هل تحققت أهداف اسياس افورقي الداخلية والخارجية من دخوله حرب تقراي؟
بقلم الأستاذ: صالح الشريف شريفي - كاتب وناشط سياسي ارتري
كنت في حوار بسيط مع أحد الشخصيات السياسية التي عملت مع النظام الارتري في السابق
وكانت من قياداته الاعلامية والآن اعتزل العمل مع الشعبية الرجل في أثناء الحوار رمى الي كلمة غامضة كعادة أفراد الشعبية الذين لا تنفك عنهم طبيعتهم الأمنية العسكرية الحذرة.
قال الرجل معلقا على أسباب دخول افورقي في الحرب الإثيوبية والتي لم نجد لها تفسير واضح إلى الآن وانقسم المجتمع الارتري وقواه السياسية المعارضة في الرأي حول ماهية هذه الحرب ولماذا دخلها الارترييون والتي ربما يتحملون طبعا تبعاتها سابقا قال الرجل (ان افورقي دخل الحرب في تقراي من أجل السيطرة على التقرنية).
هكذا قال الرجل من غير أن يزيد أو ينقص ولكني في بداية الأمر لم ألقي للكلمة معنى ولا توقفت حولها ومع مرور الوقت والجوقة التي احدثتها هذه الحرب وأسباب دخول الجيش الارتري فيها لا يزال غامضا توصلت إلى نفس نتيجة الرجل أن افورقي دخل الحرب من أجل السيطرة على التقرنية الذي تجمعوا كلهم في تقراي وقامت تقراي بسحبهم نحوها في إطار صراعها مع افورقي.
وبلغ عددهم هناك قرابة نصف مليون نسمة يقيمون في مدن تقراي وفي معسكرات كانت تشرف عليها وياني تقراي اشرافا شاملا وقد ارسل الكثيرين من هؤلاء التقرنية إلى الخارج وتشكلت منهم كيانات سياسية مدجمة مع التقراي على سبيل المثال تقراي تقرنيه الاقازيان وغيرها من الحركات السياسية فعلت وياني تقراي ذالك من أجل إسقاط دولة افورقي وسلطته من داخلها بسحب كل الغالبية العظمى من التقرنية من تحته تماما وافورقي الذي يقوم نظامه واجهزته الأمنية وضباط مخابراته على هذه القومية فهي التي اعتمد عليها وبنى عليها تنظيمه في السابق وهي التي يرتكز عليها إلى اليوم في كل مفاصل الدولة.
لم يكن أمام افورقي من سبيل الا إعادة التقرنية مرة أخرى إلى قبضته ودولته وهنا استغل الصراع بين التقراي والامهرا وابي أحمد ليدخل مباشرة إلى إقليم تقراي ويقوم بعمليات خطف وقتل وتدمير شامل لكل شيء أمامه وحتى أعاد الكثيرين من هؤلاء إلى ارتريا عبر طائرات عسكرية وادخل البعض منهم في سجونه السرية ودمر مظاهر تمرد التقرنية على نظامه وقال لهم بالحرب الواحد انا الذي صنعتكم وسرقت لكم دولة كاملة من أصحابها وطردتهم منها وشردتهم وأدخلت شيوخهم وعلماءهم في سجون تحت الارض بمعنى دفنتهم أحياء كيف تجرؤن على التمرد علي.
هكذا كانت رسالة افورقي للتقرنية الذين أرادوا في ظل الصراع بين افورقي والتقراي أن يميلو الكفة لصالح وياني تقراي ولم يكن أمامهم إلا الشيء اليسير من أجل إسقاط افورقي وتأسيس كيان دولتهم الاقازيان المتطرفة وكانت العصى التي أدب بها افورقي التقرنية الخارجين عن سلطته عصى معروفه كانت مرميه مهملة مهمشه ولكن هل حقق افورقي هذا الهدف ولمن هي الغلبة إلى الآن ليس في الميدان العسكري ولكن في الميادين السياسية المحلي منها والإقليمي والدولي هذا ما يحتاج إلى مزيد من الوقت لبلورته وقد فعل افورقي ذالك من أجل السيطرة على التقرنية كما قلنا ولكن هل سيطر عليهم بالفعل ام ما زال التمرد عليه مستمرا وهل تمرد التقرنية على افورقي يخدم مصلحة التغيير في ارتريا ام يمثل تهديد مباشر على كيان الدولة الارترية واستيقاظ المشروع القديم تقراي الكبرى مرة أخرى هذه أيضا تساؤلات مهمة ولابد من تقديرها ومناقشتها.
داخليا عمل افورقي على احتواء من تبقى من التقرنية وبالذات الطبقة الدينية منهم وافسح لهم المجال وارخى عنهم القبضة الأمنية والقيود المفروضة عليهم ماليا ودينيا واقتصاديا وقد تمثل ذالك بالسماح لهم في زيارة خارجية وكانت في السابق ممنوعة تماما فسافر وفد برئاسة رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الارترية إلى مصر قبل شهور قليلة وفي أثناء الحرب نفسها والتقى بالكنيسة القطبية.
ثم سافر وفد آخر إلى مجلس الكنائس العالمية وهكذا استعمل النظام مع التقرنية سياسة السيطرة والقمع وتكسير العظام والقتل والتصفية في الخارج ولمن يحاول الخروج عن خطه ويهدد بقاء سلطته بينما استعمل في الداخل مع مجتمع التقرنية سياسة الاحتواء وتحديد مع طبقته الدينية رجال الدين التي كانت مهمشه إلى حد وكل ذالك يؤدي في النهاية إلى إعادة رأس النظام الارتري السيطرة على مجتمع التقرنية واعادته إلى دولة القومية الواحدة وإعادة تموضع هذه القومية مرة أخرى على الدولة الارترية بينما تظل بقية الشعب الارتري خارج المعادلة تماما.
وما دعوات العودة للوطن التي أطلق البعض إلا خداع سراب فلا يمكن استعادة الحقوق المنهوبة والأرض المسلوبة والكرامة المنتهكة بالعودة إلى نفس الجلاد والتذلل له فلا يطلب الشيء من غير مكانه فهؤلاء القوم لا يملكون قانونا ولا عرفا ولا عدلا ولا شهامة ولا مرجلة فكيف تريد أن يعطوك حقك وأرضك وكرامتك وهم من سلبها منك أصلا وانتزعها منك.
وإن كان من العقل والحصافة وضرورات السياسة ما يمكن أن يستغله السياسي ويحتال به على غيره من مدارات خصمك وعدوك فلا يمكن أن يصلح مع هؤلاء القوم ابدا لأنهم متربصون غاية التربص لا يكادون يفوتون شيء فشغلهم الشاغل مراقبة حركة المسلمين ورصد كل صغيرة وكبيرة عنهم من أجل منعهم من احداث اي تغيير في المعادلة مستخدمين ومستفيدين جهلة المسلمين في التجسس والتخابر والتآمر وضرب بعضهم ببعض والله المستعان.