها وجدنا رجلاً غريباً ولم يكن مألوفا أن يتجول مواطنو المرتفعات ناهيك عن القادمين من التجراي أو الأمهرا ألقينا عليه القبض وأردنا أن نتحقق منه بعيداً عن الجنود وهنا إعتقد الأخ كبوب حجاج (جأنا قبيل هذه الحادثة بوقت قصير) إننا سوف نقتله فألقى بنفسه عليه وهويصرخ ولم نتمكن من إفهامه وإقناعه بنيتنا في معرفة سبب وجوده في هذه المنطقة ومع شكنا الشديد اطلقنا سراحه، وغادرنا المنطقة نحو أومال وهناك إنتظرنا المناضل عثمان محمد إدريس أبوشنب ومعه خمسة مقاتلين (إستشهد ثلاثة منهم في معركة تقوربا لاحقا) ووكان معه الأخ رمضان قبري رحمه الله وبيده كاميرا اراد أن يصور بها المناضلين فوافقنا وقدمنا له الجنود في مختلف الاوضاع القتالية والعسكرية وصورهم.
قضينا ليلتنا فى قرية صالحيت، وفي الصباح الباكر إنطلقنا الى قرية أبوحشيلة تقوربا وهناك إستقبلنا الشيخ حجاج ابو موسى وبعد أن رحب بنا قال لنا أيها الابناء نحن نسمع بأن قوات العدو متواجدة فى البلد حولنا ولكننا لم نرهم، لهذا أرى أن تكونوا فى صدر الجبل درءا لاى إحتمال ولكننا رفضنا وقلنا لة سننتظر حتى يأتينا الماء وعندما نشربه سوف نغادر إنشاءاللة وعندها قدمت لنا إحدى مواطنات قرية تقوربا عدد خمسة طلقات أبوعشرة عن طريق سيدنا حجاج أبوموسى، الذي بين لنا تفاصيل ذلك و فى أثناء الشرح كان العدو يزحف نحو القرية وقد وصل الى مشارفها دون أن يلاحظة حرسناإلا عندما أصبحوا في مرماه فأبلغني بالوضع الماثل فشعرت بالخطر الداهم ولم يكن أمامنا أي مجال للانسحاب عندها جمعت الفصيلة وقسمتها الى ثلاثة مجموعات جناح أيمن وكان فية المناضل سعيد نور وجناح أيسر وفية الشهيد إدريس محمد على نائب الفصيلة وقلب وفيه شخصي وكبوب حجاج ورامي البرين الشهيد محمد آدم شنقحاي الذي ثبت البرين على جذع شجرة دليب ضخمة كما إتخذ الجناحين دفاعات لهما في أراضي مكسرة وعلى ضفة خور قادم من الجبل وفي تمام الساعة 12ظهراً يوم 15 مارس 1964م إندلعت المعركة بين قوات العدو المشكلة من سرايا تابعة للفرقة الإثيوبية الثانية التي جاءت بعد أن شاركت في إخماد ثورة الكنغو بقيادة المناضل باتريس لوممبا وكانت مدججة بالسلاح الحديث هدفها القضاء على ثورة جبهة التحرير الارترية في مهدها، كان العدو يتقدم نحونا وجنوده يقاتلون وقوفا وهم يرددون الهتافات الحماسية، إلا أن كثافة النيران وتزايد القتلى في صفوفهم أجبرهم على القتال وهم ملتصقين بالأرض، كان هنالك رشاش برين أزعجنا كثيرا فأمرت الأخ كبوب حجاج أن يقضي عليه وكان بارعا في التنشين وبالفعل تمكن من قتله ولقوة الأصابة تغير اتجاهه وهنا ركز كبوب على قتل كل من يتقدم باتجاه البرين ولم يلمسه أحد حتى نهاية المعركة وكنت في أثناء المعركة أتنقل بين الجنود وأنا أتفقد الذخائر فعلمت أن الجناح الايمن قد أوشكت ذخيرته على النفاد وبقت لدي بعض الجنود عدد 5 طلقات والبعض الآخر10 وتحسست المواقع الأخرى فكان الموقف متقاربا فأمرت بالانسحاب وكان الوقت قريبا من المغرب فإنسحبنا من خلال خور أشيدا ولسوء الحظ انسبحنا بإتجاه أكلوقأج وكانت منطقة مكشوفة فأصبحنا تحت رحمة نيران العدو التي تسببت في إستشهاد كل شهداء تقوربا وهم:-
1. محمد لباب محمد
2. محمد عبدالله عنتر
3. إدريس محمد علي نائب الفصيلة
4. عثمان محمد نور
5. محمد الحـسن محمد حـريراي
6. غثمان علي أفاددا
7. أحمد محمد
8. صالح أكد
9. إدريس محمد علي دافؤت
10. حسن شريف
11. شريف شربوت
12. محمد جمع إدريس
13. صالح نور
14. إسماعيل كنا
15. عثمان عافة
16. محمد عبدالله همبول
17. عثمان الحسن شيخ
18. آدم ادريس فوجاج
وكان آخرمن استشهد من رجالنا وجرح ثلاثة من رجالنا من بينهم الشهيدين ابراهيم قطوب وابراهيم عبدالله كان عدد رجالنا 70 رجلا وشارك في هذه المعركة المناضل عثمان ابوشنب الذي قال فيها لأحد الجنود عندما ازعجه الموقف الى اين أذهب ياابو شنب وكان يتناقشان قبلها حول الشيوخ فقال له قول وحيات سيدي الحسن فردد وراءه ثم قال له قول سيدنا مصطفى فقال سيدنا مصطفى فقال له خول أرجع وراي ابوشنب مايكتله رصاص اتوبيا.
إنسحبنا حتى وصلنا هواشيت ودخلنا قرية عد قيئ وإستقبلنا مواطن يدعى عثمان وبينما كان بيننا دوة طلقة فإستل سيفه معتقدا أنه هجوم جديد من العدو وأخذ يقول ولاد يوم موت فنقيكم تطعم (اليوم يحلو الموت بينكميا شباب) تبين أن الطلقة طائشة خرجت من بندقية أحد الجنود وعندما حل الظلام إخترت مجموعة من المناضلين وكان عددهم خمسة وهم محمد الهادي دوحين والشهيد محمد آدم شنقحاي والشهيد إدرس محمد نور والشهيد موسى ابرهيم وإنطلقنا نحو قرية تقوربا لاستطلاع موقع المعركة وتفقد جثث الشهداء وكنا في قمة الغيظ والغضب وصلنا قرية تقوربا وإستقبلنا المناضل عثمان سليمان ابوموسى وكان من بين أعضاء الجبهة الأساسيين الذين عملوا في نقل المراسلات وإستطلاع مختلف المناطق ثم عمل رئيا للجنة قرية تقوربا ثم رئيس لمنطقة كلنتيباي وأدى دوره النضالي بأمانة وشرف حتى النهاية وظل وفيا للجبهة ومناضليها وشهدائها، قدم لنا الماء ثم أتى بكمية كبيرة من من البلح السكوت ولكن وضعنا النفسي لم يمكننا من تناوله وقال إن عدد الشهداء كما تعلمون 18 وقد أخذ العدو جميع الجثث إلا واحدة وعندما جئنا لموقعها عرفنا أنه الشهيد عثمان عافه فقمنا بدفنه في المكان نفسه إلا أن العدو عاد وأخذ يفتش في مسرح المعركة وعثر على قبر الشهيد فقام بنبشه وأخذ الجثة وكان قتلى العدو ثمانيين جنديا وعشرات الجرحى وقد علق أجساد الشهداء في مدن تسني وهيكوتا وبارنتو وأغردات وكرن وقد نسي إنتزاع الشارات من كتفي الشهيد فوجاج وتعود تلك الشارات لضابط إثيوبي قتل في معركة باب جنقرين فأخذ الشهيد فوجاج كتافاته وعلق على كتفيه ويبدو أن إعتقد أنه قائد القوة لقد بدأ العدو تلعيق جثث المناضلين الشهداء بشهداء معركة تقوربا ولكن ذلك التعليق الذي أراد به العدو تخويف الشعب والشباب الارتري قد أججج في صدورهم الغضب وحفزهم للاتحاق بالثورة وقد جاء الينا قبل أن يمر أسبوع على المعركة أكثر من 25 مقاتلا مستجداً ومقاتل مدرب وبهذا فقد أتى التعليق بعكس ماكان العدو يتمنى و يتصور وإنتشرت أخبار الثورة بقوة بين أبناء شعبنا وسار بها الناس فكانت دعاية كبيرة خدمت ثورة شعبنا أيما خدمة ما كان لنا أن نحققها في تلك الظروف من البدايات البالغة القسوة وبهذا أضحت الثورة حقيقة يستحيل تجاوزها وأن شعب إرتريا قد إنطلق في ثورته ولن يعود الى الوراء.
تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة