تاريخ الفرقة الفنية لقوات التحرير الشعبية - الحلقة الثالثة
بقلم الفنان المناضل: عبدلله عثمان اندول
بعد الأنتهاء من دورة التدريب والتثقيف السياسي كما أشرنا في الحلقة السابقة، تفرغت الفرقة للتدرب على
صقل مهارات العزف والإنشاد والتأليف الموسيقي والمسرحي والرقص الفردي والجماعي، حيث كان لكل فرد من أفرادها فرصة للتدرب فرديا أثناء النهار كلٌ في مكان تواجده او تخندقه، على ان يتجمع الكل مساءً لإجراء التمارين والبروفات الجماعية كفرقة واحدة تحت أضواء مولدات الكهرباء (الجنريتر) في قسم جهازالإعلام، الذي كانت تنضوي الفرقة تحت إدارته وإشرافه والذي كان يترأسه حينئذٍ المناضل محمد على عمرو ويساعده المناضل أحمد القيسي، أما إدارة الفرقة المباشرة فقد إستمرت كما هي حيث كان الأخ إدريس محمد على رئيسا لها وكنتُ نائبا له وكان الأخ هُمد محمد سعيد أميناً للمالية.
وعلى الرغم من تواضع إمكاناتها وقلة أفرادها، لم تأل الفرقة جهدا في إنتاج الأناشيد الثورية وفي تصميم الرقصات الشعبية الفكلورية، وكانت تؤدى أناشيدها باللغة العربية والتجرى والتغرينية. أما عضويتهافقد إنحصرت في تلك الفترة على الأسماء التالية:-
• ادريس محمد علي – مُنشِد وعازف لالة العود والكمنجة،
• عبدالله عثمان اندول – مُنشِد وعازف لالة العود والكمنجة،
• همد محمد سعيد بهار – عازف لالة كمنجه ومقدم برامج،
• محمد موسى حسين – مُنشِد،
• ادم عمر محمود – عازف الة إيقاع،
• سعدية محمد سعيد – مُنشِدة،
• سميرة – كورس،
• خديجة عجيل – كورس،
• ادريس قبراي – ممثل.
وفي الفترة من نهاية العام 1974 وبداية العام الذي يليه، تقررإجراء جولة فنية في مختلف معسكرات التنظيم وتم توفير السيارات لنقل الالات والمعدات والافراد وتمكنّا من زيارة معسكرات فح وزيرو وبعت وأم هميمت وإقامة حفلات ناجحة لقيت رضا وإستحسانا محوظا، ومن حين لأخر، كانت تحيي الفرقة أيضا حفلات تخريج الدورات التدريبية المختلفة للتنظيم، لتعود بعد إكمال جولاتها إلى مقرجهاز الإعلام في معسكر بليقات.
أسهمت جولات الفرقة في رواج وإنتشار أناشيدها وأعمالها الفنية الأخرى داخل الميدان وفي عموم الوطن مما شجع أعضاء جدد للإنضمام إليها في فترات مختلفة ومكّن ذلك بدوره الفرقة من إدخال أناشيد ورقصات معظم القوميات الأرترية، فقد إلتحق بنا في بليقات كل ابراهيم همجاي وعلي موسي والاخير استشهد لاحقا في معركة تحرير افعبت، وهكذا تعاظم دورالفرقة وإزداد تطورها كما ونوعا وأداء بعد ان إكتسب أعضائها خبرات أكبر وتعودوا على إعتلاء المسارح وأجادوا العزف على الالات الموسيقية والإنشاد والغناء، والرقص فضلا عن إحتكاكهم المباشر بالمناضلين والجماهير.
ومن الأناشيد التي راجت في تلك الفترة نذكر أناشيد المناضل الفنان إدريس محمد على التالية:-
■ مِسِلْ حَويي حي سَني
■ إتا أجومِمْ عِنتات تي وإ تِبكي
■ إرتريا سفللكو
وكلها أناشيد بلغة التقري ومن تأليف وتليحن وأداء الأخ إدريس. كما إشتهرت إنشودة المناضلة الفنانة/ سعدية محمد سعيد بالتقري بعنوان "حَقو ظحاي فَقركو"، ومن الأناشيد التي كانت تُؤدي بالتقرينية أذكر أنشودة المناضل الشهيد/ علي موسى وعنوانها "إرترا"، وأخيرا لايفوتني ذكر إنشودة المناضل الفنان المرحوم/ محمد موسى بعنوان "أنا أبها إ هيّبّا ".
أستمر تقاطر المواهب الفنية من المدن الأرترية الى الميدان في العام 1975، حيث إنضم الى الفرقة عدداُ كبيرا من الفنانين والموسيقيين الأرتريين من ذوي الخبرات الفنية المختلفة ومنهم الأسماء التالية:-
• تبري تسفا اوني – مغنية،
• محيرتاب – مغني وعازف ربابه،
• برهاني دموز – عازف ساكسفون،
• سلمون – عازف طرامبيت،
• برهاني ود دقي – عازف درام،
• يوهانس – عازف جيتار،
• ود تمنو – عازف بيز جيتار،
• ود فري – كورس،
• اباي اسحاق – شاعر وكورس،
• اسمروم – مقدم برنامج
• طعدو بهتا – اداري.
وأحيت الفرقة بتكوينها الجديد الكثير من الاحتفالات في المعسكرات القريبة من بليقات ومن ثم انطلقت إلى الساحل الشرقي في مناطق (شعب، قدقد، منتب لي، فقرت، شبح، عتدو، ماي وعوي وفلفل سلمونا) وأقامت في تلك المواقع عروضا فنية ناجحة أثارت حماسة الحضور وألهبت مشاعرهم الوطنية، ثم عادت بعد تلك الجولة الطويلة الى مقر الرئاسة لتشارك في العمل الميداني.
بالتوازي مع نشاطها الفني والتعبوي، ظلت الفرقة الفنية على إهبة الأستعداد للمشاركة في العمليات العسكرية التي تدور في مواقع تواجدهاأو تلك القريبة من الأماكن التي تحيي فيها حفلاتها، ومن أهم المعارك التي شارك فيها أعضاء الفرقة وأبلوا فيها بلاء حسنا أذكر معركة "أم بادرهو" في منطقة "سرجقا" والتي إشتبكت فيها وحدة عسكرية تابعة لجبهة التحرير مع قوة كبيرة من مدرعات الجيش الأثيوبي التي كانت في طريقها الى أغردات، وكُنّا حينها للتو قد عبرنا الطريق العام بإتجاه "وكي زاقر" في طريقنا إلى قرية حمبرتي التي تُعتَبر إحدى أكبر قُرى إقليم حماسين وعندما بدأت المعركة لم نكن قد أبتعدنا كثيراً عن الطريق العام، مما مكننا من العودة سريعا والمشاركة في الإشتباكات بجانب قوات جبهة التحرير. ضد قوات العدو الأثيوبي.
إشتدّتْ ضراوة المعركة وحمى وطيسها مع وصول تعزيزات إضافية لجبهة التحرير الأرترية من المناطق القريبة وإستمرت المعركة لأكثر من ثلاثة ساعات متتالية، تكبد فيها العدو خسائر كبيرة في صفوف قواته وآلياته وعتاده، الأمر الذي أجبر جزء كبيرا من قواته الى التراجع والإنسحاب بإتجاه أسمرا، في حين خرج الجزء الآخر من أرض المعركة مسرعا نحو كرن ومنها إلى أغردات كما علمنا لاحقا، ومن جانبنا أحصينا عدد الأصابات فوجدنا انه قد خسرنا شهيدا واحدا اضافة الى جريح واحد إسمه ياسين كراي وكلاهما من مناضلي جبهة التحرير الارترية، فقمنا بأخذ المناضل الجريح معنا الى قرية "حمبرتي" وقام المناضل هُمد محمد سعيد عضو الفرقة الفنية بالإشراف على علاج جروحه الناجمة عن اختراق طلقة نارية للجزء الأعلى من صدره.
بعد انتهاء تلك المعركة الحامية، واصلنا السير نحو قرية حمبرتي ويُجدر بي هنا ان اذكر بانه قبل وصول الفرقة الفنية لم يكن هناك أي تواجد لتظيم قوات التحرير الشعبية في تلك المناطق من إقليم حماسين، ولذلك يمكننا القول بأن وصول الطلائع الأولى لقوات التحرير الشعبية إلى مناطق سرجقا وحمبرتي يتمثل في قدوم الفرقة الفنية وإحيائها حفلات جماهيرية ناجحة تركت أثرا كبيرا في نفوس الجماهير في تلك المناطق.
نواصل بإذن المولى... في الـحـلـقـة الـقـادمـة