الفنان المناضل حسين هدرمو عميد الفن الفلكوري
بقلم الأستاذ: شامي محمود - كاتب وناشط سياسي
يعتبر الشاعر الراحل حسين ابراهيم حسين والذي عرف ب حسين هدرمو احد افضل شعراء الفن التقليدي العفري،
ويعتبر الراحل ايضا معلما من معالم الفن الفلكولوري او سدع في برعصولي وفي اقليم دنكاليا بارتريا وفي بعض المناطق العفرية في كل من اثيوبيا وجيبوتي، وهو شاعر مبدع واسطورة الشعر الفكلوري العفري السدع sadaa ،saxxaq والسدع هو الاكثر شهرة وحماسة بين العفر في تلك المنطقة او في المناطق العفرية الاخرى القريبة منها، ويشبه السدع الي حد كبير فلكولور كسو kassow المعروف بشكل واسع في الاقاليم العفرية في كل من جيبوتي واثيوبيا، وفي السدع يتبارى فريقان الي ساعات متأخرة من الليل والي بزوغ الفجر.
والشاعر المرحوم حسين هدرمو كان فنانا موهوبا مبدعا، وخلوقا منواضعا، احبه كل من عرفه من قريب ومن بعيد، وكان ايضا مثقفا مطلعا على احداث دارت وحدثت في محيطه الاقليمي والافريقي والعربي وفي العالم ايضا.
قديما كانت تأتي نخب شعرية متمرسة من مختلف انحاء منطقة دنكاليا، مثل مناطق بوري وبدا شمالا، وارعتا وطيعو وعدي في وسط دنكاليا ومن كلوما ورحيتا جنوبا، ومناطق عفرية اخرى حارج دنكاليا الي مكان اقامة هذه التظاهرات، وكان يقدم لهؤلاء الشعراء دعوات زيارة في مناسبات ومواسم معينة ك الاعراس والاعياد لإقامة تلك التظاهرات الفنبة، وكان هذا السمر الشبيه بالكرنفالات والاعياد يبدأ من ساعات الليل الاولى بعناصر غير محترفة او عناصر من الصف الثاني ربما كان غرض ذلك لفتح شهية الجمهور والجموع البشرية التي تاتي لتسمع وتستمع بالحدث او السدع، او لغرض التشويق وكذا انتظارا لتدفق الجمهور وامتلاء الساحة بهم في الليل وقبيل منتصفه تشتعل الساحة بدخول الكبار وعمالقة فلكولور السدع اليها، حيث يبدا حسين وفريقه بمواجهة فريق اخر منافس ومقابل له ولفريقه، ويكون الخصم او المتباري معهم ممثلا يشاعر من طينة حسين ومن مستواه مع العلم ان الفريق الواحد مكون من ثلاثة الي خمسة شعراء يساندون طرفي المبارزة الشعرية.
الشاعر حسسن هدرمو من مواليد منطقة برعصولي في منتصف خمسينيات القرن المنصرم، وتبعد برعصولي من مدينة عصب عاصمة الاقليم ب 120 كم والتحق المرحوم في نهاية السبعينات في صفوف جبهة التحرير الارترية، وخرجت تلك الحبهة او الثورة من الميدان ومن متطقته في عام 1980 وخرج معها ليعيش لاجئا في اليمن في مدينة الخوخة في مخيمات اللاجئين الي استقلال ارتريا 1991 حيث عاد وقتها الي عصب ليستقر فيها، وفي مدينة عصب خلف شاعرنا الاسطورة اروع ملحمات السدع مع نظرائه من الشعراء، والقليل من هذه الروائع موثقة من تلك التي جمعته بنخب شعرية مهمة يعمل لها الف حساب، امثال الشاعرة الرائعة خديجة علي اطال الله في عمرها، وهي من قرية كلوما التي تبعد ببضع كيلو مترات جنوب عصب، ومع الشاعر اقحلي محمد حامد وهو من قرية قاناكيبو في سيديحا عيلا القريبة من برعصولي
كانت روائع الثنائي حسين وخديجة رهيبة ومدهشة وكانت على كل الالسنة والافواه، واسطوانات اشعارهم كانت هم الجميع والكل اراد اقتنائها في تلك الفترة، وكانت اشعارهم سياسية في الغالب لا تقل اهمية نلك المباريات التي جمعته بالشاعر اقحلي محمد فكانت هي الاخرى حماسية جذبت انظار واهتمام وفضول الجميع، ولم تكن مبارياتهما سهلة على الجميع، وخصوصا على الجمهور المساند لهذا وذاك وكانت هي الاخرى ذو طابع سياسي في غالبها كانت تلك الفترة فترة بالغة الحساسية شهدت احداث سياسية بالجملة، حيث شهدت استقلال ارتريا وانسحاب واعتراف اثيوبيا بها وتغير نظام الحكم في اثيوبيا 1991وشهدت الفترة كذلك الحرب الاهلية في جيبوتي وشهدت وحدة اليمن بين جنوبه وشماله 1990وحرب اليمن 1994 بين الانفصاليين والاتحادين، وشهدت كذلك تفكك الدولة الصومالية 1991 والسودان ايضا كان يعاني من حرب الجنوب، وكل هذه الاحداث القت واسقطت بظلالها على اهتماماتهم وعلى احوال وحياة الناس في عصب ومجيطه، والشارع في عصب والمنطقة ايضا كان متعاطفا مع هذا وذاك ومؤيدا ومختلفا مع الوحدة في اليمن، وهكذا مع كل الاحداث او مع ما يجري في المحيط في فترة التسعينيات،
كان الفنان والشاعر الموهوب اقحلي في الخط السياسي مع الشاعرة الفذة خديجة وكانا يساندان او مع الخط القومي، اما الشاعر المرحوم حسين كان لديه خط سياسي مستقل عنهما وهو الخط الوطني، وبعيدا عن تجاذبات ليالي السدع واختلافهم كانت تجمع الشاعر المرحوم حسين بالشاعران خديجة واقحلي علاقات اخوة وصداقة ومحبة، وافته المنية في عام 2000 في مدينة عصب.
ونختم وفاءنا للفقيد الشاعر حسين هدرمو بهذه الابيات التي بقيت معلقة كغيرها في ذاكرتي.
isin dirab meqem takkalen
isin qaran xayim takkalen
isin hasan duqur takkalen
تتلخص فكرة هذه الابيات حول ليس بالسهل تنال الامنيات،
ورحم الله شاعر العفر الراحل حسين هدرمو رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته.