المنخفضـات الارتـرية والهم الـذى تأخـر الحـديث حـوله كثيـرا

بقلم الأستاذ: جابـر سـعيـد ـ أرض ألهـرم

لمـاذا يصـر سـكان المنخفضـات الارتـرية بضـرورة تطبـيق الاسـلوب الاٍدارى المعـروف بالفيـدرالية،

وليـس مجـرد اللامـركـزية...؟

فى البـدء لابـد ان اشـيـر الى ان عـدد غيـر قليـل من ممارسـى السـياسـة الارتـرية والمتابعـين لتاريخ القضية الارتـرية، وكافة من تجاوز اعمـارهم السـبعين عامـا من أفـراد شعـبنـا باٍعتبـارهم شـهود عيـان، بالاضافة الى التابـعين والمؤيـدين للأحـزاب او الفصائـل الارتـرية العامـلة فى الوقـت الحاضـر، وذلك من خـلال القـراءة ومانقـل اليهم من الآبـاء باٍعتبـارهم روات صادقـون... كل هؤلاء يؤكـدون ان الاسـتعمـار الـذى كان جاثمـا على صـدر الوطـن، كان ظلمه عادلا فى توزيـع الأضـرار الـتى وقعـت على الجماهيـر الارتـرية آنـذاك، اذا اسـتثنينـا الادارات الاثيـوبية التى تعاقبت على حكم ارتـريـا، فالمصائـب عمـت كل أرجاء الوطـن الارتـرى على أيـدى الادارات الايطالية والبـريطانية ولم تفـرق بـين المواطـنين الـذين تضـرروا منهـا بشـكل معمم. أمـا ماتم على أيـدى الاثيـوبـيين كان موجهـا تحـديـدا ضـد القـوى الوطنية، فقـد جـاء سـلوكهم القهـرى بمثابة عقـاب جماعى لـكافة القـوى الوطنية الارتـرية التى قالـت ”لا“ للسـياسـات الاثيـوبية، وتصـدت من فورهـا لجـرائم تـذويب الكيـان الارتـرى وماأسـموه بالوحـدة مـع اثيوبيـا، تعـرض السـواد الأعظم من القـوى الوطنية لكافة اشـكال التعـذيب وسـلب الممتلكات... كل من نـادى بالحـرية قتـل او سـجن بـل سـكن فى بـؤر التعـذيب، والعقـاب الاثيـوبى لم يسـتثن الآ الـبعض الـذى رفـع العلم الاثيـوبى على واجهات دوره أو تحصـن بحمـل بطاقة حـزب ”الانـدنت“ ـ وهى بطاقة عـداء الـذات ونكـرانهـا والاحتفـاء بالجـلاد، وهـذه جـرائم وعـيوب لا تغتفـر ولا تـرضى العاقـل البصيـر مهمـا كانـت الاسـباب الـدافعة اليهـا، ايضـا تم اسـتثنـاء كل من عمـل جنـدا لهم، وكل من انـســلخ عـن جلـده وتنكـر لمسـئولياته الـوطـنية. فاٍذا علمنـا ان هـؤلاء أئتمـروا بأمـره ونفـذوا رغباته ولم يهتمـوا الآ بأنفسـهم وبقـوت يومهم الـواحـد، فمـاذا جـرى للقـوى الوطنية وفى طليعتهـا سـكان المنخفضـات الارتـريـة، عنـدمـا خلص الأمـر لصالح ”حـزب الوحـدة / أنـدنت“ الـذى ارتفعـت اسـهمه وعـلآ صوته بعـد اٍنفـراده باٍمتـلاك السـلطة والثـروة والقـرار السـياسـى الـذى منح له فى فتـرة النظام الفيـدرالى المشـئوم، وكـذلك فى الفتـرة التالية التى حكمت فيهـا منطقة المـرتفعـات بالوكالة عـن الادارة الاثيوبيـة.

فى تـلك الفتـرة اسـتبـاحت حكومة حـزب الوحـدة / آنـدنت المـدعومة من الامبـراطور الاثيوبى الـذى جنـد جنـده ليحـرق ويـسجن ويقتـل، وفتـح خـزائنه ومسـتودعاته الـتى قـدمـت للحـزب دعمـا سـخيـا من المـال والسلاح والمـؤن بالاضافة الى الـرعاية واسـتخـدام النفـوذ، كمـا اوجـد لهم الغطاء الـرسـمى ”قـوات الكومانـدس“ لاٍعطائهم سـنـدا قانـونيـا وحماية ملكية سـامية. بكل هـذا الـدعم المتكامـل أجهـزت حكومة حـزب الوحــدة على كل شـيئ لـه صلة مباشـرة او غيـر مباشـرة بالحكومة الارتـرية ومن ثم بالقـوة الوطنية أينمـا وجـدت فى الوطـن الارتـرى، وكان نصيـب منطقة المنخفضات من الجـور والعـداء مثـل نصـيب الأسـد من غيـر خشـية او خجـل، وهـذه بعض النماذج التـى تؤكـد المظالم التى وقعـت على منطقة المنخفضـات الارتـرية آنـذاك:

1. تم بنـاء المـدارس والمـراكـز الطبية ودور الوحـدات الأمنية فى كل قـرية ومـدينة فى منطقة المـرتفعـات الارتـرية، وبالمقابـل كان يتـزاحم ابنـاء المنخفضـات الارتـرية فى عـدد قليـل من المـدارس الابتـدائية، ومـدرسـتين لطـلاب المـرحلة المتوسـطة، كانـت احـداهمـا فى مصـوع والاخـرى فى كـرن... هـتين المـدرسـتين كان مطلوبـا منهمـا تغطية المسـاحة الشـاسـعة الممتـدة مابـين ,,خلـيـج زولا“ وآخـر نقطة فى منطقة القـاش، والكل يعلم ان هـذه المنطقة تتـبع لهـا أربعة مـديـريـات كبيـرة وفيمـا بعـد خمسـة، وهى مـديـريـات كبيـرة فى مسـاحاتهـا ومكتـظة بالسـكان، ومما يـذكـر على ألسـنة بعض المعلمـين الغيورين الـذين عاصـروا تـلك الفتـرة، ان السـيـد/ تـدلا بايـرو بصفته رئيسـا للسـلطة التنفيـذية أعفى مـديـر المعارف السـيـد/ اٍسـحق تولـدى مـدهن الـذى لم يـكن طيعـا بمـا يكفى وربمـا بسـبب انتماءه للمنطقة، وجـاء بالسـيـد/ أسـفهـا كحسـاي وهـو آخـر مـديـر للمعـارف الارتـرية، اتى به ليـمكنه من تنفيـذ البـرنامج السـيئ الصـيت، ومنـذ ذلك الوقت درجـت مصلحة المعارف الارتـرية على تعـيين بعض المعلمـين فى قـرى المنخفضـات ومن ثم توجههم للعمـل فى مـدارس انشـأت فى قـرى المـرتفعـات، وذلك للفـوز بثـلاث فوائـد فى وقـت واحـد، ولـذر الـرمـاد فى أعـين من يحاول ان يـتبـين الأمـر على حقيقته:

اولهـا: التحـوط بملئ البيـانات التى تعـد للتغطية فى حالة المسـائلة نتيجة لشـكاوى المواطـنين، او اذا ماجـاء وفـد بـرلمانى بغـرض التفتيـش على المـدارس بشـكل منتظم او عشـوائى، وطبعـا سـيجـدوا بيانات توضـح عـدد واسـماء المعلمـين العاملـين بمـدارس المنخفضـات، وفى حالة الحصـر الفعلى يفيـدون بأنهم مسـافـرون بـاٍجازات اضطـرارية او فى مأموريـات رسـمية.

وثانيهـا: حتى يتثنـى لهم خصم مـرتبات هؤلاء من ميـزانيـات منطقة المنخفضـات، بالـرغم من تواجـدهم واداء مهامهم فى مـدارس قـرى المـرتفعـات الارتـرية.

والفائـدة الثالثة وهـى النتيجة وبـيت القصيـد على حسـب تخطيطهم، وهى خـلق فوارق شـاسـعة فى التعليم والصحة والاقتصـاد مـابـين سـكان المـرتفعـات والمنخفضـات، حتى يسـتقـر لهم كل شـيئ واهمـه ضمـان انصيـاع الجهـلى والجـوعى والمـرضى ليتمـكنوا من ادارة البـلاد والعبـاد من غيـر شـريك، وهـذا هـو نفـس البـرنامج القـديم الجـديـد الـذى تنفـذه حكومة الشـعبية اليوم ”بـرنامج تـدريـس اللهجـات الارتـرية“ الـذى يعمـل على تجهيل كافة أبنـاء الشـعب الارتـرى مسـتثنـا منه التقـارنة، وعلى ”عينـك ياتاجـر واللى موش عاجبه قطعـا هـو طابـور خامـس وكمـان عميـل للويـانى“ وهـذا حافـز آخـر يفتـرض ان يوحـدنـا ويحـرك سـكوننـا نحـو غاياتنـا المشـروعة.

2. أيضـا مصلحة الصحة كانـت توأمة طائعة ومـلازمة لسـابقتهـا، لأن المخطط واحـد فى الحالـتين، وهـذه الاخـرى التـزمت بـذات النهـج الـذى حقـق نتائـج باهـرة مـع هيئة المعارف الارتـرية، وهـذه أفادت سـكان المـرتفعـات بتوفيـر الكادر الطبى مـدفوع الأجـر، والحصـول على ادوية مـدفوعة الثمـن خصمـا عـن ميـزانيـات المظاليم.

3. وللمـزيـد من اٍلتهـام حقـوق سـكان المنخفضـات الارتـرية، قـرر رؤسـاء السـلطة التنفيـذية على التتـابـع السـيـدان/ تـدلا بـاريـو وأسـفهـا ولـد ميكائيـل، توجيه بعض سـكان المـرتفعـات الارتـرية للنـزول الى منطقة القـاش للاسـتيـلاء على أرضهـا الـزراعية البكـر، ولتمكينهم من ذلك بيسـر وسـهولة اجـرّى الثـانى تقسـيمـا اداريـا جـديـدا يقضى بتسـمية ”القاش سـيـتيت“ بالمـديـرية التاسـعة، مسـتفيـدين من بعض الخـلافات القبلية الصغيـرة التى كانـت تظهـر هنـاك بـين حـين وآخـر فى المـراعى والمـوارد، ولـكن هـذه كانـت زريعة الماكـر، لأن الغـرض الاسـاسـى من ذلك التصـرف كان الاسـتفـراد بسـكان ”القاش سـيـتيت“ وتحييـد سـكان”بـركـه“ على اعتبـار القـاش مـديـرية اخـرى، ولأنهم كانـوا واثقـون من قوتهم ونفوذهم، تم تعــيين السـيـد/ قبـرقـال الـذى كان يشـغل منصبـا اداريـا فى مكـتب مـديـر الـداخلية آنـذاك، فأصبـح قبـرقـال أول مـديـر للمـديـرية الوليـدة، تم ذلك على اعتبـار انهـا منطقة مشـتـركة مابـين السـكان الأصلـيين والـذين جيئ بهم من المـرتفعـات لفـرض هـذا الواقـع المؤلم!!، والمعـروف آنـذاك ان كل مـديـرية كان يـديـرهـا مـديـرا مؤهـلا من ابنـائهـا ويسـاعـده آخـرون بـدرجة مفتـش وماشـابه ذلك، بالاضـافة الى مـدراء البلـديـات ومعاونيهم. هـذا بالاضافة الى الى الاجهـاز الـذى تم ضـد كل شـيئ يشـيـر الى وجـود حكومة ارتـرية، فقـد تم انـزال العلم وتغييـر الشـارات وتـرحيـل المصانـع والشـركات وكـذلك القنصليـات الاجنبية الى أديـس أبابـا، وأخيـرا اطلقـت حكومة الانـدنت يـد جيـشـهـا ”الكومانـدس“ الـذى أحـرق المحاصيـل الـزراعية، ثم قام باٍحـراق القـرى وقتـل السـكان بغـرض اجبـارهم على الفـرار من قـراهم أو دفعهم الى اللجـوء والشـتات.

لكل تـلك المظالم التى مسـت كافة القطاعات الوطنية من شـعبنـا الارتـرى، ووقـع ثقلهـا على شـعب المنخفضـات الـذى كان صاحـب النصـيب الأكبـر من عـدائهم، فى عهـد المسـتعمـر الايطالى والبـريطانى واخيـرا الاثيـوبى الـذى أوغـل فى جبـروته وطغيانه، قامت الثورة الارتـرية فى اكثـر المناطـق الارتـرية تخلفـا، لأن الـذى يقـع عليه الظلم والاضطهـاد هـو الـذى يثـور وينتفض، علمـا باٍن المنطـق يقول: كان من المفتـرض ان تنطلق الثورة فى المناطق المسـتنيـرة، ولـكن الـذى حـدث هـو العكـس، لأن ابنـاء المـرتفعـات كانوا ضمنـا او علنـا جـزءا من ادوات المسـتعمـر الاثيوبى بكل اشــكاله، أيضـا تواصـل الظلم من قبـل ابنـاء الوطن الواحـد، رغم ان المنخفضـات لم تمارس ضـدهم اى نوع من أنواع التفـرقة ابـان الثورة، رغم ماكان منهم منـذ انطلاق الثورة وماقبله والتحاقهم المتأخـر جـدا بالثورة 1975م، حـيث لم تحاسـبهم على مافعلوه عنـدمـا كانـوا جـزءا من قـوات المسـتعمـر الاثيوبى (كومانـدس) الـذين نفـذوا احـراق عشـرات القـرى الأمنة، فقـد وجـدوا كل التـرحاب ونالـوا اصـوات القـوى الوطنية التى مكنتهم من تسـلق العمـل الـوطنى، حتى وصـلوا الى قمة الهـرم التنظيمى بالـرغم من تاريخهم المقـروء ضـد السـيادة الوطنية، حتى حـداثة نضالهم تجاوزهـا الـكل فـرحـين بتقاطـرهم على اعتبـارهم ابنـاء وطـن وكفى. ولـكن يبـدو انهم أسـاءوا التقـديـر حتى بعـد التحـريـر واعـلان الاسـتقلال مازالـوا يمارسـون كل منكـر ومهـين ضـد ابنـاء جلـدتهم، متفوقـين بـذلك على ممارســات المسـتعمـر الأجنبى، أقصوا الشـريك المعلم بعـد ان سـلبوه انسـانيته بالاضافة الى سـلب المـال والأرض والعـرض، أيضـا سحلوا الشـيوخ والشـباب بشـتى الوسـائـل، اغلقـوا المعاهـد والمـدارس العـربية بعـد سـجن او قتـل الشـيوخ والمعلمـين، وجنــدوا طـلابهـا قسـرا ليضـربوا بهم الآبـاء والامهـات، بـل انكـروا نضالات القـوم وتضحياتهم من اجـل الوطن، مـزورين بـذلك تاريخ الشـعب المعلم، الـذى بـدأ وعلم وتسـامح، وحاور ومازال يحاور ويواصـل رغم الصـد والنكـران الـذى قوبـل به ولم يظـل، لان قـدره دائمـا مسـطـر ان يكـون فى قلـب الحـدث. كل ذلك التقاضى لم يـكن بسـبب ضعـف او جهـل، بـل كان ذلك نوع من امتحـان الـذات والآخـر، ويوم الامتحان يكـرم المـرؤ او يهـان.

لـذلك جاء الوقـت المناسـب لكى يـرفـع أبنـاء المنخفضـات وكل المظاليم ـ الظلم عن كاهلهم وذلك بـرفع صوتهم عاليـا أمـام كل ابنـاء شـعبهم، ليقولـوا كفى... كفى ظلمـا واقصاءا للآخـر، كفى ولكل ان يأخـذ حقه، وعلى كل ان يعـرف ماله وماعليه فى اطار الوطن الواحـد، بالاعتـراف المتبـادل والحـوار الهـادئ الـرصـين، ولأن المظلوم لا يمكن ان يظـل دائمـا مظلومـا ولابـد ان يأتى يومـا يأخـذ فيه حقه المشـروع بكل الوسـائل الممكنة والمتاحة، اذن لابـد من الوقوف مـع الـذات قبـل الوقـوف امـام الظلم والظالم، والخيـارات مفتوحة أمـام الجمـيع.

هـذا بعض ممـا حـدث على مـدار أربعون عامـا متتالية، وتحـديـدا فى الفتـرة مابـين 1952ـ1991م، أمـا ماحـدث ومازال يحـدث منـذ انفـردت الجبهة الشـعبية بالبـلاد والعبـاد بـل بكل شـيئ بمـا فى ذلك الانسـان والنبـات والجماد، فهـو درس جـديـد يحفظه الجميـع بمـا فى ذلك مواليـد التسـعينيـات، ويعيـشه شـعبنـا المغلوب على أمـره على رأس كل سـاعة منـذ ذلك اليوم المشـؤوم.

اليوم وبعـد ان تم تحـريـر الأرض واعـلان الـدولة الارتـرية المحـددة بجغـرافيتهـا وشـاراتهـا واعـلامهـا التى تـرفـرف على واجهـات الهيئـات الـدولية، فاٍن كان قـد تمكن شـعب المنخفضـات الارتـرية وباقى المظاليم من امتصاص كل الـذى حـدث قبـل وبعـد الاسـتقلال، قطعـا سـوف يعجـز عن امتصاص ذات الممارسـات السـابقة بعتد ان وصلـت الـروح الحلقـوم، بمـا فى ذلك التحفظات القـديمة المتجـددة التى اوردهـا شـركاؤنـا فى المعارضة، من نحو التحفظ على الشـريعة والفصائل القومية والحكومة الانتقالية واللغة العـربية والعلم والشـعار وغيـره.

ولأننـا واقفـون اليوم على أعتــاب فتـرة جـديـدة، دعـونـا نتنـادى لحماية بـرامجنـا وثقافتنـا بمعنـاهـا الأشـمل، بالاضافة الى حماية حقوقنـا فى أرضنـا وانسـان منطقتنـا طالمـا رزح تحـت حكم الطامـع الأجنبى مع غيـره، ومن ثم الطامـع المحلى منفـردا ولفتـرة غيـر قليلة، اذ يجـب ان نتنـادى، ونجمـع الـرؤى، ونتماسـك، لنحمى أرضنـا وارواحنـا وممتلكاتنـا ونحـقق طموحاتنـا المشـروعة فى التخـطيط لمسـتقبـل الأبنـاء والأحفـاد، وذلك عن طـريق تحقيق العـدل من خـلال تطـبيق الاسـلوب الفيـدرالى الـديمقـراطى، مباشـرة بعـد اسـقاط الحكم الـدكتاتورى المقـيت الجاثـم على الصـدور بقوة السـلاح، ولانه هـوالسـبب والمتسـبب فى شـتات وشـقاء اصحـاب الحـق الضائـع، لابـد ان نقـف فى وجهه متماسـكـين تحـت مظلة ”التحـالف الـديمقـراطى الارتـرى، والعـدل الـذى نطلب يجب ان تكون أول خطواته الموافقة المسـبقة على النظام الفيـدرالى، لأن الفيـدرالية على الأقـل فى فهمنـا هى الاسـلوب الأمثـل الـذى سـيثبت دعائم العـدل ليسـرى السـلام فى ربـوع الوطن قاطبة بالاضافة الى انصـاف المظاليم، فٍان لم نتصالح ونتكاتـف لنحـقق ذاتنـا منـذ اليوم، سـوف لا نفعـل ذلك فى اى وقـت لاحـق، ايضـا قـد لا يمكننـا البعض من تحـقيقه لاحقـا.

قـد يتسـاءل بعضنـا قائـلا: ومـاذا عن التنـادى الوطنى المعارض...!!؟ المنطـق يقـول ويؤكـد ان هـذا التنـادى لا يتعارض مـع الأول، فالتنـادى الوطنى هـو بغـرض الخـلاص من الطاغـوت الجاثم على صـدر الـكل، أمـا تنـادى أبنـاء منطقة المنخفضـات فهـو للتفاكـر فى كيفية اٍسـتعادة حـق اعتـبـره البعض ومازال يعتبـره ملكا مشـاعـا من حق الجميـع ان يتقاسـمه معهم حتى بعـد اسـقاط النظام المتسـلط، ايضـا هـذا التنـادى ليـس موجهـا ضـد شـخص او فئة بعينهـا، لأن اصحـاب الحق الضائـع سـيكتفـون باٍســتعادة حقوقهم ويحـرصون مع الآخـر على وحـدة الأرض وحمايتهـا، لأن هـذا التنـادى يعتمـد اولا اسـلوبـا راقيـا بعيـدا عـن الحـرابة وتوابعهـا، وثانيـا لأن المطالـب بحـقه لا يضـيـره مايقـال، فهـو يـريـد ان يسـتعيـد حقوقه ممن اغتصبه فى سـابق الايـام ومازال يفعـل مـن غيـر وجه حـق، أيضـا هـذه المطالبة السـلمية لا تنحصـر فى حـدود حق المنخفضات بـل تتسـع بحـيث تشـمل الكل، ولا تتحـدث فقط عـن حـق سـلب منـذ عام 1952م، بـل عـن حـقوق مـازالـت تـسلـب حتى كتابة هـذا المقـال، ولأن هـذا المسـلسـل الظالم سـيظل مسـتمـرا حتى نجتمـع على قـلب رجـل واحـد، اذن فالنتعجـل ونحـرص على تـداول الأمـر بقـدر أكبـر، من غيـر ان يؤثـر ذلك على العمـل العام.

عليه مطالبنـا شـرعية وسـلمية ولا تتعـدى الموافقة الـرضائية على تطـبيق الاسـلوب الادارى المسـمى بالفيـدرالية، حتى نتمـكن من حماية كامـل حقـوقنـا، وأقلهـا تمكيننـا من هـذه الحقـوق لنمارس شـريعتنـا بحـرية، ونؤسـس مناهجنـا التعليمية كيفمـا نـريـد، ونهتم بتنمية انسـان المنطقة الـذى ظـل حـريصـا على الـوحـدة الوطنية منـذ عشـرات السـنـين، وذلك من غيـر ان يكون هنـاك جارحـا او مجـروحـا، وهـذا لا يتحـقق الآ من خـلال الاسـلوب الفيـدرالى.

اسـتنـادا على كل ماذكـر سـلفا وماسـيتم توضيحه لاحقـا باٍسـم مـن سـيمثـل الجمـع المـرتقب ان شـاء ألله، يجـب ان نتنـادى ونتنـادى بصـوت مسـموع وعلى مـرأى من الجمـيع بل بمساعـدتهم ورضائهم، لأننـا لا نـريـد الآن ولـن نـريـد فى اى وقـت لاحـق ان نسـتحـوذ على حقـوق الآخـر، بـل نبحـث عـن حقوقنـا بوسـائـل لا تـؤذى الآخـرين، واننـا على ثقة متكاملة بأن هـذا التنـادى ليـس ضـد أى من مكونـات الوطـن، ولـكنه سـيحفظ لنـا حقوقنـا كمـا سـيحفظ حـق الآخـر، وسـيعصمنـا ويعصم الآخـر من الاعـتـداء على حـقـوق الغيـر، وسـيعـزز ثقافة التعايـش السـلمى بـين كافة القـوى المتباينة فى كل انحـاء الـوطن، كـذلك سـيغنينـا من بعض المشـاكل التى قـد تطـرأ فى قادمـات الأيـام اذا مااسـتمـر الامـر على هـذه الوتيـرة، هـذا من جهة ومـن جهة اخـرى أنـا لا اطالـب بشـيئ جـديـد لم يمارس فى سـاحتنـا من قبـل، أو بتحـقيق مسـتحيل لا يمكـن بلوغه، ومن يـريـد التعـرف على الحقيقة الآن او يـريـد مشـاهـدتهـا مجسـمة بـشـحمهـا ولحمهـا أمامه، فاليلـق نظـرة عابـرة على مكونـات تنظيمـاتنـا السـياسـية، قطعـا سـيخلص الى ان جماهيـر كل منهـا تنتمى الى منطقة جغـرافية بعينهـا وذلك من الـرأس الى القاعـدة، ممـا يـؤكـد ان ثقـافة القبيلة قـد تـراجعت بعض الشـيئ ليـرتفـع سـقفهـا الى التجانـس الاقليمـى، كمـا تم تثمـين الاقليمية المتجانسـة التى سـتحـرص على وحـدة الـوطن من موقعهـا ومفهـومهـا الجـديـد الـذى يجمـع بـين القول والفعـل، وانـا هنـا لا اريـد ان اقول اننـا بهـذا السـلوك مخطـؤون، لأن هـذا الأمـر سـواء تم فى الأول او الآخـر هـو تحصيـل حاصـل الارادة الحـرة للجماهيـر، وهى قطـع شـك صاحبة الأمـر والنهى، بـل اريـد ان اؤكـد بأننـا اسـتمـرءنـا عـدم الجمـع مابيـن القول والعمـل، واقـوالنـا اصبحـت تتناقـض مـع أفعـالنـا، عليه يسـتحسـن ان نجمـع الـقول بالعمـل، ونـتـدارك هـذه الممارسـات المتناقضة بتسـمية الاشـياء باٍسـمائهـا، وهـذا يعنى ان الطـريق الأصوب هـو الاتفاق المسـبق على تطبيق الاسـلوب الفيـدرالى الـديمقـراطى، وكفى ألله المؤمـنين شـر القتـال.

أمـا سـبب اصـرار سـكان المنخفضـات الارتـرية على ضـرورة تطبيـق الاسـلوب الفيـدرالى الـديمقـراطى وليـس مجـرد اللامـركـزية المطاطة، يـرجـع ذلك الى ان سـكان المنخفضـات يـرون أنفسـهم على قمة مظاليم الشـعب الارتـرى، وهم اول من فقـد ومازال يفقـد حقوقه الشـرعية، الموروثة الثابتة، كمـا لم ينـالوا حظـهم من الحقوق المكتسـبة، ومعلوم لـدى كل مـن يعقـل ومـن لا يعقـل ان من يقـع عليه الظلم هـو الأكثـر غضبـا والأعلى صراخـا اذا قورن بغيـره، ثانيـا لانهم يعلمـون ايضـا مثـل كل الخـلائق ان اللامـركـزية الممنوحة من شـأنهـا ان تلغى فى اى وقـت على حسـب مشـيئة المانـح، لأنهـا فى الأول والآخـر هى مجـرد منحة من المـركـز وكفى، بعكـس الفيـدرالية التى يضمـنهـا ويحميهـا الـدسـتور، كمـا تحمى نفسـهـا بمـرونتهـا المتميـزه وتفوقهـا على اللامـركـزية الممنوحة.

اذن اليوم واليوم قبـل الغـد ”والنـداء موجه لأهلنـا المظاليم سـكان المنخفضـات“... يجـب ان نـدعـوا كل الأهـل، يجـب ان ننـادى بأعلى صـوت حتى يبلـغ صـداه الى شـعبنـا المعـذب مـرتـين فى الـداخـل، ويبـلغ آذان الشـباب فى اوسـاط الجيـش الشـعبى والشـرطة الارتـرية وقطاع الموظـفـين والعمـال والزراع وسـائـر المعـذبون فى أرضهم، ولكافة الأهـل أينمـا كانـوا ان يتماسـكـوا ويتـراصـوا ويتعاضـدوا مع الجميـع، أولا لاٍسـقاط النظام القمعى، وثانيـا لاٍسـتعادة حقوقهم المسـروقة، بالاضـافة الى المطالبة بتـطبيـق الفيـدرالية باٍعتبارهـا الضمانة والوسـيلة لصـون حقوق كافة مكونـات الوطـن، ايضـا هى المتاريـس الـتى سـتمنـع عـودة سـياسـات الاسـتحواذ او تكـرار ذات السـلوك اللعـين، عليه آن الأوان لنعلنهـا بوضـوح بـين كافة ابنـاء شـعبنـا الارتـرى البطـل، بأننـا لا نـريـد الآ حقوقنـا الموروثة، ولأن المطالبـات الفـردية الصغيـرة سـوف لا تعيــد لنـا حقوق سـابقة ولا تؤمـن ماتبقى منهـا، اذن لابـديل ان نتماسـك ونجمـع اطـرافنـا التى بعثـرت فى السـابق لجهلنـا، بالاضافة الى تآمـر الآخـر الـذى اراد بعثـرتنـا حتى يتمـكن من القضـاء علينـا وسـلب حقوقنـا واحـدا بعـد الآخـرن، وهـذا يـذكـرنـا بسيـاسات فـرق تسـد التى نفـذت لبعثـرتنـا الى تسـع قوميـات على حسـب زعم النظام القهـرى بـدلا من قوميـتين اثنـتين.

هـذا وان شـاء ألله سـوف يعاهـد جمعنــا المـرتقـب كل قطاعات الشعب الارتـرى على كل الثـوابت الوطنية بصـرف النظـر عن موقف الآخـر منهـا، كما سـيعاهـدهم على ان لا يخـذل المظاليم أينما وجـدوا او يعتـدى على حقـوق الآخـر، وسـيقف هـذا الجمـع مـع كل من سـيطالـب باٍسـتعادة حقوقه المشـروعة، وان شـاء ألله سـيحارب جمعنـا كل اشـكال الهيمنة واضطهـاد الآخـر سـواء كان داخـل منطقته او خارجهـا، ويحافظ على وحـدة الوطـن ليظـل بوتـقة مسـتقـرة تتسـع لكافة مواطـنيه، فاٍن قالـت الفنانة الثائـرة جـوليــــا ”الشـعب العـربى ويــن“ وهى تحاول اسـتنهاض همم الشـعب العـربى لاٍنقـاذ فلسـطين السـليبة، اذن لابـد ان اضم صوتى اليهـا وأختم هـذا المقال قائـلا: ”الشــباب الاٍرتـرى ويـــن“... لماذا هـذا الهـدوء وهـذه الاسـتكانة الـتى سـبق ان كانـت سـبب مقتلنـا، ومازالـت تقتلنـا ألـف مـرة فى اليوم، والوطن وشـعبه المناضـل يغـرق ويغـرق بأمـواج الغـدر واهمالنـا، وأهلنـا الطيبـون يـذبحـون ويـذبحـون بسـيوف الظلم السـنينة وسـيوفنـا الصـدءة، لماذا لا يتحـرك شـبابنـا ليعطينـا أفعالا بـدلا من الاقـوال التى لا تسـمن ولا تغنى من جـوع؟؟... والسـلام قـد لا يصبح غـدا هـو الختـام، مالم نتحـرك الآن لاسـتعادة الحقـوق واٍنقـاذ شـرف الآبـاء وعهـدة الشـهـداء.

أسـتودعكم ألله.

Top
X

Right Click

No Right Click