عمر إزاز.. سيف من سيوف الحرية

بقلم المهندس: سليمان فايد دارشح - كاتب وبـاحث

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

عبر التاريخ مرت البشرية بمراحل عصيبة نتيجة الصراعات والنزاعات والحروب،

عمر حامد ازاز 6

وعبر هذه المراحل المؤلمة بزرت شخصيات وقادة على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية كان لهم دورهم البارز والمؤثر في اجتياز هذه المحن والصعاب وانقاذ شعوبهم وبلادهم من حالة الضياع والمصاعب التي لا تحمد عقباها.

من هؤلاء القادة التاريخيين في ارتريا الشهيد عمر حامد إزاز هو رجل لو ساويت رأسه برؤوس الجبال لساوى قمتها، رجل حياته حافلة بالعطاء والمواقف ووقفات العز والشموخ، هو عنوان لكل قيمة جميلة وسيف من سيوف الحرية وصفحة مشرقة من تاريخ هذا البلد، كان زارعاً مع رفاقه الرعيل الأول لشجرة الاستقلال رافضاً حياة الذل والهوان لشعبه ووطنه، وعازماً على المضي قدماً في درب النضال والشهادة حتى التحرير، قاد بشجاعة نادرة عدة معارك وظل يحرز الانتصارات المتتالية ويخوض معركة بعد أخرى حتى لقى ربه شهيداً في معركة حلحل المشهورة.

في الحقيقة لا أعلم من أين أبدا وكيف سأنتهي حين أتحدث عن شخصية فريدة كشخصية القائد عمر إزاز، فهو الإبن البار لهذا البلد وصاحب العطاء والاخلاص والتفاني، قائداً ميدانياً من الطراز الأول كانت القيادة بالنسبة له فرض كفاية وأداء واجب وطني صاحب خبرة في التنظيم والإدارة، كسا الله هذا الرجل المهابة والجاه وعرف برفضه للظلم ورد العدوان والأخذ بالعزائم واحتقار الصغائر أعطى كل ما يملك عقلاً ووقتاً ودماً وروحاً لخدمة وطنه وتحرير شعبه.

ينحدر الشهيد القائد عمر إزاز من بيت دين وعلم وهو سليل أسرة إزاز المشهورة بالشجاعة والاقدام والمروءة والتفاني في خدمة المجتمع.

الشهيد إزاز عرف عنه أنه أحد رجال المقدمة في الثورة الارترية إتزاناً وإيثاراً للعمل الهادئ الرصين وصاحب اشراقات مأثورة وارتبط إسمه بالمواقف والمبادئ والقيم ووقفات العز، وطنياً غيوراً ومخلصاً وفياً لبلده وشعبه، من عرفه وعاصره قال عنه أنه سيد التواضع والزهد وحسن الخلق والمروءة والشهامة وصاحب مبادرات وروئ ثاقبة ومشروعات وطنية.

القائد إزاز من أبناء منطقة حلحل، تلقى تعليمه الأولي بمدينة كرن الارترية ومدينة كسلا السودانية ثم التحق بأرطة العرب الشرقية في الخمسينيات جندياً عادياً ثم تدرج في الرتب العسكرية الى أن وصل الى رتبة ضابط صف في الجيش السوداني وتميز الضابط إزاز خلال فترة خدمته العسكرية بذكائه وموهبته العسكرية وكان رجل المهام الميدانية الصعبة وكان ينتقل من موقع الى آخر على امتداد حدود السوان، وبالرغم من أن حياته عرفت بالجدية والحزم، فإنه يملك قلباً في بياض الثلج ونفساً طيبةً وروحاً يتجسم فيها الخير وداره في مدينة كسلا مفتوحة لأصدقائه ومعارفه سودانيين وارتريين وأصحاب الحاجات واسلوبه في الحياة الخاصة كان يمتاز بالسهولة واللين والبساطة والتواضع الجم.

في عام 1956م ساهم القائد عمر ازاز مع زملائه محمد سعد ادم ومحمد ادريس حاج وطاهر سالم وبابكر محمد ادريس وأخرين في تكوين تشكيل تنظيم الارتريين العاملين في الجيش والبوليس السوداني وكانوا يتابعون أول بأول الأحداث الجارية في ارتريا وتطور تنظيمهم السري الى تشكيل لجنة تنسيق ومتابعة برئاسة محمد سعد أدم وكان الشهيد ازاز من أنشط وأبرز أعضاء اللجنة حيث كانت له اتصالات واسعة مع القادة والسياسيين والبرلمانيين الوطنيين داخل ارتريا، كما كانت له اتصالات ببعض المواطنين الارتريين النشطين وطنياً في المدن الارترية والسودانية.

وعندما أطلق الشهيد القائد حامد ادريس عواتي بن فايدوم عام 1961م باسم جبهة التحرير الارتري ومعه فتية قلائل لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين الرصاصة الأولى ضد الاحتلال الأثيوبي معلنين بذلك ميلاد الثورة الارترية ومعبرين عن إرادة الشعب الارتري في التحرير والسيادة الوطنية، تدفقت الجماهير الارترية لتلبية نداء الوطن وحمل السلاح.

وفي 1962/2/17م التحق عدد من ضباط صف وجنود ارتريين - أرطة العرب الشرقية - الذين استقالوا من الجيش السوداني مؤثرين خدمة وطنهم ومن ضمن هؤلاء الكوكبة كان القائد الشهيد عمر ازاز.

تنازل عن المستقبل الباهر الذي كان ينتظره في الجيش السوداني تاركاً واجبات الأسرة التي كانت في أمس الحاجة إليه وترك كل ذلك وفي باله قوله تعالى في سورة الروم: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كنتم تعلمون).

فرح القائد عواتي بقدوم هؤلاء المناضلين الارتريين ذوي الخبرة القتالية والكفاءة العسكرية من الجيش السوداني الى الثورة ورحب بهم ترحيباً شديداً وقال عند لقائه بهم "لقد أصبح اليوم وضع الثورة العسكرية قوياً بالتحاق هؤلاء الأبطال القادمين من الجيش السوداني للثورة، ونحن على ثقة بأنهم سيطورون ويدعمون جيش التحرير الارتري بما يملكون من تجارب وخبرات عسكرية، أوصي جميع المقاتلين أن يستفيدوا من خبرات هؤلاء المناضلين".

وبعد مرور خمسة أشهر من بداية الثورة أخذت النواة الأولى لجيش التحرير الارتري تتزايد عدداً وعدة وتجربة لذلك عواتي رأى ضرورة عقد اجتمع عام لتنظيم الوضع العسكري والجماهيري، ولهذا الشأن دعا في يوم 19/2/1962م الى اجتماع عام للمقاتلين في منطقة (أبوحشيلا شكور) الواقعة جنوب تسني وحضر هذا الاجتماع التاريخي المناضلين الارتريين القادمين من الجيش السوداني وتم الاتفاق في هذا اللقاء التاريخي على عدة نقاط منها:

1. انتخاب حامد ادريس عواتي قائداً عاماً لجيش التحرير الارتري ومحمد ادريس حاج نائبا للقائد العام.

2. تقسيم المجموعة العسكرية الى ثلاثة مجاميع على رأس كل مجموعة قائد من أولئك القادمين من الجيش السوداني وتولى القائد ازاز بموجب هذا التقسيم احدى المجاميع المقاتلة.

وتجدر الاشارة الى أن القائد عواتي كان معجباً أشد الاعجاب بحكمة وهدوء وشجاعة ونشاط الشهيد القائد محمد ادريس حاج وبخلق الشهيد القائد عمر ازاز المستعد دائماً للقتال والمصمم أبداً على النصر.

وبعد استشهاد القائد عواتي تصاعدت جذوة الكفاح المسلح وواصل رفاقه المسيرة النضالية التي بدأها قائدهم بإرادة قوية وعزيمة لا تلين وخلال هذه المرحلة خاضت الطلائع المقاتلة عدة معارك ومن بين هذه المعارك معركة (تلاي) التاريخية التي وقعت بتاريخ 1968/5/28م في منطقة ساوا والتي نصب فيها الثوار كميناً محكماً لقوات العدو الاثيوبي المتجهة من منطقة قرقر بالقرب من الحدود السودانية الى مدينة أغردات.

وقع العدو في الكمين وأسرت كل قواته وغنم منهم الثوار سبعة عشر بندقية بذخائرها، وكان ذلك كسباً كبيراً في تلك المرحلة الصعبة التي لم يكن للثوار خلالها مصدر للسلاح الا ما يغنمونه من العدو، قاد هذه المعركة القائد المغوار عمر ازاز.

وفي منتصف عام 1962م دعا القائد محمد ادريس حاج الى اجتماع عام تقرر فيه تقسيم الجيش الى ثلاثة فصائل ووضعت اللوائح الانضباطية سواء كان ذلك على صعيد التجنيد والتوعية الجماهيرية أو على صعيد المواجهة العسكرية مع العدو، وكان هذا التقسيم أو البرنامج يهدف الى توسيع رقعة الكفاح المسلح بشكل يجعله يشمل كل أنحاء ارتريا في وقت وجيز وكان تقسيم الفصائل على النحو التالي:-

1. فصيلة التحرير بقيادة عمر ازاز. وحددوا لها أن تتحرك الى منطقة عنسبا والساحل الشمالي.

2. فصيلة الجبهة بقيادة عثمان أبو شنب وحدد لها أن تتحرك الى منطقة بركة والقاش.

3. فصيلة النصر بقيادة محمود ديناي وحدد لها أن تتحرك الى منطقة عنسبا والساحل الشمالي.

وفق هذا البرنامج تم مجدداً تعيين الشهيد محمد ادريس حاج قائداً عاماً لجيش التحرير الارتري والشهيد طاهر سالم مسئولاً في مدينة كسلا السودانية للجبهة ليكون حلقة الوصل بين القيادة السياسية العليا في الخارج والاداريين العسكريين بالميدان اضافة الى تكليف - طاهر سالم - الاشراف الكامل على المنظمات الجماهيرية بالمدن السودانية.

وتجدر الاشارة هنا الى أن القائد طاهر سالم كان في هذه الفترة قائداً للمجموعة العسكرية في السودان - كسلا ولكنه لم يلتحق مع رفاقه عام 1962م بالثورة لأن مدة خدمته في الجيش السوداني لم تنتهي فقد التحق في عام 1963م وقاد جيش التحرير الارتري بحكمة وشجاعة وبطولة نادرة وظل هذا البطل يحرز الانتصارات المتتالية بكل فدائية وجسارة حتى لقى ربه شهيداً في يوليو 1965م في معركة أدوبحا دمسس.

وفي منتصف عام 1965 عقد اجتماع بمدينة كسلا بالسودان ضم ثلاث من أعضاء المجلس الأعلى وهم: الشهيد ادريس محمد ادم والشهيد عثمان صالح سبي والشهيد ادريس عثمان قلايدوس والقيادة العسكرية بالميدان وبعض الكوادر الأساسية في التنظيم بالسودان وقد أصدر هذا الاجتماع عدة قرارات كان ابرزها تنظيم جيش التحرير الارتري الى اربعة مناطق عسكرية وتعيين قادة المناطق هم:

1. محمود ديناي قائد المنطقة الأولى

2. عمر ازاز قائد المنطقة الثانية

3. عبد الكريم أحمد قائد المنطقة الثالثة

4. محمد علي عمرو قائد المنطقة الرابعة

تم اضافة منطقة خامسة فيما بعد كان قائدها ولداي كحساي وقد استسلم للعدو الاثيوبي نتيجة لرد فعل على المجزرة التي حدثت داخل المنطقة وعين بدلاً عنه ابراها تولداي وأيضاً سلم نفسه للعدو لنفس السبب.

وهذه التجربة لم تحقق الغرض المنشود تماماً، صحيح أدى ذلك الى انتشار الثورة في كل مناطق ارتريا ولكن صاحب تطبيق نظام المنطقة العسكرية روح الاقليمية والطائفية وانعدام روح التعاون والتنسيق بين المناطق الا في حالات نادرة وتبين أن تلك التجربة قد استنفذت أغراضها وطفحت سلبياتها في النهاية وبالتالي انعدمت الثقة بين القواعد المقاتلة وقياداتها كذلك فشل المجلس الأعلي وهو القيادة السياسية في معالجة الوضع المتأزم.

وبهذا بعد عام ونصف من تطبيق هذا النظام الجديد واجهت الثورة الارترية ازمة عنيفة جديدة تمثلت في حدوث تصدع خطير في وحدة الجبهة على المستويين الجماهيري والعسكري وتفاقمت الصراعات الشخصية بين القيادات خاصة أعضاء المجلس الأعلى الذين أصبحوا يشكلون الواجهات الرئيسية للمحاور المتصارعة بخلفياتها القبلية والطائفية.

وجدت هذه الازمة تعبيراً مباشراً من خلال القضايا التي طرحت نفسها أمام كل المناضلين الشرفاء مما أدى بدوره الى أن تتبلور تلك التعبيرات في تحركات ذات دلالات سياسية واضحة تمثلت في حركة المقاتلين الذين كانوا يدعون الى الغاء نظام المناطق وتوحيد جيش التحرير الارتري باعتبار أن ذلك يمثل الوسيلة المثلى الوحيدة للخروج من تلك الأزمة المتصاعدة.

وكان من الطبيعي أن تبادر المناطق الأكثر تضرراً من نظام المناطق الى توجيه الدعوات للمناطق الأخرى للخروج من هذه الأزمة. هكذا بادرت المنطقة الخامسة بدعوة قادة المناطق الى اجتماع عام ووجدت الدعوة الاستجابة الفورية من بقية المناطق وكان الشهيد ازاز بحكم وعيه المتقدم وخبرته العسكرية يدرك أهمية وضرورة وحدة جيش التحرير لذلك كان أول المبادرين لقبول دعوة المنطقة الخامسة.

ففي 16/6/1968م عقد اجتماع عسكري في (عرداييب- منطقة يكارع) لقادة المناطق وتم الاتفاق فيه على الآتي:

1. عقد مؤتمر عسكري موسع في 30/7/1968م تحضره قيادات المناطق وقادة السراي والمفوضون السياسيون والأمناء الصحيون وهيئة التدريب وفصيلة المساعدة.

2. تكليف قائد المنطقة الثانية عمر ازاز للتحضير وتأمين مكان انعقاده.

3. تكليف قائد المنطقة الثانية بدعم المنطقة الثالثة بحيث تتمكن من الصمود في مواقعها.

وفي يوم 1968/8/10م انعقد مؤتمر (أروتا ماريا) وأطلق عليه من أجل الحرية اسم مؤتمر (عنسبا) وحضر هذا المؤتمر ممثلو المنطقة الثالثة والرابعة والخامسة وهيئة التدريب وفصيلة المساعدة، وتغيبت عن المؤتمر المنطقة الأولى والثانية لأسباب تتعلق بظروف العمل العسكري، ويقال أرسل قائد المنطقة محمود ديناي رسالة موجهة الى المؤتمر يعتذر فيها عن الحضور ويطالب تأجيل المؤتمر وقد حمل هذه الرسالة الى مكان المؤتمر المناضل محمد ابراهيم بهدوراي وكان مضمون تلك الرسالة كالآتي:

1. قائد المنطقة الأولى لم يتمكن من الحضور نتيجة لغياب معظم المسئولين في المنطقة وانشغالهم باستقبال المهمات العسكرية التي وصلت من الخارج.

2. انشغال المنطقة الأولى بإرسال نجدات لدعم المنطقة الثانية في معركة حلحل الهجومية وحدثني بهذا الشأن المناضل محمد ابراهيم بهدوراي قائلاً: " وطلبت بالحاح شديد من المؤتمرين تأجيل المؤتمر والتوجه الى ساحة المعركة لنجدة الثوار لأن العدو أرسل تعزيزات كبيرة لقواته في حلحل والموقف العسكري أصبح غير متوازن، رفض المؤتمرون تأجيل المؤتمر وعندها غادرته ومعي فصيلتي الى ساحة المعركة في حلحل".

ويقال بهذا الشأن أن تغيب المنطقة الثانية عن المشاركة في المؤتمر والقيام بهجوم على مركز حلحل في نفس يوم انعقاد المؤتمر كان ذلك نتيجة ايحاء من بعض أعضاء المجلس الأعلى للقيام بهذا الهجوم كمناورة للتنصل من المشاركة في المؤتمر!.

وللتاريخ والحقيقة تشير كل الدلائل الموضوعية أن هذا التفسير الخاطئ لا يعتمد على أي أسس موضوعية لأنه كان بالإمكان تأجيل المؤتمر لفترة قصيرة بحيث يتم انعقاده بعد حسم المعركة وأن يتم نجدة القائد ازاز ومقاتليه بتعزيزات عسكرية من جميع المناطق. ونتيجة لهذا الموقف السلبي من عدم المشاركة في معركة حلحل تكبدت الثورة الارترية خسائر كبيرة حيث استشهد ستون مقاتلاً وجرح تسعون أخرون.

واذا كانت المعركة كما يعتقد البعض انها كانت بغرض المناورة للتغيب من المؤتمر لكان بالإمكان القيام بمناورة عادية وليس الهجوم على مركز حلحل المحصن.

ويقال في هذا الصدد أن القائد ازاز كان يقوم برصد مركز حلحل وجمع المعلومات حوله منذ فترة طويلة وصادف الوقت المناسب للمبادرة بهذا الهجوم مع انعقاد المؤتمر ورجح أن يأخذ بالمبادرة العسكرية بالهجوم على المركز المحصن ومن ثم يشارك فيما بعد في المؤتمر، لأنه كان يعتقد حتماً أن ظروف المعركة سوف تؤجل عقد المؤتمر ويتجه المؤتمرون الى ساحة المعركة الملتهبة في حلحل لحسم الموقف العسكري لصالح الثورة هنالك. وللأسف الشديد والمحزن والمؤلم لم يجد القائد ازاز ورفاقه المقاتلين في حلحل النجدة السريعة من هؤلاء.

وهنا نتوقف قليلاً لنتحدث عن هذه المعركة الهجومية تلك المعركة التي جسد فيها القائد الشهيد ازاز ورفاقه معنى الولاء والانتماء والفداء للوطن الغالي وأن يتذكر الناس على مر الأيام والسنين أن ما تحقق من حرية وكرامة للإنسان الارتري كان بفضل الشهداء في حلحل وتقوربا وغيرها من معارك التحرير.

والشهداء عواتي وازاز وطاهر سالم ومحمد ادريس حاج وشمسي وعثمان ادم وعمر ناصر شوم وغيرهم هم الذي بلغوا بالشعب الارتري الى قمة المجد النصر والمؤازر حتى برزت دولة ارتريا في الوجود.

فقدت الثورة كما ذكرت ستين من خيرة المناضلين وعلى رأسهم قائدهم المغوار إزاز عانقوا كل شبر من الأرض الارترية والتمسوا العذر من البندقية التي فقدوها واياديهم ضاغطة على الزناد وأنفسهم مشغوفة بالأمل والحياة. حقاً كانت معركة حلحل حافلة بالمعاني الثورية التي توهجت فيها روح التحدي المارد لدى المقاتل الارتري وارادة التحرير وارادة النصر كأروع ما تكون.

والخسارة الكبيرة في هذه المعركة فقدت الثورة الارترية بطلاً من أبطالها وقائداً جسوراً من أبرز رموزها التاريخية وهو في قمة عطائه وابداعاته العسكرية.

ومن اشراقات ازاز التي يذكرها الناس الى يومنا هذا أنه ثبت لأول مرة برنامجاً طموحاً للقراءة ومحو الأمية بين جنوده وفيما بعد قام بتعميم هذا البرانامج بشكل الزامي في كل الوحدات العسكرية.

وكان ازاز - رحمه الله - من أكثر قادة الثورة: اهتماماً بالتعليم والتدريب والطبابة العسكرية.

ومن مآثره التي يذكرها الناس أنه خلال فترة خدمته في الجيش في السودان كان يهتم بالتعليم وكانت له بصماته الواضحة والملموسة في دعم الطلاب الارترين ولم يتوقف دعمه ومساندته للطلاب بالسودان بل كان يدعم ويشجع الطلاب الراغبين في السفر لإكمال دراستهم خارج السودان.

ازاز بعد هذا كله صاحب صداقات ووفاء وكرم طبيعي غير متكلف يشمل القريب والغريب وأريحيته ومرؤته تكادان أن تبلغا درجة المثالية المطلقة.

ازاز قلبه امتلأ بالطيبة حتى فاض وايمانه بالله لا يتزعزع كان انساناً ودوداً منفتح القلب استطاع بحسن معشره أن يجعل الناس يلتفون حوله في السودان وارتريا كان انساناً جميلاً وفاضلاً.

هذا هو القائد عمر حامد ازاز ورفاقه من الرعيل الأول الذين زرعوا أغصان الأمل ومنحوا أبناء شعبهم مفردات الصمود والتحدي وزرعوا أشجار المقاومة ونقشوا الملحمة على جذوع الأشجار وقدموا لشعوب العالم تجربة رائدة في مقاومة الاحتلال وكسر طوق الذل والهوان والاستبداد سيظل أبناء شعبهم يرسمونهم نقشاً مضيئاً في حدقاتهم ويكتبهم قصة خالدة.

نسأل الله أن يرحمهم رحمة واسعة

Top
X

Right Click

No Right Click