الشاعر الارتري احمد محمد سعد
إعداد:الوفاء لأهل العطاء المصدر: كتاب عاشق ارتري.. للشاعر أحمد محمد سعد
• ولد في حرقيقو عام ١٩٤٥م.
• أنهى دراسته الابتدائية والإعدادية في حرقيقو والثانوية بمدرسة الجالية العربية بأسمرا.
• درس في كلية الهندسة بالقاهرة ونال شهادتها عام ١٩٧٦م.
• بعد ذلك توجه إلى طرابلس بليبيا للعمل هناك.
• كتب أحمد سعد عددا كبيرا من القصائد نشر بعضها في مجلة الثورة وعدد قليل في الصحف العربية.
• كتب أيضا ثلاثة مسرحيات اثنتان منها غير كاملة والثالثة مثلت في القاهرة عام ١٩٧٥م… مثلها اتحاد الطلبة الارتريين.
• كان لأحمد سعد طموحات كبيرة ومشاريع كتابية عديدة… وكان هذا الشاب يعد بعطاء كبير في الأدب.. لكن الموت كسر هذا الوعد وهو في الثلاثين من عمره.
كانت مأساة ارتريا صرخة كبيرة في ضمير أحمد سعد .. كانت همه الكبير، وكانت حزنه الذي لا فكاك منه.. كان هذا القلب الطري يتحمل تأنيب الضمير بالنيابة عنهم.. كان يفرش هذا القلب لكل أقدام الثوار لكي يمروا فوقه وكأنه يقول اخطئوا ولكن لا تضيعوا ارتريا.
العاشق الشاعر:
قراءة في قصائد أحمد سعد:
في هذا الشعر الذي تم اختياره من أوراق الشاعر الارتري الشاب الذي استشهد عام ١٩٧٨م دفق الأرض وحزن المهاجر وأنين الباحث عن حق النبوءة.
إن أحمد سعد يتعثر أحيانا في صوته ويستعير في أحيانا أخرى أصوات شعراء سبقوه في الأغنية السياسية والقصيدة الوطنية .. كسعدي يوسف ومحمود درويش وعمر أبو ريشة… لكنه في لحظة قادمة يستطيع أن يمتلك صوته الخاص.. وأغنيته حينها تصبح مميزة بما تحمل من حس بدائي وبما تنطلق إليه من عشق يندى بصوفيته للأرض والوطن الدامي.
إن ارتريا ليست لديه سوى نبوءة.. فهي تستطيع أن تلد الرجال وتستطيع أن تملك سطوة الأبطال الأسطوريين في نضالهم.
تقع قصائد أحمد سعد في خانات الأغنية السياسية والنشيد الوطني… وقد تهرب بعض القصائد من هذا التحديد فتملك صوتها الحر.
بعض قصائد أحمد سعد التي تم اختيارها من كثير يكرر نفسه.. كما اغلب الشعراء.. محاولات لتقديم الأغنية السياسية والنشيد الوطني على السواء… إن حس الغنائية هو الغالب على مجمل القصائد… لكنه حس غنائي حزين في تعبيره وأحيانا مباشر في تناوله.. إلا أننا في قصائد (رسالة من الوطن) و (أغنية الزميل الجريح) نجد نبضا للأغنية السياسية التي تحدد اتجاهاتها وموقفها.
(حكى الزميل قصته)
تشرد الأقارب.
أبواي لاجئان في السودان
أعيش حائرا بلا أمل
قال صاحبي متى نعود إلى الميدان
مللت جلسة المقاهي
كرهت غربتي
وأخشى رحلة النسيان
وفي قصيدة رسالة من الوطن يقول:
قرأت في رسالة صغيرة
أخبار عن الوطن
إدريس قد قتل
وآخرون قد مضوا يستبسلون في المعارك الكبيرة
وجارنا الذي رحل
يقال مات في المذابح الأخيرة
إنها الكلمات البسيطة الشفافة التي تعكس ما خلفها.. وليس في الخلف سوى النضال.. وليس في العمق سوى هذا العشق الذي يغرف منابعه من الشرايين ومن الدم.
عن المذابح… الاستشهاد… والريف الذي يعاون الثوار.. المجاهدات اللواتي يخترن معامع الجهاد… ليسوا في النهاية سوى شمسا صغيرة نقية.
هكذا يقرأ الشاعر رسالته الصغيرة.. وهكذا يحدد درب انتمائه وإيقاع أغنيته.
وفي الوقت الذي يبحث فيه أحمد سعد عن تفاصيل.. نراه ينشد نشيد العموميات أيضا.. أن لديه الكثير من الأناشيد التي تنتمي إلى مواصفات النشيد الوطني العربي المعروف.. لكنها تختلف عن هذا الأخير بما تنضح به من خصوصية الصوت الارتري الشاب.
أنا آت
فهل تصغي
عدو النور والسلم
هذه ارضي ومحرابي
هنا صليت للرحمن
هنا سالت دماء العشق للوطن...
ربما دكوا الروابي ربما صبوا لهيبا فوق زرعي
وبيوت وحمام
بيد إنا لن نبالي بالمآسي
فقضايا الثائرين
صوت رشاش يغني للسلام
كيف يمكن التعرف إلى أرض الشاعر الخاصة؟ وطنه؟ قضيته؟
إن ارتريا حاضرة غائبة.. إنها ظل القضية وشعاعها.. وهي إذ يهمل الشاعر ذكراها مباشرة فإنها تظهر في دفن حبه للأرض.. والوطن البعيد.. لكنها مع هذا تأتي لتقدم نفسها عبر (القضارف) و (هيلي) و (الدرق) ومخيمات الأطفال الجياع والعراة والذين لم تستوعبهم مناطق اللجوء السودانية على الحدود الارترية السودانية… ولعلنا إذا أبعدنا هذه التعريفات التي تضع لوطن الشاعر تحديدا تاريخيا وجغرافيا… يمكننا أن نبقي على أغنية الوطن السليب أو المناضل في أي زمان وكل مكان.. وهنا يبقى لأحمد سعد أن يغني قضيته الكبرى قضية الحزن والهم الوطني الكبير.
انه.. مهاجر… مسافر.. راحل.. ولكن ليس إلى الأحلام بل إلى الموقف.
ما عدت أعبث بالهوى
وكفى العبادة للمفاتن والعيون
فلتحرقي إن شئت كل رسائلي
ولتكسري صنم الصبابة والجنون
إني هنا اروي الملاحم من دمي.
عندما يعلو صوت الوطن
لا تبحري… بخواطري
فانا بلا وطن أحاصر دمعتي
وأنا أغالب لوعتي
لو تقرئين مشاعري
إني نهضت لثورتي
لا لن تداس كرامتي
لا تغضب
ثائر أنا… ومقاتل أبدا ترفرف رايتي
ما عدت اعبث بالهوى
وكفى العبادة للمفاتن والعيون
فلتحرقي.. إن شئت كل رسائلي
ولتكسري... صنم الصبابة والحنون
إني هنا اروي الملاحم من دمي
إني هنا.. شمس الكرامة أقدمي
وتبسمي
في وهج رشاشي
وعنف تقدمي
ولتزحفي يا أمتي
وتحطمي
جيش الطغاة و تسلمي..
أنتقل إلى جوار ربه عام ١٩٧٨م في حادث اصطدام سيارة في طرابلس بليبيا ووري جثمانه الطاهر الثرى هناك… وقد اعتبرته الثورة الارترية شهيدها لما تضمنته محاولاته الأدبية من حس مرهف وعاطفة وطنية صادقه وتعامل سليم مع الواقع الارتري وكانت ساحة النضال ترزح تحت وطأة الخلافات والانقسامات.