الناشطة الحقوقية الأستاذة سلوى نور في حوار مع زينا
حاورها الإعلامي الأستاذ: باسم القروي المصدر: وكالة زاجل الأرترية للأنباء - زينا
حواء إريتريا مثل آدم شريكان في النضال وهما الآن يصفقان للطغيان.
• أختلف معك تماماً ، فهذا تمييز سلبي ضد المرأة ويستند على عقلية ذكورية.
• أقر أن للمرأة فروقاً عن الرجل فطرية لكنها تتكامل معه لصناعة المجتمع.
• الخلاف في الآراء لا يعالج بالهروب عن المقابلة وأتمنى أن يتسع صدرك لإتمامها.
• توفيق المرأة بين مهام الأسرة ومهام المجتمع مسألة غاية التعقيد و الصعوبة.
• أرفض أن تتهم المرأة بأنها كانت عنصر فساد في الثورة.
• لا أتنقل بين الأغصان.. وإنما تركت ”سدري“ لأسباب موضوعية واحتفظت باستقلاليتي بعد حل مجلس إدارة ”مدرخ“ بالإجماع.
طلبت منها المقابلة منذ شهور فكانت تعد دون أن تفي فقلت لها: لست وحدك من وعد ثم غير رأيه من بنات حواء ارتريا قبل مشاهدة أسئلة ”زينا“ أو بعدما اصطدم بها! فقالت بتواضع محبب: ترددت لأنه ليس عندي ما يستحق النشر الإعلامي وأضافت أنها لا تهرب من المقابلة ما لم تهرب أنت من الأجوبة.
ضيفة ”زينا“ مثقفة واعية لها حضور قوي في المجال الحقوقي والتعبوي والحراك الإعلامي المعارض للنظام الأرتري كحضورها في منظمات المجتمع المدني تحمل أكثر من رسالة ماجستير متخصصة في الحقوق والدكتوراه في الطريق إن شاء الله قالت إنها شرعت في الإجراءات.. وتعرف سلوى خمس لغات بأقدار متفاوتة: العربية والإنجليزية والألمانية و لغات محلية: التقرايت والتقرنية وقالت إنها تفهم البلين.
كانت بعض الأسئلة مرة المذاق ولهذا قالت لي ”استفززتني“ وطلبت تأجيل الإجابة حتى تتفرغ لها ، قلت لها: نجحت في إثارتك. فاتفقنا على الأجل الجديد فكانت وفية.
طرحت عليها تهمة أن المرأة الأرترية في الثورة كانت عنصر فساد انحرف بأغراض النضال! ، وسألتها من أنها تعتز بالإسلام دينا لكنها لا تتحرى ملابس النساء المسلمات الأرتريات عند أداء المناشط العامة !. وسألتها عن أنها تضخم نفسها بدعوى الاستقلالية لتساهم في ضعف العمل المعارض الذي تزعم أنها تعمل لصالحه !
وأتتها بعض الأسئلة عن حياتها الخاصة جدا فلم تتحرج أن تتحدث بهدوء وانشراح.
اختلفت معها في مسألة اللباس الشرعي لأنها ترى أن الإسلام لا يمنع المرأة أن تلبس البنطلون ”الجنز“ تحت العباءة في دبي ودون عباءة في ألمانيا ونوع آخر في السودان موضحة أنها قرأت عن الحجاب الإسلامي وهي تتخير من اللباس ما يناسب المقام زمانًا ومكانًا وبيئة ونشاطاً وفي كل ذلك ترى أنها ليست مخالفة للدين الإسلامي.. وقد أحسست أني إذا طولت معها النقاش ربما ابتعدت المسافة بيننا في نصوص مرجعية صحيحة تحدد مواصفات لباس الرجال والنساء في الإسلام وشروط أداء المرأة المسلمة في العمل العام وخارج بيتها والضيفة تعطي العرف والمهنة والبيئة أولوية في لباس المرأة المسلمة وتصف التقيد بصريح الدليل بقولبة غير مواكبة ! علمًا أن فهمنا واحد في أن الإسلام يشيد بمشاركة ومساهمة المرأة في العمل العام كما يشيد بقيامها بإدارة بيتها ويعتبرها راعية ، عليها واجبات أسرية ، وضيفة ”زينا“ - حسب المقابلة - ناجحة في المساهمة في العمل العام دون التفريط في العمل الخاص وقالت: إن الجمع بين المهمتين في غاية التعقيد لكنها استطاعت أن تتجاوز المعيقات.
وتعليقاً على مقطع صوتي لعلماني سوداني أرسلته إليها لأعرف إلى أي حد قريبة من فهمه أو بعيدة يعتبر الإسلام دين عنصرية يجب تجريمه مثل النازية أو غيرها قالت: إنه ملحد. ودافعت عن الإسلام تفتخر به وعن العلمانية باعتبارها محايدة تعطي الفرص لكل الناس والحق لكل الناس ولا تقصي أحدًا ولا تعادي معتقدا وفي جواب على سؤال الختام قالت: لا صوت يعلو صوت الشعب إذا اختار الإسلام أو دين آخر لإدارة شأنه العام وسن قوانينه واستهجنت سيرة الحكومات العسكرية التي تقمع إرادة الشعوب ممثلة بعساكر مصر الذين انقلبوا على شرعية حكومة مرسي المنتخبة.
أكثر من مثقفة أرترية اتفقت معها على إجراء مقابلة صحفية انتهت بالانسحاب والاعتذار بعد الاطلاع على الأسئلة..فهل كانت حواء تتوقع مني قصائد مديح ؟ وهل تضمنين استمرار هذا الحوار ؟
لا أعتقد حواء إريتريا الواعية و المثقفة كما وصفتها تفكر بشكل غير موضوعي و تتحكم في قراراتها السطحية في التعامل مع قضايا الشأن العام ، حتى تقرر الانسحاب بسبب عدم المديح أو إنما قد يكون الدافع هو الاختلاف في الآراء و وجهات النظر حول موضوعات و محاور النقاش و مدى موضوعيتها. أثق في قدرات المرأة بشكل عام و تميز و قدرات المرأة الأريترية بشكل خاص. فيما يتعلق بحواري معك ، أتمنى أن يتسع صدرك و تستمر فيه و لا خوف من جانبي ، فبقدر اختلافي مع الآخر تستمر رغبتي في مواصلة النقاش معه و هو ما يهمني أكثر من المتفقين معي. و هذا ، بالإضافةِ إلى إيماني القاطع بأن أي مسألة خلافية أو سوء فهم لا يحل بالهروب والمقاطعة أو الانكفاء على الذات و إنما يتم بإماطة النقاب عن أسبابها و إيجاد حل لها بالحوار الصريح و المتسم بالشفافية و الموضوعية.
فرصة ليكون استهلال اللقاء بالتعريف الذاتي فبم تملئين الصفحة الأولى يا استاذة سلوى عثمان محمد نور ؟
شخصي الضعيف ، فرد من أفراد مجتمع ولد و عاش في وطن بديل و عانى كصنوانه من تجاذبات الهوية و الثقافات المتداخلة و المزدوجة و تربى في ظروف متناقضة على مدار فصول العمر. ولدت و ترعرعت في السودان. متزوجة و أم لخمسة أطفال. عشت عقدين من الزمان في إحدى دول الخليج و لكن بسبب التغيير الجيوسياسي الذي عصف بالمنطقة دفع بي إلى هجرة ثالثة إلى القارة العجوز، لأقيم في دولة ألمانيا الإتحادية.
ذكرت لي أنك تقومين بدور الأب والأم في إدارة الأسرة.. أين أبو الأولاد وهل هو من أرتريا:
زوجي لا يزال يعمل في إحدى الدول الخليجبة و ذلك لأسباب و ظروف تتعلق بوالديه، حيث كان والده رحمة الله عليه مريضاً و يحتاج للبقاء في المستشفى مرة أو مرتين في الشهر و كذلك والدته كانت تعانى من مرض عضال، بالإضافة لبعض الالتزامات لذا فضلنا عودته إلى عمله ، بالرغم من صعوبة هذا القرار علينا جميعاً كأسرة و يشكل غيابه ضغطاً كبيراً كما ذكرت.
نسمع عن ناشطات أرتريات هنا وهناك يتعالى صوتهم بتقريع الآخرين ، فهل من تقييم محايد جدا: هل أنت راضية عن نفسك وعن مساهماتك العامة ؟
بالتأكيد توجد ناشطات في جميع دول الشتات ، و أصواتهن ظلت الأعلى و هن الأكثر حضوراً و تأثيراً في جميع مراحل النضال الإريتري و لعبن و ما زلنَ يشكلن القوى الدافعة لعجلة التغيير ، فاحترامي لهنّ و اعتزازي بهن ليس له حدود. بالنسبة لي ، حالت و مازالت ظروف منها الذاتي و منها الموضوعي تقف دوماً عائقاً خلف عدم الإسهام الفعال في العمل المقاوم أو لعب دور يتلاءم مع ما تقدمه مثيلاتي من الناشطات الإريتريات. و حقاً لست راضية على الإطلاق عن نفسي و مسئولة كغيري ممن يتصدرون العمل المقاوم للعصابة الحاكمة عن عدم فعاليته ، لدرجة تجعلني دائمة اللوم لنفسي قبل الآخرين و أجدني مدينة بالاعتذار المستمر لشعبي على التقصير و عدم الارتقاء بالعمل إلى حجم معاناته و مآسيه.
هذا اللقاء طرح عليك منذ شهور وأنت مرحبة لكنك ذكرت من ضيق الزمن وكثرة الواجبات ما الأنشطة التي تتزاحم في يومياتك ؟
حتى أكون صادقة معك ، لا أحب التعامل مع اللقاءات المرتبة المقروء منها و المسوع أو المرئي، لكوني ناشطة عادية في عملها و إنجازها و لا أرى أن هناك ما يستحق الذكر أو تسليط الضوء عليه. هذا فضلاً عن مسئولياتي المركبة على الصعيدين الشخصي والعام و كثرة التزاماتي و ارتباطاتي بالعديد من الفعاليات على أرض الوقع.
للمرأة الأرترية دور طليعي في النضال والجهاد مقولة غير صحيحة لأن حواء دوما تابعة لآدم وتقصر قامتها عن قامته دومًا وإذا قيل لها هذه الحقيقة صرخت في وجه القائل: نحن الثريا.. وتتكئ في دعاوى أنها مظلومة على الرغم من أن هناك جهوداً كبيرة تقوم بها تنظيمات ورجال لإشراك العنصر النسائي في العمل.. هذه تهمة فكيف تدافع الأستاذة سلوى ؟
أختلف معك تماماً ، و أعتبر ما تفضلت به، تمييزاً سلبياً يستند على عقلية ذكورية تسيطر على ثقافة مجتمع بأسره في الواقع و التطبيق العملي. إن الإقرار نظرياً بضرورة مشاركة المرأة وحقها في المساوة في الحقوق و الواجبات استناداً على دورها الفعال و اقراراً بتضحياتها الجسام في النضال نظرياً ، لا يكفي لتعزيز مشاركة المرأة فعلياً و تقدمها للصفوف بالرغم من امتلاكها مقومات القيادة و المبادرة ، و إنما يجب أن يُعزز ذلك الموقف النظري من المرأة بتبني السياسات و القوانين التي تساعد على تشجيع مشاركة المرأة و ترسيخ ثقافة التمييز الإيجابي لها و محاربة أنواع التمييز كافة ضد المرأة في النظم الأساسية للمنظمات و التنظيمات بكافة مجالاتها و ضمان نسبة عالية لمشاركتها في تشكيلة هياكلها التنظيمية. هكذا فقط يمكن تمكين المراة و تشجيعها في القيام بدورها في المجتمع. و مع ذلك أؤكد على أن العديد من التنظيمات و المنظمات ظلت تناشد المرأة للانخراط في العمل العام و الاضطلاع بمهامها. و إذ أثمن تلك الجهود و النوايا الحسنة و أقر بالتشجيع الكبير الذي وجدته من رفاقي في الساحة المقاومة ، أناشد تلك التنظيمات تبني البرامج و السياسات و النظم التي تشجع مشاركة المرأة و تعزيز دورها عملياً و على أرض الواقع.
الأنثى كانت عنصر فساد في الثورة استغلها كثيرون فجعل منها شريكة نضال ظاهرًا وسخرها حقيقة في إفساد أجيال ساهمت في إبعاد المناضلين عن أسرهم ، لكونها كانت البديل المتاح ، وساهمت في تنشئة فئة مقدسة للاستبداد خنوعة لا تزال تصفق للحاكم الجبار.. يا أستاذة سلوى متألم أن أقول لك: حواء أخرجت آدم من الجنة ولا تزال تقوم بالمهمة نفسها.. ما رأيك ؟
هذا الكلام لا أقبله في حق حواء إريتريا إحدى رائدات النضال التحرري ، و أعتبره عنفاً معنوياً ظلّ يمارس ضد المرأة منذ الوهلة الأولى من قبل رواد النضال حيث رُفض طلب إلتحاقهن بالثورة لذات المفاهيم المجتمعية التي كانت ومازالت تسيطر كما ذكرت آنفاً و على مجتمعنا، و استمر خلال مسيرتها النضالية ، بالرغم من دورها الريادي و تضحياتها المزدوجة في معركة التحرير. حواء إريتريا قبل أن تصفق للحاكم الجبار، أخرجت الغزاة و المعتدين و تضحياتها كانت أكبر و أعظم و هي أكثر من يعرف معنى الحرية و ثمنها و مع ذلك لا أجد تبريراً لوقوفها خلف العصابة التي دمرت البلاد و العباد ، و في هذا هي و آدم إريتريا سيان و كلاهما يصفق للطغيان.
مقولة أن المرأة صنو الرجال من أين جاءت ونحن نعلم أنها لا تزال في المؤخرة حتى في الدول الغربية معدل النساء في الصدارة قليل مقارنة بالرجل ؟ وأنها غير قادرة أن تقوم على ساقيها دون اتكاءة على رجل ؟
المرأة صنو الرجل لأنها مكمل له و شريك أصيل له في شتى دروب حياته. أما المشاركة في الشأن العام فهي نسبية و يجب أن تتوافق مع مقوماتها و قدرتها على التوفيق بين مسئولياتها المزدوجة. و في تصوري لا يمكن المطالبة بمساواتها مع الرجل في المسئوليات و هذا يحتم عدم مساواتها في الحقوق بداهةً و إنصافاً. أؤكد على حق المراة في التمتع بحقوقها و التي يجب إقرارها قانوناً و لكن في نفس الوقت أؤمن بمبدأ التكامل بين المرأة و الرجل و ليس المساواة المطلقة.
هل صحيح أن نساء أرتريات كثيرات لهن صياح في الوسائط الاجتماعية يكثرن الشكاية والنقد الدائم وليس لهن انتاج فكري ولا فني ولا أدبي إلا ما ندر ؟
حضور المراة في الوسائط الاجتماعية يتأثر كغيرها من أفراد المجتمع بالمناخ الثقافي و الاجتماعي و السياسي السائد ، و في رأيي هذه الوسائط لا تصلح إلا للتواصل الاجتماعي ، و لا يمكن اعتبارها منصة او مساحة لممارسة العمل و الإنتاج أي كان نوعه. توجد لدينا مثقفات و ناشطات في عدة مجالات و لو وجدن بيئة ملائمة و جمهور واعي و مدرك لما يقدمنه و ينتجنه لرأينا تطوراً و تقدماً في أداء المرأة الإريترية على كافة الأصعدة. و للأسف غالباً ما تتعرض المراة للتهميش أو الاعتداء و العنف اللفظي و التحطيم المعنوي، وهي محقة إن اشتكت من ذلك. أما على المستوى الشخصي، فوجدت على مدار السنوات التي سجلت حضوراً فيها في العمل العام التشجيع و التقدير من الجميع حتى ممن يختلفون مع توجهاتي و مواقفي السياسية و كلي امتنان لهم ، لأن دعمهم هو ما أكسبني الثقة في نفسي و كان حافزاً و دافعاً حقيقياً للاستمرار و تحمل الكثير من ضغوط المسئوليات المركبة. تلك الثقة بالنفس أيضاً كانت حصناً منيعاً لتحمل بعض الاتهامات من البعض التي كان لبعضها أسباب موضوعية أتفهمها و بعضها كان مغرضاً و كذباً بيناً.
كان حامد عواتي ولم تكن النساء معه فمتى كانت بداية المشاركة الأنثوية في النضال والثورة ؟
مشاركة المرأة الإريترية في النضال الإريتري يجب تدوينها منذ انطلاق كفاحه المسلح، حيث بدأ دورها مع التحاق القائد حامد إدريس عواتى و رفاقه من الرعيل الأول ، لتحل زوجاتهم مكانهم في قيادة الأسر و تتحمل كافة مسئولياتها الجسام. فكل زوجات الرعيل الأول في الثورة المسلحة هنّ مناضلات من طرازٍ رفيع تسلحنّ بالإخلاص و التفاني في خدمة قضية شعبهنّ بشكل مباشر أو غير مباشر. لقد قدمت حواء إريتريا كل الدعم و المساندة المعنوية و اللوجستية للثوار و كانت مشاركتها تتزايد مواكبةً بذلك تطور و انتشار الثورة. فبعد أن كان دورها منحصراً في كونها نائباً عاماً لرب الأسرة ، أصبحت شريكاً أصيلاً في تهيئة المناخ للثوار و حاضناً و حارساً أميناً لأسرارها لتكون بذلك شريكاً أصيلاً في الريادة والقيادة. و مع اشتداد بطش العدو بالشعب الإريتري، و تزايد الوعي الوطني ، ارتفع الحس الوطني و الثوري للمرأة و رغبتها في الاضطلاع بدورها في النضال و الكفاح الوطني ، فشاركت و بما يتناسب مع طبيعتها في العمل الميداني و قامت بأدوار طليعية و بطولية ، فكانت أول شهيدة من شهداء الثورة الإريترية الأبرار وأبطالها من الرعيل الأول الشهيدة فاطمة جعفر في العام 1964 و هي عائدة من الميدان. إذاً كانت حواء إريتريا حاضرة في تأريخ النضال الإريتري منذ الوهلة الأولى من تفجر ثورته و حتى بزوغ شمس الحرية.
البداية ليست مهمة فليس كل من يبدأ أولاً يحقق هدفه متقدماً و ليس كل من يبدأ لاحقاً يصل متاخر.
هل من مزيد معلومات إضافية عن الشهيدة فاطمة جعفر ؟
فتاة تقريباً عشرينية ، من سكان هيكوتا وموقف آخر مهم ، شكلت جسراً للتواصل و نقل المعلومات من قرية لقرية بين الثوار ، و لكن اكتشف جيش المستعمر أمرها بعد مراقبتها و قام بفتلها في طريق عودتها بعد أداء مهمة وطنية ، وعندما سئل العسكر عن سبب قتلها قالوا ظننا بأنها غزالة فقمنا باصطيادها ، حسب الروايات.
هل أنت راضية عن كسب حواء حتى الآن في النضال المعارض لحكومة الجبهة الشعبية ؟
للأسف حواء و رفاقها في العمل المعارض لم يحققوا أي مكاسب حقيقية ضد العصابة الحاكمة التي غيبت و قتلت و عذبت و شردت و تسببت في أطول و أعمق معاناة إنسانية لشعب دفع كل غالٍ و نفيس للعيش حراً و كريماً في وطنه. لقد خانت هذه العصابة دماء الشهداء و اغتالت و سرقت آحلام شعبهم و سجنته في سجن كبير اسمه إريتريا. و أقولها بكل أسف نحن في المقاومة نتحمل قسطاً غير يسير من المسئولية في معاناة هذا الشعب. لولا تشرذمنا و تشتت جهودنا مع عدم وضوح رؤيتنا و ضعف آلياتنا ، لما طالت مآسي شعبنا و تجددت و تعاظمت عاماً بعد عام.
هل لك من مقترحات لتطوير عمل جهود المرأة الأرترية في العمل العام ؟
في العامين الماضيين حاولت مع رفيقاتي العمل على تطوير دور المرأة في المقاومة و شاركت في بعض المبادرات من أجل معالجة الإشكاليات التي تعاني منها الساحة السياسية و لكن لم نحرز تقدماً يذكر ، و توصلت إلى نتيجة مفادها أن المرأة تحتاج إلى تطوير نفسها و معالجة العديد من أوجه القصور التي تعتري الحراك النسوي حتى تتأهل للعب أدوار فعالة و مؤثرة. من أجل ذلك نحتاج إلى تأطير المرأة في أطر تنظيمية تعنى بمشكلات المرأة في المهجر و حلها و العمل على تأهيلها و توعيتها بحقوقها و واجباتها من أجل تمكينها في المجتمعات المحلية التي تنتمي إليها، حتى تكون قادرة على العطاء و تحمل مسئولياتها تجاه نفسها و أسرتها و مجتمعها.
هل تقصدين إنشاء كيان تنظيمي نسوي لا يخالطه الرجال.. كيف يتفق هذا مع نظرية التكامل بين الجنسين التي تفضلت بطرحها هذه المقابلة ؟
أولاً التكامل لا يعني الأندماج، و إنما وحدة الأهداف و التكامل في تحقيقها و إن إختلفت الآليات. المرأة اليوم أمام تحدي كبير و مسئولية عظيمة تحتاج و كما في الماضي جهود و تضحيات مزدوجة، حتى تسهم في حل مشكلات و قضايا المرأة التي لا تستطيع فهمها أو حلها أو الدفاع عنها إلا إمراة مثلها ، هذا بالإضافة إلى أهمية نضالها من أجل عملية التغيير في إريتريا و تخليص مجتمعها من قبضة الدكتاتورية و قمع العصابة الحاكمة في أسمرا.
يصعب على المرأة التوفيق بين المشاركة العامة والقيام بإدارة البيت والأسرة فكلاهما يتطلب تفرغا لنفسه والآخر ينازعه فهل مرت تجربتك بحلول إيجابية ؟
التوفيق بين المهام مسألة غاية التعقيد و الصعوبة، و لكن ليست مستحيلة. على الصعيد الشخصي منذ انضمامي للعمل السلمي و المقاوم للعصابة الحاكمة في أسمرا ، كنت قادرة على التوفيق بين عملي الخاص و مسئولياتي تجاه أسرتي و نشاطي العام ، دون أن تكون هناك تضحيات تذكر ، و قد ساعدني في ذلك عوامل عدة في الخليج بسبب طبيعة عملي و توفر العاملات بالمنازل، وجود زوجي و تفهمه لطبيعة نشاطي. و لكن في أوروبا حقيقة التوفيق صعب جداً و مع ذلك أحاول قدر استطاعتي أن لا أقصر في أيٍ منها.
لو رجعنا لتقسيم الإدانة على تأخر دور المعارضة الأرترية هل تتحملين نصيبًا من الفشل ؟
نعم بالطبع أتحمل كغيري من الرفاق في المقاومة كامل المسئولية عن فشلنا في إحراز أي تقدم و بسببنا طال عمر العصابة و معها طالت معاناة شعبنا و عظمت مآسيه. أضعنا العديد من الفرص التي قدمها شعبنا الأبي في الداخل و توفرت للمقاومة العديد من الفرص خارجياً و مرّت العصابة بفترات هوان و هزال و أحياناً موت سريري و مع ذلك كانت تصحو اكثر قوةً و شراسة ، و اليوم أصبحت بالرغم من إجرامها و إدانتها دولياً بارتكاب جرائم ترقى للجرائم ضد الإنسانية ، مما يوجب إن ثبتت محاكمة الجناة وفقاً للقانون الدولي و عبر الجنائية الدولية من خلال إحالة القضية عبر مجلس الأمن الدولي بسبب عدم موافقتها أو مصادقتها على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية.
ما حد القمة التي تطمحين للصعود إليها شخصيا ومجتمعيا.
كل ما أسعى إليه و عبر العمل مع كل القوى المناضلة في الداخل و الخارج إزالة العصابة في أسمرا و تخليص شعبي الأبي من سجنه. و سقف أحلامي هو بلوغ دولة القانون و العدالة الاجتماعية التي تضمن عودة أبناء وطني من الملاجئ و المنافي و الشتات و العيش الكريم لأبنائه بكافة أطيافهم في ربوع وطنهم و بين أحضانه.
دعينا نقارن بين العمل النضالي من خلال الجماعة والتنظيم وبين جهود المستقلين أصحاب المبادرات الفردية.. ما الأفضل في رأيك ؟
في رأيي العمل النضالي المنظم و الفعال و الذي يتبنى رؤية إستراتيجية و أهداف واقعية يمكن تحقيقها على أرض الواقع و تتوفر له الآليات الفعالة ، أفضل من الجهود الفردية لأنها محدودة. و مع ذلك أجد نفسي أكثر فاعليةً و عطاءً و نشاطاً عندما أعمل مستقلةً. الثقافة السائدة في العمل المنظم لا تتلاءم و طبيعتي. أحبذ العمل وفقاً لرؤيتي و مبادئي الشخصية و أبني مواقفي من كل قضية عامة تتعلق بالوطن و مواطنه حسب فهمي و تقييمي لها كل حدة و أقدم دعمي لها وأقف مع كل من يعمل على إنجاحها بغض النظر عن خلفيته. هذه المساحة من الحرية لا توجد في الأطر التنظيمية و خاصة السياسية و التي أرفض الانضمام إليها من حيث المبدأ ، حيث مجال نشاطي هو ضمن المجتمع المدني الذي أصبح يخلط الأوراق و أصبح عاجزاً و غير فعال لابتعاده من مهامه الأساسية و رسالته النبيلة، و تعتبر إنجازاته دون المستوى المطلوب كغيره من الكيانات، مع تقديري لبعض الجهود التي بذلتها بعض الناشطات من خلال منظماتهن المتفردة كالناشطة إيلسا جروم والناشطة ميرون إستفانوس و بعض المنظمات الفئوية النسوية و الطلابية و الإنسانية.
ألا تخشين من انتفاخ ظاهرة الأفراد المستقلين وتعاظم وتزيين أنفسهم أمام أنفسهم على حساب العمل الجماعي..كثيرون يحمل مثل رأيك يجري وحده في كل المسارات الأمر الذي يشتت المواهب والجهود ويبقى الوهن على المعارضة
مع التأكيد على أهمية العمل المنظم، إلا أن مسألة الفعالية في خدمة المصلحة العامة مهمة جداً. ماذا يفيد الإنضمام إلى منظمة أو تنظيم يسخر معظم جهوده في تثبيت دعائم التنظيم و بقائه في الساحة و تهدر قدرات و جهود موارده البشرية و المادية في تمكينه ، لشخص يريد أن يصب جل جهده و ما يتوفر له من وقت و مال في خدمة قضايا شعبه و رفع و لو القليل من معاناته و مآسيه المستمرة ؟؟ و ماذا يستفيد المجتمع من هذا الكم من المنظمات و التنظيمات سياسياً و أجتماعياً؟؟ كل ما نحتاجه إيجاد وعاء سياسي و دبلوماسي يعبر عن تطلعات و آمال هذا الشعب في الخلاص عن العصابة الجاثمة على صدره و ليس أطراً سياسية تعبر عن آراءه و معتقداته السياسة و الأيدلوجية ، فهذا ترف خارج نطاق الزمان و المكان، و عبث بمعاناة الشعب. أتمنى أن يرتقي الجميع أفراداً و كيانات إلى مستوى تلك المعاناة و أن تُسخر كل الجهود الفردية و الجماعية من أجل إنهائها.
الوقت الخاص بك كيف تديرينه إلى أي حد تقدرين نجاحك في إدارة وقتك ؟ ألا ترين أن الهامش من الحياة يهزم الأصل من الواجبات الوطنية ؟
في الواقع و بالرغم من تحديات البيئة الجديدة ، كنت بشهادة الآخرين الأكثر إنجازاً و نجاحاً في ترجمة خطط العمل التي وضعتها لتحقيق أهداف الحِراكات و المبادرات التي شاركت فيها و في المدة المحددة لها و منها لجنة الحشد و التعبئة التي ترأستها في حراك التغيير الآن و الذي كان حراكاً مفتوحاً تقوده لجان ، عضويتها من أوروبا و إمريكا الشمالية، و كان لها دور كبير في التعبئة و الحشد و التنسيق من أجل إنتشار حراك كفاية، لدرجة جعلت البعض ينسب هذا الحراك إلينا و في الحقيقة لم يكن ذلك صحيحاً ، لأن كفاية كانت حراك شعبي عفوي تناقل بسرعة تتناغم مع المستجدات و المخاطر التي حدقت بالوطن، و لكن لعب أعضاء لجنتي دوراً كبياًر في الترويج و التعبئة من خلال التواصل المباشر مع النشطاء و قيادات الجاليات و قادة العمل المدني و أيضاً من خلال عقد السمنارات في العديد من المدن و عواصم دول المهجر، و بعد نجاح الجاليات في تفعيل أبنائها ربطناها ببعضها و من خلال قياداتها المحلية و خاصة هنا في ألمانيا، و من ثم انسحبت شخصياً من المشهد بالرغم من الدعوات المتكررة هنا في ألمانيا لحضور الاجتماعات و دخول القيادة التنسيقية لأنني ليس لدي الاستعدادللدخول في التزامات متعددة. و على صعيد الأسرة ، الحمد لله جميع أطفالي أجادوا اللغة في أقل من ستة أشهر و التحقوا بالصفوف النظامية و من المتفوقين في دراستهم ، هذا فضلاً عن تحقيق الكثير من الإنجازات الشخصية في الدراسة و غيرها ، بالإضافة لإلتحاقي بالعمل التطوعي مع أكثر من منظمة و مساعدة اللاجئين من مختلف الدول في الترجمة و غيرها.
ظاهرة انصراف الشباب إلى الحضور الدائم في وسائط التواصل الاجتماعي وانفاق الأوقات الثمينة هناك كيف تنظرون إليها وهل من نصيحة تهدينها للشباب ؟
كنت ومازلت أؤكد على أهمية دور الشباب.و الحديث عن هذا الموضع (دور الشباب) ، يحتاج مساحة تسع النقاش فيه بإسهاب و موضوعية لأهميته القصوى. الحضور الدائم في وسائل التواصل قد يكون له إيجابيات جمة إذا كان وفقاً مقنناً و منضبطاً. و لكن دعني أختصر و أنتهز الفرصة لإزسال رسالة مهمة جداً للشباب وهي أنني اناشدهم الاستفادة من كل مقومات و عناصر القوة التي يمتلكونها و الفرص المتاحة لهم في ما يفيدهم و يحقق طموحاتهم الشخصية و أن يتسلحوا بالعلم و التاهيل المهني حتى يكونوا منتجين و يتحملوا مسئولية أنفسهم ومن ثم مسئوليات مجتمعهم. لا تضيعوا وقتكم الثمين في أمور لن تعود بالنفع لا عليكم و لا على مجتمعكم.
قرأت في سيرتك عن نفسك ومن مصادر أحسب أنها محايدة تدعي أنك قليلة المكث في مكان ، وقليلة الصبر في جماعة ، كثيرة التنقل بين الأشجار.. وهذه الحالة غير مطمئنة للوفاء بالتزامات العمل الجماعي الذي يدعو منسوبيه على الصبر والتضحية ويرى أن كدر الجماعة خير من صفو الأفراد.. ما رأيك ؟
انضممت للعمل المنظم من خلال منظمة (سدري) و لكن جمدت عضويتي فيها لأسباب موضوعية جداً لست بصدد الحديث عنها. و التجربة الثانية كانت بعد زهاء العشرة أعوام ، مع مجلس إدارة (مدرخ) الذي نشأ من اجل مهمة وطنية محددة و هي العمل على توحيد مكونات المعارضة و تجميع شتاتها تحت مظلة شاملة لجميع الكيانات المقاومة للعصابة و على رأسها تلك التنظيمات المنضوية تحت مظلة المجلس الوطني الذي وئد عملياً منذ ميلاده و تلك التي كانت خارج المظلة. و بعد أن تأكدت من تشكيلة المجلس المتنوعة و اقتنعت بالنظام الأساسي للمجلس، انضممت بشروط أيضا و أهمها عدم ترشيحي في أي هيئة من هيئاته ، حتى أحافظ على استقلالية قراري و لأني كنت من فئة المستقلين و أيضا حتى لا تصطدم مواقفي الشخصية بالموقف العام للمجلس. للأسف فشل المجلس في مهمته بالرغم من الجهود و الوقت التي بذلتها قيادته من أجل توحيد المقاومة و بعد عام و نيف توصلنا إلى الإقرار بفشله و بالتالي حله ، على أن يعمل من أراد الاستمرار ضمن مظلة جديدة و وفقاً لرؤية إسترانيجية جديدة. و بذلك انتهت عضويتي في مجلس مدرخ. إذاً لست كما ذكر الإخوة كثيرة التنقل و مع ذلك أحترم وجهة نظرهم و رأيهم في مواقفي. الآن عضو قيادة مظلة للجالية الإريترية في ألمانيا و قبلت المسئولية بسبب الثفة الكبيرة التي وضعها ممثلو الجالية في شخصي من خلال ترشيحهم لي و منحي نسبة أصوات عالية. و أسأل الله التوفيق في أداء مهمتنا و على أكمل وجه في هذه الدورة.
ما الأسباب التي جعلت ”مدرخ“ يفشل في مهمته حسب رأيك ؟ وهل تتوقعين له دوراً قادماً ؟
في الواقع بالرغم من كفاءة مؤسسي و قيادة مدرخ الأكاديمية و خبرة بعضهم السياسية، إلا أنهم كغيرهم من النخب السياسية الإريترية اختاروا دخول معترك العمل السياسي و السعي من أجل التغيير في إريتريا برؤية وطنية تتوافق مع المرحلة و إحتياجاتها و لكن اختاروا آليات غير مناسبة و غير مستحدثة و ثبت بحكم الواقع و التجربة عدم فعاليتها. قراءة الواقع و استخدام المناهج العلمية في إجراء مسح له للبيئة الداخلية و الخارجية المحيطة، هي أولى خطوات أي تغيير أيٍ كان نوعه و من ثم تأتي عملية اختيار الاستراتيجيات المناسبة و الآليات الملاءمة و الفعالة بناء على نتائج المسح و من ثم يتم البدء في تنفيذ عملية التغيير المنشودة، مع العمل على وضع استراتيجيات موازية للتقليل من تأثير أي مقاومة لها و السيطرة عليها. برأيي عملية التغيير في إربتريا تحتاج إلى الابتكار و التحديث في الوسائل و الآليات التقليدية ما تحتاجه عملية التغيير في أريتريا و هذا يتطلب قيادة تحويلية تتمتع بخصائص متفردة و أهمها الإبداع و الكاريزما.
قرأت في سيرتك أنك تحملين أكثر من درجة ”ماجستير“ وشهادات أخرى.. في علوم مختلفة ومع ذلك تستثقلين على نفسك إطلاق ”مثقفة“ هل لك تبرير منطقي ؟ ولم اختلفت تخصصاتك ، لم لم توجهي نفسك على تخصص واحد تتقنينه وتبدعين فيه ؟
فيما يتعلق بمفهوم المثقف ، لا أجد أنه من الضرورة بمكان أن يكون كل من يحمل الشهادات العليا مثقفاً ، فالأكاديمي صاحب تلك الشهادات قد يكون ذو معرفة و دراية فقط بما يدور في فلك تخصصه، و أمياً لا يفقه شيئاً فيما يتعلق بالسياسة و أي نوع من أنواع العلوم الأخرى أو الثقافات المتنوعه و أيضاً قد يكون منكباًعلى ذاته ولا يدري ما يدور حوله من أحداث و تغييرات حتى يكون لديه رأي صائب و ثاقب عنها. و كما يقال القلم ما بيزيد بلم و كم من قارئ ليس متعلم و كم مثقف و مفكر لم يحصل على شهادات أكاديمية. اما تنوع تخصصاتي ، أسبابه ذاتية و موضوعية. كخريجة كلية القانون والتي ألتحقت بها رغبة بالرغم من انني درست المساق العلمي، كانت دراستي العليا في ذات المضمار و نلت ماجستير القانون العام. و كنت قد قررت تكملة دراستي و نيل الدكتوراه و لكن كنت أريدها باللغة الإنجليزية و هذا ما دفعني إلى الإلتحاق بماجستير مقدم من جامعة استرالية بالامارات و مدته كانت عام و كنت مقررة تكملة الدكتوراة في قانون العمل و لكن حالت ظروف ذاتيه دون ذلك.
ما مقدار مساحة الدين الإسلامي في حياتك الشخصية وهل تمنحينه وقتا وجهدا حتى تصلي معه إلى ثمرة التفكير به وتعلمه من مصادره والتزامه سلوكا والتواصل مع الآخرين خدمة له
أؤمن بأن الدين يرتكز على الإيمان الفردي الذي هو ما وقر في قلب الإنسان و صدقه اللسان و عملت به الجوارح و يمارسه الإنسان فقط لنيل مرضاة ربه، إذا العلاقة بيني و بين ربي مبنية على هذا الأساس والحمد لله دائمة الاستحضار له و استشعر مراقبته في كل سلوكياتي و معاملاتي مع الآخرين. و أهتم كثيراً بتنشئة أبنائي على أسس و مبادئ الدين الحنيف و تعاليمه السمحة و أحرص جداً على سلامة عقيدتهم و معاملاتهم و أداء ما وجب عليهم من عباداته. و مع هذا اعترف بالتقصير الكبير في حق ربي.
رأيت لك صورًا في مناشط عامة قد تتباين مع تقاليد المرأة الأرترية المسلمة من حيث اللباس.. فهل لك من تفسير تدافعين به عن تلك الصور ؟
مع انني أعتبر مسألة اللباس مسألة شخصية جداً و لا تهم الآخرين في الشأن العام الذي يربطني بهم ، و لكن سوف أرد على السؤال. أولاً اللباس الذي أرتديه قد يتنافى مع المرأةة الإرترية المرتدية الحجاب و ليس المسلمة بشكل عام. فما ارتديه ليس لباساً غريباً على المرأة المسلمة بشكل عام إن كانت إريترية ام غيرها..قرأت كثيراً عن مسألة الحجاب و كل ما اريد قوله أننى ألبس ما تقبله نفسي و ما يعجبني مع التأكيد على أهمية مراعاة الذوق العام و احترام الآداب العامة و عدم استفزازها. اهتم كثيراً بالبيئة التي اتواجد فيها و الجمهور الذي اتعامل معه و خلفيته و تقاليده، و مع أنني لست من فئة المحجبات ، اجتهد كثيراً لوضع أي نوع من أنواع القبعات على رأسي لانني تعودت على ذلك و اجد نفسي أكثر ثقة و ارتياحاً، و دوافعي أخلاقية بحته بعيداً عن قوالب الدين و قيم السلطة الدينية الأصولية و مغالاتها و ثباتها في إجتهاداتها و أحكامها فيما بتعلق بالمرأة ، فالدين الإسلامي صالح لكل زمان و مكان و يجب أن تتوافق تفسيرات آياته و استنباط أحكامها بما يتوافق مع واقع الزمان و المكان. ألبس العباءة و الجينز في الإمارات و الثوب في السودان و البنطال دون عباءة في ألمانيا دون أن أجد حرجاً في ذلك و دون أخشى من غضب الله أو المجتمع بمختلف ثقافاته و عقله الجمعي لأنني في جميع الحالات لا أرتدي ما يثير الإنتباه أو يستفز الذوق العام.
فهمت من رسالة لك تعليقًا على مقطع صوتي ناقم على الإسلام ويدعو إلى تجريمه فهمت أنك تعيبين عليه وتصفين فهمه بأنه مغلوط جداً وتحكمين على صاحبه بأنه ملحد وترين أن الدين والدولة العلمانية يتعايشان ولا يتخاصمان.. ألا ترين أن فهمك أيضا عن الإسلام مغلوط جداً لأن الإسلام منهج حياة له شريعة تنظم عقائد وسلوك الأفراد والدولة والمجتمع مع إقراره لاختلاف عقائد المواطنين وسلوكهم فالإسلام شيء والعلمانية شيء آخر مختلف ، الإسلام دين الله والعلمانية مبادئ وضعية بشرية قد تخطئ وقد تصيب. ما تعليقك ؟
إنّ العلمانية التي تنادي بفصل الدين عن الدولة و عدم تدخلهما في مهام بعضهما البعض لا تحارب القيم و المبادئ الدينية إنما تعمل على ترسيخها و تحميها من تدخل و احياناً بطش سلطة الدولة السياسية و توفر للإنسان حرية الأعتقاد فلا إكراه في الدين و تحفظ الحقوق الدينية و للجميع.
صحيح أن الإسلام حرر المرأة وكرمها وجعلها تتكامل مع الرجل لبناء المجتمع المعافى كما قد علمت فهل يستقيم عمليا من خلال التجربة الخاصة بك أن تخوض في العمل العام فكرة ونشاطًا وتواصلًا مع الآخرين أفرادًا وجماعات وهي هي في اعتزازها بدينها وتمسكها بتعاليمه عقيدة وسلوكاً ولباساً وحشمة ووقاراً غير متساهلة في الشروط والآداب التي فرض الإسلام لتجمع بين قيامها بواجبها العام وبين التزامها بدينها وحماية سمعتها وكرامتها ورضى ربها.. هل يمكن التوفيق بين الأمرين خاصة وأن النشاط العام يفترض العمل مع أطراف أخرى قد تتباين مع الإسلام عقيدة وسلوكاً ؟.
مسألة الكرامة و حماية السمعة و رضى الرب أمور ليست لها علاقة بالنشاط و العمل العام و إنما تتعلق بالقيم الشخصية لدى الإنسان إمرأةً كانت ام رجلاً. و لا أتصور الحشمة و الوقار والآداب يعسكهما لباس المرأة كما تشير إليه صيغة السؤال و كما شائع الاعتقاد. و مدى الالتزام بالإسلام و العقائد لا يحدده المظهر الخارجي، و الذي قد يتوافق ظاهرياً مع الزي الشرعي و في الوقت ذاته يخفي تحته كل ما يغضب الرب و لا يتوافق مع النفس السوية بالفطرة. و هنا أيضاً أريد أن أشير إلى نقطة مهمة جداً ، إن مثل هذه الإيحاءات و المبالغة و المغالاة في توصيف المرأة و تصنيفها وفقاً لأطر و قوالب تقليدية و موروثات مجتمعية و صبغها بصبغة دينية نمطية على المرأة و لا يتم تفسيرها على أنه تقصير في الدين كالتقصير في بقية العبادات ، لدرجة تحط من مكانتها و إن كانت رفيعة ، جعل الكثير من النساء يفضلن عدم الانخراط في العمل العام أو انسحبن منه من تلقاء أنفسهن أو بسبب رفض ذويهن أو أزواجهن، و انا أتفهم ذلك. الحشمة كلمة لا تتواءم مع ما وصلت إليه المرأة اليوم من مكانة علمية و ثقافية و مستوى الوعي في كل مناحي الحياة و المصحوبة بالتجارب الناجحة جداً و التي أكسبتها ثقة كبيرة و زادتها وقاراً و اعتداداً بنفسها لتكون ملهمةً و منتجة في مجتمعها و من أهم أسباب بنائه و نهضته لما تمتلكة من خصال متفردة كالتفاني و التضحية و المثابرة و القدرة على إنهاء مهامها بجودة عالية منقطعة النظير.
في ارتريا المستقبل ما رأيك إذا الشعب كله او اغلبيته اختار الاسلام حاكما او العلمانية حاكمة او اي خيار آخر ليكون المرجع والمصدر لسن القوانين التي تنظم انشطة الدولة والوطن وترعى حقوق المواطنين.. فهل يوجد ما يستدعي قمع إرادة الشعب على خيار واحد لا يؤمنون به ولا يريده سوادهم الاعظم ؟؟
عندما يقول الشعب كلمته فلا صوت يعلو صوته و لا إرادة ضد إرادته. من مبادئ الديمقراطية و ممارستها على أرض توفر الحقوق الأساسية السياسية و منها حق الانتخاب و الترشح و عندما يتم الاختيار عبر إرادة شعبية حرة ، فلا راد لها و لا صوت يعلو صوت الشعب. و من يتجرأ على قمع تلك الإرادة ، هو منتهك لحقوق شعبه و حرياته الأساسية. و من هذا المنطلق وقفت مع الشرعية في مصر و ضد الإنقلاب العسكري الذي أطاح بأول حكومة منتخبة عبر إرادة شعبية حرة ، بالرغم من أنني لا أؤيد أي حكومة دينية و خاصة إن كانت إخوانية. و ذلك لإيماني الراسخ بأن الخيار للشعب و الحكم للأغلبية و على من يعارضها أن يعمل و يسقطها عبر صناديق الإقتراع.
سطور على هامش المقابلة في السيرة الذاتية للضيفة الأستاذة سلوى نور:
* أرترية من مواليد السودان ومقيمة في ألمانيا
* متزوجة وأم لأولاد خمسة (إناث أربع وذكر واحد)
* أكملت الابتدائية عام 1985م
* المتوسطة عام 1988م
* الثانوية عام 1991م
* بكالوريوس حقوق جامعة النيلين 1995م
* ماجستير القانون من جامعة جوبا عام 2009م
* ماجستير إدارة المشاريع من: MBA chifley Business School
* ماجستير إدارة أعمال من: (Torrens University (MBA
* عملت ضمن منظمات المجتمع المدني متطوعة ولا تزال كما عملت مع المعارضة السياسية الأرترية ضمن تنظيم ”سدري“ وتنظيم ”مدرخ“ وقد أسست إذاعة عركوكباي
* تفضل العمل المستقل والمبادرات الشخصية وترى أنها ذات مردود إيجابي
* قالت سيرتها أن الضيفة الآن عضو في:
مجلس إدارة منظمة توحيد الأصوات الإريترية في ألمانيا و عضو باتحاد المرأة الإريترية بألمانيا و مبادرة الأمهات فرع أوربا و ائتلاف المرأة الإريترية.
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
باسم القروي: كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم.
التعليقات
احي الضيفة علي جراتها واحيها كذالك علي تحمل مشاق الحياة وتربية الاولاد واتمني ان يعود الاب
لكن انا يقيني كل العمل الذي ذكرته للتغيير ليس هذا الطريق للتغيير
التغيير فقط سوف يكون من الداخل وهذا هو المطلوب