البعثة الأزهرية
بقلم الأستاذ: عبدالعزيز علي زرؤم - كاتب ارترى
في العام ١٩٩٤م حينما تم اعتقال المشائخ و المعلمين و المثقفين من جميع أنحاء إرتريا
الذين اختطفتهم يد الغدر والخيانة ليلاً وأصبحت المعاهد في إرتريا في ليلة واحدة خاوية من معلميها وبالذات معهد عنسبا، حيث لم يتبقى منهم أحداً غير الوالد الشيخ محمد علي زرؤم ومعه معلمين اثنين نجو من الحملة بإعجوبة.
لكن الشيخ الصامد والصابر لم يأبه بتلك النوازل والحوادث ولم يستسلم لها كالعادة، فواصل مسيرته التعليمية على نفس النهج الذي بدأ به مسيرته منذ تأسيس المعهد و قسم الطلاب - الذين واصلوا الدراسة - إلى مستويات حسب فصولهم الدراسية بحيث يدرس بعضهم بعضاً، وهكذا انتهى العام الدراسي.
وفي العام الذي تلاه قدمت إلى المعهد بعثة من الأزهر الشريف تتكون من خمسة معلمين وذلك بفضل الله ثم بفضل وجهود سماحة المفتي الوالد الشيخ الأمين عثمان الأمين (رحمه الله) استشعاراً منه للمسئولية تجاه المؤسسة وتقديراً منه لجهود الوالد في خدمة المجتمع.
ثم بعدها تدريجياً تم زيادة عدد أفراد البعثة حتى وصل عددهم جميعاً إلى خمسة عشر مبعوثاً بالإضافة إلى رئيس وسكرتير البعثة، وكانوا يدرسون في أربعة معاهد هي معهد عنسبا الإسلامي بكرن والمعهد الديني الإسلامي بكرن و المعهد الديني الإسلامي بأسمرا والمعهد الديني الإسلامي بمصوع.
لكن بعد مضي ثمان سنوات على وجود البعثة الأزهرية في إرتريا ودورها في نشر الثقافة الإسلامية واللغة العربية لم يرق هذا الوضع للسفاح والمجرم أفورقي فأمر بطرد البعثة الأزهرية من إرتريا وأصدر قراراً بذلك وتم اخطار السفارة المصرية بذلك عن طريق وزارة الخارجية بأن البعثة سوف لن يتم لها التجديد السنة القادمة، وكان ذلك في العام ٢٠٠٦ م حينها حاول السفير المصري - آنذاك - الأستاذ الدسوقي لكي يعرف السبب فاتصل بالسيد أمين حسن مستشار الرئيس - السفاح - للشئون العربية (حالياً مدير مكتبه) ولم يجد منه الإجابة الشافية، لكن لم يتوقف السفير المصري عند هذا الحد بل حاول ليعرف السبب فاتصل بعبد الله جابر (مسئول الشؤن التنظيمية للجبهة الشعبية) واخبره بالقرار الصادر من الرئيس وأنه يريد معرفة السبب لكونه يمثل دولته وأن هذا القرار بدون ذكر الأسباب يسيء إلى عمله.
بدوره استغرب السيد عبدالله جابر من هذا القرار الغريب والجائر، وكان قد سبقه قبل سنة قرار بإبعاد الملحق الديني بالسفارة السعودية بأسمرا الشيخ منصور السويدان.
وهو أيضاً يعلم القرار السابق الذي صدر منه قبل أربعة أعوام بمنع سفر الطلاب للدراسة في الأزهر الشريف الذين تم قبولهم وكانوا مستعدين للسفر، مقارنة مع الحرية المطلقة للكنائس المسيحية وبالذات للكنيسة الأرثذوكسية وعلاقتها مع الكنيسة القبطية وارسالها للوفود بصورة مستمرة وعلنية للدراسة في الكليات اللاهوتية في مصر.
لذلك "ذهب إلى السفاح في مكتبه وناقش معه الموضوع لكن عاد بخفي حنين ولم يجد منه الإجابة الشافية، أما سماحة المفتي فلم يحرك ساكناً مادام القرار جاء من الحاكم بأمره، وبهذه الصورة القاتمة تم طرد البعثة الأزهرية، وقد علق فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر - آنذاك - الدكتور محمد سيد طنطاوي (رحمه الله) بقوله: القرار يرجع إلى الدولة وهذه سيادتها لكن كل ما في الأمر نريد أن نطمئن على أحوال إخواننا المسلمين في إرتريا" (على حسب ما ذكر لي رئيس البعثة الشيخ عبد المجيد).