الفن الغنائي ودوره في النضال الإرتري - الجزء الرابع

بقلم الأستاذ: محمد شيخ موسى  المصدر: الجبهة نت

في هذا الجزء سنتناول الفن الغنائي الذي جاءت به الجبهة الشعبية والذي ظهر معها

منذ منتصف السبعيات الي يومنا هذا.

جبهة التحرير بنضالها منذ عام ١٩٦١م كانت ملهمة الفن للفنان الارتري فاستطاعت أن تشكل فنا ارتريا بصفات وخصائص ارترية تفاعل معه الجميع فعرف الفن الغنائي الارتري بألحانه ورقصاته وعزفه المتفرد حتى أصبحت دول الجوار تتفاعل معه وخاصة الفنانين السودانيين الكبار أمثال الفنان محمد وردي والفنان سيد خليفة كانوا يغنون (ولت كرن طادة) عندما ياتوا إلي ارتريا لإقامة الحفلات وهذا إن دل إنما يدل علي رقي الفن الارتري الرفيع وكذلك أغاني الفنان (ادريس ود أمير) المشهور بفنه العاطفي العذري الرومانسي فهو فنان وشاعر عرف من خلال أغانيه بمغامراته العاطفية مثل اغنيته (قطان قبي سقالت وقطان قبي سقالت) والعزف المنفرد الذي يصاحب الغناء لذلك العاشق الولهان بديع اللحن الجميل والموسيقى المؤثرة ارتبطت بها أجيال وتوارثتها أجيال إلي يومنا حتى أصبحت أغاني ودأمير فاتحة أذاعات الشرق ميزها لونها الغنائي وموسيقاها لتكون متميزة فهي أرتبطت بوجدان الانسان الارتري في كل الأزمان هذا التميز للاغنية الارترية لم يعجب مجموعة الجبهة الشعبية التي جاءت كما قال أصحابها لتغير كلي في المشهد الارتري بتراثه وعاداته وتقاليده وثقافته فكل الفرق الفنية لفصائل جبهة التحرير كانت تحافظ علي النمط الغنائي الارتري وعلي الفلكلور الارتري وعندما يغني أي فنان يحافظ علي مظهره واسلوب غنائه وفي الرقص يعرض فلكلور اللهجة التي يغني بها الفنان من نفس المكون الاجتماعي بالزي الاجتماعي المعروف.

لهذا الغناء والرقص المصاحب له والزي الذي يرتدوه يعطي صورة متكامله للمشاهد بأنه يعيش لحظات تأمل واندهاش فيؤثر عليه ويتأثر به ويتفاعل معه فالانسان الارتري شديد التأثر باغانيه العاطفية والوطنية فمهما عملت الجبهة الشعبية منذ فترة ظهورها في الساحة إلي يومنا هذا في الدولة لم يتأثر الشعب الارتري بفنها الغنائي.

لم تعتمد الجبهة الشعبية في الفنانين الارترين الذين كانوا في الساحة الارترية من قبلها وذلك لعدة اسباب اهمها:-

١. أنشقت من الجبهة بدعاوي فرديه لم يفهمها الانسان الارتري وهم كل فنان في داخل ارتريا وخارجها كان كيف تنتصر الثورة علي العدو لهذ لم ينجرف مع انشقاق الجبهة الشعبية.

٢. اسياس ضد كل ارتري وطني غيور وصاحب رسالة والفنان صاحب رسالة في مجتمعه فحاولوا أن يخلقوا فنانين يختارونهم من الوحدات العسكرية ويدربوهم علي نمط غنائي معين يحافظ لهم على لهو وترفيه الجنود في يوم معين علي أن تكون الاغاني سريعة وتصاحبها موسيقي وايقاعات سريعة يتفاعل معها الجنود لا يهم ماذا تقول تكون هادفه او غير هادفة المهم ترفه الجنود في اللحظات التي يرقصوا فيها حتى ينسوا همومهم ومشاكلهم ويكونوا اسيري اللحظة فيقودوهم إلي المعارك هذه هي مهمة الفن عند الجبهة الشعبية.

ففي منظورهم الفن لا قيمة له فالذي لايقيم الشعب لن يقيم الفن. كما قلنا سابقا ظهرت الفرقة الفنية للجبهة الشعبية بصورة رسمية في أواخر الثمانينات من القرن الماضي بعد أن جاء اسياس رئيسا للتنظيم خلفا لرمضان محمدنور في هذه الفترة سيطرت الجبهة الشعبية في الساحة وتريد أن تدخل في الشعب الارتري في كل مفاصله وتريد أن تدشن برنامجها للشعب الارتري ففكرة أن تكون فرقة فنية من صنيعتها وكان عندها فرقة في اللواء ٥٢ من المجندين وكان علي رأسها الفنان (ود الشيخ) والفنان (سعيد عبدالله) وأصبحت هذه اساس الفرقة فيما بعد.

٣. كانت تحي الحفلات في الحدود الارترية السودانية في منطقة (اديبرا) ومنطقة (قرمايكا) وكانت تنقل الناس من كسلا إلي اماكن الحفلات مجانا اشتهرت هذه الفرقة من خلال هذه الحفلات ثم بالتدريج أصبحت تقيم حفلات في المدن السودانية من خلال هذه الفرقة عرف الفنانون ودالشيخ / خديجة ادماي / ودي تخول / تانكي / سعيد عبدالله وأخرون.

ظهره من هذه الفرقة كفنان صاحب حنجرة ذهبية واغاني مؤثرة الفنان ود الشيخ غنى أغاني جميلة جدا مثل اغنية (بابوراي) يصحبك فيها عبر الاثير للاماكن لاطلال المدن والقرى والريف سياحة ما اروعها عبر القطار وكذلك أغنيته (نقفة) يسرد تاريخ نقفة وكيف هي عصية علي الاعداء وأغنيته (عقامت) هذه الاغنية هي عبارة عن رواية لمقتل القائد (ابراهيم عافة) تلك المؤامرة التي حبكت لقتل ذلك الصنديد والفنان ود الشيخ كان معجبا بالقائد الشهيد ابراهيم عافه يصف شجاعة الشهيد عندما يقود جنوده في المعركة ويصف دوره وكلامه في اجتماع المجلس وفي المؤتمر وهو احد جنوده المخلصين لوكان فعلا الفنان ودالشيخ فنانا من فطرته قبل أن يكون فنانا وفق فهم سياسي محدد لتوقف عن الفن وعن الالتزام بالجبهة الشعبية بعد أغنيته (عقامت) فهو لم يكن فنان صاحب رسالة فنية جمالية شعبية أنما هو فنان تنظيم سياسي مرتبط بالتنظيم أكثر من ارتباطه بالشعب ومعاناته لهذا نجده بالرغم من انكار النظام لفنه ونضالاته وهروبه منه إلا أنه مرتبط وجدانيا بالنظام الارتري وليس بالشعب الارتري فلو كان فعلا فنانا وطنيا اليوم لوقف بجانب الشعب وغنى لمعاناة الشعب من النظام الدكتاتوري كما يفعل الفنان حسين محمد علي فشتان مابين الفنان حسين محمد علي صاحب الرسالة الفنية الوطنية الذي غنى للشعب الارتري ولنضاله ضد العدو الاثيوبي وثورته وكذلك اليوم ضد النظام الدكتاتوري.

تعمدت الجبهة الشعبية تشويه الفن الغنائي والفلكلور الارتري و امعنت في التشويه عندما قالت القوميات وغناء القوميات ولم تعترف بحقوق القوميات إلا في المذياع عندما يغني الفنان مثلا بلهجة من لهجات احدى القوميات قد لا يكون الفنان من القومية التي يغني بلهجتها فقط يحفظ بالتلقين الكلام ويغني.

وكذلك الراقصون لا ينتموا الى نفس القومية ويرقصوا كما شاؤا وعلي سبيل المثال مجموعة اطلقوا عليها فنانين امثال المدعو (محمد عثمان) رئيس الفنانين لنظام اسياس هذا الرجل يدعي الفن وهو ليس بفنان يغني بلغة (الهدندوة - بداويت) وهو لا يعرف فيها شيء وكذلك بلهجة (التقري) يكلف نفسه في الغناء هو ومجموعته عملوا غناء جماعي لأغاني (عثمان ود ادريس ويرا) المعروف في الفن الارتري الشعبي بفنان (عجولاي) واغنيته الشهيرة (امنه دفنيني ابوكي من انا اهو ايسارني امك دور تتبربر ابدقلات مطيني) شوهوا بقصد وتعمد أغانيه التي يحفظها الشعب الارتري علي ظهر قلب ويتوارثها شفاهيا جيل عن جيل يريدون أن يطمسوها ويغقدوها معناها تعمدا تجدونها مسجلة في اشرطة وفيديوهات في النت وكذلك شوهت نفس المجموعة أغاني العملاق (ادريس ود امير).

هذا التشويه لم يكن صدفة فهو مقصود ينطلق من الحقد الدفين الذي يحمله نظام اسياس ضد شعبنا وحضارته وهويته وثقافته وعاداته وتقاليده.

نواصل... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click