لماذا وثيقة المنخفضات في هذه المرحلة
بقلم المناضل الأستاذ: أبوبكر فريتاي - كاتب ومفكر سياسي
ابتداءا ما اطرحه هنا لا يعبر عن لسان المناضلون في قيادة هذا العمل ولكنه رأي الخاص كداعم ومؤمن بالوثيقة - حتى النخاع - لأنها
جاءت في التوقيت والمرحله المنسجمه تماما مع عموم الحراك الشعبي، السياسي، الثقافي، الفئوي، الشبابي، النسوي، الحقوقي... وكلها مكونات املتها ضرورة معطيات المرحله الراهنة المتحركة بصورة متسارعة جدا. والحال ان تجليات المشهد الارتري في الداخل والذي يعتبر فتيل الازمة الرئيسي لكل نماذج ومسميات المقاومة الوطنية في الخارج... يتحمل القدر الاكبر في كل اشكال المعاناة والتشظي والتعدد الماثل في ساحة المقاومة.
ومن نافلة القول ان وثيقة المنخفضات ومنطلقاتها واهدافها هي اجابة ورد مصوب بعقلانية على افرازات سياسة ممنهجة لنظام ظالم وقاهر ومتسلط... حكم البلاد لاكثر من عشرين عاما... وسن قوانين واجراءات تضرر منها اهل المنخفضات بمستوى يحتاج معه الى التقويم والتصحيح، وبهذا فإن الوثيقة تعتبر برنامج ومنهاج العمل في هذه المرحلة التي يطالب فيها كل مكون ارتري بإستحقاقاته، وهي بالفعل مرحلة تثبيت الاستحقاقات بعد ان حقق الارتريون جميعا تحرير الارض، وليس من العدالة والمنطق ان تشهد المنخفضات كل انواع الطرد والتهميش والمسخ التقافي وتقطيع الاوصال وتحويلها لارض مشاع دون مراعاة لاستحقاق اهلها... وتطالب بعد ذلك بالصمت وتنصاع لتكون ملحقا ضمنيا في اطار هذه الكتلة او ذاك الاطار.
من هنا فمن الضروري ان يدرك الجميع ان هذه الوثيقة ما كان لها ان تتعامل برومانسية او احلام سابحه في الفراغ وهي تتصدي لاسحقاقات ابناء المنخفضات... فالذين وضعوا لبنات هذا العمل - واؤكد انهم ليسوا نخب مترفه - هم شرائح واسعة من الجماهير التى ساهمت في تأسيس ومناشط ونضال المعارضة منذ ان توضحت ملامح النظام الدكتاتوري، وادركوا بالتجربة ضرورة تأسيس هذا الاطار.
وختاما: بالمرور على كل ما قيل عن الوثيقة - وهنا اهتم بالاراء التي اطلعت على الوثيقة... واما التي جاءت لاهية وعابثة ومدعية دون ان تطلع وتقرأ فلا عتب عليها وهي مردوده - اقول في هذا الصدد انهم قسمين:-
1. اولهما وعبر عن نفسه في بيان تساءل عن التفويض وحق التمثيل وبرء نفسه من المشروع واعتبره خروجا عن السياق الوطني الموحد..الخ واكد انه سيعمل ضمن مشروع وطني جامع... ولعمري هذه اضغاث احلام ورومانسية ليست في محلها، في ظل الواقع الراهن الماثل امامنا، حيث يدلل لكل ذي بصيرة ان انبثاق التنظيم والبرنامج السياسي الجامع ما عاد ضمن المعطيات المنظورة امرا متوقعا، وبقولهم انهم من المنخفضات ولا يقفون وﻻ يتفقون مع الوثيقة... فإن البديل الذي طرحوه هو انهم: ناشطون سياسيون وحقوقيون و و لا يجمعهم برنامج وﻻ تنظيم ولا ولا... ماذا ننتظر منهم؟.
2. الطرح الآخر ما هو رأي التنظيمات السياسية: في هذا السياق ليس امامي سوى الحوار الذي اجراه الشيخ على محمود من الحزب الاسلامي للعدالة والتنمية، ومع احترامي لكل ما ابداه عن حرصه على وحدة المشروع الوطني، الا ان تقويمه للمشروع جاء معظمه مبنيا على اخفاقات التجارب السابقة والتي حمل بعضها مسميات المنخفضات... مع الاشارة الى ان الوثيقة قد انطوت على دعوات تقسيمية. علما ان الوثيقة لا تمت بأي صلة شكلا ومضمونا... نصا وروحا للتجارب المشار اليها.
من الطبيعي للشيخ الفاضل علي محمود وهو صاحب منهج ورؤية ومرجعية اسلامية للمشروع الوطني ان يتحدث بلغته التنظيمية التي هي حل ضمن الحلول المطروحة في الساحة... والمنخفضات في اغلبها من المسلمين، وربما يكون اي تأطير آخر لاهل هذه المنطقة هو خصم على جسم التنظيمات المحسوبة بحكم اكثرية قواعدها على المنخفضات وقد يثير ذلك هواجس هنا او هناك، وكنت اتمنى من كل التنظيمات ان تطلع على موقف ومنطلقات واهداف الوثيقة فيما يتعلق بدورها... هل ستكون داعم ومعزز لهذه التنظيمات ونضالها ام ستتقاطع وتعيق.
اما عضوية التنظيمات التي صاغت اراءها بحرية وعارضت المشروع فهي محاولة للدفاع عن برامجها واطرها... وكنت اتمنى عوض الهجوم غير المبرر والذي سوف لن يأتي بنتيجه... ان يعمدوا الى حوار منطقي ينسجم مع مواقفهم وعلاقاتهم مع احزاب قومية مناضلة في التحالف والمجلس الوطني... وان لا تكون ردة فعلهم على المنخفضات بالانفعالية التي ظهرت... وكأن هذه المنطقة محظور عليها التأطير والتنظيم.