نظام الحُكْم في إرتيريا بين العلمانية والدولة الدينية الثيُوقراطية

بقلم الأستاذ: ابراهيم إدريس - كاتب إرتيري وناشط حقوقي (لوزان سويسرا)

ليس هُناك أي رؤية سياسية محددة تُحكم بها دولة إرتيريا فهي خَليِّط من كل الرُؤى السياسية المختلفة

حسب حاجة النظام لكل موقف سياسي يحتاجه حينها ويطرأ علي سطح الأحداث، وذلك حسب أهميتُه فقط من وجهة نظر الدكتاتور أسياس أفوريقي.

حيث أن رجالات الدين عموماً في نظام أفوريقي عبارة عن موظفين وواجهات دِيكُّورية يُكْمِّل بهم الصورة للعَوَّام والبُسطاء ويسّتَعمِلهم في المناسبات الدينية المختلفة ولا يختلف دورهم عَمَّا يقُوم به البعض في حفلات الرقص والغناء والاحتفالات العبثية المُبْتَزلة للقوميات الارتيرية المفُتَرى عليها.

إن الدكتاتور أفوريقي يتحكم حتى في نوعية البرامج والموُضوعات التي يجب أن تُذاع في الفضائية الارتيرية من وجهة نظره ولا مجال لأي شخص كائن من كان أن يَكُّون له رأي أو موقف سياسي لا يَنْسجِم مع أهوائه، لا فتاوى مفتي الديارالإرتيرية الإسلامية ولا القساوسة المسيحيين ولا يحزنون والويلُ والثُبور وعظائم الأمور لمن يتجرأ ويَنْتَقِد فيها دكتاتور العصر أسياس أفوريقي ولو بكلمة.

وبحسب الأصل أسياس أفوريقي لا يؤمن بأي دين وهو للإلحَاد أقرب منه للايمان بأي دين سماوي ويَسْتَغِل الدين فقط لأجنداته وأغراضه الخاصة لأجل إحكام قبضته الأمنية علي عامة الشعب الإرتيري والتفريق بين مكوناته وضرب نسيجه الاجتماعي وتعايشه السلمي الأهلي، لان ذلك جزءاً من سياسته في الاستمرار في السلطة تماماً كالنهج التي إتبعه في هدم مفهوم الأسرة الاجتماعي وتفتيت كيانها وتشريد أفرادها بالتجنيد القسري للفتيات والشباب وشَغْل عَامة الشعب باللهث وراء لقمة عيشهم وإذلالهم بأعمال السُخرة شيباً وشباباً رجالاً ونساءاً وكبارالسن منهم، وشَغْلهم كذلك بتوافه الأُمور وإشاعة حالة الرُعب والخوف باحكام قبضتة الأمنية والعسْكريِّة وبَثْ التْوَجُس بين أفراد الأسرة الواحدة.

وبالمناسبة هذه الأفكار الشيطانية التي يحكم بها الدولة ويسيطر بها علي الشعب الارتيري لأكثر من 25 سنة هي إمتداد طبيعي لسياسة (ماو تسي تونغ) حيث تم تطبيقها في جمهورية الصين الشعبية الحديثة التي تأسست في العام 1949 بنظام حكم الحزب الواحد وتَطْعِيمُه ببرلمان صُوَرِي ومجالس محلية موالية للحزب الديكوري الواحد ومازال هذا النظام ساري في دولة الصين حتى اليوم بدرجات متفاوته، وشاهدنا كيف إندلعت المظاهرات في الميادين العامة في الصين والاضطرابات التي سادت بها في تسعينات القرن الماضي مطالبةً بالحرية والديمقراطية وتخفيف غلواء نظام دكتاتورية الحزب الواحد وقبضته الأمنية.

ونجد أن الدكتاتور أفوريقي قد زآيد حتى علي تجربة نظام الحكم في الصين وتَفوّق عليها في الطُغْيَّان والإسّتِبداد فصارت إرتيريا دولة الرجل الواحد ورجل الحزب الواحد وإعلام وصحافة الرجل الواحد وسياسية الرجل الواحد ولا يُماثله في ذلك إلا دكتاتور كوريا الشمالية، ويَعْتقِد أحياناً بأنه مبعوث العناية الإلهية وصَرْحَّ بأنه سيحكم إرتيريا خمسين سنة قادمة، وهذه قمة النرجسية والبرانويا والهذيان النفسي وهي من عِلل غُلَّاة الدكتاتوريين الطُغَاة علي مَرّ التأريخ الإنساني.

عاشت إرتيريا حرة مسقلة
والخزي والعار لعصابة الهقدق

Top
X

Right Click

No Right Click