اسمرا في الثلاثينات
بقلم الأستاذ: عبدالفتاح محمد احمد دراسي - كاتب وباحث في التاريخ
تم نقل العاصمة الارترية إلى السمراء بالتزامن مع إعلان دولة إريتريا بحدودها الجغرافية
وخارطتها الديموغرافية الحالية، وقد تم اختيارها عاصمة للبلاد بسبب موقعها، الجغرافي وطقسها المعتدل، ولكن تم تم نقل العاصمة إلى اسمرا عمليا سنة ١٩٠٨ بعد أن ظلت مصوعة عاصمة لقرابة ٢٠ عام، تحولت اسمراء مركزا للايطاليين يديرو من خلاله مستعمرتهم الأفريقية الاولة، في بداية غام 1907 توافد إليها الإيطاليين في هجرة جماعية بغرض الاستفادة من الاراضي الزراعية، وقد تسبب ذلك في انطلاق ثورة بهتا حقوص، ثم في هجرة ثانية وصلت مجموعة كبيرة من الايطاليين بعد صعود بنيتو موسوليني إلى السلطة في إيطاليا.
في هذا الوقت وتحديدا في الثلاثينيات اكتسبت اسمرا اهتمام كبيرا من الإدارة الاستعمارية وشهدت العاصمة نهضة حقيقية في كل المجالات في العمران والزراعة والصناعة، حيث تم تشييد أفضل المباني في ذلك الوقت مثل مبني فيات تاليرو رمز المعمار الحديث وقتها، وفي مجال الرياضة شهدت اسمرا رياضة سباقة الدراجات الهوائية والتي تشتهر بها اسمرا الي يومنا هذا، كما تم نعبيد طريق بطول الف كيلو متر من اسمرا الي اديس ابابا، وفي ذلك الوقت شهدت اسمرا بداية أول ماراثون للسيارات، كان الهدف المعلن لهذه الطفرة جلب السياحة ولكن السبب الخفي كان الانتصار معنويا علي القوات الاثيوبية التي كانت تقاتل ضد الايطاليين في اثيوبيا.
كل واحدة من هذ الرياضات والمواضيع سنفرد لها مساحة خاصة في مقالات أخرى، ولكن اليوم سنتحدث عن بداية استخدام السيارات في إريتريا وفي اسمرا على وجه الخصوص. بالبحث قليلا نجد أن أول ورشة لصيانة السيارات تم افتتاحها سنة ١٩٠٧، في العاصمة اسمرا، ومع اننا لا نجد أي إشارة إلى موعد تاريخ وصول أول سيارات إلى إريتريا الا اننا نستطيع أن نقول بأنه في ننفس الوقت شهدت ايطاليا بداية تصنيع السيارات مثل ماركة فيات ومايستري.
وبالاطلاع إلى بيانات إدارة المرور في احد المستندات المهمة نجد إلاشارة إلى تاريخ إصدار اول قانون لتنظيم المرور بتاريخ ١٩١٥، مما يعني وجود عدد كبير من السيارات وقتها في ارتريا، حيث تم اجازت قانون للمرور وصارت السيارات تحمل لوحات، واليوم بمجرد تجوالك في اسمراء ستلاحظ وجود أقدم الموديلات للسيارات فيات توبينو والالفا روميو، ونتيجة لهذا وفي وقت مبكر جدا تحديدا في عام ١٩٣٨ ظهر بما يعرف ماراثون السيارات في اسمرا، وظلت هذه الرياضة حتى بداية الحرب العالمية الثانية، وقد عاد السكان لممارستها في فترةحكم الإنجليز واستمرت الي ان قام هيلي سلاسي بتغيير اسم الدوري سنة ١٩٦٩ إلى ماراثون هيلي سلاسي وكان يحرص على حضوره شخصيا، وقد توقفت هذه الرياضة سنة 1971 بعد اخر مسابقة حضرها الامبراطور الهالك في اسمرا.
كل هذا ساعد في اذدهار جانب آخر وهوا احتراف الارتريين للسواقة واهتمامهم بالميكانيكا،إذ بسبب وعورة الطريق ترك الإيطاليين مهمة قيادة السيارات إلى السكان المحليين الذين تحمسو لتعلم القيادة، والصيانة، ولذلك ظلت اسمرا تزخر بأفضل الميكانيكييون وورش السيارات. واحدة من هذه المكاتب المختصة بصيانة السيارات، قام بتاسيسها شاب إيطالي من سكان اسمرا، اسمه جوليو رافاسي، ميكانيكي خبير في إصلاح الدراجات النارية وقد قام بصناعة دراجة نارية ٢٥٠، كما قام بتأسيس ورشة صيانة لمحركات السيارات، والموتورات في اسمرا، وسرعان ما تطور وبدا بصناعة مؤتورات السيارات في اسمرا.
قام بصناعة اول موتور في اسمرا بسعة ٣ سليندرات ومكيف هوا للموتور وهي فكرة جلبها من خبرته في صناعة محركات الدراجات النارية. قام بعدها بصناعة السيارة من الألمنيوم في إيطاليا، حجم المحرك كان ستماىة وسبعون سنتيمتر مربع، بسرعة عشرون حصان ويزن تسعون كيلو وهي نصف وزن محرك سيارة فيات توبولينو التي كانت تعد الأفضل حينها.
اما شكل السيارة الخارجي فكان الأحدث في وقتها ومثلت ثورة حقيقية، وكانت تختلف عن الموديلات التقليدية التي كانت في الأسواق. سرعة المحرك ١١٠ كم في الساعة وبخمسة لتر كانت تستطيع السيارة قطع مسافة ١٠٠ كم.
في سنة ١٩٤٦ نال المهندس رخصة لتصنيع السيارة في إريتريا، بينما رفضت فيات عرضه في ايطاليا، لم يستطع الشاب انجاز مشروعه في اسمرا وبعدما تم طرده مع الالاف من الايطاليين بعد انضمام ارتريا الي ايطاليا، بعد القرار الاممي الظالم.
ولكن في العام١٩٥٠بعد انتقاله إلى إيطالياتعاقد مع شركة فيات،وخرجت شركة فيات بموديل فياتبانيني فاريناوالذي مثل نقلة نوعية في عالم صناعة السيارات، اشتهر جوليو في عالم صناعة السيارات واسس بعدها مع زميله شركة اني للبترول التي صاحبة اكبر مبادرة للصناعات البترولية في البلدان النامية والمستعمرات، وبسبب الاستعمار الاثيوبي ضاعت فرصة صناعة اول سيارة في ارتريا.