التنصير الإستراتيجي محطات أساسية في سياسة النظام الإرتري

بقلم الأستاذ: صالح كرار

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيْمِ

النظام الإرتري بين سياسات المد التكتيكي والجذر الإستراتيجي:

يتخبط النظام الإرتري في سياساته هذه الأيام بشكل عجيب ففي الوقت الذي كان يشجع فيه التهريب من والي السودان أصبح جنوده يتصيدون للمواطنين بالقتل في الحدود وأصبح سائق كل عربة تقترب من الحدود عرضة للقتل ومصادرة العربة.

كذا بدلا أن كان تأسيس خلوة جريمة غير منصوص عليها في القانون فتحت نافذة لبعض الوجهاء بإقامة مكاتب للأوقاف في المحافظات والسماح بإقامة الخلاوي في القرى وكان بناء مسجد من الجرائم الكبرى ولكن سمح الآن ولو إستثناء لبعض الحالات، طبعا إضافة الي توظيف معتدلين من أبناء المناطق بإدارة ما يلي الشعب من المصالح كتراخيص السفر وما شابه.

وعلي العكس من برنامج الطبطبة هذا تسير عمليات الإستيطان علي قدم وساق بإسلوب الشراء في الأرض الزراعية أو عقار السكن في المدن و"المناطق" وهي قرى مجموعة قسرا وتشكل شبه مدن، كذا الإستيطان عبر المستعمرات الإستيطانية في كركبت وغيرها، علق مواطن أمي بقوله: (إنها السياسات التي طبقت في فلسطين تطبق علينا لإخلاء الأرض منا)، وتأتي عملية منع الزواج قبل أداء الخدمة، وإجبار المسنين علي الخدمة العسكرية ضمن سياسات ترويض الشعب والهائه عن توفير ضروراته وإشغاله عن أساسياته فإذا إنتشر الفقر والفساد فإما الهرب من البلاد وإما الإستكانة والخضوع والإستسلام.

الشعب الإرتري ينكمش بطبعه عن الحكومات لأنه لم يألف يوما سلطة وطنية يطمئن اليها فحتى جبهة التحرير الإرترية التي كانت في البداية مألوفة قد تحولت في خواتيم عمرها الي سلطة غريبة بسبب الكثير من سياساتها وممارساتها اليسارية، فالحرية والطمئنينة أمر يعز في إرتريا منذو عقود والآن مهما حاول النظام الحالي إستعادة ولو بعض الثقة أصبح عند الشعب الخوف كائن من الخائن.

تهيئة المعارضة السودانية:

وجود المعارضة السودانية في معسكرات على تخوم الحدود مباشرة في الأنة الأخيرة مبعث لكثير من التسائلات، ففي الوقت الذي تنشط فيه المعارضة اليسارية السودانية بشكل خاص وتستعرض فيه الكثير من الإعلانات لتحريك الشارع السوداني، وضع النظام الإرتري قوات المعارضة السودانية المسلحة بكل فصائلها في مواقع متقدمة من الحدود وبطريقة متسلسلة مما يوحي حسب سرد الشعب والمصادر المؤكدة بأنها في حال إستعداد وكأنها تنتظر الأوامر للحظة المناسبة" وتقول بعض المصادر أن رئيس أركان النظام الإرتري فليبوس قال لضباط من جيشه في إجتماع لهم: أن هذه المعسكرات تهدف لتأمين حدودنا".

والجدير بالذكر أن الفتور في العلاقات بين النظامين ملاحظ منذو فترة، ولكن مع ذلك عرضت الوسائط الإجتماعية حضور أفورقي نفسه للمواساة في ميت لأحد قبائل البطانة الحدودية في غياب السلطات السودانية.

هذا طبعا غير برنامج اللعب في ملفات البجه، فالهدف ليس هو النظام الحاكم في السودان اليوم وإنما الهدف هو السودان نفسه ضمن اللعبة الإستراتيجية المكلف بها نظام الجبهة الشعبية في المنطقة جيبوتي اليمن السعودية السودان.

الأستمرارفي الإحتفاظ بالحوثين في قلب إرتريا:

تؤكد مصادر موثوقة أن حوالي ثلاثمائة جندي حوثي يتدربون في منطقة "ألبو" وهي منطقة معروفة بين مدينتي "تسني" غربا و"هيكوته" شرقا في غربي إرتريا بعيدا عن البحر والقرب اليمني، وقد جيئ بهم منذو فترة رغم إنضمام النظام الي عاصفة الحزم في موقف سياسي صريح ومعلن وليس وجودهم مستجد مع تخبط مواقف النظام الأخيرة بعد زيارة رئيس وزراء إثيوبيا الي السعودية والتي رد عليها رأس النظام بزيارة الي القاهرة المتخاصمة مع السعودية.

نحن كإرتريين نعلم علم اليقين أن النظام الإرتري لا يمكن أن يصدق بموقف نزيه مع السعودية ونترقب متى سينقلب بعداء سافر يبرر به دورا متقدما في دعم إيران والحوثيين وله مآرب أخرى من ورائهم أبعد وأبعد في المنطقة كلها كأهداف إستراتيجية هيئ لها وسيعمل ويسعى اليها.

عملية التنصير الإستراتيجي:

منذوا فترة سيطرة نظام الجبهة الشعبية علي السلطة في إرتريا أبدى إهتماما خاصا بأبناء "البداويت" ويسميهم " لحدارب" ويطلق عليهم صفة قومية، وهم قبائل البجة المنتشرة في عموم إرتريا وشرق السودان.

ولما يعتبره نظام الشعبية الكنسي غياب التعليم فيهم، وقلة فقههم في الإسلام إستهدفوا بموجات مختلفة من عمليات محاولة التنصير "مثل أن يسلَم الفرد منهم مائتا دولار مباشرة إذا دخل الكنيسة وإستمع للدروس" كما يروي أحد الحاضرين، حيث أنهم يرغبونهم بإغراءات وربما مصاحبة بالتهديد في تعليم البنات خاصة دون الأولاد، وكل ذلك لم يؤتي النتائج المرجوة فالدين مرسخ عند الحدارب ولا يسايرهم إلا الشباب الطائش، وهؤلاء ليس لهم هم إلا اللعب واللهو الذي قد لا يتورع في مصادر الرزق دون النظر الي المآلات أو الإلتزامات المترتبة في ذلك فيما بعد.

والآن جاؤوا بخطة جديدة وهي تزويج شباب الحدارب من بنات حبشيات وقد برروا لهم ذلك بأن الهدف هو تطوير هذه القومية والإسراع بترقيتها من البداوة والجهل حسب ما يؤكد المتابعون، والأمر شمل أبناء البداويت حتى من هم في المعارضة السودانية وتؤكد المصادر الموثوقة عندنا أن عددا من الزيجات قد تمت بالفعل وهناك عدد من البنات سيتم توزيعهن عليهم كما تؤكد المصادر أن هؤلاء البنات قد خضعن لدورات خاصة في دراسة هذا المجتمع وكيفية إختراقه من الداخل وعوامل التأثير عليه، وتحمل كل واحدة منهن برنامجا عمليا تجعل الزواج مبررا لتنفيذ مهاما موكلة إليها والهدف الأول هو التنصير مباشرة أو عبر الأجيال والأزمان.

وكان بعض المنفلتين قد تزوجوا من قبل من الحبشيات وقد أصبح أبناءهم هؤلاء حبشا لا صلة لهم بالبداويت، كما أن عملية الدخول الي هذا المجتمع قد بدأت منذ وقت طويل ولكن كانت محصورة في معاملات عادية وتعايش طبيعي.

ولا أشك أن عملية الإستيطان في منطقة كركبت - الواقعة في إقليم قاش بركة المتاخم للحدود الشرقية السودانية - أنها تستهدف الإقتراب من مواقع كثافة هذه القومية وإمتدادتها الإجتماعية لتوسيع دائرة التنصير فيهم، حيث هم مستهدفون اليوم إستهدافا مدروسا وموجها بكل ثقل التنصير وإغرائه المالي والإجتماعي والسياسي وغيره.

إنها إذن إستراتيجية الأنتقال الي الأجيال والتخطيط المستقبلي فهل من إستراتيجية معاكسة لدرئ فتن الشعبية في مهدها أم ستبقى الأمور المصيرية متجاهلة، الأمر مسؤولية الجميع وخاصة أبناء البداويت الشرفاء.

والله نسأل أن يرد كيد الكائدين.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click