تهميش حقوق القوميات فى ارتريا
بقلم الأستاذ: عمر جابر عمر - كاتب وسياسي ارتري - استراليا
بداية رمضان كريم ونسأل الله أن يكون بشرى وأن يرى أستجابة لدعاء الأرتريين بنهاية النظام الدكتاتورى فى أرتريا.
كتبت كثيرا عن مسألة القوميات وجادلت الأثيوبيين وحاورت الأرتريين والهدف كان أثبات أن التجربة الأرترية متفردة وتختلف عن مثيلتها فى أثيوبيا.
رغم ذلك قال البعض أن ذلك أنكار لدور الآخرين وتهميش لحقوقهم وعدم الأ حساس بمعاناتهم. كلا… لم أقل ماقلت من منطلق تلك التفسيرات… ولا أعانى من مركب نقص أو عدم أنتماء… فأنا والحمد لله أنتمى الى واحدة من أكبر تلك (القوميات) وأفخر بذلك… لكننى أؤمن بمساواة الجميع وأن الجميع يعانون من التهميش فى ظل النظام الدكتاتورى. ما جعلنى أقول ماقلت أننى كنت أقرأ التاريخ وأحتكم اليه وأعيش الواقع وأستشهد به.
منذ البداية قلت هناك حالتان لهما خصوصية فى التركيبة الأرترية ليس لأنهما (فوق) أو (تحت) الآخرين ولكن لأن مارافقهما وأحاط بهما جغرافيا وأجنماعيا وثقافيا جعلهما يعيشان تلك الخصوصية.
1. العفر: وهى أمة واحدة وموحدة لكن الأ طماع الاستعمارية مزقتها وقسمتها بين ثلاثة دول مثلها مثل الكرد (الأكراد) فى العراق وتركيا وأيران وسوريا. مايهمنا هو القسم الأرترى الذى كان ومايزال جزءا من الكيان الأرترى سواء فى عهد الأ ستعمار الأيطالى أو بعد التحرير وما بينهما.
2. الكوناما: وهؤلاء كانت ثقافهم وتكوينهم الأجتماعى سببا فى عدم تواصلهم أو تفاعلهم مع محيطهم… لكن ذلك لم يمنع حكام (تقراى) من شن حملات أبادة وأسترقاق كادت أن تنهى وجودهم فى المنطقة لولا تدخل الأيطاليين.
ما هى مناسبة هذا الكلام؟
أستمعت منذ أيا م الى حديث المناضل محمد برهان (بلاتا) عن قومية الجبرتة. (موقع مسكرم)… كان الرجل صريحا وواضحا… يقدم الحجة لدعم رأيه ويستشهد بالواقع لأثبات موقفه.
لا يمكن لأحد أن يتهمه بالتجنى على تلك القومية أو أنكار حقوقها… هو منهم واليهم… حريص عليهم ولكن الحق يجب أن يقال.
شارك فى الثورة منذ البداية ويعرف كل مجالات ومساحات الأسهام لتلك المجموعة القومية.
قال الرجل أن الجبرتة جزء من النسيج الأجتماعى الأرترى لا يمكن فصلهم أو تمييزهم الا بخصوصياتهم التى تضيف الى التنوع والتعدد الأجتماعى ولا تتعارض معه.
منذ أن تسلط النظام الدكتاتورى على الشعب الأرترى وشعبنا يطالب بأصوات حرة تقول كلمة حق فى وجه السلطان الجائر… هذا لا يكفى… نحن بحاجة الى أصوات تقول الحق فى وجه الذين يرفضون الحقيقة من أبناء الشعب الأرترى أما جهلا أو كردفعل على ممارسات النظام.
الأعتراف با لآخر…!؟
لو سألت أى عضو قيادى فى المعارضة الأرترية: هل تؤمن با لمشاركة والأعتراف با لآخر والمسا واة حقا وواجبا - سارع با لأجا بة قا ئلا (طبعا… أنا ضد التهميش ولا أقبل الأ قصاء).
وهو صادق فيما يقول ويذهب معك بعيدا ويشا رك الآخرين فى ملتقى للحوار بل وفى مؤتمر جا مع وينا قش برامج وخا رطة طريق حتى يصل الى لحظة الخيارات الحا سمة (أختيار القيادة) - عندها تبرز (الأنا) ويخرج (الفرعون الصغير) من داخله ليصرخ: أما أنا أو الطوفان!؟
وقتها تبدأ الترضيات والمحا صصة وتنها ر كل معا يير ومرتكزات المسا واة والأختيار الحر والموضوعى. هل هى (نبتة خبيثة) نشأ ت مع الأ رتريين ولا يستطيعون الفكا ك منها؟
الغريب ان الجبهة الشعبية الحا كمة فى أرتريا تعترف هى با لآخر… لكن على طريقتها… عليه أن يكون مثلهم - نسخة كربونية منهم… مطيع… منفذ وبعدها يطلق عليه (مواطن صا لح)!
ما سبب - أسبا ب - هذه الظا هرة:-
أولا: غيا ب التجربة الليبرالية - السياسية أى التجربة الديمقراطية… خمسون عاما من الأستعمار الأ يطالى - عشرة أعوام من الأدارة البريطا نية - ثلاثون عاما من الأ حتلال الأثيوبى - عشرون عا ما من دكتا تورية (أسياس) - ذلك أكثر من قرن من الزما ن (1890-2013)!؟ كيف نتوقع بعد هذا أن يكون هكذا شعب خبيرا ومتمرسا فى التعا مل الديمقراطى والأ عتراف با لآخر.
ثانيا: الشعب الأ رترى - مثله مثل الكثير من الشعوب الأ فريقية - يحمل فى داخله (تنوع ثقافى وتعدد عرقى وأختلاف دينى). تلك مواصفات وخصا ئص يمكن أن تكون أيجا بية وعوامل قوة وبناء للمجتمع أذا تم توظيفها بحكمة وموضوعية ووجدت قيا دة رشيدة لا يكون همها الجلوس على كرسى الحكم بأى ثمن بل تضع الأ فضلية لمصلحة الأمة ووحدتها وسلامتها. أرتريا أفتقدت الى هكذا قيا دات.. فكا نت الصراعا ت والحروب الأ هلية فى مرحلة الثورة وأستمر الحا ل بصورة أسوأ بعد الأ ستقلال.
ثالثا: الغربة والأغتراب - تا ه الأ رتريون فى بقا ع الأ رض وأصبح الشتا ت هو مصيرهم… صار هم الأنسان الأ رترى الأ ساسى هو البحث عن السلامة لشخصه ولأسرته.. أما (الآخر) فله الله ولم يعد جزءا من ذا كرته - تلا شت الذاكرة الجمعية وأصبح الفرد هو محور تفكير وهدف حركة الأ رتريين فى الخا رج. وحتى أولئك الذين يعيشون فى البلاد الديمقراطية لا يما رسونها ولا ينضمون الى الأ حزاب فى تلك البلاد الا قلة قليلة. من أين يأ تى ذلك الوعى با لآخر.
رابعا: دول الجوار - خاصة أثيوبيا والسودان - لم تكن أمثلة يحنذى بها ولا كا نت مصدر ألهام فى تنمية الوعى الديمقراطى… ما زالت شعوب البلدين ومكونا تهما تقا تل بعضها البعض... هذا هو حا ل الشعب الأ رترى - أصبح كا لمستجير من الرمضا ء بالنار! هل الأمل فى الأجيا ل القا دمة - نأ مل ذلك والا سندور فى حلقة دائرية تستهلك الوقت والطا قة دون تقدم الى الأمام...
نذكر فى هذا المجا ل مقولة لقا ئد أفريقى حكيم وفذ قاد شعبه الى الحرية وقدم نموذجا رائعا للأنسا نية جمعاء - نلسون ما نديلا - قال الرجل:
يأ تى فى عمر كل أمة زما ن لن يكون أما مها سوى خيارين - الأستسلام أو القتال - فى تلك اللحظة لا يمكن الأ ستسلام - بل الرد بقوة وبكل الوسا ئل المتاحة دفاعا عن الوجود.
كان الله فى عون الشعب الأرترى وكل عام وأنتم بخير
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.