أين إرتريا من الوفاق السوداني
بقلم الأستاذ: صالح كرار - كاتب إرتري
بسم الله الرحمن الرحيم
عاش النظامان الإرتري والسوداني عددا من السنين الماضية في علاقة بدت ودية جدا
بالرغم مما كان يعتريها أحيانا من الفتور وكانت منذو توقيع معاهدة سلام الشرق في منتصف العقد الماضي علي أحسن ما توصف في الظاهر وإن وجدت نقاط تصادم لم يستطع النظامان إخفائها لكن الدبلماسية التي سادت كانت هي التعاون في جوانب الأهداف المشتركة مثل الأمن والتجاوز والتغاضي في الجوانب الأخرى مثل التهريب والتجاوزات السياسية...
فعلا تجاوز البلدان مرحلة الإقتتال في التسعينيات بعلاقة تشبهت بالإستراتيجية وكانت الكثير من مناسبات البلدان حرص الرئيسان حضورها في البلد الآخر وتعمقت علاقة النظام الإرتري بولاة الولايات الحدودية حتى بدت أو أصبحت تتجاوز الحكومة المركزية في الخرطوم، وربما لخلق فراغ وفرقة أحيانا إستضافت القيادة الإرترية أو مثلت إستضافة القيادة السودانية في هذه الولايات والتجاوزات كثيرة ومعروفة قبل تغيير الولاة في السودان عامة.
وفي الوقت الذي فتح فيه البلدان الحدود لتنشيط التجارة والتعاون بأشكاله إلا أن القيادة الإرترية نشطت التهريب داخلا وخارجا وتعطل التبادل التجاري وأسواقه إلا حركة شعبية تتجاوز الحكومتان أصلا بإعتبارها نشاط متوارث نتيجة التداخل بين الشعبين الذي تعجز الأنظمة منعه أوتقييده.
معاهدة سلام الشرق إستغلها النظام الإرتري حسب الإعتقاد السائد إبتزازا للنظام السوداني ومعارضة الشرق التي ولتّه عليها، لكن يبدوا أن السودانيين في معارضة الشرق أو الحكومة وإن لم ينفضوا يد النظام الإرتري إلا أنهم قد أزاحوها من بينهم، وهو ما يفسره تخبطه في الشأن السوداني وعدم قدرته لإخفاء كوامنه لأن الدبلماسية ليست أصلا مظهر من سلوكه وتعامله.
كما أنه من المؤكد إحتفظت إرتريا دائما ومازالت تحتفظ بعدد من معسكرات الحركات المسلحة السودانية كما تؤكد الأخبار الشعبية وجود حضور لوجستي إرتري في غرب وجنوب السودان منذو البداية، وتؤكد أن النظام الإرتري يحاول دائما أن يكون له دور المستشار الأول لدى كل الحركات السودانية المسلحة، كما حاول دائما أن يكون مستشار الحكومة الأول في شأن المعارضة.
لكن بالرغم من عدم وجود أي تصريح من النظامين برزت الآن دلائل تأزم العلاقة بين الخرطوم وأسمرا ما الذي حدث؟.
تبرز أسئلة متعددة لا جواب شاف لها، لكن يفسر المراقبون أو يسقطون الأزمة تارة علي الخلاف بشأن عاصفة الحزم في اليمن، ويعللونها تارة بملف البحر الأحمر الذي تنعكس بعض أدوار النظام الإرتري وإرتباطاته علي الجيران سلبا وتهديدا لأمنهم، ولكن أغلب الظن أن سبب تأزم العلاقة هو تدخل النظام الإرتري في الشأن السوداني بلا حياء وبكل ألوان التطفل والجرأة، ويبرز خاصة دوره مع المعاضة السلحة ولذلك في إجتماع الجمعية العمومية للحوار الوطني السوداني المنعقد بالخرطوم 2016/8/6م لم يرد إسم إرتريا لا في تقرير اللجنة التنسيقية العليا الذي ذكر عددا من دول الجوار والمنظمات ولا في المقترحون لحضور مؤتمر الحوار الوطني الذي تحدد إنعقاده في إكتوبر القادم فقد أكد حضور القريب والبعيد من دول الجوار والمنظمات الدولية والإقليمية وغيرها، إلا أنه إستبعد النظام الإرتري الذي كان يفترض أن يكون أول المدعوين ضمن القوى والدول المدعوة لحضوره، وهو ما يعني أنه لو حضر غير مرغوب فيه سودانيا غير مؤتمن وغير موثوق، وإلا وحسب ما كانت عليه العلاقة والدور الذي تظاهر به في حرصه علي سلام السودان ومساعدته المزعومة المزيفة في دعم جمع شمل الحكومة ومعارضيها لما غيب.
طبعا مازال الوقت مبكرا حتى أكتوبر القادم حيث المؤتمر المذكور وقد تطرأ مستجدات في ملف العلاقة سلبا أو إيجابا لكن يبدو أن العلاقة تمر الآن بمرحلة أميل الي تسميتها بالقطيعة بدلا من وصفها بالفتور.
والله أعلم
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.