المناضل القائد محمد صالح همد

بقلم مولانا: عبدالله خيار - سويسرا

المناضل القائد محمد صالح همد أحد مؤسسي جبهة التحرير الإريترية في القاهرة 1960

محمد صالح همد 1وهو عضو قيادتها التاريخية المجلس الأعلى أبان عقد الستينيات.

البعض من أبناء هذا الجيل قد لا يعرفون الكثير عن المناضل محمد صالح همد أو قد يكون البعض منهم لم يسمع به إطلاقا، للفائدة العامة أُضيف هنا شهادتي عن هذا الرجل النبيل لانني كنت من المحظوظين بمعاصرته ومعرفته عن قُرب عُقب تصعيدنا أنا وداويت هبتي وعمر حاج وندم في عام 1993 من قضاة محاكم اقليمية الي قضاة في المحكمة العليا اسمرا، حينها كان المناضل محمد صالح همد قاضياً بالمحكمة العليا في الدائرة التجارية مع رفيقه القاضي إدريس همداي.

رغم عدم وجود المعرفة الشخصية بيننا الا إنه إستقبلني بذلك الود والترحاب المعروف عنه، وحقيقة أكرمني كرماً حاتمياً فيّاضاً بأريحته السمحة وقدم لي الكثير من النصح والتوجيه، وتعلمت منه الكثير في مجال القانون لذا اعتبره أُستاذي، فهو موسوعة علمية ولديه الكثير من التجارب الثرة التي صقلته، وما يدهشك فيه بالرغم من إنه لم يولد في إرتريا الا انه كان ملماً بالخلفيه التاريخية لكل مكونات المجتمع الارتري وكان علي دراية تامة بجغرافيا إرتريا ومناطقها وإنسانها دراية الخبير ببواطن الامور.

المناضل محمد صالح همد هذا الرجل المهذب جداً لن تجد الكلمات المناسبة لوصفه فهو متحدث لبق وفي نفس الوقت يجيد الاستماع الي من يُحدثه.

ويجيد الكثير من اللغات العالمية، إلّا انه بالرغم من كل ذلك كان متواضعاً لأبعد الحدود، وإنساناً بسيطاً للغاية، وكان يتميز بانه قارئٌ جيد وواسع المدارك والإطلاع، ومن الامور التي لفتت نظري فيه انه حينما يدعو شخص ما لزيارته في مكان إقامته فهو دوما ينتظره بكامل هندامه كأنّما لديه موعد عمل إحتراماً لزائره، وتعتبر الاناقة إحدى السمات الملازمة له والتي تنم عن ذوقه الرفيع.

المناضل محمد صالح همد درس الحقوق بجامعة القاهرة وإستطاع بفضل نبوغه القانوني أن يعمل كمستشاراً قانونياً بوزارة الداخلية بالمملكة العربية السعودية في بداية ستينات القرن الماضي.

تقلّد العديد من المناصب في جبهة التحرير الارترية وبعد المؤتمر التنظيمي الثاني لجبهة تحرير إرتريا 1975 تولى الإشراف علي الجهاز القضائي خلفاً للمناضل إدريس همداي، بجانب المناضلين محمد اسماعيل عبده وحامد صالح تركي.

بعد التحرير تم تعينه كقاضي في المحكمه العليا ولم يكن هذا التعين منصفاً له ولامكانياته الهائلة فهو رجل سياسي في المقام الاول ويجيد التحدث بلباقة الديبلوماسين، لذا كان يمكن الاستفادة منه حسب وجهة نظري في مجال العلاقات الخارجية اكثر منه كقاضي خاصة وانه يمتلك علاقات واسعة مع الكثير من السياسين العرب.

وما لايعرفه الكثيرون عنه انه كان لايملك بيتاً في اسمرا، وكان يزاول عمله من محل إقامته باحدى فنادق اسمرا، ورغم ذلك لم يتذمر ولم يحتج، لذا كان رئيس المحكمة العليا طعمي بيني يكُن له تقديراً خاصاً، ودوما كان يتحدث عنه بشكل يليق به وبامكانياته القانونية ويقدر أيضاً صبره علي كل صعوبات الحياة التي كانت تمر عليه.

رحل المناضل محمد صالح همد وترك لنا ثلاث بنات وهن ساره وسالي وسمر. نسأل الله أن يحفظهن في غربتهن والتحية لوالدتهن.

رحم الله المناضل محمد صالح همد بقدر ما قدم لهذا الوطن من نضالات ومساهمات مع غيره في إيصال صوت الثورة الي المحافل الاقليمية باعتباره أحد مثقفي ومؤسسي الثورة الارترية.

لقد رحل عن هذه الفانية فقيراً لا يملك شئياً الّا محبة الناس له، وتاريخاً ناصعاً ملئ بالنزاهة ونكران الذات ، أرجو من الاخوة الباحثين والدارسين والمهتمين، ان يهتموا بالتوثيق لحياة ومسيرة هذا المناضل الانسان النبيل، وكل الشكر للاخ الكاتب والناقد محمود أبوبكر الذي وعدني مشكوراً بالمساهمة في هذا التوثيق متى ما توافرت الظروف لذلك.

يعد محمد صالح همد المولود في القاهرة لأب إريتري وأم مصرية من أبرز المثقفين الإريتريين ومن أكثر المناضلين تجرداً ونكران ذات.

توفى المناضل القائد محمد صالح همد في القاهرة يوم 11 مايو 1994 بعد أن نُقل إليها من أسمرا إثر تدهور حالته الصحيه.

ستبقى ذكراه خالدة في ذاكرة شعبنا فقد أسهم إسهاماً كبيراً في تشكيل الوعي الوطني الإريتري وفي ترسيخ مسيرة الثورة الإريترية وتمكينها من تحقيق هدفها في الاستقلال الوطني. رحم الله محمد صالح همد.

Top
X

Right Click

No Right Click