المختطاف الأستاذ/ عبدالعليم محمد علي زرؤوم غيبه السجان فهل يحجبه السجن؟
بقلم الأستاذ: مهاجر أحمد
ليس يسيرا أن تكتب أو تتحدث عن شخص هو بمثابة القدوة لك تعلمت منه وأخذت عنه،
ومن العسير ان تحيط بكل جانب من جوانب شخصيته التي تميزت بمواهبها وقدراتها وفاقت الاقران.
عم أكتب أوأتحدث ؟ عن النشأة والتربية
أم عن التكوين الفكري والثقافي ؟!!
أم عن النضج والوعي والفهم العميق ؟
إن الكتابة عن الأستاذ عبدالعليم لاأظنني أجيدها أوأحسنها مهما قلت وكتبت وحاولت وسطرت من صفحات فلن تفيه حقه وكلماتي تظل عاجزة بل وقاصرة أن تبلغ فضله وجهده وجهاده من أجل وطنه ودينه لكني سأكتب وفاءا له وعرفانا بفضله ومكانته.
إن الأستاذ عبدالعليم محمد علي زرؤوم قد يراه البعض معلما ناجحا وآخر في نظره هو الخطيب البارع والداعية المحبوب الذي يتقد حيوية ونشاطا.
أما أنا فهو عندي قد جمع كل تلك الصفات وأكثر عرفته شابا يفوق أقرانه ليصبح في مصاف الكبار علما وسمتا وخلقا وهيبة وهمة وعزما وجدا.
عرفته داعية بحاله قبل قاله ما أن يحل في بلد أو حي إلا ويترك أثرا وذكرا حسنا.
فكم صحبته في جولات دعوية وهو ضيف عابر له صولات وجولات دعوية يبحث عن المراكز والخلاوي ليعمرها بالعلم.
وجدته لايكل ولايمل تجري الدعوة وحب الخير في عروقه ناصحا ومرشدا يغرس في الناشئة مبادئ الدين وسيرة خير المرسلين بأسلوبه الشيق يقدم المعلومة عن طريق المسابقات بين الطلاب وتحفيزهم بالجوائز يأتي إليهم في أماكن تواجدهم مشيا على الأقدام مركزا تلو الآخر.
وكم مرة صحبته وهو يبث روح الأمل والتفائل في نفوس اليائسين والقانطين ويبعث روح التحدي في الشباب الجامدين ليكونوا أكثر حيوية ونشاطا وتحملا للمسؤولية. فيقتبسون من نشاطه وهمته وهو في سنهم او قريبا منهم.
عرفته داعية غير جامد يواكب كل مايستجد في سبيل تطوير الوسائل الدعوية، يجمع شمل المسلمين ويبعد عن كل مايفرق صفهم ويضعف شوكتهم، يألف ويُؤلف.
عرفته كريما معطاءا ينفق من ماله في سبيل الدعوة، عرفته شجاعا، محبوبا مهابا لايركن إلى الكسل والسكون والدعة تراه قمة في الحيوية والنشاط قد يمل مرافقوه ولاكنه لايمل أو يفتر في طريق الدعوة.
عاد الأستاذ والمربي والداعية عبدالعليم الى وطنه "ارتريا" الذي كان يحلم بالعودة إليه بعد تخرجه من جامعة الامام محمد بن سعودالإسلامية في كلية أصول الدين قسم السنة وعلومها ولازال الوطن وقتها في قبضة المستعمر الإثيوبي عام 1987م وعمل في المؤسسة العريقة "معهد عنسبا الاسلامي بوازنتت" هذه المؤسسة التي تخرج منها هو وخرجت أجيالا ولازالت.
وأما وازنتت فهي المنطقة التي ولد بها الاستاذ عبدالعليم عام 1961م تقريبا ولم يقتصر نشاطه في بلدته "كرن" بل تعداها الى العاصمة أسمرا وغيرها من المدن، وكانت عيون الغدرفي الجبهة الشعبية لتحريرإرتريا تراقبه بل هذه العيون كانت تهدد وتتوعد وتتربص بأهل الخير والصلاح وترسل التهديد وهي لازالت في مرحلة التحرير فما بالك وقد ظفرت بالوطن كله وأصبح تحت قبضتها "وماتخفي صدورهم أكبر"، وقد كان لها ما أرادت بجعل الوطن سجنا وأول مابدأت به هو اعتقال قادة الرأي وأهل الفكرفبدأت باعتقال عدد من المعلمين بتاريخ 14 شهر إبريل عام 1992م وكان من بينهم الأستاذ عبدالعليم محمد علي فك الله أسره وكل المعتقلين.
تعددت الأساليب والهدف واحد:
إن مايجري في إرتريا في عهد نظام الجبهة الشعبية بقيادة أسياس أفورقي من طمس للهوية وتغييب للرموز والمناضلين وإعلان الحرب بكافة الوسائل على التدين ومظاهر الصحوة وتشجيع الانحلال الخلقي وهدم القيم الفاضلة كل هذا وغيره من الأساليب قد اتبع فيه أفورقي أسلافه من الطغاة والدكتاتوريات في المنطقة مثل بن علي "تونس"والقذافي "ليبيا" ومبارك "مصر" وعائلة الأسد"سوريا" وغيرهم وماهو إلا تكرار لتجارب بائسة في المنطقة.
إن عشنا سعداء... وأن متنا شهداء:
هكذا خط الأستاذ عبدالعليم محمد علي زرؤوم بقلمه في ورقة صغيرة بحجم الكف من معتقله (ونجيل مرمرا) الكائن في العاصمة أسمرا عام 1995م عندما أتيحت له الفرصة ليعبر ويكتب وقد كانت هذه الكلمات موجهة إلى والدته التي فارقت الحياة بعد ذلك رحمها الله وأسكنها فسيح جناته ولم تكتحل عينها برؤيته ولم تودعه أو يودعها كماهي أمنية كل أم حنون وإبن شغوف.
إن عشنا سعداء... وإن متنا شهداء.. كلمات لاتصدر إلا من العظماء الموقنون بوعد الله من يصدع بهذه الكلمات في ساعة المحنة لن يحجبه سجن فهو أكبر من سجنهم ولن يستطيع تغييبه السجان فهو أحقر من أن يغيب مثله إنه درس في الثبات واليقين.
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.