أيام لاتنسى من ذكريات المناضل محمد علي إدريس ابو رجيلا - الحلقة الخامسة
إعداد: جبهة التحرير الإرترية
كما قلت في الحلقة الماضية عملنا ترتيبات للاستعلامات والفدائين ووكانت القيادة التي إنتظرتنا في أغردات مكونة من الإخوة
الاستاذ محمود محمد صالح والأخ محمد صالح عمار والأخ محمد يوسف والأخ صالح محمد سعيد عدوي ثم كلفت قيادة أخرى برئاسة يعقوب محمد يعقوب وعضوية ابراهيم كلفي وصالح محمد سعيد ومحمد جمع الحسين وصالح عثمان أسطى بدري وقد كلف الأخ صالح كيكيا بدلا عن يعقوب ثم كلف الأخ عمر حاج إدريس بدل صالح و أخيرا إستقرت القيادة بعد أن شكلها طاهرسالم على النحو التالي: الاستاذ محمود محمد صالح رئيسا والذي سحب لاحقا للقيادة الثورية وعضوية كل من عبده حاج إدريس ومحمد صالح عمار وابراهيم كلفي ومحمد جمع الحسين وصالح محمد سعيد عدوي وصالح عثمان أسطى بدري وكلف كل من محمد آدم بدوي وابوبكر عثمان شيخ بعضو قيادة معاون وكان الأخ ابوبكر مشرفاً على البيت السري الذي كان لنا في أغردات والغرض إستقبال ضيوف الجبهة والجرحى فيه.
في هذه الفترة خرجت أنا من المدينة وعزمت شعبة الفدائين على تنفيذ عملية ضد ممثل الامبراطور الذي كان في زيارة للمدينة وكانت الخطة إلقاء قنابل يدوية وكان عدد 2 قنبلة متفجرة ودخانية للانسحاب، القيت القنبلتان في موقع الحفل إلا أن القنبلة المتفجرة كذبت بينما دوت الدخانية وتحت هول المفاجأة وجه الجيش الاثيوبي نيران أسلحته لصدور الشعب والموظفين وقتلت 38 شخصاً وذلك يوم 1962/7/12م مما اجبرقائد قوة الحراسة بتوجيه آمر الرشاش بالتوقف وعندما لم يستجب أطلق عليه النار فأرداه قتيلا وعندها توقف الضرب أذيعت العملية بالراديو وإنتشرت دعايتها بين الناس وكان لها رغم ما نسب للثورة من فعل لم تقم به أثراً كبيراً على الشباب الذي أخذ بالتدفق بالعشرات نحو الريف يبحث عن الثورة والثوار أما القوة التي بقيت مع القائد محمد إدريس حاج فقد قسمها لثلاثة فصائل، الأولى بقياد الأخ عثمان محمد إدريس ابوشنب ومنطقة عملها القاش والثانية بقيادة الأخ عمر إزاز ومنطقة عملها عنسبا والثالثة بقيادة الأخ كبوب حجاج ومنطقة عملها بركة وكانت المهمة السير بين القرى والدعاية للثورة و مناوشة العدوإن أمكن ذلك، وسار محمد إدريس حاج مع الفصيلة الثانية والتي إتجهت عبر بركة الى عنسبا وهي تقوم بالتعبئة بين أهالي القرى حتى وصلت منطقة حلحل نهاية عام 1962م وهناك قامت بذات المهام و قامت بعملية هجومية خاطفة غنمت فيها بندقية واحدة إلا أن العدو رد بنشر قواته في المنطقة مما أجبر القوة على الإنسحاب عن طريق سبر الى بركة ومكثت هناك بعض الوقت حتى تهدأ المنطقة وفي شتاء عام 1963م عادت الى عنسبا وهناك خاضت معركة كبيرة أسفرت عن هزيمة العدو وكسب مناضلونا عدد 7 بنادق ورغم النصر فقد إستشهد في هذه المعركة القائد الثاني لجيش التحرير الارتري محمد إدريس حاج وكانت خسارة ذات تأثير كبير في نفوسنا ورغم الجراح قررنا مرة أخرى أن نبقي أمر إستشهاده سرا وكلفت لجنة لادارة العمل مؤقتا حتى يلتقي القادة الميدانيين بقيادة عمر دامر وعضوية كل من عمر إزاز وشخصي وبعد فترة إتفقنا نحن في الميدان وعينا الأخ ابو طيارة قائدا عاما لجيش التحرير ولم تستمر قيادته فترة طويلة إذ إعترضتها مشاكل كان هو طرفها الأساسي فاستدعته القيادة وذهب ملبياً الدعوة وكانت الأوضاع لاتحتمل الغياب وعندما تأخر كلفنا الأخ بابكر محمد إدريس بقيادة الجيش وبعد أن وجه القادة مرض بالملاريا فعاد ولكن لسوء الطالع إستشهد تحت وطأة المرض في مدينة القضارف فور عودته، هنا سادت فترة من الارتباك وقاد كل قائد قوته بنفسه، وشنت الوحدات خلال هذه الفترة سلسلة من العمليات الناجحة استهلها الأخ عمرازاز بمحاصرت قوات من البوليس في منطقة تل آي شمال غرب ساوا أسفرت عن شل القوة وإستسلامها فغنم جيش التحرير عدد 10 بنادق وكمية كبيرة من الذخيرة والملابس وبعد أن بين لأفراد البوليس حقيقة الثورة أطلق سراحهم وكان ذلك في نهاية شهر 1963/8م كما شنت الفصيلة الأولى بقيادة ابوشنب ومشاركة ابوطيارة هجوماً خاطفاً على مركز أديبرا غنموا عدد 4 بنادق و2 جمل وكمية من طاقات الدمورية وكان ذلك في يوم 1963/9/15 وفي ذات اليوم شنت شعبة الفدائين بقيادة آدم محمد حامد قندفل عملية مباغتة على مركز مدينة هيكوتة واستخدمت فيها بصا من المواصلات العامة التي تقف عادة أمام المركز للتفتيش وانقضوا على المركز وغنموا عدد 34 بندقية وبرين وكمية كبيرة من الذخائر والملابس وخرجوا بذات البص وهم معلقين العلم الوطني الارتريوكانت هزة كبيرة للعدو الاثيوبي ازعجت جنرالاته، وكنت خلال هذه الفترة مندوبا في كسلا فكلفت بالعودة للميدان وقيادة الفصيلة الرابعة التي إنشئت وكان فيها رجال متميزين والتوجه لعنسبا بمعية الفصيلة الثانية بقيادة الأخ عمر وعندما وصلنا إتجهت أنا لأشاديرا وعمر لمعري قمنا نحن بنسف خط السكة حديد عند النقطة في أشاديرا ووضع المتفجرات الأخ محمد همد أودين (تمتام) وكان مهندسنا الوحيد في تلك المرحلة وإلتقينا مرة أخرى وسرنا معاً باتجاه باب جنقرين فوصلنا دقي قيسو وجمعنا الناس وحاضرهم الأخ عمرإزاز وقال لهم نحن جبهة التحرير الارترية كنا في بركة وأهل بركة تحملونا وقدموا لنا كل ما يملكون واليوم نحن معكم ونريد منكم القيام بذات الدور حتى ننهي الاستعمار ونحرر بلدنا ونصبح احرار نحكم انفسنا، كانت محاضرة رائعة وحماسية رردها بالجري والبلين ولكن للأسف الشديد لم تعط أي مردود إذ توجه ثلاثة من سكان تلك المنطقة الى مدينة كرن وأخطروا السلطات بأمرنا بينما لعب الباقين دور المماطلة بتأخير تقديم الطعام مما أثار شكوك المقاتلين فأيقظوني من النوم وقالوا لي إن الأهالي لم يأتوا حتى الآن بالطعام وهذا يثير شبهاتنا فاتجهت لعمر وأخطرته فقام بارسال مناضلين للاستفسار فقدم لهم الأهالي الأعذار الواهية والمتمثلة في أنهم لايعرفون إسلوب تقديم الطعام لنا، أخيرا وصل الطعام فأكلناه على عجل وغيرنا الموقع الذي رآنا فيه الأهالي لموقع آخر وإتخذنا موقعا دفاعيا مشرفا على الطريق العام وما أن أنهينا ذلك حتى رأينا قوات البوليس وهي تسير على الطريق الى حيث كنا و بينهم الرجال الثلاثة فاشتبكنا معهم من حيث لايتوقعون وبسرعة خاطفة إستولينا على السيارة بما فيها من عتاد بعد أن قتل منهم من قتل وهرب من بقى وإستولينا في هذه المعركة في باب جنقرين على عدد 35 بندقية ماركة 4 وواحد برين وواحد كاربين ومسدس و12 خزنة برين وخمسين رغيفة كما وجدنا في جيب قائد قوة البوليس نوتة دون فيها إسم أحد العملاء ورقم بندقيته وكان قد دخل المدينة بهدف تجنيد الناس ولكنه أصبح عميلاً وأقلق سكان المدينة ولم نخسر في هذه المعركة أي رجل كما لم يجرح أحد،مرض الأخ عمروطلب مني الانسحاب بالقوة نحو بركة أما هوفقد أصر على البقاء في المنطقة حتى يشفي ثم يلحق بنا وبعد إتفاقنا إنسحبت أنا من المنطقة كلها نحو هبرو ولم نكن نعرف البلاد ودروبها وعندما وصلنا منطقة سبعت قِرد لحق بنا العدو ولكنهم لم يتاكدوا من موقعنا ولحسن الحظ راهم المناضل الشهيد علي بخيت ادريس علي بخيت فتعامل معهم علي الفور واردى أحدهم قتيلا فانهمر علينا الرصاص من كل حدب وصوب ولكننا إنسحبنا في جنح الظلام وصعدنا قمة جبل عالي لم يصعدوا الينافيها فشكلنا وعملنا شاي لسد الجوع اذ كان الشاي هي الوجبة الوحيدة في ذلك اليوم، ارتدت قوات العدو علي أعقابها وقتلت في طريق عودتها امراة ورجل وانطلقنا نحن من هناك نسير بين القرى ونناقس الناس حتى وصلنا منطقة تحرا التى استقبلنا اهلها استقبالا منقطع النظير فمكثنا فى المنطقة عشرين يوما كنا نتجول خلالها لشرح اهداف الثورة بين المواطنين فى تلك المناطق وقدارسل لنا اهالى قرية عد اكد مبلغ مئة جنية اثيوبى اصبحت ضمن مصاريفنا بعد تلك الفترة انطلقنا باتجاة جبال الماريا فاستقبلنا الاخ ودعيدر بحرارة بالغة وقدم لنا قوصرة من العجوة وودعناة وانطلقنا حتى وصلنا منطقة حروم فاستقبلنا الشيخ محمد ودعجيل وكان عالما جليلا وشيخا قوى الشخصية، وقد أكرمنا بذبح بقرة والقى علينا خطبة دينية ألهبت فينا الحماس وأنستنا الارهاق والتعب والمعاناة، غادرنا منطقة حروم.
تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة