القرى والمدن الاٍرترية مابين الأمس واليوم مدينة كرن - الحلقة الأولى

اٍعـداد وتقـديم: همـد الخليـفة ادريـس آدم، محمـود كـرار حـاج محمـود، جابـر سـعيـد ـ أرض الهـرم

توطئة: في البـدء يسـرنـا أن نتقـدم بتسـجيـل آيـات الشـكـر والعـرفان لـكل الإخوة الأفاضـل

الـذيـن تعاونـوا معنـا في تذليـل صـعوبة جمـع معلومات هـذا البحـث بتحملهم التطوعي لمشـقات بحـث وتحـري المعلومات وتوثيقهـا، وكـذلك لملمة أطـرافه المتعلقة بالمسـائـل العـرقية أو القبـلية والثقافية، وأيضا توضـيح جوانبه التاريخية التي لا يحفظهـا إلا آباؤنـا الشـيوخ الـذيـن شاركـوا في بعـض تـلك الأحـداث أو مـن خـلال معايشـتهم لمعظمهـا، أيضا الشـكـر للشـباب الإرتري الذي خصـه الله بموهبة الاهتمـام بالمـادة التاريخية وجمـع شـتى المعلومات القيمة التي تتصـل بإنسان هـذه المنـطقة والمناطـق الإرترية الأخـرى عبـر تاريخه القـديم وحاضـره المباشـرة الـذي يعيشـه ما بـين سـنـدان اللجـوء ومطـرقة النظـام الطائفي الـديكتاتـوري الذي أسـتأسـد مـن خـلال غيـاب أو تغـييب دور أهلنـا في المنخفضـات الإرترية التي كان لهـا السـبق والـريـادة في مختـلف المجالات السـياسـية والحقـب النضـالية، ونخص بالشـكـر الأسـاتـذة محمـد إبراهيم ألعلي الذي كان أحـد مصـادرنـا التاريخية ومرشـدنـا للوصـول إلى خـزائـن المعلومات التاريخية، والأخ محمـد علي لبـاب الذي شـجعنـا للكتابة في الجانـب التاريخي، وكان بـذلك أكثر المشـجعـين للاٍسـتمـرار في الكتابة تحـت عنـوان القرى والمـدن الإرترية، أيضـا نشـكـر الأخ الأستاذ/ أ. م. عمـر الذي قـام بمـراجعة النصـوص وضـبط الحلقـات، والشـكـر موصـول للقـراء الكـرام الـذيـن صـبـروا علينـا متجاوزيـن الأخطـاء النحـوية والإملائية وربمـا غيـرهـا مـن التعبيرات اللغـوية التي قـد يفهم منهـا أحيانـا التجني غيـر المقصـود في حـق الآخـر.. ويسـعـدنـا كثيـرا أن نهـدي هـذه المـادة إلى كافة الجنـود المجهولـيـن الـذيـن باعـدوا بيننـا وبـين آلـة الاسـتعمـار البغيـض ولـم يجـدوا منـا أو مـن غيـرنـا كلمة عـرفان أو اٍسـتحسـان يعـود خيـرهـا علينـا، فـكل هـؤلاء الشـخوص والشـهـداء ألـف تحية عـرفان وتـرحم على أرواحهم الطاهـرة، حـيث أنهم أكـرم منـا قـدرا وقيـمة وأجـرهم مـن عنـد الله تعـالى.

شـكـر وإهـداء:

في البـدء يسـرنـا أن نتقـدم بتسـجيـل آيـات الشـكـر والعـرفان لـكل الآبـاء والإخوة الأفاضـل الـذيـن تعاونـوا معنـا لتذليـل مصـاعـب جمـع معلومات هـذا البحـث المتواضـع، نشـكـر لهم تجاوبهم العاجـل وتطوعهم النبيـل وتحمـل مصاعب بحـث وتحـري المعلومات وتوثيقهـا، وكـذلك لملمة أطـرافهـا المتعلقة بالمسـائـل العـرقية والجغـرافية أو القبـلية والثقافية، أيضا توضـيح جوانبهـا التاريخية التي لا يحفظهـا إلا آباؤنـا الشـيوخ الـذيـن شاركـوا في بعـض تـلك الأحـداث أو عاصـروا معظمهـا، أيضا الشـكـر للشـباب الإرتري الذي خصـه الله بموهبة الاهتمـام بالمـادة التاريخية وجمـع شـتى المعلومات القيمة التي تتصـل بإنسان هـذه المنـطقة والمناطـق الإرترية الأخـرى عبـر تاريخهـا القـديم وحاضـرهـا المباشـر الـذي يعيشـه شـعبنـا البطـل ما بـين سـنـدان اللجـوء ومطـرقة النظـام الطائفي الـديكتاتـوري الذي أسـتأسـد نتيجة لغيـاب أو تغـييب دور أهلنـا في المنخفضـات الإرترية التي كان لهـا السـبق والـريـادة في سـائـر المجالات السـياسـية في مختـلف الحقـب النضـالية، وأيضـا أهلنـا في كبسـا الجغـرافية أولئك الـذيـن نصـروا النضـال منـذ تأسـيسـه الأول أو الـذيـن لحقـوا به فيمـا بعـد.

وعلى مسـتوى الأفـراد والجماعـات ننتهـز هـذه الفـرصـة العظيمة لنسـجل خالـص الشـكـر والتقـديـر لمعلمنـا الفاضـل الأستاذ/ محمـد أحمـد إدريس نـور ـ ميلبـورن اسـتـراليـا، وهـو أحـد ألمعلمـين الأجلاء الـذين تخـرج على أيـديهم جـل طـلاب خمسـينيـات وسـتينيـات وسـبعينيـات القـرن المنصـرم، وكان له الفضـل العظيـم في إثراء هـذا البحـث مـن خـلال المـواد والوثـائق التي قـدمهـا لنـا أو المعلومـات التي مـدنـا بهـا بنفـس رضـية وقلـب مفتـوح، وكان معينـا لنـا في مهام الكتابة والتوثيـق والمعلومات التاريخية القيمة المـرتبة التي ضمناهـا في هـذا البحـث، والشـكـر الجـزيـل للأخـوة المناضلـين: الأستاذ/ محمـد إبراهيم ألعلي مـن بيـرث اسـتـراليـا وهـو أحـد مصـادرنـا التاريخية الهـامة ومرشـدنـا الصـادق الذي أوصـلنـا إلى مواقـع خـزائـن المعلومات التاريخية.. الأستاذ/ محمـد الخليـفة علي لبـاب مـن لنـدن ـ المملكة المتحـدة الذي شـجعنـا لمواصـلة الكتابة في الجوانب التاريخية، وعلى وجه الخصـوص مواصـلة الكتابة تحـت العنـوان الذي يحمله هـذا العمـل المتواضـع، كمـا نشـكـره على المعلومات القيـمة والوثائـق المهمة التي مـدنـا بهـا والتي كان لهـا الأثـر المباشـر في تسـهيـل مهامنـا التوثيـقي.. النقـابي المتمـرس الأسـتاذ/ إدريس همـد آدم مـن لنـدن الذي مـدنـا بالعـديـد مـن المعلومـات القيـمة وبعـض الوثائـق التاريخية القـديمة والكثيـر مـن المسـتنـدات الجـديـدة، كمـا تطـوع مشـكورا لتسـهيـل مهـام الـربـط بيننـا وبـين بعـض المصـادر التاريخية المهـمة رغـم تباعـد المسـافات التي تفصـل بيننـا وبينه ومـن جهة أخرى بينه وبينهم، أيضـا كلـف نفسـه وأجـرى اٍتصـالات متكـررة مـع بعـض الجهـات التي كان له الفضـل في سـرعة تجاوبهـا بالإضافة إلى فضـل المبـادرة والتطـوع للاٍتصـال بهـم متجـاوزا المحاذيـر ومتحمـلا نفقـات الاتصالات بهـم لـربطهم بفـريقنـا .. معلمنـا الفاضـل الأستاذ/ صـالح حمـدي سـلمـان الذي تشـرفنـا بالجلـوس معه في (القاهـرة والخـرطوم) وكان كـريمـا معنـا ودقيقـا في سـرد المعلومـات التي مـدنـا بهـا مـن خـلال حـديثه الشـيق عـن مـراحـل وتاريـخ التعليم في الـوطن بالإضافة إلى توضـيح أسـماء بعـض المعلمـين الأوائـل.. الأستاذ/ إبراهيم صـالح مـن المملكة العـربية السـعودية الـذي وفـر لنـا معلومات عـن بعـض القبائـل بالإضافة إلى بعض المـواد التاريخـية.. أيضـا نشـكـر الأستاذ/ أ. م. عمـر مـن القاهـرة الذي تكبـد مهـام فـنية شـاقة بالإضافة إلي مـراجعة النصـوص وضـبط حلقـات البحـث وتبويبهـا، والشـكـر موصـول للقـراء الكـرام الـذيـن صـبـروا علينـا كثيـرا متجاوزيـن الأخطـاء النحـوية والإملائية وغيـرهـا مـن التعبيرات اللغـوية التي قـد يفهم منهـا أحيانـا ما يشـبه التجني غيـر المقصـود في حـق الآخـر، أيضـا لابـد أن نسـجـل صـوت شـكـر وعـرفـان للمـواقـع الشـبكية التي نثمـن جهـدهـا ونقـدر دورهـا الحيـوي، ونشـد على أيدي الشـباب الذي يـقف مـن خلفهـا على دوره الإعلامي النبيـل.

وفى البـداية والنهـاية ومابـين الحـروف والسـطـور يسـعـدنـا كثيـرا أن نهـدي هـذه المـادة وكل المـواد السـابقة واللاحقة إلى كافة الجنـود المجهولـيـن على مختـلف عناوينهم ومسـمياتهم وتنظيماتهم السـياسـية، كمـا نـزف تحية الإكبار والإجلال والاعتـراف بالجهـد العظيـم للشـهـداء وجنـد الفـداء الـذيـن باعـدوا بيننـا وبـين آلـة الاسـتعمـار البغيـض ولـم يجـدوا منـا أو مـن غيـرنـا كلمة عـرفان أو اٍسـتحسـان يعـود خيـرهـا علينـا جميعـا، والتحـية للفـرسـان الـذيـن يقفـون اليـوم مـن وراء العمـل الـوطني العـام، ولأولئـك الشـهـداء الأبـرار مـن الـرعيـل الأول وقـادة الأمـس واليـوم والمسـتقبـل، لهـم جميعـا ألـف تحية عـرفان وتـرحم على أرواحهم الطاهـرة، وهم أكـرم منـا قـدرا وقـامة وقيـمة وأجـرهم مـن عنـد الله تعـالى.

مقـدمة:

يصـعب الحـديـث عـن مـديـرية سـنحـيت وعاصمتهـا التي تعتبـر إرتريا المصـغـرة، ما لم يؤخـذ مكونهـا المتجانـس في الحسـبان بمختـلف دقائـقه وخصـائصـه المتعـددة بتعـدد قبائله المتباينة في الأسـماء والأعـراق وبعـض العـادات الموروثة مـن الأسـلاف والمتجانسـة في معظم الخصـائص والمميـزات والخصـال ـ بمـا في ذلك الشـيفونية / الـذاتية الكـرنية التي تلـغى المنشـأ الأصـلي والعشـيـرة والقبـيلة وما حولهـا وربمـا صـلات القـربى والعـادات واللسـان، فهي مـن أكثـر المناطـق الإرترية التي تتجمـع فيهـا مجتمعـات متعـددة الثقافات والأعـراق إذا مـا تطـرق الحـديث للخصـوصـية القبلـية التي تتميـز بثقافة ألذات (الأسـماء / التاريـخ / الأصول / القـرية / العـرف / اللسـان والعـادات والتقاليـد المتوارثة)، فلـكل مجموعة عـرقية متجانسـة تاريخهـا الخـاص، أرضـهـا ولسـانهـا وعاداتهـا، والعـديـد مـن الخصـائـص التي تميـزهـا عـن نظائـرهـا، ومـن جهة ثانـية قطعـا لا يخفى على المتتبـع لسـيـرة هـذه المـديـرية ـ بأنهـا شـراكة بـين الناطقـين بلسـانـين، وشـراكة بـين خمـس مجموعـات جغـرافية، وأربعة أعـراف أهلية والعـديـد مـن القبائـل والفـروع التابعة لهـا عـرقـا ولسـانـا أو بحكم الجـوار التاريخي والمصـاهـرات المتصـلة، وكل جماعة متباينة أو متجانسـة مـن مكون هـذه المنـطقة تتميـز بمسـمياتهـا الخاصـة وتهتـدي بموروثاتهـا التي تعتـز بهـا بـين قومهـا وأمـام شـركاءهـا الـذيـن يبادلـونهـا مبـدأ اٍحتـرام ألذات والآخـر، أمـا إذا تطـرقنـا للمـديـرية بأكملهـا فهي مـن أكثـر المـديـريات المسـتقـرة أمنيـا رغـم أنهـا محاطـة بأربع مـديـريات أخـرى، والجـديـر بالـذكـر أن ثـلاثة منهم كانـوا في يـوم مـن الأيـام جـزءا إداريا منهـا، وفي عهـود سـابقة كانـت كـرن وكـذلك كافة الجهـات والمسـميـات جـزءا أو تابعـا لـ ـ باضـع المجـذوب ـ التي كانـت القائـد الحضـري المتبـوع طوعـا أو قسـرا مـن سـائـر البـوادي الإرترية، وفي حـدودهـا الشـرقية تقـع مـديـرية سـمهـر الـرجـال، ومـن الجهة الغـربية تحـدها مـديـرية بـركـا الكـرامة والنضـال، ومـن الجنـوب مـديـرية حماسـين وهى احد أقطـاب الصـراع الثقـافي ومـركـز التجاذب والتنافـر، وعلى شـمالهـا تقـع مـديـرية السـاحـل الشـمالي مخـزن الـرجـال ومسـتودع الثـورة والثـوار، وهى آخـر المـديـريات التي تـم فصـلهـا عـن مـديـرية سنحـيت.

تشـتهـر مـديـرية سنحـيت بطقسـهـا المعتـدل وإنتاجها الوفـيـر مـن الخضـر والفاكهة، وتتميـز بموقعهـا الجغـرافي الـذي يقـع في منتـصـف أرض الـوطن ممـا سـاعـد ذلك في الوصـول إليها مـن مختـلف المـدن الإرترية في أزمنة قياسـية، هـذا بجانـب تمـازج مكونهـا الـذي صـنع حـالة جـديـدة مـن التواصـل وتحـديث أواصـر الإخاء والصـداقة، ومـن منجـزات حاضـرتهـا كـرن أنهـا المـدينة الوحيـدة التي يسـمـع فيهـا صـدى كافة اللغـات الإرترية، ممـا يؤكـد توازنهـا الـوطني الذي يجمـع عينـات مـن المكـون الارتـرى (104 قبـيلة)، ففي مـدينة كـرن تجـد العفـري يسـكن بجـوار البازاوي / والسـهـاوي في دار مشـتـركة مـع البارياوي / النـاري / والتغـرينى مجاورا لأسرة مـن الحـدارب / البـداويـيت وباقي الفـراغات تجـدهـا مملـوءة بأسـر مـن البلـين والتقـري، هـذه الميـزة لا تتوافـر مطلقـا في باقي المـدن الإرترية الأخرى إذا استثنينا اللقاءات العـرضـية اللحظـية التي تحـدث مـن خـلال المناسـبات الـرسـمية أو القـومية، ولأن مـدينة كـرن تؤثـر على الآخـر وقلمـا تتأثـر به، نجـد أغلبية الـذيـن يسـتقـرون بهـا ـ تتباعـد زياراتهم للمـوطن الأول شـيئـا فشـيئـا وأخيـرا تتـلاشـى اٍهتماماتهم به، وقـد يتـم تـذويبهم بشـكل كـلى فيفقـدون لغاتهم وعـاداتهم المحلـية ويتـم تشـكيلهم بالثقـافة الكـرنية التي تغلـب عليهـا لغة التقـري، وأكبـر دليـل على ذلك هـو أجيـال الخمسـينيـات والسـتينيـات مـن أبنـاء البلـين أبـا وأمـا الـذيـن فقـدوا لغتهم نتـيجة لاٍسـتقـرارهم الـدائـم في مـدينة كـرن، أيضـا تمكنت هـذه المـدينة مـن التأثيـر على سـائـر ضـيوفهـا السـابقـين بما فيهم العـربي والهنـدي والباكسـتاني والسـوداني والإيطالي وكل الـذيـن ارتضـوا الكـرنية ومـن ثـم ـ الارتـرة ـ طوعـا فأصبحـوا جـزءا مـن واجهاتها الاجتماعية المؤثـرة والمطاعة، كمـا شـارك أبنائهم في دفـع ضـريبة الـوطن وكان منهم السـجـين والجـريح والشـهيـد، وممـا يميـز هـذه المـدينة أن معظم ضـيوف المـدن الإرترية الأخرى عـادوا إلى بلـدانهم عنـدمـا جـن جنـون المسـتعمـر الأجنبي وأشـتـد الخنـاق على المـواطن الارتـرى، ولـكن ضـيوفهـا ذابـوا في ألذات الكـرنية وتحـول بعضهم إلى ألغـام وطـنية انفجرت في قلـب معسـكـرات الجيـش الإثيوبي الغاصـب، وإذا أفرضنا وجـود مـدن إرترية أخرى تماثلهـا في مهـام تجميـع فسـيفسـاء الشـعب الإرتري والتميـز بثقـافة التأثيـر على الآخـر، فهمـا مـدينتي (قنـدع وحـرقيقـو) في مـديـرية سـمهـر ومـدينة (علي قـدر) الحـدودية التي تقـع على أطـراف مـديـرية القاش سـيتيت رغـم الفـارق في تعـداد الفسـيفسـاء الذي يسـكن فيهـن، إذا مـا قيـس بمثيله في مـدينة كرن سـنحـيت.

نعـم يصـعب الحـديـث التعميمي المـرسـل جـزافـا وأيضا التخصيص البحـت لخصـائـص مـدينة كرن وبالتالي مـديـرية سنحيت، وذلك نسـبة للتميـز والتفـرد الواضـحان اللـذان يجمعـان مابـين سـلوك وأصول شـخـوص المـدينة والمـديـرية ومقارنتهـا مـع الأخـريـات، فكلاهما يشـتركان في حسـنة الجمع ما بـين الخصـوصية والتعميم دونمـا التفـريط في وحدتهم القبلـية أو الجغـرافية، فالمـديـرية تفـرد ضـمن شـقهـا الخاص مسـاحة اهتمـام كبيـر لمكوناتهـا القبلـية المتباينة في أصولهـا ومسـمياتهـا، كمـا تحتـرم رغبـات الجماعات والقبائـل وتعمـل على تحـقيق معظـم خصـوصياتهـا القبلـية وحـرية الانتفـاع الـدائـم بممتلكاتهـا ومواقـع سـكنهـا وممارسـة ثقافاتهـا التاريخـية والمكتسـبة، والفئـات القبـلية كلهـا تمـلك العـديـد مـن العوامـل والمقومات الـذاتية الخاصة وتسـتـزيـدهـا بالمكتسـبة التي تمكنهـا مـن الوصـول إلى الاكتفـاء الذاتي الصغيـر، ومـن جهة أخرى تـداوم على تأكيـد وتأصـيـل وتمييـز موروثاتهـا التاريخـية مـن شـاكلة (التاريخ / الأرض / اللسـان / العـرف وكافة عوامـل التميـز القبلي والاٍكتفـاء الذاتي الذي كان سـائـدا في العصـور القـديمة)، ولـكن هـذه الموروثات الـذاتية والمكتسـبات المنقولة مـن الآخـر لـم تجعـل مـن سـكان المنـطقة أسـرى لـداء الخصـوصية السـلبية التي تـؤدى إلى ثقـافة التقوقع والتشـرنق والاٍنغلاق على النفـس أو العـزوف عـن الانفتاح على الآخـر، بـل على العكـس مـن ذلك بـدأ الاٍنفتـاح على أشـده منـذ فجـر تاريخ المنـطقة، لأن المـديـرية تتميـز بموقـع جغـرافي وسـطي تلتـقي عنـده طـرق الاتصـال الأرضـي الذي يـربـط البـلاد ببعضهـا، وهـذه ميـزة أخرى زادت مـن تأثيـرهـا لتصبح مـن أهـم المـديـريات التي تعمـل على تعميـق الصـلات مابـين معظم سـكان المـديـريات الثماني الأخرى، أمـا مـدينة (كـرن) رغـم أنها مـركـزا لقـرى المـديـرية، وعاصـمة خالصـة للسـنحـيت اٍسـمـا وروحـا، وشـراكة مابـين مجموعـات جغـرافية وألسـن وأعـراف وثقافات، إلا أنهـا تمثـل ذات قـومية فـريـدة دون أن تفـرط في مهامهـا الأولى.

تحصيـل حاصـل هـذه الصـفـات التي تنعـدم في غيـرهـا تؤهلهـا لتصـبـح العاصـمة القـومية للـوطن بأسـره، فهي المـدينة الأكثـر تأهيـلا لحمـل أعبـاء كافـة المكـون الـوطني، حـيث تتميـز بموقعهـا الذي يعتبـر بـؤرة لجغـرافية الـوطن، بالإضافة إلى طقسـهـا المعتـدل ووفـرة مصـادر ميـاههـا الصـالحة للاٍحتياجـات المختـلفة وذلك بفضـل نهـر (عنسـبا) المحافـظ على معـدله والمتجـدد مـع مواسـم الخـريف، أيضـا ليـس سـرا أن شـخوص كافـة القبائـل الإرترية البالغ تعـدادهـا (104) قبـيلة تجـد أقاربهـا والعـديـد مـن سـكان قـراهـا وحضـرهـا في هـذه المـدينة العجـيبة، ممـا يجلـب إحساسـا قويـا بالألفة والاطمئنـان لـدى كافة القادمـين الجـدد إليهـا، حـيث لا يجـد القـادم الجـديـد فارقـا مابـين قـريته ومـدينته الأصـل وموقـع إقامته الجـديـد في مـدينة كـرن الجميـع التي تحتفي دومـا بمـن يقصـدهـا مـن الـداخـل أو الخـارج، وهـذا ما لا يتوفـر في العاصـمة الحالية (أسـمـرا) أو باقي المـدن الإرترية الأخـرى.

نواصل... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة

Top
X

Right Click

No Right Click