الشاعر عبدالرحمن سكاب
المصدر: المعجم
عبدالرحمن إسماعيل عثمان.
ولد عام 1939 في كَرَنْ (إريتريا).
تلقى تعليمه الأولي في الكتاب، وحفظ بعضاً من القرآن،
ثم تعلم على أيدي شيوخ العربية وعلومها، وثقف نفسه بنفسه، إلى أن سافر إلى مصر في أوائل الستينيات، والتحق بالأزهر الشريف، وأنهى مراحله الدراسية بحصوله على العالية من كلية اللغة العربية عام 1974.
يعمل معلماً في اليمن منذ 1975، وكان في سنوات عمله الأولى يتبع الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي (الكويتية).
عنوانه: مركز الدراسات والبحوث اليمنية - شارع بغداد - صنعاء - الدائرة الأدبية واللغوية - اليمن.
قصيدة مشكاة:
أنا للوجْد وبالوجد أنا *** *** ماله من سادنٍ إلا أنا
أنا في الآفاق مسْكٌ جانح *** *** تتحساه انعتاقات المُنى
أنا مفتون يناجي حدسه *** *** عافياً كل انبهارات الدُّنا
تزدهيني في حميّا لحظتي *** *** سبحات من معانيها السَّنا
ياله عطر رحيق علَّنا *** *** من جناه ولقد أنهلنا
أضرمتْ وجدي جَوارٍ أقلعتْ *** *** عن مراسيها عويلاً مُثخنا
وانثيالات حنيني اشتعلتْ *** *** أنجماً بالسهد تُقري الأعينا
أيها الماضي إلى سدرتنا *** *** سائلاً عن منتهى سدرتنا
هذه الأطياب تسْري إنما *** *** هي أطياب ربا جنَّتِنا
أنا مشكاة السرَى من كرمتي *** *** عتقت هالاتُ مشكاتي أنا
رنَّحتْنا من ذرانا دوحةٌ *** *** طيرها الصدَّاحُ، من ورقائنا
نمنمتْ أردانَها من غيثنا *** *** وانتشت بالفرع من أفيائنا
أبصرتْ زرقاؤُنا ما لم تروا *** *** وانحسرتم عن مدى زرقائنا
ومحت أنباؤُنا أخباركم *** *** ونمير الصِّدق من أنبائنا
خيلنا الخيل إذا ما أسرجتْ *** *** وتبارت في ثرى صحرائنا
غرَّد النقع صهيلاً وانبرت *** *** بالأراجيز ذُرا أصدائنا
وارتشفنا الشهد حُرّاً كُحِّلت *** *** مقلتاه من هُدى صهبائنا
قد علمنا أننا الرهطُ صفا *** *** وردُنا ينساح من أندائنا
كوننا المخضلُّ يحدو ركبنا *** *** وهو من فيض ندى وطْفائنا
نمتطي خطو سرانا وضحى الـ *** *** فجر نجم لاح من لألائنا
حمَلَتْنا عيسُنا الورْق إلى *** *** هامة السدرة من عليائنا
تلك مشكاة سقاها زيتنا *** *** وهي شيء الشَّيء من أشيائنا
ودحونا الأفق ليلاً معتماً *** *** يجتدي الجذوة من ليلائنا
وانجلتْ آفاقنا عن ساطع *** *** حدَّث الآفاقَ عن إسرائنا
نحن أسكَرْنا ضواري دائنا *** *** فأتى ترياقُنا من دائنا
قصيدة ناسك:
آه للساهر الشجيِّ مضى الليل ومازال دمعه سحَّاحا
ساكباً من يراعه قهوة الوجد وقد ذاق مزجها والقراحا
داعبَتْه أنامل الليل قيثاراً خفياً يراوغ الأشباحا
قد تحسَّيت لحنك العاطر الإيقاع شوقاً مرنَّحاً فواحا
أنت في السرب طائر صافح الأفق وقد صاغ من دجاه الجناحا
وأراق الشجون في مسمع الليل سهاداً مضى يحثُّ الصباحا
وشع القفر بالأهازيج فاختال ربيعاً مفوّفاً منداحا
والليالي حواشد ملء جفنيه دموعاً وغصة وجراحا
أترعتْ كأسه سلافةُ أحداث الليالي وصرفهن فناحا
أثخَنَتْه النصال من جارحات الدهر حتى تخرَّمتْه اجتياحا
ولحاه السرى بكل ضرامٍ.. من حريق الجوى فذاب التياحا
وتعالت أناته فاعترى الأفق شحوبٌ أراقه أتراحا
ملء أحشائه التياعات سربٍ ودع الأهل غربةً وانتزاحا
وبعينيه دمع كل شجي رق للعهد من هواه فباحا
راعه قيد إلفه والروابي.. حوله أسهبٌ ترامت فِساحا
ياله ناسكاً تهجَّد في محراب بلواه شاكياً.. ملحاحا
دأبه يغزل المواجد راياتٍ على الأفق خافقاتٍ سِماحا
إذ يصوغ الدجى وداعة عشٍّ.. هدهد الجرح بلسماً وسَماحا
حسب آياته طيوباً تناثرت على دربه شذا.. نفَّاحا
إذ يجوب الخميل أنداء راح.. ريقها بات للعفاة متاحا
واعتلى من جناحه زورقاً جدف في الأفق غائصاً سبّاحا
من قصيدة الوتر:
مَنْ ذلك السَّبَّاح في أفلاكه *** *** والشُّهب تلهث خلفه وتدوخُ
ربُّ القوافي النافرات تحثّها *** *** منه الإشارة لمحة فتُصيخ
عرفَتْك صهْوات الحروف تجيلها *** *** خيل الإباء وفي الإباء شموخ
أسرجْتَهنَّ من العقيق كتائباً *** *** شقراء، ترقل في المدى وتُنيخ
اللهَ.. عند وجيفها أرجوحةً *** *** سمحاء قرَّبها، ولاذ صريخ
هي سلوة المشتاق تسفوه النَّوى *** *** وتسومُهُ عنت الزمانِ رضوخ