بَوادِر مُهددات السِلم الإجتماعى فى أرتريا
بقلم الأستاذ: محمد رمضان - كاتب ارترى
(1) يُعتبر السِلم والوئام داخل المُجتمعات وبين شرائحه المُختلفة الركيزة التى يقوم عليها
السلام والتعايش، ففى رحابه يُمكن تحقيق التنمية والتقدم، فسلامة العلاقة بين المُكونات هى علامة على صحة المُجتمع ودليل على قدرته للنُهوض والتطور وتحقيق الإستقرار فى جميع مناحى الحياة، وإن ضُعف العلاقة بين المُكونات وفتورها تزيد من التخلف وتقوّض التطور والنماء ومؤشر للسقوط فى العنف والصراعات لهذا فإن صفاء أجواء المُجتمع من العداوات والصراعات يجعله مُهيئاً للتعاون والانطلاق ويحفظ قوته من الهدر والضياع، لذلك كان من الطبيعي ان تسعى القوى المناوئة والأنظمة المُستبدة بتمزيق وحدة المجتمع وإثارة العداوات بين فئاته وهذا بالضبط مايفعله النظام وبعد الجهات الخارجية من دول الجوار التى لها مصالح فى تمزيق وحدة الشعب الإرترى وبالتالى كيانه.
(2) فى أرتريا هنالك صراع إجتماعى قديم مُتجدد على النُفوذ والسلطة لايمكن تجاوزه فى أى تناول وقد لعب فيه الإستعمار دوراً كبيراً فى تعميقه وتغذيته لمصالحه الإستراتجية فى البقاء خاصة الإستعمار الأثيوبى الذى لعب دوراً كبيراً لايُمكن إغفاله فى تعزيز نُفوذ بعض المُكونات على حساب المُكونات الأخرى وشكل ذلك شرخاً فى جسداً الوحدة الوطنية، وعلى الرغم من وعى المجتمعات المُبكر لها وتجاوزها لكن لا تزال أثاره ماثلة.
(3) فى الفترة الأخيرة ظهرت بوادر تمزيق الوحدة الوطنية بظهور اصواتٍ تسعى لتقسيم المُجتمع الإرترى جغرافياً وتصنيفه وتمييزه على أساسٍ عرقى وظهور هذا المشروع التقسيمى فتح الباب واسعاً لنمو هاجس الشك وقيام أفراد للإصطفاف على أساس دينى وجُغرافى وعرقى كرد فعلٍ مباشر على المشروع، وبذلك يُعتبر المشروع التقسيمى أول مسمار هدمٍ يدق فى جسد الوحدة الوطنية صحيح أنه سبقت ذلك قيام كيانات على أساسٍ قومى لكنها ليست ذات ثقل يُذكر، وقد سبق كل ذلك قيام حركة الجهاد الإسلامى الإرترى وإن كان لقيامها مُبررات مقبولةً حينها لكن قيامها تحت شعارات الجهاد وتحكيم الشريعة فى بلداٍ مُتعدد الثقافات والديانات مثل هاجساً لدى شركاء الوطن من غير المسلمين.
(4) برزت خلال الفترة الأخيرة أصوات تُمثل تهديداً للوحدة الوطنية والسِلم الإجتماعى ومن تلك الأصوات النشاز المدعو/ تسفاصيون المقيم فى بريطانيا والذى دعا لقيام دولة (الأقأزيان) أى (تقراى - تجرنية) والداعية لقيام دولة تشمل سُكان اقليم التجراى فى أثيوبيا والناطقين بالتجرنية فى أرتريا وهم الطبقة الحاكمة فى كل من البلدين، وفكرته تتمحور على ضم الناطقين بالتجرنية فى البلدين وتكوين دولة لهم ويقول فى طرحه إن على المسلمين فى أرتريا قبول هذا الطرح والخضوع له وكأنهم ضيوف لامواطنين أصلاء أصحاب حق تاريخى راكز وعريق، بالإضافة لهذا الصوت النشاز قال احد أبناء التجرنية وهو المدعو/ هبتى ماريام إن الديمقراطية لن تجدى نفعاً كنظام ٍ للحُكم فى ارتريا لأن غالبية السكان فى ارتريا مسلمون وبالتالى فإن الديمقراطية ستكون خصماً على التجرنية ويدعوا بتوحيد أبناء التجرنية لمواجهة هذه المُهددات.
(5) إن المجتمعات عموماً لاتخلوا من صراعات إجتماعية عبر تاريخها وأرتريا ليست بدعة، فالتاريخ الإرترى يحتفظ بصراعات إجتماعية خاصة فى منطقة المُرتفعات والإستعمار لعب فى ذلك دور المُساند لطرفٍ على طرف خاصة الإستعمار الأثيوبى ولكن المواطنين فى تلك المنطقة وصلوا لتفاهمات ومواثيق لوقف الصراع البينى بين المجتمع، هذا التوافق النسبى تعزز فى فترة النضال التحررى وقاتل جميع الشعب فى خندقٍ واحد وقدموا أرتالاً من الشهداء ولهذا سيظل شعبنا مُتمسكاً وبقوة على وحدته الوطنية ووحدة تُرابه وسيادته وهويته الجامعة.
(6) فى ظل غياب الدولة المسؤولة التى تُرسخ قيم العدالة والمساواة وسيادة القانون فعلى القوى الوطنية والطليعة المُثقفة حماية ورعاية السِلم الإجتماعى برفض دعاوى تمزيق الوحدة الوطنية تحت شعارات إستعادة الحقوق وحماية المُكتسبات، وبذل جُهداٍ فى تأسيس مشروعٍ وطنى يحفظ للجميع حقوقه ومُكتسباته ويحقق للشعب تطلعاته، وإن كبح كل مامِن شأنه تعكِير صفو العلاقات بين المُكونات الأرترية المُتعددة عرقياً ودينياً فى حينه مُهم قبل أن ينفرط عقِد الوحدة الوطنية الذى بدأ يضعف.
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.