القائد الوطني المناضل الشهيد سعيد صالح الهيبة الموروثة

بقلم الأستاذ: أحمد داير - كاتب وناشط سياسي إرتري

منذ أكثر من عامين وأنا أحاول كتابة ولو كلمات يسيرة علها تستفز الآخرين للكتابة عنه

سعيد صالح محمد 1بشكل تفصيلى واتردد كأن هناك هيبة منه.. اى ان تكتب ما يليق او فلتصمت.

كنت احتفظ بصورة تذكارية تجمع الأخ عبدالرحمن على محمد صالح به اثناء طفولته فى حى الترعة بكسلا يبدو فيها فى الثالثة من العمر تقريبا أى فى مطلع السبعينات قبل انتقال الأسرة الى دمشق.. لم أجدها حتى الآن... كان عبدالرحمن قد نشر صورة له مع بارونة انجليزية زارتهم فى موقع عملهم فى برمنجهام كما أذكر... وكان هدفى من نشر صورته مع الشهيد سعيد صالح هو انه لو تمكن من ان تجمعه صورة مع ترمب وبوتين وجلالة الملكة هناك فلن تكون بقيمة هذه الصورة.

رمضان قبل السابق كان قد زارنا فى الدمام المناضل على محمد صالح وكنا مدعوين الى افطار فى منزل الاخ حسن محمود ابو أيمن وهو جار لسعيد فى كرن وصديق طفولة. ذكرت موضوع الصورة لعلى فجرنا الحديث الى مناسبة هامة تذكرها.

فى العام ١٩٦٥ دخل فدائيان الى مدينة كرن لتنفيذ عمليتين منفصلتين.. كان أحدهما يعرف المدينة جيدا والآخر حديث عهد بها وكان لابد من إختيار احد ابناء المدينة ليدله على الموقع والهدف وجاء اختيار الشاب سعيد صالح. رافق سعيد ودله وانتظر قريبا من المكان.. تمت العملية بنجاح ومع تبادل اطلاق النار جرح الفدائي فقاده سعيد الى خارج المدينة ولم يعد. تلك كانت البداية وما اعظمها.

تدخل الأخ حسن وتذكر ان والده الشيخ صالح افتقده كثيرا وكان وحيده ثم ذكر ان الشيخ نفسه كان قويا ومهابا لا يتردد فى استخدام عصاه فى اى وقت. اما الوالدة فيتذكر انهم حين كانوا يشاغبون فإن والدتهم كانت تهددهم بام سعيد فيكفون خوفا ورهبة منها. من هذا المنزل جاء سعيد.

لم يكن سعيد من الذين يشرفون منزلنا بالاقامة فيه ولكنه كان يمر للقاء رفاقه... حين كان يحضر كنت أجهز جك الألومنيوم استعدادا لطلبه المعروف.. ينقدنى شلنا لاحضر لبن إبل من السوق المجاور ويشجعنى على شرابه.. كان من منطقة يتغنى الناس به (قرسا حليب انسا). تابعت ذلك اخبارا عن ذهابه الى الدورة الثانية الى الصين وترقيه فى جيش التحرير.

فى العام ١٩٧١ بعد ظهور نتائج امتحانات الشهادة للدخول الى المرحلة الثانوية نجح جميع ابناء الحى ولم يفوت نادى الحى الفرصة وقرر اقامة رحلة الى منطقة حفرت فى ريفى كسلا. بعد وصولنا قررت مجموعة منا الذهاب الى المسلة الموجودة هناك. ونحن فى الطريق فوجئنا بمجموعة من المقاتلين تحيط بنا كأنه كمين واحسسنا اننا تجاوزنا الحدود. بعد قليل ظهر لنا المناضلان سعيد صالح وابراهيم عبدالله (استشهد فى مطلع ١٩٧٢ كما اذكر).

والشباب فى ذهول طلب منا سعيد الجلوس ثم مر علينا احد المقاتلين ليزودنا بشاى. ثم شجع الشباب بعد ان عرفهم بنفسه ورفيقه ان كانت لديهم اية استفسارات. الأخ يحى الضيقى وحده الذى استفسر عن ما جرى من انشقاق فى صفوف الثورة.

كان سعيد يجيب وكنت اراقب منظر المقاتلين يحملون موادا غذائية. من خلال استراقى للسمع لأحاديث المناضلين بعد شاى الغداء فى المنزل كنت اعلم ان سعيد وابراهيم عضوان فى اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطنى الأول الذى يترقبه الجميع ولابد ان ما يحدث هذا جزء من التحضير له. لم اتابع حديث سعيد وانما افقت على خاتمة حديثه وبلهجة واضحة (اها يا اخوانا... لا شفناكم ولا شفتونا). فأدركت أننا داخل الحدود السودانية. لا أتصور أن احدا من الشباب قد حكى ذلك لأى شخص آخر.

قيادته للواء من الوية جيش التحرير واشرافه على تحرير مناطق اثناء التحرير الأول ١٩٧٧ متروك لرفاقه من المناضلين لعلمهم بتفاصيل ذلك. لكنى اذكر امرا ذكرته المناضلة ام انشراح المقيمة حاليا فى جدة وهو أنهم حين كانوا غى كركون بعد الإنسحاب لاحظت أن ضباط الجيش السودانى لم يكونوا يخاطبون احدا غيره ب (اللواء سعيد). هيبة حتى وهو مجرد من السلاح.

رغم الخلافات فإنه لم يقطع علاقته مع الاخرين.. وفى يوم مشهود ٢٥ مارس ١٩٨٢ كان فى زيارة الى بعض ابناء كرن فى الجانب الآخر... اثناء الدردشة معهم أعلن لهم انه من الواضح ان أمرا ما سيتم اليوم.. واستغربوا وسألوه عما اذا كان هناك جديد. كان رده وبحاسة امنية عالية (حوالى الشهر نحن هنا ولم يحدث ان عبر محمود حسب هذا الخور.. عبره اليوم وهذ تأكيد لما سيحدث).

بعد عام ونيف يونيو ١٩٨٣ امتدت يد الخسة والغدر لتغتال هذا البطل وتلقى به فى الشارع الفاصل بين حيى الثورة والترعة فى محاولة لايهام الناس بأنه مات نتيجة حادث مرورى وهو يقود دراجته البخارية (موتر) ثم لاحظ المناضلون الذين ذهبوا الى المشرحة أن استشهاده كان نتيجة لضربه بآلة حادة من الخلف... بعد سنوات وعلى بعد امتار تم اغتيال رفيقه محمود حسب غدرا ايضا امام منزله وبين الحادثين اغتيال لهنقلا وولد داويت.. كل ذلك فى كسلا.

ومحاولة لاغتيال القائد عبدالله ادريس فى الخرطوم. تعمد تصفية قيادات عسكرية من قبل المجرمين هو لقطع الطريق على اعادة تشكيل جيش وطنى يهدد وجودهم.

كان سعيد كأنه اختزل الوطن مرتفعاته ومنخفضاته... الوالد من الساهو والوالدة من الجبرتة والزوجة من مكان النشأة من البلين.

تحت سفح جبل التاكا العظيم تجمع مع كثير من الابطال.. حسب.. عبدالله ادريس... هنقلا.. ابراهيم سلطان... ومجموعة من الرعيل الاول للثورة... وغير بعيد عنهم احد الابطال... ولد داويت تمسقن.

تحية للمناضلة ستنا سعد وزهراتها وليكن بالف خير دائما.

Top
X

Right Click

No Right Click